رواية فراشة في جزيرة الذهب الفصل السابع 7 بقلم سوما العربي





رواية فراشة في جزيرة الذهب الفصل السابع 7 بقلم سوما العربي

تقدمت بخطى سريعه تخرج من غرفة الفتيات في الحرملك، وقفت محتارة، لم تحفظ طرق ودهاليز القصر بعد.

تقدم منها أحد الرجال يلبس زي ليس برجالي ولا نسائي خليط بين هذا وذاك حتى صوته لم يكن خشن كفايه حين قال:
-هااااي.. أنتي لما تقفين هكذا؟ كيف خرجتي من الأساس؟
-أريد مقابلة الملك.

نظر لها وضحك ساخراً ثم قال:
-هههههاااي.. وقررتي ذلك وحدك وتعتقدين إنه مباح وبالإمكان؟! ياليكي من مسكينه... بالتأكيد أنتي حديثة العهد هنا .

نظر لها نظرة شمولية ثم قال:
-همممم دعيني أخمن من أين أنتي، دول شمال شرق أسيا أم أمريكا وكندا، أم اوروبا لكنها بعيدة عن حدود مملكتنا...عامة ليكن بمعلومك جمالك هذا ولون بشرتك لا يشفع لك، كوني مهذبة و مطيعه وأعرفي القوانين، القصر هنا له قواعد لا تكسر خصوصاً الحرملك.

أقترب منها هامساً:
-فهو تحت إمرة السيدة أنچا وهي سيدة حادة الطباع مزاجيه، قريبه جداً من الملك تقريباً لا يرفض لها طلب ولها سيادة واسعه المجال.

ثم أبتعد عنها وكأنه قد أنتبه للتو على حاله وهتف:
- ماذا تقولين أنتي..كفي عن الثرثرة هيا تحركي...هيا.

وقفت مبهوته تنظر له بإستغراب وردت:
-أنت من كان يتحدث وليس أنا.
-هااي أنتي..كفي عن الثرثرة قولت لكي وتحركي أمامي للداخل يبدو أنكي بحاجه إلى تعليم وتهذيب وإصلاح.

زمجرت رنا برفض وقالت:
-لكني أريد مقابلة الملك والآن.

أحتدم النقاش بينهما فتقدمت سوتي تنتشلها من هذا الصراع وتسحبها معها بينما تردد:
-معذرة منك يا "جوتشا" الفتاة مستجدة هنا ولا تعلم القوانين.
-علميها إذا وأنصحيها أن تكون مهذبة هاااا...هيا تحركا من أمامي.

صرخ فيهم فترحت سوتي تجر رنا معها مرددة:
-تعاالي هنا.. أنتي فاكرها سايبه.. عايزه أشوف الملك يبقى هتشوفيه.

صمتت ثواني تحاول أن تفهم رنا حيث قالت:
-رنا حاولي تفهمي وتستوعبي أنك بتتعاملي مع ملك، ملك بجد بحق وحقيقي من إلي بتشوفيهم في مقابلات الريس بتاعكم ده مش شيخ الحاره عندكم ولا العمدة، ده حتى دول بيبقى لازم معاد سابق.. أهدي وأعقلي.

نظرت رنا أرضاً وقالت بنبرة ملئها اليأس:
-طب أعمل ايه مش قولتي الحل عنده.
- أيوه قولت تقربي منه وتتكلمي معاه بس أكيد مش بمزاجك و على هواكي كده.

تنهدت سوتي وقالت متحسرة:
-هقول إيه.. ماكنتي في أوضته وبسريرة شخصياً ودي حاجه عمرها ما حصلت، مافيش جاريه بيطلع عليها صبح عنده.

شهقت رنا تردد بخوف:
-ايه بيقتلهم؟
-بيقتلهم إيه أنتي كمان، هو بس بيزهق منهم فبيطردهم إلا أنتي بس هقول إيه... أنتي تيجي دلوقتي جوا ونبقي هادية و عاقلة أحسن.

سحبت رنا معها للداخل وهي مستمره في الحديث و النصيحه:
-لازم تتعلمي تهدي وتطولي بالك..الصبر بيهد جبال مش انتو إلي بتقولوا كده بردو.

ساعدتها كي تجلس مكملة حديثها :
-مشكلتك يا رنا هي أنك نمرودة وعنيدة ومستعجله على كل حاجه وهنا في القصر الحياة صعبه محتاجه الصبر والحكمة وطولت البال وإلا هتبقي صيد سهل لأصغر خادم هنا، عشان كده اقعدي واهدي.

لم تعجب رنا بالحديث وقالت:
-هو أنا لسه هستنى، بقولك عايزة أرجع مصر.
-ششششش..وطي صوتك.

تلفتت سوتي يمينا و يساراً ثم قالت:
-رنا أنتي بجد من كل عقلك مفكرة أنك ممكن ترجعي بلدك خلال أيام؟
-نعم؟ أمال إيه طب أسبوع مثلاً؟
-أسبوع؟ أنتي بجد حالتك صعبه... أنا لازم أقوم دلوقتي وزي ما نصحتك كوني عاقلة وأستني الفرصه بلاش تهور..تمام؟

هزت رأسها بصمت فيما غادرت سوتي لتباشر باقي أعمالها متأكدة أن رنا تعلمت الدرس أخيراً.

جلست رنا تفكر في حديث سوتي ربما من الأفضل أن تتحلى بالصبر وإن لم يكن بينهما عمار فلتحاول على الأقل أن تتعلمه.....نعم يجب أن تفعل.

بعد عدة دقائق

-سيبني بقولك... بلغ الملك إني عايزة أقابله.

كان هذا صوت رنا تقف محتجزة عند باب غرفة الملك وقد منعها الحجاب من الدخول بالقوة وقال أحدهم:
- الدخول للملك لا يحدث إلا بأذن منه.
-أخبره إذا أنني أريد الحديث معه.
-لا يمكن ... لا أستطيع الملك الآن في حفل خاص به..تلك هي القوانين ..عودي لمهج الحريم أفضل لكي.

ثم نادى بأعلى صوته:
-أنكي...أنكي.. تعالي خذيها من هنا.

تقدمت أنكي سريعاً ومعها بعض الفتيات يرتدين ملابس مزرقشه جميلة وملفته، شعرهم مصفف بعناية ورائحتم فواحة، ينظرن على رنا بإستعلاء وشماته، بالطبع وصل لمسامعهم حكاية الفتاة البيضاء التي أظهر الملك إهتمام ناحيتها لكنه لفظها الآن وهن من سيدخلن لعنده... كل واحدة منهن كانت تفكر أنها بالتأكيد ستحظى بلفت نظر الملك مستخدمة حسنها وغنجها علاوة على الأدب والعلام فهي ليست متمردة كتلك البيضاء التي لم تنحني للملك وأظهرت عدم تأدبها وتصرفت بطيش..على عكس كل واحدة منهن.

وتقدمت انكي تقول بغضب منها:
- كيف أتيتي لهنا؟وكيف خرجتي من الحرملك دون إذن حتى؟
-أريد مقابلة الملك.
-ماذا؟ هل جننتي ؟ من كل عقلك تعتقدين أنه يمكنك رؤية الملك متى وأينما شئتي... الآن عودي للحرملك حسابك معي طويل.

لكن رنا لم تستمع لحديث انكي وظلت على عنادها الذي زاد مع نظرات التعالي و الإنتصار من الفتيات وقالت:
-لن أتحرك من هنا، اخبري الملك إني أريد رؤيته بتالتأكيد سيوافق.

نظرت لها أنكي بضيق ثم أشارت للحاجب برأسها، هز رأسه لها وكأنه فهم عليها ودق باب غرفة الملك ثم دلف واغلقه خلفه.

وظلت حرب النظرات بين رنا وأنكي والفتيات مستمرة، رنا بقرارة نفسها كانت تشعر بالأنتصار حتى قبل خروج الحاجب، كانت على يقين أنه سيسمح لها بالدخول.

وبتلك اللحظة فتح الباب وخرج الحاجب ليظهر الملك راموس ولجواره أنچا وقد استوى في مقعده يجلس وهو ينظر لرنا بطرف عينه بأنتصار، كأنه إنتصار على تمردها بعينه لمعة سعادة أنها قد جاءت هي إليه الآن وهو من رفضها.

وقال الحاجب:
-رفض الملك دخولك .

ثم نظر للجواري وقال:
-أنتن..أدخلن هيا.

بهت وجه رنا ونظرت على راموس الذي أبتسم بظفر ثم اشاح عيناه عنها بإستكبار .

وتقدمت الجواري يخبطن كتف رنا وهن يلجن للداخل كأنهن يتعمدن إهانتها ثم أغلق الباب.

وبقت وحدها أمام الحجاب تحترق من الغيظ و الغضب.

فتحركت بهوجائية تحاه الحرملك وما أن قابلت سوتي حتى صرخت في وجهها:
-أبوكوا لابو إلي جابكوا كلكوا.
تقدمت سوتي بزعر تسأل:
-ايه ده أنتي كنتي فين وعملتي إيه ؟

ارتمت رنا تجلس بغيظ مرددة:
-أنا يبصلي في نن عيني ويرفض يدخلني.. إبن الكلاااب.

أتسعت عينا سوتي هي تضرب جبهتها مرددة:
-هما دوا العقل و الحكمه إلي وصيتك بيهم، إيه إلي وداكي لهناك، أنتي تقريباً لسه محتاجه تستوعبي أنك قدام ملك...ملك.. أنتي بجد حالة ميؤس منها.. أنا مش هتعب نفسي معاكي تاني.

ثم غادرت سوتي وهي تهز رأسها بيأس من تلك الفتاة.
___________________________

في القاهرة

أتسعت عينا حورية ولمعت عيناها من كلماته التي وصفها بها للتو، بقدر بساطتها كانت تراها غزل صريح ، بل شديد الوضوع، زيدان يبدي إنعجابه بجمالها.
أنه لمن العجائب، زيدان بالنسبة لحورية شخصية غامضة...من الخيال... أحياناً تحتار في أمره ولا تعرف له مالكة...فهل إنعجب بها هي خصيصاً أم أنه من السهل أن يعجب بالفتيات وهناك الكثيرات قد أعجب بهن لكن لم ترضى ولا واحدة منهن به كما تسمع.

كانت تتطلع له بعينها التي أتسعت من المفاجاة وطغى عليها بريق لامع يأسر القلوب تسأل نفسها لأول مرة ذاك السؤال "ليه البنات بترفضه؟"

شهقت بهمس...تباً ...لقد تفوهت بما دار بخلدها، بدى ذلك وأستدركت ما فعلت حين تغيرت ملامح وجهه.

تغضنت زوايا فمه بإبتسامة يشوبها الحزن فقالت مسرعه:
-أنا أسفه أنا ...

قاطعها مردداً بصوت هادئ:
-بيخافوا
-بيخافوا؟! يخافوا من إيه؟

ضحك ضحكة وضح الألم فيها وقال:
-مني
-ويخافوا منك ليه؟ هو أنت عملت حاجه لحد؟

نظر لها مطولاً، نفسه تتسرسب داخلها شعور بالتمني، يتمنى لو تقترب منه، إقتراب أرواح...أزواج.

زيدان تحكمت فيه نفسه البشرية.... زيدان يريد إقتناصها له.

حركته غريزة الإنسان في إيثار نفسه وقال بترقب:
- وهو أنا كنت عملت لك حاجة؟ بس بتخافي مني؟ المفروض أنا إلي أستغرب سؤالك.

إرتكبت وهي توبخ نفسها ثم قالت بعدما عادت تطالعه:
-على فكرة أنا سألتك عشان مستغربه، إنت مش وحش و.

إنبلجت إبتسامة فرحة متفاجئ على وجهه وقد تهللت أساريره وسأل:
-و إيه يا حورية؟

كان يحدثها يحسها على مواصلة الحديث الذي دغدغ قلبه وهلل حواسه، كأنه يريد أن يسمع منها كلام محدد... زيدان يهفو لأي كلمة غزل ..و وصفها له (مش وحش) قد يراها البعض أقل من عادية لكن بالنسبة له لأنها زيدان ولأنها لم تصدر من أي فتاه والسلام بل صدرت من حورية فهي ليست بعادية إطلاقاً.

وحورية لا ترحم ولا تترك رحمة الله تهبط عليه بل تحدثت تقول:
- و وسيم و قمور قوي من قريب.

هناك رعشه تملكته، زلزلته كلياً، يااااه... هنالك فتاة تتغزل فيه وليست أي فتاه.

هل هو يحلم؟ أم مات ودخل جنه وقابل فيها إحدى حوريات العين.

نعم بالطبع فتلك القريبة منه يفصله عنها إنشات بسيطه يتضح منها مدى حسنها روعة خلقها وملامحها ليست من بني البشر بالتأكيد.

من المؤكد أنها حورية من الجنه، إسم على مسمى.

إرتبكت وهي تلاحظ مظاهر التفاجئ والصدمه التي تكونت على ملامحه ، بللت شفتيها وقالت بتلجلج:

-أنا... أنا هروح أعمل لنا فشار.

نظر لها بتمعن كأنه يفضح تهربا، لايريد للموقف إن ينتهي الآن ولا هكذا بالهرب، يريد الإستمرار ربما يأخذهما الحديث إلى نقطة جيدة جداً فمن كان يتوقع أن تبدي حورية إنعجابها به بعدما ظن أنه حالة ميؤس منها فقال :
-أقعدي يا حورية أنا مش عايز فشار... اقعدي خلينا نكمل كلام.

زاد الإرتباك داخلها، حتى شعوره بإرتباكها أسعده، هذا يدل أنه ذو تأثير عليها، تخجل وتنحرج منه.

أنه لشعور رائع لأول مرة يجربه، بتلك اللحظة ود لو.... لكنه توقف عن التمني يسأل من الأساس هل من حقه أن يأخذها في أحضانه لو ود ذلك؟

عاد ينظر لها يردد أنه ولما لا أليست زوجته الآن.

إلتمعت عيناه وقد تشبع ذلك الأحساس داخله وأخذ يعتاده يقررها داخله حوريه زوجته...زوجته هو.

كانت لحظة مضيئة لحظة توقفت ساعته عندها وكأنه أقر شئ داخله.

مد يده يقبض على يدها فأرتجفت تحت قبضه ونظرت له بإرتباك وخجل فزادت فرحته من بيان شدة تأثيره عليها والذي عاود له بعض من ثقته التي وئدت مع الرفض المستمر .

أنشرح صدره وهو يبتسم مردداً بإصرار:
-أقعدي يا حورية جنبي
لكنها آثرت على الفرار تقول متحججة:
-لأ أنا.... أه...هعمل عصير واجي.

ثم هرولت للمطبخ سريعاً تختفي من أمامه وتركته.

تركته يتمدد على الأريكة ثم يرتمي عليه وهو يتنهد بصدمة مما يشعر به الآن...لا يصدق أنه يعيش تلك الحالة وتلك المشاعر ....هو؟ أيعقل!!

أنتبه يجلس معتدلاً على الأريكة بعدما أستمع لصوت هاتفه يدق.

نظر للشاشة ثم اغمض عيناه بضيق، يبدو أن محمود لن يتوقف.

لكن تلك المره جمد زيدان قلبه، لن يجيب، هو ليس لعبه بين يديه أو "سليوة" سيتسلى بها.

وربما يجب على محمود أن يعلم ذلك منذ الآن.

هنا أنتبه زيدان على شئ مهم....على نفسه.. وكأنه قرر شئ ما بينه وبين حاله حتى لو لم يحسم الأمر بعقله.

لمعت عيناه...تباً له متى إتخذ هكذا قرار..هل كلام محمود صحيح؟ خل حليّت حوريه بعيناه وطمع فيها لنفسه؟

وقبلما يحسم نتيجة السؤال مع نفسه ويواجهها وردت إليه رسالة صوتيه على الواتساب من محمود ففتحها على الفور ليتفاجئ بصوت محمود يردد بفحيح:(لو مفكرني هسيبك تتهنى تبقي عبيط... عليا وعلى أعدائي وأنت إلي بدأت بالغدر يا اخويا يا شيقيقي يا أبن أمي وأبويا، مفكر إني هسكت وأحط أيدي على خدي زي الولاي واسيبك تتهنى بيها يبقى ده بعدك، ده انا هشتغلك في الأرزق وهتشوف ومن غير سلااام)

انتهت الرسالة وأصاب العضب زيدان، على ما يبدو أن محمود قد نجح فيما يريد.

وقف زيدان من على الأريكه بغضب وذهب باتجاه المطبخ لحورية ووجهه لا يبشر بالخير مطلقاً.

_________________________

أستمرت المعازف تدق والجواري ترقص من حوله يتمايلن عليه بغنج سافر مستفز لرجولة أي شخص، لكنه لحظة معهن ينظر لهن ودقيقة يشرد في تلك المتمردة.

وبداخله شعور بالتلذذ لأنها جائته تطلب لقياه، ربما بتلك الحركة أرضت غروره نوعاً ما مما سيسمح له بأن يبدأ من جديد خصوصاً وأنه يهفو لرؤيتها.

لكن عاد يرفع رأسه بشموخ وعيناه تلمع يفكر أن الأمر ليس بتلك السهولة ربما عليه ملاعبتها وإتعابها كما فعلت معه، يعتقد أنه قد حان دوره أخيراً.

كل ذلك يدور في عقله بصمت تام فقط عيناه شارده تلمع لكن أنچا داهيه من دواهي الزمن ولا يخفى عليها خافيه، هي تعلم راموس جيداً، لقد كان صديق الطفوله والصبا والشباب حتى الآن.

زمت شفتيها بضيق، يبدو أن تلك البيضاء مسيطرة على عقله وتفكيره، حتى وهي بعيده لها سلطان عليه.

لا تنخدع أنچا بالمظاهر، راموس جسده هنا فقط بينما عقله هناك في أحد زوايا الحرملك.

لقد تنملت قدميها وآلمها ظهرها، هي تقف من ساعتين تقريباً والملك للآن لم يأمر بانتهاء الحفل ولم ينتقي واحده من الجواري لقضاء ليللته معها.

نظرت له عدت مرات، إيحاء يوصل له سأمها فمهما كانت صلتها به لا يمكنها الأعتراض شفاهة بوضوح.

وبالطبع لاحظ راموس تململها ونظراتها المجهدة، لقد أشرف الليل على الأنقضاء ولم يبقى على الفجر سوى ساعات، يسأل لما لم يصب بالملل ككل مره.

والإجابة كانت واضحه.... لأنه قضى الوقت شارد فيها.

ربما تلك الحقيقة لم تكن حلوة ولم تكن مرة، كانت مزيج بين ذلك، فليس من السهل أبداً على رجل أن يلاحظ تحكم فتاة في مزاجه وعقله بتلك الطريقة ويفرح مطلقاً خصوصاً لو كان هذا الرجل ملك، يقع تحت حكمه وأمره سعب كامل وجزر ذات ثروات طائلة...راموس بالأساس حتى لو لم يكن ملك فهو رجل مهيب شديد الطباع حاد المزاج وجاءت رنا في لحظة قلبت كل الموازين.

رنا.....رنا.......... ردد أسمها مع نفسه بإنسجام إسمها جميل ولذيذ مثلها حتى لو لم يعرف معناه.

أنتبه مجدداً على تململ أنچا ونظر جانيه يلاحظ إرهاق العازفين.

تنهد بسأم ثم لوح بيده، بإشاره منه توقفت الموسيقى، وبأخرى أشار على إحدى الجواري.

كانت أحلاهم وأحسنهم...لن يخرج من تلك الليلة بدون جاريه...لأسباب عديدة.

__________________________

جلست رنا في أحد الأركان على سرير صغير مثلها مثل كل جواري الحرملك تتحسر على حالها ولأين وصلت بعدما كانت مهندسة تنقب عن ثروات الأرض وعلى باب بيتها طابور من الشباب يخبطون ودها وهي تتأمر ترفض وتقبل، باتت الآن عبده جاريه غير مكفولة الحقوق ولا تعلم ما القادم.

برقت عيناها بالدموع و هي تتذكر والدتها ورددت بحسره:
-ياريتني كنت سمعت كلامك يا ماما .. ماهو إلي مايسمعش كلام أمه يعيش يندم طول عمره.

إقتربت منها إحدى الفتيات تهمس:
-ماذا تقولين؟

نظرت لها رنا بريبة ثم قالت:
- وما شأنك أنتي.
-لا عليكي .. أنا فقط أشفقت على حالك وجئت لأسأل ما بكي..ربما كل الخطئ على أنا.

شعرت رنا بالحرج وقالت:
-أعتذر منكي ولكن أنا مشوشة قليلاً و...

هزت الفتاة رأسها وقالت:
-أستطيع تفهم الأمر..كلنا كنا كذلك.

نظرت رنا على سوتي وهي تجلس بعيداً مع الفتيات يضحكن ويقهقهن فقالت الفتاة:
-ما اسمك؟
-رنا.
-أنا ماريا..علام تنظرين؟

نظرت ماريا ناحية سوتي ثم قالت:
-أه سوتي... نصيحه لكي خذي حذرك.
-ماذا تقصدين ...لقد كانت جيدة معي وتنصحني دوماً.
-سوتي تنصح؟! حسنا هذا يعني إن خلفك مصالح كثيرة يا فتاه.
-أي مصلحة قد تكون خلفي... وأنا قد جردت من كل شئ.
-خذي مني النصيحه، سوتي لا تفعل شيئاً دون مصلحتها أنا قديمة هنا.

شردت رنا تفكر في حديثها مستغربه فما المصلحة التي قد تعود على سوتي من فتاة آسيرة مثلها.

_______________________

في غرفة الملك

أنتهى من الفتاة الحسناء وقام عنها يلف منامه حريره حول خصره و ردد بهدوء:
-غادري.
لم تتحدث الفتاة أو يصدر عنها أي رد فعل هي فقط نفذت الأمر وهو تحرك يرفع أحد الكؤس على فمه يتجرع ما فيه دفعة واحدة.

وما أن فعلت وتأكد راموس من خلو المكان حتى قذف الكأس على الأرض بغضب فتهشم وتناسرت أجزاء.. نادى بأعلى صوته:
-يا حراااس.

فتح الباب ودلف أحدهم متطئطئ الرأس يردد:
-أمرك سيدي.

دار راموس حول نفسه بجنون...اللعنه... أنها تسيطر على تخيلاته.

أشار بيده دليل على الغضب الممتزج بالإزدراء وأمر:
-تلك الفتاة التي أرادت مقابلتي .. أذهب وأحضرها لعندي....الآن.

تحرك الحارس ينفذ الأمر ووقف راموس يحاول أن يأخذ أنفاسه بهدوء وبداخله مغتاظ من ذا الإضطراب الذي أصابه مذ رأها.

كان جسده يسخن ويثلج في نفس اللحظة من توتره وشوقه لرؤيتها ولأنه سيجتمع بها.

في الحرملك.

كان الوقت متأخر لقد أقترب الفجر وكل الفتيات غفت بسابع نومه وكذلك رنا التي تكورت على نفسها من الأرهاق فمنذ وطئت قديمها تلك الأراضي وهي لا تنام ساعه متواصله كل نومها متقطع.
وأخيراً غفت عيناها لكن جاءت أنكي توقظها:
-أنتي... أنتي يا فتاه...هيا أستيقظي..هيا.

لوحت رنا بيدها:
-ششششش..بس يا وليه يا كركوبة انتي... سبيني أنام.

صرخت أنكي:
-هااااي أنتي...بماذا تهزين...هيا أستيقظي الملك يريد.

تقلبت رنا في نومها متمتمة:
-ششش بس بقا بس بقا ده أنتي وليه زنانة... ربنا يولع فيكوا كلكوا .
-قلت لكي هيا أستيقظي.

صرخت أنكي كانت قوية جعلت رنا تستفيق ليست وحدها بل كل الفتيات...بالطبع صرخه مدوية ،الأمر ليس بهين فالملك ينتظر.

أستقامت رنا بأنتباه فقالت أنكي:
-هيا مشطي شعرك هذا وبدلي تلك الثياب.

أشارت بيدها للفتيات فتحركن ناحية رنا وأمرت أنكي:
-غيروا لك الملابس وعطروها..هيا أسرعن فمولانا ينتظر.

بعد دقائق كان راموس في جناحه ينتظر بتوتر حاول التغلب عليه، ربما هذا ما يطلق عليه توتر العشاق ولن يفرق ساعتها أن كان رجل عادي أو ملك هو في النهاية عاشق يقف بصبابه في إنتظار فتاته.

اللقاء معها غير أي لقاء ..لها هاله من البهاء تحيط بها .

لكن توقف عن ولهه و تأمله، فتاته بها شئ جديد في هذا اللقاء...لاحظها بوضوح....تباً أنها تنفذ كل القواعد.

ربما كان هذا ليكن أمر جيد محبب إلى قلبه لو بدر من شخص آخر ، غير رنا التي عرفها .... إن ما تفعله مؤشر غير جيد أو سعيد.

زاد صدى الصوت بداخله (فتاتي متغيره) وهو يراها تتقدم برأس منخفضة .

أقترب منها يطوق للنظر داخل عيناها.. مد أنامله على ذقنها يرفع رأسه له وردد:
-منذ متى وأنتي تحنين رأس لأحد!

كان سؤاله مباشر و واضح فيه من الإستفهام و التهكم الكثير.

وهي بداخلها يتردد صوت سوتي ونصائحها..رنا في أيامها القليلة بالحرملك تعلمت نوعاً ما.

وأقرت إن العند لن يفيد، ربما عليها التلون كالحرباء حتى تصل لمبتغاها.

رفعت عيناها تنظر له بابتسامة كان ينتظرها وحين ظهرت لك تريحه بل زادت حزنه فقال بوضوح:
-طلبتي مقابلتي...ماذا تريدي.

بللت شفتيها وفركت كفيها من شدة التوتر ثم قالت بصوت رفيع:
-كنت أريد الإعتذار منك، لقد تصرفت بحماقه مع نبل وكرم أخلاقك.
ضحك راموس ساخراً وقال:
-منذ متى هذا الأدب؟!

حاولت رنا كظم غيظها والتحلي بالهدوء وقالت:
-منذ راجعت نفسي بما فعلته نظير كل تصرفاتك من خوف وقلق علي.

زاد مقت راموس، فقد تعمد إستفزازها ليختبرها.. ربما أخرجت غضبها وأظهرته لكنها لم تفعل وأستمرت فيما جاءت من أجله وأكملت:
- لقد راعيتني وأنا مريضة كنت حريص علي ومتهم بي حتى أكثر مني، لذا جئت أعتذر منك ولنبدأ صفحة جديدة.

نظر لها نظرة ثاقبه وأنبلجت على شفتيه إبتسامة ماكرة خبيثة، خلع عنه مأزره الحريري لتشهق رنا وهي ترى جوعه العاري إلا من بنطال حريري يسطر عورته، وزعت نظراتها على عرض صدره ضخامة جثته ثم خفضت عيناها أرضاً وقد أحمر وجهها وزاد إرتباكها تحت أنظار راموس الذي أخذ يقترب منها بهدوء مرعب حتى توقف أمامها يتلذذ بتفزز جسدها يقبل عليها خطوة فتعود هي للخلف وأستمرا هكذا حتى تعثرت قدميها بفراشه فوقفت برعب حينها همس راموس :
-أي صفحة جديدة تبدأ من هنا فقط.

أشار بعيناه على فراشه الوثير وأكمل:
-وبعدها يمكننا الحديث..
نظرت رنا للفراش الضخم ثم له وقالت بأعين ضيقه:
-أنت قصدك قلة أدب مش كده؟

هز رأسه إيجاباً وهو يبتسم ببرود و يناظرها بتحدي ينتظر ليرى هل ستنفذ أم لا؟؟ 

    الفصل الثامن من هنا

تعليقات



×