رواية حب فوق الغصون الفصل الخامس 5 بقلم سارة نيل




رواية حب فوق الغصون الفصل الخامس 5 بقلم سارة نيل 





 -الحلقة الخامسة- ‘5’
_أتفضل يا عمّ سيد، أنا تحت أمرك.
_الأمر لله وحده يا بشمهندس عُدي، كان ليا رجاء عندك يا ابني ويارب ما تردني خايب.
عقد حاجباه بتعجب ورق قلبه لملامح الرجل المهمومة، وقال بإحترام:-
_أنا تحت أمرك اتفضل طبعًا ولو أقدر صدقني مش هتأخر.
قال العمّ سيد بحزن:-
_بنتي يا ابني ليها عملية خطيرة في القلب ومطلوب مني مبلغ كبير، قدمت على سلفة أو قرض من الشركة بس اترفض روحت لمدحت بيه صاحب الشركة ومراته زيزي هانم بس همّا رفضوا، مفيش قدامي غيرك يا ابني بس عايزك تتوسطلي يمكن يسمعوا منك أو تقدر تعملي حاجة..
اتصدم عُدي وحسّ بغضب يملى قلبه من موقف الناس السلبي، إزاي في إيديهم مصلحة لحد أو تفريج كربة لإنسان ويقفوا كدا، وقف من مكانه ووقف قدام عمّ سيد، رفع إيده ووضعهم على أكتافه بدعم وقال بقوة وحزم:-
_متتكسرش ولا تحني راسك ألا للي خلقك يا عمّ سيد الرزاق هو الله، وعد شرف مني بنتك هتعمل العملية وهتقوم وتبقى بخير بإذن الواحد الأحد .. هكلم بشمهندس مدحت وإللي فيه الخير يقدمه ربنا ارتاح إنتَ ومتشلش همّ.
عمّ سيد اندهش من معاملة عُدي كان فاكر هيكون موقفه زيهم لأنه عمره ما تعامل معاه بحكم إن لسه جديد على المكان وفي مكانة عالية، لكن الواضح إنّ هو ابن أصول ويختلف فعلًا زيّ ما قالت “غصون” عن الباقي إللي في المكان.
نظر له بإمتنان وقال بطيبة:-
_روح ربنا يفرجها عليك يا ابني ويعلي مراتبك ويريح بالك وعقلك وينولك إللي في بالك.
ابتسم عُدي ببشاشة وقال:-
_أيوا كدا دا إللي محتاجة ادعيلي كتير يا راجل يا طيب.
وخرج عُدي مُتجه حيث مكتب مدحت صاحب تلك المؤسسة وزوجته المصون زيزي هانم..
طرق الباب وتنحنح قبل الدخول حيث مكتب مديرة مكتبهم:-
_السلام عليكم ورحمة الله.
قامت السيدة والفتاة التي بجانها:-
_وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، اتفضل يا بشمهندس عُدي..أيّ خدمة.
قال بأعين بعيدة:-
_عايز أقابل بشمهندس مدحت يا أستاذة.
ظلت الفتاة تتأمله بعدم حياء ووقاحة وقالت برقة ونبرة مصطنعة:-
_في حاجة معينة يا مستر عُدي؟ أصل تقريبًا مدحت بيه مش متفرغ ممكن ترتاح هنا شوية على ما أديله خبر.
زفر بفروغ صبر مُستغفرًا سرًا وردد وهو يستدير:-
_أنا هستنا برا يا أستاذة ولما….
قاطعته السيدة الوقور وهي تنظر للفتاة بحِدة:-
_بشمهندس عُدي أتفضل حضرتك مدحت بيه وزيزي هانم موجودين هعطيلهم خبر بس.
_تمام يا مدام ناهد…
ولجت ناهد للداخل وقالت بإحترام:-
_مدحت بيه بشمهندس عُدي عايز يقابل حضرتك.
_دخليه فورًا يا ناهد.
ولج عُدي للداخل بشموخ وثقة مُرددًا تحية الإسلام فقام مدحت مُسرعًا لعلمه ما أهمية عُدي لشركتهم ومدى الصعاب الذي واجهتهم ليأتي إلى هُنا:-
_بشمهندس عُدي اتفضل .. أيه النور ده.
_شكرًا يا بشمهندس مدحت الله يباركلك، كنت عايز أتكلم معاك في موضوع مهم.
راقبت زيزي هانم الحديث وهي تعدل ثيابها وترتب خصلاتها واضعة قدمًا فوق الأخرى..
ردد مدحت بجدية:-
_اتفضل عالطول يا بشمهندس عُدي .. في مشكلة أو أي حاجة.
_بصراحة طالب من حضرتك سلفة أو قرض يتصرف لعم سيد مسؤول البوفية .. أنا أعرف إن في أي شركة أو مؤسسة يقدر أي عامل فيها يسحب قرض في أي وقت، والراجل بقاله مدة طويلة هنا وبيشتغل بكل تفاني وإخلاص..
ولما يقع في أزمة الواجب نساعده مش نتخلى عنه..
مدحت اتعجب جدًا إن جاي مخصوص علشان يكلمة على ساعي في الشركة ليس إلا..
بينما زيزي فشعرت بالغضب فقالت بحدة:-
_وأيه الضامن إن واحد زيّ سيد يسدد قرض بالمبلغ ده.؟!
ردّ وقد بدأ يشعر بالغضب من برودهم:-
_هيتم خصم كل شهر جزء من الراتب بتاعه.
_وهو الراتب بتاعه أيه علشان يتخصم منه يا بشمهندس عُدي..
_خلاص تبقا فرصة تزودوا الراتب بتاعه طالما عارفين إنه مش حاجة..
شعرت بالغضب الشديد لإجابته فأوشكت أن تهاجمه بالكلمات لكن سبق الرد من مدحت قائلًا:-
_بشمهندس عُدي إنتَ عارف إن إحنا في داخلين على بداية موسم جيد وفي قدامنا تصاميم كتير هتتنفذ والميزانية بتاعة الشركة واقعة واستعنا بيك علشان نقدر ننهض بيها…
يعني الميزانية مش حمل قرض أبدًا ومتسمحش بيه..
لسه النماذج على قيد التنفيذ والمصانع بتطلب مبالغ كبيرة علشان جودة القماش وأنتَ عارف إللي فيها..
وأنا مقدرش أضحي بشغلي علشان عامل في الشركة..
قام عُدي واقفًا قبل أن ينفلت زمام غضبه لتلك الطريقة التي يتحدثون بها واستهانتهم بحياة إنسان، وهتف بوجه محتقن:-
_تمام يا بشمهندس مدحت وكويس إن عرفت الكلام دا من بدري.. عن إذنك يا باشا…
وخرج دون أن ينظر خلفه ويتعجب من الحال الذي آل إليه البشر، قابله العمّ سيد الذي يقف بترقب ولهفة وقد انحطت عليه الهموم فشعر بقلبه ينقسم من تلك النظرة التي بعينه شاعرًا بالعجز لأجله..
_أيه يا ابني قالولك أيه..
ربت على كتفه يُئآزره:-
_للأسف قالوا الميزانية مش هتسمح وعندهم موسم جديد وتنفيذ لنماذج كتيرة..
شعر الرجل بالحزن والإحباط لكن تماسك وقال:-
_ولا يهمك يا ابني حصل خير .. ربنا هيفرجها بإذن الله.
لم يستطيع أن يجيبه وتركه وخرج خارج الشركة بأكملها وعقله يبحث عن مخرج ..
بينما سار العمّ سيد بأكتاف منهزمة وأعين عاجزة مليئة بالدمع..
خرجت غصون تبحث عنه لتعلم منه ما الذي حدث..
رأته يسير بهذا الإنهزام فهرولت بتجاهه قائلة:-
_عمّ سيد عملت أيه .. هو قالك أيه؟
_قال إن الميزانية بتاعة الشركة متسمحش يا بنتي وهما عندهم نماذج جديدة هتتنفذ..
شعرت بالصدمة تُصيب قلبها والخيبة تسيطر عليها..
جلست على أحد المقاعد في زاوية.
_طب أنا ليه مصدومة فيه كدا .. وهو أنا كنت واثقة إن هو مختلف عنهم ليه .. أهو طلع زيّه زيّ أي حد هنا ميهموش ألا نفسه، هيزعل ليه على واحد غلبان زي عم سيد ويشغل دماغه بيه وهو شكله ابن أكابر ولا داق المُر..
دفنت وجهها بين راحتيها قائلة بإختناق:-
_يارب لُطفك مش عارفة مالي وليه اتصدمت كدا وحسيت بالخيبة .. يارب افرجها من عندك .. ياريتني كان معايا أي مبلغ وكنت عطيته ليه من غير تردد..
وضعت كفها على قلبها وقالت:-
_يارب متعلقش القلب ده بغيرك .. إنتَ عارف إن أنا إنسان أضغف ما يكون مش محتاجة ولا عايزة ألا راحة البال والسكينة تسكن قلبي ده..
مدت يدها بجيبها وجذبت تلك الملاحظة التي وجدتها بجانب الملاحظات التي تركها فوق تصاميمها أمس..
لِما شعرت بتلك المشاعر تهاجمها بعنف!!!
قرأتها للمرة التي لا تعلم عددها..
“تصاميمك كلها رقيقة زي وردات فوق الغصون، أبدعتي ووُفقتي من الله .. أنتظر المزيد من هذا النتاج الراقي.”
_يارب انقذني يارب …
*******************
_يلا بسرعة هي خرجت إفتحي الفون بتاعها، مش إنتِ عارفة الباسورد.
_أيوا عارفاه يا أحمد شوفت المتخلفة دي بتفتحه كذا مرة قدامي..
_طب يلا بسرعة..
فتحت صبا موبايل غصون إللي سابته وخرجت تدور على عمّ سيد..
فتحت برنامج الماسنجر وانتظرت رسالة أحمد إللي وصلت خلال ثواني بعد ما وصل لأكونت غصون على الفيس بوك..
قالت أسيل:-
_يلا يا صبا ردي على أحمد وكأن هي إللي بتتكلم..
بدأت صبا بكتابة الرسائل على لوحة المفاتيح وتبعث بها لأحمد الذي يُراسلها من جانبها وتكتب الكثير من الرسائل البذيئة والغرامية على لسان غصون..
وظلوا على هذا الحال بينما أسيل تراقب الطريق حتى تكوِن كثير من الرسائل والمراسلات العديدة بينهم..
_بس كدا .. هتعملي أرشفة أو إخفاء للشات كأنه مش موجود..
_تمام .. كدا تمت أول مرحلة..
_برافو يلا اقفلي البرنامج وكدا تمام أووي..خلاص كلها خطوات بسيطة ونرميها براا الشركة دي..
_صح وبدل ما تبقى المصممة الرئيسية هنا والكل مفكر إنها مبدعة والشغل ده يعرفوا قذارتها وحقارتها وناخد إحنا مكانها..
_أنا شايفة إن مفيهاش حاجة مميزة يعني علشان بشمهندس مدحت ينفذ كل الديزاين بتاعها..
_هانت وهو إللي هيسحبها ويطردها من هنا..
********************
فضل يدور في الشوارع بعربيته حزين مهموم ونفسه يقدم أي مساعدة لإنقاذ أبنة هذا الرجل، تذكر الكثير من أحاديث الرسول صلّ الله عليه وسلم عن تفريج كروب المسلمين..
فمن فرّج عن مسلمٍ كُربةٍ من كُرب الدنيا فرّج الله عنه كُربة من كُربات يوم القيامة..
وقف قدام أحد المساجد ودخل ثم توضأ وبدأ بصلاة ركعتان فالآن يشعر بضيق وغضب شديد والغضب من نار ولا يُطفأ النار إلا الماء .. والضيق سيذهب بالحديث مع المولى عزّ وجل…
جلس عندما إنتهى وشرع يُكرر الحوقلة ويستغفر….
وفجأة …… اتسعت عيناه عندما تذكر…
_إزاي نسيت الموضوع ده..
وخرج من المسجد مُسرعًا ثم قاد سيارته بأقصى ما لديه وبعد مدة توقف أمام أحد البنايات وصعد إليها..
_السلام عليكم
_وعليكم السلام .. أهلًا يا عُدي الحمد لله على سلامتك.
_الله يسلمك .. المهم يا محمود ضروري أنا هنسحب من المشروع ومحتاج السهم بتاعي ضروري.
_الله الله .. خير يا ابني في أيه يا عُدي ..!
_مفيش وقت للكلام ده يا محمود محتاج الفلوس ضروري.
_معدش وقت يا عُدي وانسحابك ده هيخسرك كتير.
_سيبها على الله يا محمود قولتلك محتاج الفلوس حالًا.
_طب طمني طيب خالتي نبيلة تعبانة..
_لا أمي بخير بس يلا خلص الإجراءات ضروري وحالًا..
_حاضر حاضر وإنتَ حر يا عُدي أنا أصلًا مش فاهم حاجة..
قال عُدي بإبتهال:-
_يارب قدرني أساعده .. يارب اشفيها يا الله ..
************************
وضع العمّ سيد أكواب القهوة أمامهم وغصون تنظر له بعجز وهو يسير بهذا الحزن….
ارتفع رنين هاتفه فأخرجه من جيبه فوجد أن المتصل زوجته..
أغمض عيناه بحزن وأدرك أن صغيرته قد إنتقلت بجوار خالقها، لاحظت غصون هذا فخرجت خلفه وقد ارتعشت دقات قلبها خوفًا…
أمسك الهاتف بأيدي مُرتعشة وأجاب بتردد..
_بنتي ماتت صح يا فادية..
_مسك في العمليات يا سيد بقالها ساعتين والدكتور بيقول العملية ماشية ما شاء الله وهتبقى كويسة إن شاء الله..
_إنتِ بتتكلمي إزاي يا فادية .. مسك إزاي في العمليات أنا مدفعتش الفلوس ..إنتِ بتتكلمي بجد ..
_والله يا سيد بنتك بخير.. ربك كبير، في شاب هنا الله يباركله دفع التكاليف وكمان نقلنا لمستشفى خاصة ونضيفة قووي ووصى أحسن الدكاترة على مسك ومشى..
_يا كريم يارب..مين الشاب ده يا فادية وقالك اسمه أيه ولا هو مين..
_أنا والله ما شوفته ياخويا المستشفى إللي بلغتنا ونقلتنا لمستشفى تانية … بس سألت في إدارة المستشفى وواحدة من الممرضات قالت اسمه باين … عُدي.
الله يباركله ويصلح حاله ويجبر بخاطره..
اتصدم أول ما سمع اسم عُدي ووقف مش عارف يفكر إزاي، قال بفرحة مقدرش يخبيها:-
_قولي عنوان المستشفى وأنا مسافة الطريق وأكون عندك..
أخبرته مكان المشفى وأغلق وهو يدور مكانه يحمد الله بصوت مرتفع وقد هبطت دموعه ليسجد شكرًا لله..
_شكرًا يا حنين يارب لك الحمد يارب حتى ترضى، يارب كمل شفاها يارب..
_عمّ سيد أيه الأخبار مالك بتعيط ليه .. حصل حاجة..
كانت غصون إللي جت حلفه تسأل عن ما حدث..
_غصون يا بنتي طلع كلامك فعلًا صح .. عُدي يختلف عن كل الناس إللي هنا .. الله يباركله ويجبر بخاطره ربنا يصلح حاله ويزيده..
تسائلت بعدم فهم:-
_طب في أيه فهمني أيه إللي حصل..
_بنتي يا أستاذة غصون دخلت العمليات الحمد لله، وكمان نقلها لمستشفى خاصة ودفع كل التكاليف الله يجبر بخاطره..
_قصدك مين يا عمّ سيد.؟!
_عُـــــــــدي..

_مش إنتَ قولت إن قالك إن مزانية الشركة مش هتسمح.
_أيوا مدحت بيه قاله كدا بعد ما طلب منهم بس باين إن هو إللي اتكلف بالعملية من فلوسه الخاصة..
هروح يا بنتي المستشفى واشكره…
وقفت مصدومة وحست الأرض بدور بيها قالت بدهشة:-
_عُدي…! أنا أول مرة في حياتي أكون سيئة الظن في حد،  ظلمته في فكرتي عنه…!

يتبع…
بقلم ساره نيل



الفصل السادس من هنا 




بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-