رواية حب فوق الغصون الفصل الثالث 3 بقلم سارة نيل-الحلقة الثالثة- ‘3’ تنفست بهدوء مستعدة للدخول وعقلها يطرح بعض التساؤلات في السبب الذي بعث لها من أجله.. ابتسمت للسكيرتيرة ودخلت بعد ما تركت الباب مفتوح شوية. _السلام عليكم. رفع رأسه غاضّ بصره ورد السلام بهدوء:- _وعليكم السلام ورحمة الله، اتفضلي يا أستاذة غصون. _حضرتك طلبتني يا بشمهندس. أشار للمقعد، لتجلس بهدوء، وأردف بثبات وهو يتحاشى النظر تجاهها:- _لكِ ٣ نماذج المطلوب منك تراجعيهم لأن فيهم شوية تفاصيل مش مظبوطين. اتصدمت من كلماته وهتفت بإستنكار:- _نعم!! تصاميم ليا أنا فيهم حاجات مش مظبوطة.!؟ رفع إحدى حاجباه بتعجب وقال بتهكم:- _أيه مُنزهة عن الخطأ ولا أيه يا أستاذة، يعني مينفعش تغلطي لا بجد برافوو.. حسّت بالتهكم والسخرية من نبرته ودا شيء عصبها جدًا لكن تمالكت نفسها وقالت بنبرة حادة:- _أنا مقولتش كدا حضرتك، أنا براجع تصاميمي بدقة كذا مرة غير النماذج إللي بتقول عليها مش مظبوطة معروضة على لجنة الشركة ومكانش في أي إعتراض على حاجة فيها أو تعليق… لكن إتفاجأت بتعليقك .. يعني أيه إللي اتغير.! منع إبتسامة من الإنفلات على شراستها الواضحة، وارتسم على وجهه الوجوم وردد بثقة:- _ أناا! .. أنا إللي براجع ودا سبب كفاية، الديزاين لازم يكون بريفكت مفيش عليه غبار. _وأيه الغلط يا بشمهندس عرفني غلطي. _لون القلم إللي صممتي بيه.. طالعته بدهشة وقبضت على كفيها بشدة ثم قالت بهدوء:- _تمام .. تحب اللون يكون أيه حضرتك؟! _بجد .. بس كدا!! _أيوا مش دا تعليق حضرتك. _تمام.. سحب ورقة وبدأ يسجل بعض الملاحظات المرافقة للتصاميم.. هزّت ساقيها بعصبية ودارت عيونها في غرفة المكتب وإللي كانت تختلف تمامًا عن غُرف مكاتب المُدراء إللي قبله.. بعض لوحات الأيات القرآنية متعلقة على الحائط.. وصوت القرآن الخافت الصادر من اللاب توب.. نقلت أنظارها على سطح المكتب ولمحت المصحف على الملفات واللوحة المنقوش عليها اسمه ..”عُـــدي الحـصـري” _اتفضلي. _شكرًا.. وخرجت مسرعة من الغرفة وتنوى الكثير والكثير بداخلها بينما هو فتبسم من تصرفاتها المتذمرة… وظلت تتمتم بالكلمات بسخرية:- _قال علشان أنا … أيه ده، واحد بيتلكك بيقولي لون القلم ومش عارف أيه .. شغل تلكيك ميتسماش غير كدا .. استغفر الله العظيم يارب، أيه الحاجات الغريبة دي.. هدأت من نفسها ودخلت المكتب بهدوء عكس إللي جواها.. _أهلًا تيتا غصون.. مستر عُدي كان عايزك في أيه يا بومة. قالت أسيل باستفزاز وصبا وأحمد بيبصوا لبعض والفضول سيطر عليهم علشان يعرفوا سبب استدعاءها.. تجاهلتهم غصون وجلست خلف مكتبها وبدأت تراجع الملاحظات إللي هو كتبها لتتوسع أعينها بصدمة..! اتعصبت صبا من تجاهلها فقامت من مكانها وصاحت بعصبية:- _أيه يا بتاعة إنتِ، .. إنتِ طارشة كمان مش بتسمعي ولا أيه، شيفاكِ بجحة أووي لتكوني مفكرة نفسك حاجة يا بومة إنتِ.. إنتِ فعلًا Stupid.. قال أحمد بإشمئزاز:- _غباء.. إنتِ مش بتردي ليه يا حجة غصون. الكل اتفزع من مكانه لمّا قامت غصون من مكانها وطرقت على سطح المكتب بعنف وقوة جعلت الجميع يتصنم.. التهب غضبها واحتقن وجهها بإحمرار الغضب.. بصتلهم بغضب جام وقالت وهي بتشاور عليهم:- _ أَعرِض عَنِ الجاهِلِ السَفيهِ فَكُلُّ ما قالَ فَهُوَ فيهِ ما ضَرَّ بَحرَ الفُراتُ يَوماً إِن خاضَ بَعضُ الكِلابِ فيهِ.. فغر الجميع أفواههم وهم يجدون صعوبة في فهم ما تقول بينما ابتسمت أروى بخفة عليها.. أمّا هذا الذي مرّ من أمام الغرفة فابتسم بإتساع عندما سمع كلماتها.. ردد عُدي بإبتسامة وهو بيكمل مشيّ:- _دي جدور مش غصون لا .. بصتلها صبا بعدم فهم وتسائلت بتردد:- _قصدك أيه بالكلام ده .. إنتِ بتشتمينا ولا أيه..!! حملت غصون حقيبتها وبعض الأوراق وقالت بكبرياء:- _أوعوا تفكروا إن علشان ساكتة ومش برد عليكم يبقا لكم الحق تسوقوا فيها، أنا أقدر أغلط ولساني يبقا طويل بس كل واحد بيعبر عن البيئة إللي جاي منها وتربيته.. لكن علشان ساكته وبتجاهلكم فاكرنِيّ ضعيفة وبتتمادوا.. وإنتِ يا أستاذة صبا بدل ما تبرطمي كلام بالإنجليزي طول الوقت هنا وهناك .. روحي يا أوختي اتعلمي لغتك الأم الأول علشان تفهمي الكلام إللي بيتقال وما تدخُليش في مجموعة الجهلة… وتفرقي دا كلام ذمّ ولا مدح في جنابك. ويلا سلام وقت شغلي إنتهى.. الكل كان في حالة من الذهول والصدمة ومش مصدقين الكلام إللي سمعوه من غصون ولا مصدقين إن دي غصون إللي دايمًا ساكته.. صبا وقعت على الكرسي وسندتها أسيل إللي كانت في حالة مش أفضل منها.. أمّا أحمد فضل يبص في مكانها بغضب وهو بيستحلف جواه لها.. _والله لأمحيكِ من وش الدنيا يا بومة وأعرفك مين الجاهل هنا .. دا إنتِ مطلعتيش سهلة اصبري عليا.. قالت صبا بعدم تصديق:- _إنتِ سمعتي غصون العجوزة قالت أيه يا أسيل..شوفي كانت بتكلمني إزاي.. _هتندم يا صبا والله لتندم.. ************** نزلت من الأتوبيس وهي بتتنهد براحة وحزن معًا.. هي دايمًا في حالها وبتتجنب الجميع لأنها مش فاضية تشغل نفسها بحد غير نفسها… مش عايزة تأذي حد وتجرح أيّ إنسان ولو بمجرد كلمة، بتخاف تأذي مشاعر غيرها .. مش سلبية ولا قلة كرامة منها ولا ضعف شخصية إنها سكتت الفترة دي على إهانتهم .. لا … بس هي عندها مبدأ أكتر الناس بتعتبره غريب.. التجاهل أقسى أنواع الإنتقام، كانت شايفة قيمتهم هي التجاهل وإنها لا تعطيهم أكبر من حجمهم.. بس تمادوا جدًا .. هي عارفة إن طريقها صعب شوية في العالم ده وسطهم.. طبقات أرستقراطية راقية مُتسيبة ومفيش عندهم أيّ حدود.. هي الوحيدة المختلفة بينهم لكونها مختمرة، بس لها رسالة لازم توصلها على أكمل وجه.. مش هتتخلى عن حلمها بعد ما وصلت لهنا… _الناس دي بتفكر بطريقة عجيبة أووي، فيهم ناس راقية في فكرها وفيهم إللي ميستحقوش حتى الهدوم إللي عليهم.. استغفر الله العظيم .. يارب صبرني ودلني على الطريق الصحيح دايمًا.. طرقت الباب بطرقات رتيبة، قابلتها والدتها بإبتسامة بشوشة:- _الحمد لله على سلامتك يا غصون .. جيبي من إيدك يا حبيبتي. _أيوا شيلي عني يا هدهد دا أنا قاطعة النفس.. _بعيد الشر يا بنتي .. يلا على ما تغيري هدومك وتصلي يكون أبوكِ جه من المسجد وجهزت الغدا. طبعت قبلة على وجنتها وتسائلت بمشاكسة وهي تُبعد حجابها:- _عامللنا غدا أيه النهاردة يا هدهد.؟ _شوربة عدس يا عيون هدهد مش شايفة الجو برد إزاي وعايزين حاجة تدفينا. _ فرصتك دي يا هدهد .. أنا قولت كدا بردوة لما لقيت الجو برد .. الحمد لله نعمة وفضل من الله.. هغير وأصلي العصر وأجي طيارة.. _أما أشوف أخرتك أيه يا بنت عبدو.. ردت غصون من خلف باب غرفتها:- _كل خير يا زوجة عبدو العزيزة.. ابتسمت والدتها وبدأت تدعيلها بصلاح الحال والهداية.. بدلت ملابسها وتوضئت وبدأت تؤدي فرضها بتأني وخشوع، إنتهت ورددت بعض الأذكار.. غمضت عيونها وقالت بإبتسامة رضا وملامح تشع نور:- _اللهم لك الحمد يا الله حمدًا يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك .. شكرًا يارب على كل شيء أقسم لكَ بإسمك العليّ إن أنا راضية وقلبي مليان بالرضا على كل عطاياك إللي مقدرش أشكر منها نعمة واحدة.. شكرًا يارب على كل حاجة وعلى كل خطوة كنت معايا فيها، متسبنيش خالص يارب .. إنت الحنين عليا والمُطلع على حالي سامحني وأعفو عن أخطائي وذلاتي.. أنا من غيرك ولا حاجة .. أنا قوية بك ضعيفة من غيرك.. تعرف يارب أنا بحبك أووي بحبك حُب .. أنا ببقا فرحانة وسعيدة دايمًا وأنا معاك متسبنيش لنفسي يارب فتهلكني خليني دايمًا قريبة منك وابعد عني أيّ حاجة تبعدني عنك.. يارب إملا قلبي بالرضا والقناعة دايمًا.. وجلست متحمسة وهي بتبص للسماء الصافية من باب الشرفة وقالت بحماس:- _هحكيلك على كل حاجة حصلت النهاردة كالعادة، وإللي وجعني وإللي خايفة منه وإللي محتارة فيه.. وبدأت تسرد وتحكي إلى خالقها ما يحدث وما حدث وهو أعلم جلّ جلاله.. عادة اعتادتها .. تنظر للسماء وتأتي بما في قلبها لتشعر بعدها بالراحة والدِفء يملأ قلبها، تستشعر بأن الله ينظر إليها ويسمعها ويشعر بها دون أن يُكلفها ذلك شيء.. الحديث مع الملك الرحمن الرحيم أُولى أسباب سعادتها.. ***************** _بيلا … يا بيلا .. _عُدي يا نور عيني الحمد لله على سلامتك يا غالي. _مصر نورت يا بيلا أول ما أنا وإنتِ نزلنا .. سمعتهم بيقولوا إن الشمس مش بتطلع والدنيا ضلمة عالطول. _ مش ناوي تبطل بكش بقاا يا عُدي باشا.. اشتم أنفه رائحة مألوفة له، التفت ينظر بأركان المنزل المُرتب فعقد ما بين حاجباه بتعجب وقال بعتاب:- _ليه كدا يا بيلا.. إحنا لسه الصبح راجعين من سفر طويل وإنتِ جيتي نضفتي الشقة وعملتي أكل .. ينفع كدا.. _قولي بس الأول صليت العصر. _أيوا الحمد لله صليت حاضر قبل ما أطلع. سحبته نحو الأريكة وهي بتقول:- _أنا يا حبيب أمك بعد ما وصلتني على هنا ونشفت راسك وروحت على الشغل.. جيت لقيت خالتك فراولة أم ليث منضفة الشقة ومخليها بتضحك زيّ ما إنت شايف.. وكمان عاملة فضلة خيرك محاشي من إللي قلبك يحبها.. وعاملة إحتفارة وأنا يدوب قولتلها إمبارح في نص النهار إننا جاين.. ابتسم بحنين وقال بشوق:- _وحشتني فراولة ووحشني الواد ليث أووي يا بيلا والله الغُربة وحشة بردوة.. _أمال أيه يا عُدي كمان فراولة مش مجرد جارة ليا وبس دي أختي وليث ابني وأخوك، قضيتوا طفولتكم سوا واتربيتوا مع بعص .. والحمد لله اتلم شملنا تاني.. وضع رأسه على ركبتيها وهتف ببسمة وسعادة غامرة:- _الحمد لله يا بيلا وأخيـــــــــــرًا.. اتعجبت من حالته فتسائلت بنصف عين:- _تعال هنا بقا وقولي .. مالك كدا من ساعة ما رجعت حسيت إن الروح ردت في وشك يا واد يا عُدي.. ومالك بتقول وأخيرًا بتنهيدة كدا .. إنتَ مخبي عليا حاجة يا واد.. أعتدل ونظر لها وبعض الدمع الخفيف بعينه وقال بلهفة:- _مش هتصدقي يا أمي لو قلتلك. شعرت بالقلق من نظرته والدمع الحبيس بأعينه، كورّت وجهه بين كفيها بحنان:- _مالك يا بني .. مالك يا عُدي قلقتني يا كبد أمك. قَبَل كفيها كُلًا على حِدة وقال بسعادة:- _ربنا رحيم أووي يا أمي رحيم فوق ما نتصور .. بعد خمس سنين بتيجي في أحلامي وأنا زيّ التايه والغريق ومش فاهم حاجة.. إرادة ربنا فوق كل شيء .. وألاقيها قدامي النهاردة.. تخيلي يا أمي من الأحلام للحقيقة معقول .. أنا وقفت مصدوم مش مصدق.. اتسعت أعينها بدهشة وقالت:- _أوعى يكون إللي في دماغي يا عُدي.. _هو يا أمي .. طلعت إنسانة حقيقية وشوفتها النهاردة .. غــــــــــــصـــــــــون يا أمي. شدته لحضنها وبدأت تربت على ظهره بحنان وانسابت دموعها قائلة:- _مش قولتلك يا عُدي ربنا هيدلك .. دا كان شيء خارج إرادتك وملكش دخل فيه وربنا مش هيعذبك بتعلقك ده أبدًا.. ربك كريم يا ابني.. _عندك حق يا أمي .. أنا لغاية دلوقتي مش مصدق، إللي حصل ده زيّ معجزة بالظبط. _ربك على كل شيء قدير. _ونعم بالله يا أمي. _طب أيه هتعمل أيه بقى؟ _هعمل أيه في أيه؟! _أولًا هتحكيلي كل حاجة .. ثانيًا أيه هتعمل أيه في أيه دي..! طبعًا هتتقدم لغصون وتتطلب إيدها… باقلها خمس سنين معاك في أحــلامــك.. وآن الأون تكون في حيـاتـك وحــلالــــك. ملاحظة💙🖇 [ليث ووالدته فراولة] دا بطل من أبطال رواية “الصمت الباكي”..🖤 يتبع… الفصل الرابع من هنا |
رواية حب فوق الغصون الفصل الثالث 3 بقلم سارة نيل
تعليقات