رواية كبير العيله الفصل الاربعون 40 والاخير بقلم احكي ياشهرزاد مني لطفي



رواية كبير العيله الفصل الاربعون 40 والاخير بقلم احكي ياشهرزاد مني لطفي 





رواية كبير العيلة - منى لطفي

الحلقة الأربعون والأخيرة

**************************

كانت تخلع السماعة الطبية حينما سمعت طرقات هادئة فقطبت وهى تدعو الطارق للدخول والذي ما إن شاهدته حتى انفرجت أسارير وجهها وقالت ببشاشة:
- أنا كمان قلت مغاوري مش ممكن يخبط بالرقة دي كلها، دا بيهد عليّا العيادة...

ابتسمت سلافة التي اقتربت من شقيقتها وقالت وهى تقف أمامها:
- لاقيت نفسي زهقانه طلعت اتمشيت وقلت آجي لك هنا ونروّح سوا..

سلمى وهى تخلع معطفها الطبي وتعلّقه على العلّاقة المخصصة لذلك الموضوعة بالزاوية:
- امممم، كويّس إنك خرجتي عموما يعني، من يوم ما حصل إللي حصل وجدي أصدر فرمانه وأنتي حابسة نفسك في البيت زي ما تكوني خايفة تخرجي من هنا وغيث يدخله من هنا خصوصا إن جدي حدد إقامته طول ما إنتي في البيت ما يهوّبش غير بميعاد سابق!!!

عقدت سلافة ساعديها وقالت بإبتسامة صغيرة:
- بابا جدو دا ربنا يخليهولي، فيه زيّه... هو إللي عرف ييجيب لي حقي صح، يعني كان منتظر إيه وهو عامل لي فيها هركليز ويخطفني وشغل جيمس بوند وقال إيه أنا لسه مراته، أهو إحنا رجعنا لمرحلة الخطوبة تاني، ويبقى يقابلني لو إتجوزنا في سنتنا!!!!!

تقدمت منها سلمى وبطنها البارز واضح في فستان الحمل الذي ترتديه:
- بذمتك مش صعبان عليكي؟... شهاب كان عنده إمبارح وبيقول لي غيث إتغير خالص، يا سلافة مينفعش أحلى أيامكم تضيع في العِند والمكابرة، هتندمي على الوقت دا صدقيني، خصوصا دلوقتي!!!!!

قطبت سلافة وأجابت في يربة:
- واشمعنى دلوقتي يعني؟...

لتطالعها سلمى برفعة حاجب فتبرّمت سلافة وأجابت بحنق:
- وبعدين تعالي هنا فكرتيني... بقى غيث صعبان عليكي صح؟... وعشان كدا كنتي بتنقوليله أخباري أول بأول!!!!!!!!!

أُسقط في يد سلمى ولكنها لم تشأ الهروب من مواجهتها، لم تفعلها سابقا في أي من مواقف حياتها وحتما لن تبدأ الآن مع تلك المتهورة وعاشقها المجنون!!!...، تنفست بعمق وجابهتها قائلة بهدوئها المعهود:
- أولا أنا بارفض تلميحك أني بانقل له – وشددت على الكلمة – انا مش جاسوس عليكي له، دا جوزك، إللي حصل وبمنتهى البساطة أني أشفقت عليه لما لاقيته كل يوم بيقف تحت العمارة عندنا مستني سيادتك عشان تخرجي أو بس يلمحك!!!!!

ذُهلت سلافة وأسدلت يديها بجانبيها وهى تهتف بدهشة:
- إيه؟... غيث كل يوم كان بيستنى تحت البيت؟...

تنهدت سلمى بأسى وهى تحرك رأسها يسارا ويمينا وأجابت بإبتسامة ساخرة:
- أيوة ، ولو إني إديتو كلمتي أني ما أقولكيش حاجة، لكن لازم تعرفي غيث إتعذّب وبيتعذب قد إيه!!....

سحبت نفسا عميقا ثم اقتربت من شقيقتها الصغيرة وأحاطت كتفيها بذراعها وهي تردف بحنو:
- أنا الأول شكِّيت قولت يمكن صدفة خصوصا أنه أول أيام بعد الطلاق ما كنتيش بتخرجي، لغاية ما لاقيتني باشوفه تقريبا كل ما باخرج، ولما شهاب صالحني ورجعت معاه، شوفته هنا، وفاتحته في وجود شهاب إللي طلع عارف لأنه حضرته كان بيكون موجود معاه لدرجة أنه اتغاظ مني إني أخدت بالي من غيث وهو لأ!!!!!!

وشردت بإبتسامة حانية وهى تتذكر صيحة شهاب الحانقة وهو يهتف بها:
- يعني بدل ما كنتي مركزة مع غيث بس كنتي اضربي بعينك شمال شوية أو يمين شوية كنتي هتلاقيني معاه!!!!!!! ...

وقتها ضحك كل من غيث وسلمى على هتافه الحانق كما الأطفال تماما!!!..... انتبهت من شرودها بعدها وتابعت:
- ساعتها أنا إللي قولت له على كل إللي مرّ بيكي من ساعة ما رجعنا مصر، سواء في الشغل أو في أي مكان تاني، وطلبت منه أنه ما عادش يسافر تاني وأنا هاطمنه عليكي على طول، وفعلا أخبارك كانت عنده أول بأول مش عشان تكوني تحت عينه ويعرف الصغيرة قبل الكبيرة لأ... عشان أنا حاسيت أنه غيث بجد تعبان وقوي كمان، وأنه فعلا بيكفّر في كل دقيقة عن كلمة طايشة إتقالت في ساعة غضب، وإللي حرّكها كانت شيطان في توب إنسان، وللأسف كمان الإنسان دا كان أمه!!.. إنتي مقدرة حجم الكارثة يا سلافة؟.. لو أنتي زعلانه عشان حبيبك سابك في لحظة غضب أومال هو بقى يعمل إيه؟... هو مش بس بعد عن حبيبته لأ... وعن أمه كمان!!.. ويمكن دا السبب إللي خلّاني أسامح شهاب وأحاول أنسى أدّيته وأدي نفسي فرصة تانية، مش عشان الطفل إللي جاي في السكة وبس لأ.. عشان إللي بيننا يستاهل إننا نسامح ونغفر ونحاول مرة واتنين وتلاتة!!!!

ارتعشت شفتي سلافة وهمست بصوت مشروخ وعينين غائمتين بدموع أبت الهطول:
- وإنتي فاكراني ما اتعذبتش وباتعذب في كل لحظة بتمر عليّا وإحنا كدا؟.. عارفة يا سلمى... التجربة إللي أنا مرِّيت بيها أنا وغيث دي خلِّيتني أعرف وأتأكد أنا قد إيه باحبه... وأوي كمان، لأني ببساطة شديدة جدا لو ما كانش حبه العميق دا في قلبي ما كنتش إلى الآن حاسة بالوجع دا كله في قلبي... أنا قلبي موجوع أوي أوي يا سلمى، كان بالنسبة لي من رابع المستحيلات أنه غيث يسيبني ويرميني بكلمة مهما أنا طلبتها منه، غيث مكانش بس جوزي لأ... كان جوزي وأخويا وصاحبي وحبيبي، كنت بتدلّع عليه وأتنرفز وأطلع جناني عليه وهو بيستحملني، تمام زي الأب لما بيستحمل بنته، ولما... أمه اتهمتني إني كنت بحاول أضربها وأنا كنت بامنعها هى أنها تضربني قلت لا يمكن يصدقها، ساعتها بصّ لي بصّة عمري ما هنساها أبدا، نظرة غضب على حزن على خيبة أمل، ولما حاولت تخنق ماما وأنا فعلا لو كان جدي إتأخر شوية كنت موتاها موتها لأني وقتها كنت حاسة أني باموّت شيطان مش إنسان أبدا، ساعتها فعلا كانت الشعرة التي قصمت ظهر البعير زي ما بيقولوا وهو بيتهمني إني عاوزة أموتها وقتها ما دريتش بنفسي وأنا باطلب منه الطلاق وسمعت جدي وهو بيتحايل عليه أنه ما يقولهاش..

سكتت تلتقط أنفاسها قبل أن تكمل بإبتسامة مرارة وأسى:
- دا حتى ما كلّفش نفسه إنه يبص على الكرسي إللي ماما كانت عليه تقريبا شبه مغمى عليها، ونطقها، ياااااه يا سلمى – وكشرت بوجهها وهي تبتلع دموعها التي تهدد بالإنهمار - مهما وصفت لك تبقى صعبة إزاي مش هاقدر أوصل لك إحساسي وقتها كان عامل إزاي، منتهى الإهانة إنك تحسي من الشخص إللي كان أقرب لك من نفسك إنك برخص التراب عنده!!...

سلمى وهي تمسد خصلاتها السوداء:
- وإنتي لما قولتي له طلقني وأكتر من مرة ما حاسش هو الإحساس دا؟... ما حاسش إنه مراته وبنته وحبيبته بيعاه ومش عاوزاه؟.. سلافة.. غيث وشهاب صعايدة عارفة يعني إيه صعايدة؟.. يعني مهما اتعلموا أو حتى سافروا أو وصلوا لأي درجة من التحضر والمدنية إنتي تتخيليها، جوّاهم لسه الصعيدي إللي بالجلابية والعمّة والشنب إللي يقف عليه الصقر!!

ابتسمت سلافة من وسط حزنها المرسوم على وجهها فيما أردفت سلمى:
- عارفة المشكلة فين؟.. المشكلة أنه كل واحد منكم شايف المسألة من وجهة نظره هو بس، واللي طبعا بتطلعه انه هو المظلوم، لكن لو كل واحد فيكم حط نفسه مكان التاني أنا متأكده أنه الأمور لا يمكن كانت وصلت لكدا، وبعدين ما تنسيش أنك ردتيها له وفي مقتل... بقى يا ظالمه يا مفتريه توافقي على سامي وإنتي لسه في العدة؟... ثم مش سامي دا اتقدم لك بدل من المرة تلاته اشمعنى دلوقتي إللي توافقي عليه؟...

نظرت سلافة إلى سلمى بإضطراب قبل أن تلعق شفتيها بتوتر ملحوظ وهي تجيبها بخفوت:
- أقولك على حاجة وما تقوليش لحد؟... وخصوصا شهاب!!!!

ابتسمت سلمى وأحنت رأسها إلى شقيقتها قائلة:
- سرّك في بير يا سولي!!...

ما أن انتهت سلافة من كلامها حتى شهقت سلمى بذهول صاعق ونظرت إليها بغير تصديق وهى تهتف:
- إنتي بتقولي إيه يا سلافة؟.. إنتي أكيد اتجننتي؟... 

في حين احمر وجه سلافة من تقريع أختها ولكنها أبت الاعتراف بخطأها وبدلا من ذلك تكتفت وهمست بإصرار عنيد:
- هو إللي بدأ.. وأنا مش باسيب حقي أبدا... ولسّه... يا ما هتشوف مني يا غيث اكتشافات ومواهب!!!!!!!

**************************
**********************

جلس الجميع حول مائدة الطعام فيما عدا... غيث!!!! .. تذمر الجد من خلو مقعد الأخير ومال على عثمان الذي يجلس إلى يمينه وهمس:
- أني بدي أفهم.. هو مش إللي خاطب ديه يعني ياجي لخطيبته ايزورها ويشوفها؟.. رادي أعرِف ولدك عاوز إيه بالظبِّط؟.. لا بياجي ولا بنشوفَه.. أني لمن جولت ياجي في ميعاد سابج عشان يتجّل رجليه اهنه مش يجطعها علاولاه!!!..

عثمان بهدوء:
- أني عكلمه يا حاج...

قطع حديهما الجانبي الهامس الجدة وهى تقول بفرح:
- امني حانكم كلاتكم متجمعين عشان أجولكم على آخر الاخبار...

نظر إليها الجميع بإنتباه في حين رمقها الجد بنظرة عابرة وهو يعلم تماما أي قنبلة ستلقي بها زوجته التي رفضت أن تدعه يتحدث مع عثمان أولا في هذا الأمر، فقد أخبرته أنها تفضل أن تطرق الحديد وهو ساخن خاصة وأنها قد ألمحت إلى عثمان بهذا الأمر فأخبرها أن هذا الحديث سابق لأوانه كما أنها متأكدة أن الحديث إليه وسط عائلته سيكون أنسب إذ سيلقى قبولا للأمر من الجميع، وجّهت نظراتها إلى عثمان وأردفت بإبتسامة:
- شوف عتبجى فاضي ميتى يا عتمان يا ولدي عشان نخلّصوا موضوعك إللي سبج وجولت لك عليه...

تغير وجه عثمان في حين تبادل الباقيين نظرات التساؤل فتابعت الجدة بثقة:
- بوكوم محتاج مَرَه اتكون جاره وإمعاه... وهوّ لسّاته اف عزّه، وأني شوفت له بنت الحلال إللي عتصونه وتريّح باله...

تبادل شهاب وسلمى نظرات الدهشة في حين قال رؤوف الجالس بجوار شقيقه وهو يربت على ساعده:
- ألف مبروك يا عثمان يا خويا، إن شاء الله ربنا هيعوضك خير...

في حين هتف عثمان بإعتراض:
- يا أمّاه!!!!

الجدة بهدوء وابتسامة صغيرة على وجهها:
- خابار إيه يا عتمان يا ولدي... اعيالك ما هومّاشي أصغار... كافاياك إللي شوفتوه طول عمرك مع إللي فاتت.. معتضيعشي أيامك الجايه من بين يديك... إحنا ولاد إلنَّهارْدِهْ...

رؤوف بهدوء:
- الحاجة معها حق يا عثمان...

ليسارع شهاب بالقول وقد استقر رأيه:
- على بركة الله يا حاج..... إللي يريحك إحنا كلنا موافقين عليه...

سلمى بتساؤل قلِق:
- حتى سلسبيل؟...

لتهتف الجدة بجدية:
- سلسبيل متزوجة وعنديها بيتها وراجلها وعيالها، وأني عارفاها.. عاجله.. وبعدين الليث امعاها عيجف جنبيها، لمهم دلوك... أني عكلم الحاجة زينب يا حاج عبد الحميد وأشوف ميعاد مناسب عشان تروحوا لهم فيه...

وأنتهى الحديث في هذا الأمر بناءا على عبارة الجدة الأخيرة والتي أنهت النقاش تماما في هذا الشأن!!....

**********************************

كان يجلس على الزرع الأخضر يطالع في البعيد حيث المروج الخضراء المنتشرة من حوله على الضفة الثانية من فرع النيل الصغير الذي يجلس بمحاذاته، يقبض على عصا رفيعة بيده وهو يخط بضعة حروف على الرمل أمامه حين سمع صوتا يناديه، فالتفت إلى الخلف وما إن أبصر صاحب الصوت حتى عاد ينظر إلى الأمام ثانية ببروده الذي يلزمه منذ أن أُجبر على خطبة... زوجته!!!.

رمى شهاب نفسه بجواره وقال وهو يلهث:
- ايه يا بني.. كل دا ومش سامعني؟...

أجاب غيث ببرودة وهو ينظر الى البعيد:
- سامعك يا شهاب...

شهاب وهو ينظر إليه بتساؤل:
- انت مقاطعنا ولا إيه يا غيث؟..

ابتسم غيث بتهكّم وأجاب:
- ليه يعني؟... إكمني ما باجيشي الدار؟... مش جدي أمر أنه ما خطيش إهناك إلا بميعاد؟...

قبل أن يتثنى لشهاب الاجابة استدار إليه يتابع بغيظ واضح:
- أني يا شهاب؟... أني أخطب ماراتي؟... انت متصوّر إنها سهلة عليّ إني أجعد امعاها وكأننا تنيين أغراب عن بعض؟... ديه ماراتيّ – مشددا على مخارج حروف الكلمة – عارف يعني إيه ماراتي؟...

شهاب وهو متخوف من ردة فعله من الأنباء التي يحملها له ولكنه آثر أن يعرفها منه قبل أن يفاجأ بها أمامه:
- احم ... أومال هتعمل إيه لما تعرف باللي جدي أمر بيه؟.. أو بمعنى أصح باللي هى طلبته منه وجدي وافق عليه!!...

قطب غيث في ريبة وتساؤل بخشونة:
- وأيه هوّ إللي جدِّيْ أمر بيه؟...

تنحنح شهاب ورمقه بطرف عينه وأجاب:
- سلافة هترجع شغلها في الديوان من بكرة!!!.....

ليهب غيث واقفا وهو يصرخ بغضب:
- كيييف!!!!... انت بتجول إيه يا شهاب؟...

نهض شهاب بدوره ووقف أمامه وقال وهو يزفر بعمق:
- إللي أنت سمعته، تقريبا سلافة حاسّة بفراغ وعاوزة ترجع الشغل طلبت منه وهو وافق، وحضرتك من بكرة هتستلم الشغل، وبيتهألي انه ماينفعش إنه عبد الرازق يبقى موجود وهى موجودة، انت مش ممسكه شغل الديوان كله تقريبا دلوقتي ويادوب بتروح تشرف عليه وخلاص؟!!!

قبض غيث على أصابع يده اليمنى بقوة وهتف من بين أسنانه المطبقة:
- بجاه إكده؟... ماشي يا سلافة... لمّن أشوف آخرتها امعاكي إيه؟!!!!!...

ثم التفت إلى شهاب وأردف:
- عاوز أشوفها يا شهاب لوحديها... خلي سلمى تتصرّف... ما عاوزشي حد يّعرف!!!

أومأ شهاب بالايجاب وهو يزفر بضيق لا يعلم ما نهاية لعبة القط والفأر تلك!!!!!!!!!!

*******************************
*****************

تأفف غيث للمرة المائة وهو يطالع ساعة معصمه، لقد أخبره شهاب إنها ستأتي الآن لما تأخرت، لمح توأمه يقبل عليه فوق حصانه الأسود العربي، وما إن وصل إليه حتى ترجّل ووقف أمامه وبعد أن ألقى التحية سأله غيث بلهفة:
- ماجاتش يعني؟..

زفر شهاب بضيق وقال بغيظ:
- مراتك دي مش ممكن يا غيث، سلمى قالت لها إنك عاوز تشوفها، ودلوقتي قبل ما تروح الديوان دي الفرصة الوحيدة إللي تقدر تشوفها فيها من غير ما جدي يعرف، هى كدا كدا رايحه هناك، للأسف رفضت!!.. وقالت إنها عندها شغل ولو عاوز تشوفها فعلا أي خاطب بيزور خطيبته في بيتها بعد إذن أهلها، مش سرقة بين الزراعات زي صميدة وبهانة!!!!!!!!!

قطب غيث وهتف بحنق:
- باه... مين صميده وبهانه دولوم إن شاء الله؟...

شهاب وهو يحرك كتفيه علامة الجهل:
- والله مش عارف يا غيث بس تقريبا شكل مراتك بتتفرج على أفلام أبيض وأسود كتير وفاكره إنكم هتطلعوا تجروا ورا بعض وسط القصب!!!!!!!!!!

زمجر غيث وهتف:
- انت بتتريّج أنت التاني؟!!.. ماشي يا حرمي المصون... أما نشوف آخرتها امعاكي إيه؟...

وما لبث أن قفز فوق الفرس الأسود وهو يردف عاليا بينما وكز خاصرة الفرس فانطلقت تعدو:
- ابجه عاود انت بجاه... أني هتصرّف!!!!..

تابع شهاب توأمه وهو يسابق الريح منطلقا إلى هدفه المنشود.... سلافته!!!!!

--------------------------------------------
----------------------------

كانت تقف بجوار المكتب تمسك ببعض الأوراق فيما يقف أمامها عبد الرازق الموظف الأربعيني الذي جعله غيث بمثابة نائبا له للإهتمام بأمر الديوان، وكان يخبرها بكل ما يتعلق بالعمل حينما اندفع غيث إلى الداخل حيث الباب مشرّعا وهتف بكلمة واحدة قوية فيما التفتت إليه سلافة متفاجئة من دخوله العاصف:
- اخرج...

لم ينتظر عبد الرازق أن يعيد غيث أمره فأسرع بالخروج ليغلق غيث الباب خلفه، وقفت وهى تتمسك الأوراق بقوة تقرّبها إليها وتراقب تقدمه إليها بينما شعره قد شعثته الريح وقد لاح على وجهه أمارات الغضب العنيف، كان يرتدي بنطالا أسودا من الجينز وقميصا أسود مفتوحا الى منتصف الصدر، ولاحظت أنه قد خسر الكثير من وزنه ولكنه بالمقابل قد زادت جاذبيته المهلكة!!!... وقف أمامها تماما مسلطا نيران عينيه عليها وهو يهمس بغضب وحشي مكتوم:
- ما جاتيشي ليه كيف ما طلبت؟...

تمالكت سلافة نفسها وأجابت وهى تشيح بعينيها بعيدا وقد صبغ صوتها برود ثلجي:
- أظن أني قلت أسبابي لشهاب، أنت سمعت جدي كويس أوي بيقول إننا مخطوبين، وأعتقد اني باحترمهم كويس أوي اني أقابل خطيبي من وراهم؟!!!!

هتف غيث بغيظ وهو يرفع يديه إلى أعلى رأسه:
- إنتي عتجننيني؟!!... خطيب إيه وبتاع إيه، أني جووووزك يا سلافة، ها... جووووزك!!!

هزت كتفيها بلا مبالاة وأجابت:
- والله الموضوع دا إتكلمنا فيه كتير أوي، واتفقنا إننا ما عرفناش بعض كويس، وإنه فترة الخطوبة دي عشان نشوف هنقدر نكمل مع بعض ولا لأ!!!!!!!!

ليباغتها بالقبض على خصرها بيديه لتشهق عاليا وتحاول الإفلات من قبضته المحكمة بينما يهتف بشراسة:
- واني جولتلك جبل إكده وهعيدها تانيّ.. إنتي ماراتي... وما عتبجيشي غير ماراتي، ايجولوا خطيبتي ما خطيبتي.. إنتي ماراتي، وما عتكونيش غير إكده.. ما هفوتكيش واصل يا سلافة!!!

ثم مال عليها لتلفحها أنفاسه الساخنة وهمس بخبث أمام وجهها الذي فرت الدماء منه:
- أما بجاه من جيهة إننا ما نعرفشي بعض ديْ.. فأحنا نِعرف بعض كويّس جوي.. ولا أنتي ناسياه؟...

وامتدت يده تسحب منها الأوراق التي تتشبث بها وكأنها طوق النجاة، وترميها قبل أن تزحف يده إلى أسفل عنقها يثبت رأسها من الخلف بينما تراقبه بذهول أفقدها القدرة على الكلام أو الحركة ثم مال بوجهه ليخطف أنفاسها بقبلة لا يمكن وصفها سوى بأنها زلزال قد ضربها ليرتج قلبها بين جوانحها بشدة فيما قدميها تهددان بسقوطها في أي لحظة!!!!!

وكما الزلزال.. ينتهي في غضون دقائق مخلّفا آثارا مدمرة، كان عناقه... الذي انتهى بعد فترة قصيرة تاركا إياها وهى تحاول لملمة شتات نفسها المتناثرة!!!!..

ابتعد عنها ووقف يطالع وجهها الذي غزته الدماء فيما قالت محاولة التسلح بالهدوء الذي لا شتعر بأدنى شيء منه وذلك حينما استطاعت الحديث:
- إوعى تفكر إنك تكررها تاني يا غيث، صدقني المرة دي انت خدتني على خوانه إنما المرة الجاية.....

ليقاطعها بإبتسامة ماكرة فيما عيناه تغازلانها:
- عتكون برضاكي يا حرمنا المصون!!!!....

هتفت سلافة:
- ممكن أعرف أنت عاوز مني إيه بالظبط يا غيث؟...

رفع يده يساوي خصلاتها التي شعثتها أصابعه:
- لسّاكي ما عارفاشي يا بت عمي؟... رايدك أنتي.. ماراتي.. وبتي.. وحبيبتي... ودنيتي كلاتها!!!

شعرت بالضعف يغزوها فحاولت التمسك ببقايا مقاومة واهنة وقالت بعناد البغال:
- من امتى وأنا كل دول؟...

غيث بإبتسامة:
- من أول يوم نضرتك فيه لمن فتحتي لي الباب وكأنّك فتحتي لي باب الجنّة!!!...

لتفغر فمها في دهشة فانتهز غيث الفرصة وسارع بتقبيلها قبلة سريعة ليبتعد بسرعة أكبر في حين دفعته بيدها وهى تهتف بغيظ:
- انت قليل الأدب على فكرة!!!!!..

غيث وهو يراقص حاجبيه الكثيفين:
- جليل الأدب ديْ هعديهالك النوبة ديْ... لكن مرة تانيه عوريكي جلّة الأدب صوح!!!

سلافة بسخرية:
- لا حول ولا قوة الا بالله.. إللي يشوفك وانت داخل تقول يا شر اشتر.. ما يشوفكش دلوقتي والضحكة من الودن للودن!!!!!!!!

تجهم وجه غيث وهتف بحنق:
- ما تفكّرنيشي، أني كنت جاي وناوي أطبج في زمارة رجبتك...

سلافة بتهكم:
- وإيه إللي خلّاك تسيب الزمارة بقى؟...

مال عليها وهمس بمكر:
- شفايفك هى إللي سكّرتني، رشفة واحده منيهوم وناسيت أني كنت جاي ليه؟...

طالعته سلافة بغموض ثم أشارت إلى الباب خلفه وهى تقول:
- غيث.. إيه رأيك في الباب دا؟...

حانت منه التفاتة ال٦ى الباب خلفه وأجاب بلا مبالاة:
- مالاه؟... 

سلافة ببساطة:
- يا ريت تاخده في ايدك بس من برّه!!! يعني وانت خارج!!!!

ليعتدل غيث في وقفته ويهدر بها غاضبا:
- انتي وبعدهالك بجاه في شورتك الغبره ديْ... تبجي ماراتي وخطيبتي كيف بدي أفهم أني؟.. وبعدين أني مش ماشي يا سلافة غير لمّن نشوفوا حل في لحكاية المجندله ديْ، إيه رايك بجاه؟...

هزت سلافة كتفيها بلا مبالاة:
- والله براحتك... بس انت عارف جدي هيزعل إزاي، كلمته قانون لازم الكل ينفذه، لو عاوز تخالف القانون يبقى روح اتظلم عنده!!!!!!!!

نفخ غيث بضيق وهتف فيها وهو يتجه إلى الخارج:
- ماشي يا سلافه، اني رايح عنديه دلوك... وعخليه ايجولك إنه فرحنا الليلة يا بت عمي.. يا خطيبتي...

وانصرف من أمامها لتطالع في طيفه المبتعد هامسة بإبتسامة:
- الليلة؟!!!... الليلة يا عمدة!!!!!!!!!!...

***************************
*********************

- يا سلسبيل إنتي بتبكي ليه دلوك؟...

هتف ليث بهذه العبارة وهو يمسد خصلات سلسبيل فيما الأخيرة تفترش صدره تبكي بدموع غزيرة، أجابت من بين غصات بكائها الحار:
- يعني... عاوزني أعرف أني أبوي الحاج عيتجوز وما أزعلشيْ؟...

نفخ الليث بضيق ثم قال بمهادنة:
- يا جلب ليث أنتي، انتي خابره زين إنه عمي عتمان معيعملشي حاجه غلط، بوكي لساته بصحِّتَه يا سلسبيل، وأمك ربنا يشفيها ما عادلهاشي عيش امعاه بعد إللي صار منيها ديه كلاته، ديه غير إنه ديه رغبة جدتك، يبجى ليه الحِزن ولدموع الغالية ديْ؟...

رفعت سلسبيل وجهها ونظرت إليه بعينين منتفختين من أثر الدموع وأجابت:
- صعبانه علي أمي جوي جوي يا ليث، مهما كان ديه أمي برضيكي....

الليث وهو يمسح دموعها بابهاميه:
- يا روح ليث إنتيْ... أمك ما تزعليش منّي سلّمت نفسها للشيطان، شيطان الكره والحجد إللي ملا جلبها، وهى ماعمْلتْشي شويّهْ، وكيف ما أماتك صعبانه عليكي بووكي كومان ليه حج عليكي ولا إيه؟...

اكتفت بهز رأسها بالايجاب فتابع:
- ياللا جومي اغسلي وشّك ديه وغيّري خلاجاتك خلينا نروح انزور جدي ونشوفه وتباركيلاه، المفروض إننا عنروحوا بكره عشيّه إن شاء الله عشان نجرى الفاتحه، السوالمة عيلة مأصلة صوح والشيخ عبد الهادي راجل ما عيتخيرش عن جدي....

هزت رأسها بالايجاب ونهضت تستعد للذهاب إلى المنزل الكبير تاركة ولديها لدى عمتها والدة ليث..

************************************

لم يستطع غيث إقناع الجد بتعجيل زفافه هو وسلافة كما هدد الأخيره، وقد أخبره جده ببساطة أن العروس لم تقل رأيها الأخير بعد في أمر الإرتباط به حتى كاد غيث أن يعض نواجذه غيظا وكمدا، وكان أن حاول تحاشي التواجد مع سلافة بمفردهما فهو يخشى أن ينفلت منه زمام الأمور فالمرة السابقة كان أمر إبتعاده عنها أمرا في غاية الصعوبة والهلاك بالنسبة له وهو لن يعيد الكرة ثانية!!!!..

كان في غرفة الجلوس ينتظر شقيقه حينما دلفت مهجة الخادمة مفتشة عن سيدتها سلافة بأمر من الجد والتي ما أن أخبرته بالسبب حتى هدر فيها بعنف قائلا:
- إنتي يا بت إنتي عم بتلهفطي بتجولي إيه؟...

وقفت الخادمة ترتعد فرائصها وهى تجيب بتعثر وخوف كاد يطبق على انفاسها:
- أني ما جولـ... جولتش يا سي غيث، ابويا الحاج عبد الحميد جالي نادي على ستك سلافة عشان فيه اضيوف جايينها من موصر!!....

لمحت سلافة وهى تتجه إليهما فتنفست الصعداء ليقطب غيث حنقا وغيظا، قطبت سلافة التي دلفت إلى الغرفة وهى ترى حال الخادمة التي تنتفض رعبا وتتفصد عرقا وقالت: 
- فيه إيه يا مهجة؟.. إيه الحكاية يا غيث؟... 

هتف غيث من بين اسنانه: 
: - مفيشي، إنتي إيه إللي جابك دلوك؟..، تخصرت ووقفت أمامه تجيبه بكل تحد:
- يعني إيه إيه إللي جابني دلوك ديه؟... عادي خلصت شغلي في الديوان إللي حضرتك مش بتروحه إلا ضيف كل يوم ربع ساعه وجيت، وإنتي يا مهجة إنطقي!!!....

أحجم لسانه بصعوبة عن الرد عليها بكلمات هوجاء فهو لا يريد أن يتراشقا بالكلمات والإتهامات أمام الخدم، أتتهمه الآن بالتقاعس عن عمله وأنها هى من تنهيه بدلا عنه؟.. ما المفترض منه قوْله إذن؟.. أتراها إذا ما أخبرها أنه لا يستطيع أن يجلس في مكان واحد معها يحمل عبق أنفاسها دون أن تتلصص عيناه عليها وأن تحكه يداه شوقا لملمسها ماذا سيكون ردة فعلها؟.. شرد قليلا وابتسامة خفيفة تظلل فمه المظلل بلحية خفيفة وهو يهمس في نفسه أن سلافته ستصرخ وقتها متهمة إيّاه بالتحرش بها لا محالة على الرغم من أنه يحمل صفة زوجها وإن مع إيقاف التنفيذ!!!...

انتبه من شروده على صوت سلافة النزق وهى تهتف في مهجة التي تقف تكاد تموت رعبا منه قائلة: 
- ما تتكلمي يا بنتي!

كادت مهجة تضرب نفسها وهى تهتف بداخلها:
يا مورك يا موهجة يا مورك، اني عارفة وربنا .. عورفت اول ما شوفت سحنته إنه جاي والشر جاي اف رجليه...

هدر فيها غيث لحظتها بغضب وحشي:
- ما عاوزشي أسمع صوتك واصل، اجفلي خاشمك ديه....، 

ولكن أصرت سلافة قائلة: 
- انطقي يا مهجة... ، لتقرر مهجة أن تلقي بقنبلتها الموقوته وتفر هاربة.. فاستعدت للركض وهى تلقي بجوابها الناسف:
- فيه ضيف جالك من موصر والحاج جالي أنادي عليكي!..

سلافة بتقطيبة: 
- ضيف مين؟!

مهجة وهى تضع رجلها استعدادا للإقلاع هربا:
- بيجول.. بيجول أنه اسميه... سامي!... 

ولم يُرى من مهجة بعدها إلا غابرها، في حين أن سلافة قطبت وهى تردد بحيرة:
- سامي!!!.... لتسمع صوت هسيس غضب وزمجرة وحش كاسر بالقرب منها فرفعت عينيها لتصطدم بنظرة نمر مفترسة فإبتلعت ريقها بصعوبة، وعلمت... رأتها في عينيه، لقد أفلت الوحش من مريضه وهيهات أن يعود ثانية خال الوفاض!!!!!!!!

كانت تصرخ وتركل الهواء بقديمها فيما هو يحملها فوق كتفه كجوال البطاطا، لم يلق بالا إلى شتائمها وهو يحكم قبضته عليها كي لا تفلت من بين يديه، أسرع خطاه إلى الداخل متجها صوب غرفته، ليقابل سلمى وسلسبيل اللتان وقفتا أمامه تهتفان بصوت واحد:
- انت بتعمل إيه يا غيث؟...

دلف من فوره إلى غرفته صافقا الباب خلفه، لتقف سلمى وسلسبيل تطرقان الباب بعنف ولكن ما من مجيب، نظرت سلمى إلى سلسبيل هاتفة:
- أخوكي هيعمل إيه في أختي يا سلسبيل؟..

سلسبيل بقلق:
- ما عارفاشي يا سلمى، وشهاب وليث مع جدي وبوي وعمي في المُندره عشان الضيف إللي جه من موصر ديه..

سلمى بحنق:
- معرفش ليه حاسة أنه المصيبة دي من تحت راس ضيف مصر دا!!!

ليقاطعها أصواتا عالية قادمة من داخل الغرفة لتلصق كلا من سلمى وسلسبيل آذنها على الباب رغبة في الإطمئنان على تلك الحمقاء ومجنونها الذي من الواضح انه قد فقد عقله نهائيا!!

----------------------------------------
--------------------------------

وقفت سلافة في وسط الغرفة حيث أنزلها غيث وهتفت به وهى تشير إلى الباب الموصد:
- افتح الباب أحسن لك وسيبني أخرج..

تقدم منها بينما تراجعت هى إلى الخلف فهى لم تعد تأمن جانبه:
- والله؟.. ابتتكلمي بجد؟.. عسيبك بسهوله اكده تجابلي غراب البين إللي رايد يخطبك؟..

هتفت سلافة بحنق:
- وانت مالك؟.. دا ضيف وجاي وجدي لو كان شايف فيها حاجه غلط ما كانش هو بنفسه إللي بعت لي عشان أقابله!!!!!!!

ليهجم عليها ويقبض على ذراعيها غارزا أصابعه في لحمها الطري وهو يصرخ بشراسة:
- وأني معيهمنيشي حد، أني ماعارفشي غير أنك ماراتي وإنه ديه إللي كان رايدك زوجة ليه، فاهماه يعني إيه؟.. يعني شافك بعين راجل رايد حرمه؟.. إنتي ليه امصممة تعذبيني ليه؟.. 

وصمت لثوان أردف بعدها بحزم:
- لكن لاه.. أني لو كنت وافجت على لعبة لخطوبة دي فعشان أفهّمك أني رايدك ومتمسّك بيكي، لكن لو عتفهميها غلط وإنه لسّات شورك ابيدك يبجى لاه يا بت عمي، وحالا عروح أشرب من دمه اللي٦ جاي بعين جويه يخطف ماراتي مني...

ودفعها بقوة واتجه إلى الباب لتوقفه صرختها وهى تهتف بكلمات صدمته، فتسمر في مكانه، قبل أن يلتفت إليها ويتجه ناحيتها وهو يتساءل بريبة:
- إنتي جولتي إيه؟..

هتفت سلافة وهى تبكي:
- بقول أنه محصلشي حاجة... هو مالوش ذنب، الحكاية دي من قبل ما أشوفك خالص ونيجي البلد كمان بأكتر من تلات شهور!!!!!!!!!!!

وقف أمامها وسحبها إليه وقال وهو يطالعها بحيرة وترقب:
- وإيه إللي خلّا سلمى تجولي إنه فيه عريس متجدم لك؟...

سلافة من بين شهقات بكائها:
- أنا اللي قلت قدامهم إنه سامي زميلي رجع يلمح لي إنه عاوز يخطبني، وانا عارفة ومتأكده إنه سلمى هتقول لشهاب وشهاب هيقول لك؟...

بصيص أمل بدأ بالنمو بداخله، ولم يرد إستباق الأحداث وبينما كانت يداه تجذبانها بخفة أقرب إليه كان يردف متسائلا بينما قلبه يوشك على الهتاف عاليا بأنه قد ربح أخيرا:
- وليه كل اللفة الطويلة ديْ؟...

رفعت عينان مبللتان بالدموع إليه وهمست بينما ارتاحت راحتيها على صدره:
- عشان تعبت!... وما عدتش قادره على برودك وبعادك عني، فكرت أني أعمل حاجة تبيّن لي انت لسّه شاري وأفرق معاك ولا خلاص... إنك لما طلقتني طلاق رجعي كان عشان تدينا فرصة تانية، وأنك رافض تقطع إللي بيننا ولا عشان تمشي كلمتك عليّا وتحاول تكسرني!!!

همس غيث بأسى وهو يمسك بيديها المفترشتان صدره:
- أكسرك؟.. معجولة يا سلافة؟.. أني أكسرك برضيكي؟.. أني إللي كت حاسس زي ما يكون حاجه كابيره جوي وعياخدوها مني غصبن عنّي... طلجتك وجتها وأنا في نيتي إنك لساتك ماراتي، عشان إكده ما جدرتش أطلجط بائن كيف ما جدرتي انك تطلبيها!!!!

وقد نطق عبارته الأخيرة بلوم فأجابته وهى تسدل عينيها إلى الاسفل:
- كنت عاوزة أقطع عليا خط الرجعه في التفكير فيك، كنت فاكره إنى لما هعمل كدا هطوي الصفحة دي من حياتي، لكن إللي حصل...

ورفعت عينيها إليه مردفة وهى ترسل إليه نظرات حب خالص:
- إنى ماقدرتش، أنا ماقلعتش دبلتك يا غيث، دبلتك أهي...

وفاجأته بأن سحبت سلسال رفيع من حول عنقها تخفيه أسفل ثيابها ورفعته ليرى خاتمه وهو يتدلى من السلسال، همس لها بصوت منفعل:
- وأنى دبلتك لساتها في يديّ... مهما حوصل بيننا إنتى جوايا ماراتي وبتي وحبيبتي.. انى كت هتجن الفترة إللي فاتت ديْ يا سلافة وانتى جريبة وبعيده في نفس الوجت...

ابتسمت سلافة وهمست:
- لكن جابت نتيجة أهي، وأبو الهول نطق أخيرا، هو أنت ظهرت ولا بينت كرامه إلا بعد ما عرفت أنه فيه عريس متقدم لي؟!!!!!

همس غيث بغيظ:
- معتفكرنيش، أني كل ما أفكر انه كان فيه واحد تاني رايدك عجلي ايشط منّي!!!

ابتسمت سلافة وقالت بشقاوتها التي طال اشتياقه لها:
- لاه.. ما عيشطش منيك ولا حاجه، أني اللي كنت هتجن لو ما كنتش ظهرت يا عمده...

ضحك غيث عاليا ثم مال عليها وهمس:
- اتوحشتك جوي جوي يا سلافة...

همست سلافة:
- وأنت كومان يا جلب سلافة...

قطب غيث وقال:
- إلا بالحج ما جولتليش.. يوم ما غلجت عليكي الدار خرجت كيف؟.. إيه.. من تحت عتبة الباب؟..

ابتسمت سلافة بشقاوة ثم مدت يدها إلى شعرها المكوم أعلى رأسها وأنزلتها ثانية وهى تحمل... دبوس للشعر، أمسكته بأناملها الرقيقة أمامها وهى تبتسم قائلة:
- بنس الشعر دي بيبقى لها فوايد تانية كتير غير إنها تلم الشعر!!!!!!!!!

حدق فيها بذهول وهتف بغير تصديق:
- أنتي...

لتكمل هى بشقاوة تتراقص بين ليل عينيها:
- أيوة يا عُمده... أني طفّشت الباب!!!.. محسوبتك سلافة مهندسة كمبيوتر الصبح وطفّاشة بعد الضهر!!!!!!!!!

صمت يطالعها بدهشة قبل أن ينفجر بضحك متواصل وهو لا يكاد يصدق ما تقوله، نظر إليها بعدها وهو يقول من بين شهقات ضحكاته المتلاحقة:
- إنتي كنتّي بتتعلمي فين بالظبط يا بت عمي؟..

سلافة بجدية تامة وأسف مصطنع:
- المدرسة الكبيرة يا ولد عمي... الدنيا!!!!!

رفع يديها يقبل راحتيها وقال وهو ينظر اليها بحب:
- وأني اتعلمت في مدرستك إنتي يا سلافة...

همست بإبتسامة ناعمة:
- واتعلمت إيه بجاه؟...

أجابها بابتسامة مماثلة:
- اتعلّمت أنك أغلى حاجة عِندي، وإنه مش مهم أي حاجه طول ما إحنا مع بعضينا، هنتخاصم تاني وتالت وعاشر كومان، لكن في كل نوبة خصام حبنا عيكون أجوى من لأوّل....

*************************************

في الخارج كانت كلا من سلمى وسلسبيل خارج الغرفة تقفان تحاولان معرفة ما يجري بالداخل، يقتلهما القلق على سلافة فوجه غيث كان لا يبشّر بأي خير وكيف لا و.. سامي قد حضر خصيصا رغبة بالإطمئنان على حال سلافة وما لم يعلمه غيث ولم يعط لأيّ كائن الفرصة لإيضاحه أن سامي قد حضر يدعو سلافة وعائلتها لحضور حفل زفافه على رفيقة سلافة... تقى، والتي كانت السبب في تأخير سلافة تلك الليلة والتي خطفها غيث فيها!!!..

سلسبيل بتقطيبة:
- سامعه حاجه يا سلمى يا ختي؟..

سلمى بتقطيبة أشد وهى تلصق أذنها بالباب:
- من بعد الصراخ إللي في الأول وهس اسكت بعد كدا، ولا حاجة يا سلسبيل، إيه بيتكلموا بالحبر السري؟..

لتفاجآ بصوت يقول بغلظة:
- بتعملوا إيه؟..

شهقتا برعب وفي حين رمت سلسبيل أخيها بنظرات إستنكار هتفت فيه سلمى بحقد:
- دي عامله تعملها؟.. يا بني انا اعرف ستات بتولد في السابع إنما في اخر الخامس ما حصلتش!!.. ارحمني بقى من مفاجآتك دي....، مال عليها يهمس أمام شفتيها:
- تدفعي كام؟..

انتبهت لخجل سلسبيل فوكزته في خاصرته بقوة جعلته يتأوه ونهرته قائلة:
- إتلم!!!!!!!!

قاطعهما صوت ليث يتساءل:
- فيه إيه يا جماعه واجفين إكده ليه؟..

شهاب ببساطة:
- نفس السؤال كنت لسه بسأله ومحدش فيهم رد عليا...

همّت سلمى بالحديث حين تناهى إلى سمعها صوتا مكتوما يأتي من داخل الغرفة فأسكتت الجميع قائلة:
- هششش.. استنوا...

اقترب الجميع من الباب، ليظهر صوت سلافة بوضوح يقول:
- استنى بس يا غيث..

ثم صوت غيث الغليظ وهو يتمتم ببضع كلمات لم يستطيعوا تفسيرها، همس شهاب بحنق:
- إيه يا غيث دا بتتكلم بسرعة 120 كلمة في الثانية!!!... بالراحه...

أنصتوا ثانية ليسمعوا صوت سلافة يقول بخفوت:
-لا.... ـ قطبوا في حين واصلت: 
- استنى...، قطبوا أعمق فواصلت بخفوت أكبر:
- تؤ تؤ تؤ.. اخص عليك يا غيث!!!!!!!

لتنفك تقطيبة ليث وشهاب ويرتفع حاجبيهما لأعلى بشكل متنافر، في حين زادت تقطيبة الشك لسلمى وتبادلت نظرات الحيرة والقلق مع سلسبيل، وفيما أحمر وجه شهاب لكتمانه ضحكة الذي يهدد بالإنفجار همس ليث بغلظة:
- جبْر يلم العفش!!!... ، ثم همس في أذن شهاب:
- خوك جلع برجع الحيا خليص!!!..

همست سلمى بقلق:
- هما سكتوا ليه؟..، أيدتها سلسبيل بحيرة:
- بعد ما جالت له أخص عليك ما حطتش منطج يا نضري!!!

لتكتم سلمى شهقة ذعر وتهمس برجاء لشهاب:
- الحقه يا شهاب لا يكون عمل فيها حاجة!!!

شهاب وهو يحاول طمأنتها بينما يرسل إليه الليث بنظرات مستفزة:
- ما تخافيش يا حبيبتي ما حصلش حاجة..

الليث بمكر وهو يرفع حاجبه الأيمن:
- متوكّد انه ما حوصلشي حاجة!!!!

لينهره شهاب:
- واه... ما تسكت سا كت يا الليث ناجصاك هيا إياك!!!!!!!!!

قطبت سلمى وقالت برعب:
- طالما اتكلمت بالصعيدي يبقى انت قلقان يا شهاب!! ما انت ما بتقلبش غير لما تكون قلقان او فيه حاجة غلط!!!!!!

شهاب بزفرة ضيق وهو يرمق الليث بحنق فيما الاخير يكبت ضحكاته بصعوبة:
- يا بنتي مفيش..

سلسبيل بحنق:
- اومال ليه جالت له اخص عليك يا غيث؟.. واكيد اعملها حاجه؟..

الليث بجدية زائفة:
- يمكنّهم ابيلعبوا إخص عليك يا غيث؟!!!!!

سلمى بإستهجان:
- نعم؟.. ، هتف شهاب:
- أيوة يا حبيبتي دي لعبة جميلة جدا!!!!!

سلسبيل وهى تنظر إلى الليث بلهفة واضحة:
- ولد عمي.... ، الليث بحب يتقافز بين مقلتيه:
- اعيونه!!... سلسبيل بنعومة:
- أني كومان رايده ألعب!!!! ، ليقطب في لحظتها هامسا بريبة:
- تِلعبي إيه؟..، سلمى بفرح:
- اخص عليك يا غيث!!!، ثم التفتت إلى شهاب مردفة برجاء:
- وأنا كمان يا شهاب عاوزة ألعب!!!

هتف شهاب بحنق:
- تلعبي ايه إنتي التانية إن شاء الله؟...، لتجيبه بدلال:
- اخص عليك يا غيث!!!!

صاح معترضا ليخفض صوته بعدها هامسا بغضب:
- نعم يا ختي؟.. إنتي بتستعبطي؟... تلعبي اخص عليك يا غيث!!.. وإنتي مالك ومال غيث!!!

سلمى التي فهمت طبيعة الحوار ورغبة منها في استفزازه قالت ببراءة مزيفة:
- اللاه يا حبيبي.. مش أنت إللي قولت انه دا إسم اللعبة؟..

لتهتف سلسبيل:
- وانا كومان..، الليث بتقطيبة:
- وانتي كومان إيه ان شاء الله؟.

سلسبيل:
- ألعب اخص عليك يا غيث!!!

الليث باستهجان تام:
- تلعبي إيه يا أم عدنان؟.. ايه اللي جاب غيث إهنه؟..

قطب شهاب يطالع سلمى بنصف عين قبل أن يقول وقد فهم أنها تلاعبهم بالكلمات:
- لا لو على اللعب.. انا عندي لعبة أحسن منها!!..، ثم أحاط كتفيها بذراعه ومال عليها هامسا:
- ستين اخص عليك يا شهاب!!.. إيه رأيك بقى؟..

رفعت عينيها إليه وهمست بإبتسامة أخذت بلبه وجعلته يشعر بالدماء تجري حارة في أوردته:
- موافقة طبعا!!!!!!!!

ليقتادها سريعا وهو يرمي بكلمات إستئذان من فوق كتفه فراقبتهما سلسبيل التي ضربت بقدمها في الأرض كالأطفال والتفتت إلى الليث هاتفة بحنق:
- يعني دلوك سلمى تلعب اخص عليك وسلافة تلعب اخص عليك وأني لاه ليه؟؟؟.

ليباغتها الليث بحملها بين ذراعيه متجها بها إلى الغرفة التي كانت الجدة قد أمرت بتجهيزها لهما لتكون مكانا دائما لهما في المنزل الكبير، شهقت سلسبيل بدهشة وهمست بخجل فيما يسير بها متجها إلى غرفتهما:
- واه.. نزلني يا ليث حد ايشوفنا تبجى عيبه في حجنا، خليص بطلت.. ماعاوزاشي ألعب!!!

الليث بحزم زائف وقد اقترب من غرفتهما:
- على كيفك إياك هو، ألعب لاه ما ألعبش!!!!

دلف إلى الداخل وأنزلها في منتصف الغرفة ثم اتجه ليوصد الباب خلفهما بالمفتاح، طالعته بريبة، وقالت وهى تخطو إلى الخلف:
- انت غلجت الباب ليه؟..

رمى عصاه بعيدا ثم خلع عمامته ورماها جانبا ليلحقها بثوبه الكتاني الأبيض، واقترب منها ليعاود حملها ثانية ويلقي بها في منتصف أغطية الفراش الحريرية وهو يقول بصوت أجش:
- عنلعب عريس وعروسة.. إيه رأيك بجاه؟...

همت بالإعتراض حينما أوقف اعتراضاتها بفمه المتطلب الحازم، ولم يزل يعانقها حتى تداعت حصون مقاومتها كليّة واحدا وراء الآخر واستسلمت إليه بكل رضا وحب، لينقلها معه إلى عالمهما وحده... عالم الليث وسلسبيل فقط لا غير!!!!!!!!!!!

*************************************

نظر غيث إليها وهى ترقد بجواره تبتسم بنعومة، همس لها وهو يحيطها بذراعيه:
- اوعديني يا بت عمي...

همست بالمقابل:
- أوعدك يا ابن عمي...

غيث وهو يميل عليها يزرع عيناه في ليل عينيها:
- إننا مهما حوصل بيناتنا ما عنتفارجشي واصل، إنتي ما تتصوريشي أني متضايج كيف لأني رميت عليك أبغض الحلال، كنت عتجن لو كانوا السبوعين دول فاتوم وما رادتكيشي!!

تنحنحت سلافة قليلا وقالت وهى تطالعه بقلق أثار ريبته:
- احم احم.. ما هو العدة ما كانش فاضل فيها اسبوعين بس يا غيث!!!
غيث بتقطيبة حائرة وإبتسامة:
- اومال كام؟... أني عاددهم باليوم والساعه، إيه... معجول غولطت في الايام؟!!!!

سلافة وهى تعتدل في رقدتها ليفسح لها غيث المجال لتجلس وهى تقول بينما ترمقه بطرف عينها:
- لا ما هو... العدة.. تخلص بعد أربع شهور مش أسبوعين!!!!

قطب غيث واعتدل يجلس بجوارها فوق الفراش ويميل عليها متسائلا:
- اربع شهور؟.. كيف يعني ما فاهمشي؟...

لتطالعه بإبتسامة مترددة ثم تمسك بيده وتضعها أسفل الغطاء لتلامس بطنها العارية وهي تهمس:
- معقولة ما حاسيتش بيه؟....

صمت غيث مذهولا لوهلة وهو يفتح عينيه واسعا بينما يده تتلمس بطنها المنتفخة ببروز صغير والذي أرجعه لإكتسابها وزنا زائدا وهمس بصوت متأثر مبحوح:
- إنتي.. إنتي...

قاطعته تكمل عبارته:
- حامل يا غيث، بيني وبين سلمى تلات أسابيع بالظبط!!!!!!!!

ليطرحها على ظهرها فجأة جعلتها تشهق ويشرف عليها وهو يقول بغيظ:
- وخبيتي عليّا يا سلافة؟... جالك جلب ما تجوليش؟...

سلافة وهى تكاد تبكي لرؤيتها للهفته وحزنه الواضحين:
- ما كنتش عاوزة رجوعنا لبعض يكون سببه الواجب أو عشان فيه طفل جاي في السكة، وبعدين محدش يعرف خالص، انت أول واحد تعرف، عهد وخدته على نفسي أنه ماحدش يعرف قبلك يا غيث، حتى سلمى نفسها كانت شاكّة لكن أنا برضه ما رضيتش أقولها، أرجوك يا غيث ما تزعلشي مني أنا خلاص ما عدتش قادرة على زعل وخصام تاني...

أسند جبينه إلى جبينها وتمتم بزفرة عميقة:
- وأني كومان ما عادش فيا جدرة اني أبعد عنيكي تاني أبدا، امسامحك بس على وعد منيكي إنك السبعه إللي عايجوا بعد إكده ان شاء الله عتجوليلي من أول دجيجة!!!!!!

دفعته في صدره تبعده عنها وهى تهتف بذهول:
- نعم؟.. سبعة!!!!.. ليه يا عمدة.. فاكر نفسك متجوز أرنبه!!!!

غيث بإبتسامة:
- لاه.... جطة شيرازي يا مارات العمدة!!!!!

ضيقت عينيها تطالعه قبل أن تقول ببساطة:
- وليه سبعة؟... حط عليهم كمان أربعه وتبقى قفلت فريق كورة من بابه!!... ناس طيبين أوي يا خال!!!!!!

ليهتف غيث أمام وجهها بضحك:
- جوي جوي يا خال....

ويقطف ثغرها في قبلة تحولت لعناق عاصف رمى بهما في أتون عواطف مشتعلة وتركهما يدوران في ثناياها لتبتلعهما رمال حبهما المتحركة قاذفة بهما إلى عالم من الألوان المشرقة!!!!!!!!

*********************************
***************

الخاتمة:

رحبت الجدة فاطمة بالضيوف الذي جاءوا لحضور حفل عقد قرآن عثمان الخولي إلى خديجة السوالمي، كانت سلافة وسلمى وسلسبيل قد انتشرن بين الحاضرات للترحيب بهن حينما نادت عليهن الجدة وهى تقدم إليهما شابة تقاربهما في العمر قائلة ببشاشة:
- السكرة دي تبجى منة... مارات الباشمهندز سيف إبن الشيخ عبد الهادي، والجومرات دول... – مشيرة إلى بنتين صغيرتين يقاربن والدتهن في الشكل وبشدة – يبجوا هنا وفرح.. بناتها!!!!!!!

رحبن بها واندمجت منة معهن وخاصة سلافة والتي شعرت أنها تقاربها في الشخصية، كانت تتجاذب معها أطراف الحديث حين انتبهت لسلمى وهى تهمس لها أن زوجها قد أرسل من يخبرها أنه يقف في إنتظارها بالحديقة بالخارج ( كان الإحتفال للرجال في خيمة كبيرة بحديقة المنزل فيما الحريم بالداخل)... استأذنت منة من سلافة والتي تعلق بها البنتين وذهبت لترى ماذا يريد سيف؟!!!!!!!

وقفت تتلفت يسارا ويمينا تفتش بعينيها عنه لتفاجأ بذراع تسحبها من الخلف حيث ابتلعتها ظلمة الحديقة!!!!!!!...
التفتت لترى سيف وهو يطالعها بإبتسامة مشاكسة فنهرته قائلة:
- انت مش هتبطل عمايلك دي؟.. يعني هترتاح دلوقتي لما قلبي يقف من الخضة؟!!!!

ليحيط خصرها بذراعيه ويهمس أمام وجهها:
- بعد الشر عليكي يا قلبي...

حاولت دفعه جانبا وهى تهتف بصوت منخفض:
- سيف انت اتجننت؟.. إحنا مش في بيتنا هنا!!!!!!!!

سيف وهو يميل عليها محاولا اقتناص شفتيها في قبلة يتحرق إليها:
- أعمل إيه... الفرح والزيطة فكرني بفرحنا... بقولك إيه.. ما تيجي نسيب العيال مع الحاجة زينب ونهرب أنا وانتي؟.. تعالي نروح شرم وننزل في نفس الفندق إللي نزلنا فيه في شهر العسل فاكره؟!!!!

نظرت إليه مضيقة حدقتيها وأجابت بإستنكار:
- يعني انت دلوقتي منادي عليا عشان تقولي نسافر شرم؟... 
سيف بجد انت كنت عاوز أيه؟..

قطب قليلا محاولا التذكر ليهتف بعدها وهو يخبط جبهته براحته اليمنى:
- شوفتي نستيني إزاي؟.. زياد ابنك يا ستي... قعد يزن عاوزك ومعرفتش أسكته!!

قطبت وقالت وهى تتلفت حوله:
- وهو فين زياد؟...

أجابها:
- بعد ما ناديت عليكي شهاب قعد يتكلم معاه وخده وأنا لاقيتها فرصة أني أستفرد بيكي بصراحه، بقالنا تلات أيام في البلد ماعرفتش أقعد معاكي براحتنا خالص!!!

ابتسمت منة وقالت وهى تهم بالإنصراف:
- وانت كمان وحشتني يا حبيبي، عموما نبقى نشوف موضوع السفر دا، بيني وبينك فكرة هايلة، بس ياريت بلاش فندق، خليه شاليه ع البحر أحسن.. عاوزة أستفرد بيكي يا بيضة!!!

ابتسم سيف، كم يحبها، يعلم أنه لا يزال هناك أثر من الجرح بداخلها، صحيح أنه قد اندمل ولكن أثره لا يزال باقي، وهو لن يكل ولن يمل من أن يثبت لها يوميا أنه لا يوجد غيرها في حياته بل وقلبه، همس أمام شفتيها:
- تصدقي يفكرة، أنا هاخدك في رحلة سفاري في الصحرا... يبقى أنا وانتي وبس!!!

ابتسمت منة وما أن همت بالكلام حتى أسكتها بقبلة خطفت أنفاسها وابتعد وهو في شوق إلى المزيد، وهمس وهو يتلمس شفتيها المنتفختين:
- هنسافر الليلة... مش عاوز أضيع ثانية واحدة من الإجازة بعد كدا...

أومأت بالموافقة وأسرعت في العودة بينما مسح على وجهه ورسم عليه إبتسامة صغيرة واتجه إلى مكان الحفل يفتش عن ولده والذي ما إن وقعت عيناه عليه حتى ركض إليه يرتمي بين ذراعيه ليرفعه سيف عاليا وهو يجلسه فوق كتفيه في حين تتدلى كل ساق على كتف من كتفيه!!

----------------------------------------
--------------------------------

انتهى عقد القرآن ورحل الجميع، كانت سلسبيل تبدل ثيابها حينما فاجئها ألم قوي بأٍفل بطنها لتنادي ليث بخفوت والذي كان بالصالة الصغيرة الملحقة بجناحهما، ونادته ثانية بصوت أعلى ليهرع إليها ويتلقاها بين ذراعيه قبل أن تهوى مغشيا عليها!!!!!
- حامل كيف يعني يا دكتورة؟.. إحنا واخدين إحتياطتنا؟؟؟؟

احمر وجه سلسبيل التي شعرت بالحرج في حين نهرته والدته:
- واه يا ليث!!!!...

استأذنت الطبيبة وانصرفت ترافقها والدته، ليتجه إلى سلسبيل ويجلس بجوراها وهو يرفع يدها مقبلا راحتها ويقول:
- اني ماعارفشي كيف ديه حوصل؟... انتي كنتي بتاخدي الحباية يوماتي.. أني كنت بديهالك بيدي...

سلسبيل وهى تبعد عينيها عنه كمن يشعر بالذنب وتقضم شفتها السفلى:
- ابصراحه إكده يا ليث.. أني بجالي شهر ما اخدتهاشي!!!

ليطالعها بذهول هاتفا:
- كيف ديه؟....

أسرعت تفسر بلهفة:
- كنت باخدها جودامك لكن ما أبلعهاشي، وأعاودها من تاني، ليث أني مشتاجه لعيل منيك، وبعدين خليها على ربنا، أنا حاسة انه ربنا عيكسفناشي النوبة دي...

الليث ينهرها:
- الدكتوورة جالت من ست اشهور السنة، وانت لساتك ما كملتيش الخمس اشهور حتى!!!

سلسبيل محاولة تهدئته:
- يا ليث فين إيمانك بربنا؟... خلاص.. إللي حوصل حوصل.. ادعي إنه ربنا يعوضنا خير ويرزجنا الذرية الصالحة...

احتواها بين ذراعيه وهو يدعو من قلب يخفق بسرعة عالية خوفا وهلعا علي سلسبيله

يارب ياسلسبيل ربنا يجومك بي السلامه اانالو عايز اعيال



لمتابعه روايات سكيرهوم زورو موقعنا على التلجرام من هنا 

 

تعليقات



×