![]() |
رواية كبير العيله الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم احكي ياشهرزاد مني لطفيرواية كبير العيلة - منى لطفي الحلقة الرابعة و الثلاثون جلست الجدة فاطمة تسبح الله على خرزات مسبحتها الخشبية التي تصل الى تسعة وتسعون خرزة تحمل كل واحدة منهن إسما من أسماء الله الحسنى، تقدمت منها ألفت تحمل كوبا من عصير الليمون ومدته إليها قائلة بحنان: - اتفضلي يا حاجة إشربي كوباية الليمون دي، هتهديكي وتخليكي تقدري تقفي على رجليكي، من ساعة إللي حصل ومفيش حاجة دخلت بطنك ولا المايّه حتى!.... تناولت فاطمة كوب الليمون من يدها ووضعته على الطاولة الصغيرة بجوارها وهى تتنهد قائلة: - ومين إللي لُه نِفس ياكل ولا يّشرب يا بتِّيّ؟.. ديه سلسبيل.. فرحة العيلة ونوارة الدار اهنه وحدا عمّها... ربنا ما يصيبني فيها بشرّ أبد.... أمّنت ألفت التي جلست على المقعد بجوار الجدة، ثم قالت: - إن شاء الله هتقوم منها على خير، أنا لسّه مكلمة رؤوف بيقول لي في العمليات وإن شاء الله خير... سلافة بحزن: - انا مش مصدقة!.. دي كانت بتضحك وبتتكلم وقامت عشان تجيب لها هى وسلمى كوبايتين ينسون، مرة واحدة كدا؟.. هي صحيح كانت بتشتكي من بطنها لكن مش بالصورة دي!.. نزيف!!... أنا مش مصدقة!..... كانت سلمى تجلس في جمود تام، وما أن انتهت شقيقتها من تساؤلها حتى نهضت واقفة واتجهت إلى خارج غرفة الجلوس حين نادتها أمها تسألها إلى أين تذهب فوقفت ونظرت اليها واجابت: - ما هو أصله ما ينفعش يا ماما إحنا نفضل قاعدين هنا حاطين إيدنا على خدنا، انا هاروح لهم المستشفى وأطمّن بنفسي، ما تنسوش إني دكتورة والمفروض إني كنت روحت معهم هو شهاب بس إللي رفض وبابا وافقه... ألفت بهدوء: - يا بنتي جوزك معاه حق إنتي حامل وتعبانه، عموما لو يريحك إنك تروحي.. مفيش مشكلة.. إنما هتروحي إزاي؟.. سلمى بجدية: - هآخد راجح الغفير هو أكيد يعرف المستشفى انا مش هاقدر أسوق وانا في حالتي دي، هاخليه يوديني... هتفت الجدة بلهفة: - خوديني امعاكي يا نضري... اتجهت إليها سلمى ومالت عليها تقبل رأسها ثم قالت بعطف: - ما ينفعش يا ستو، صحة حضرتك ما تستحملش... إنما انا أول ما اطمن عليها هاطمنكم على طول إن شاء الله.. أنا هاروح أجهز نفسي... انصرفت سلمى في حين قطبت ألفت متسائلة: - صحيح راوية فين؟؟... لتنقلب تعابير وجه الجدة فيما تعتلي تكشيرة كبيرة وجه سلافة، أجابت فاطمة بإقتضاب: - تلاجيها افـ دارها يعني عتكون فين... ثم نظرت إلى ألفت وأردفت: - إلّا بالحاج... فين وردة وأم علي ما نضرتهومش من البارحة؟.. ألفت وهى تهز كتفيها علامة الجهل بالجواب: - والله يا حاجة ما عارفة، حتى لما روحت المطبخ عشان أقول لواحدة من الخدامين تعمل لحضرتك الليمون ما لاقيتش حد... قطبت فاطمة هاتفة: - كييف ديه؟... ليقاطع استرسالهما صوت راجح وهو يتنحنح يطلب الإذن بالدخول، فسمحت له الجدة، وقف راجح أمامها يخبرها أنه سيذهب إلى منزل عدنان الخولي الذي أرسل في طلبه فأخبرته الجدة أن ينتظر سلمى ليذهب بها الى المستشفى ثم سألته: - جولي يا راجح.. فين الخدامين إللي كانوا إهنه؟.. فينها البت وردة وأم علي؟.. دولم عُمرهم ما عِملوها وهمّلوا الدار وفاتوها إكده منِّيهم لنفسيهم؟!.... أجاب راجح بصوته الخشن بينما شاربه الكث يتراقص فوق شفتيه الغليظتين: - إللي أعرفه يا ستي الحاجة أنه صابر غفير سي ليث جِه وشحنهم كلّاتهم ولمّن سعلتو رايحين على فيين جالي أنها أوامر الليث بيه!!!.. قطبت فاطمة وهمست وكأنها تخاطب نفسها: - واه... الليث شيّع ياخدوا الخدم من عندينا!!.. غريبة لحْكايه ديْ!!!... احتلت سلافة المقعد الخال بجوار الجدة التي رفعت عينيها إلى راجح وأردفت بحزم: - روح انتا دلوك يا راجح استنى الدَّكتوورة سلمى عشان عتوديها المشتشفى للجماعه... هز راجح برأسه ايجابا قبل أن ينصرف، تحدثت سلافة بريبة: - إيه إللي يخلي ليث يا ماما ستو يبعت ياخد الخدامين من هنا؟... فاطمة ساهمة: - ماعارفشي يا بتِّيْ... سلافة بجدية شديدة: - بس أنا بقى عارفة!!... قطبت ألفت وقالت: - عارفة؟.. عارفة إيه يا سلافة؟.. سلافة وهى تنهض واقفة وعيناها تبرقان بقوة: - السبب إللي يخلي ليث يلم كل إللي بيشتغلوا في الفيلا هنا إنه متأكد انه إللي حصل لسلسبيل دا شيء مقصود وبفعل فاعل كمان!... شهقت ألفت وهتفت غير مصدقة: - إيه؟.. فعل فاعل!!!... ومين يا بنتي إللي هيكون عاوز يأذي سلسبيل ولا الليث؟.. دول كل الشغالين هنا بيحبوهم وبيحترموهم ويفدوا الحاج عبد الحميد برقبتهم!... سلافة بسخرية مريرة: - مش لو كان المقصود فعلا هى سلسبيل؟.. لتهتف الجدة هذه المرة متسائلة بوجل: - قصدك ايه يا بتِّيْ؟. سلافة بمرارة وهى تزفر بعمق: - قصدي إنه المقصود مش سلسبيل يا ماما ستُّو، إللي عمل كدا حد عاوز يأذي حد تاني خالص غيرها ولسوء حظ سلسبيل إنها جات فيها!.. ألفت بقلق: - حد زي مين يا سلافة ومين إللي له مصلحة إنه يعمل كدا؟.. سلافة وقد بدأت الخيوط تترابط أمامها والصورة تتضح: - مش هاقدر أقول دلوقتي يا ماما ولا أظلم حد.. لكن لو طلع إللي في بالي صح... ، وسكتت لتكمل بوعيد: - أنا بقى إللي هاخد بتار سلسبيل وهاخلص القديم والجديد كله!.. ***************************** ***************** سارت سلمى بخطوات سريعة في الممر في الطابق المنشود حيث سلسبيل، لمحت الجد من على مسافة بعيدة فسارعت خطواتها حتى وصلت إليه، مالت عليه تقبل رأسه وهى تسأل بلهفة ولهاث حاد: - طمني يا جدي.. سلسبيل أخبارها إيه دلوقتي؟.. رفع الجد رأسه فهالها شكله، كان وكأنه قد كبر فوق عمره عشر سنوات على الأقل، أجاب الجد بوهن: - برضيكي جيتي يا بتي!.. سلمى وهى تجلس الى جواره: - كنت لازم آجي يا جدي، المهم طمني إيه الاخبار؟.. الجد بحزن شديد وقلق على حال حفيدته: - لسّاتها جوّه يا بتِّي.. ربنا ايجيب العواجب سليمة.. ربتت سلمى على كتفه وقالت بتأكيد: - إن شاء الله هتقوم منها على خير يا جدي... لمحت والدها وهو يقف بجوار عمها عثمان فاستأذنت من جدها وقامت متجهة إليه، وقفت معهما لبرهة تحاول بث الطمأنينة في نفس عمها الذي أصابه الوهن خوفا وذعرا على حال إبنته، لم تكن قد رأت شهاب بعد ليلمحها ذلك الأخير بعد عودته من مصلى المستشفى حيث كان يصلي هو وغيث والليث، هرع إليها شهاب ما أن وقعت عيناه عليها، أمسك بمرفقها وابتعد بها عن والده وعمه، وهمس لها بقلق: - خير يا سلمى.. إيه إللي جابك؟.. زفرت بضيق وقالت: - يعني إيه إيه إللي جابني يا شهاب؟.. جيت عشان لازم أكون مع سلسبيل في وقت زي دا.. ما ينفعش نسيبها في ظروف زي دي خصوصا وإني دكتورة يعني أكيد هتحتاجني... قال وهو يحرك رأسه والحزن قد حفر معالمه في وجهه: - أنا مش مصدق لغاية دلوقتي إللي حصل، ربنا يسترها.. كررت سلمى: - ربنا يسترها، هتقوم بالسلامة إن شاء الله انا عندي يقين كبير أوي بربنا... شهاب مؤمنا على كلامها: - ونعم بالله..... ثم أردف متشائلا: - انما إنتي جيتي إزاي؟.. سلمى: - مع راجح الغفير، أنا وعمي عدنان جينا سوا، هو مع ليث دلوقتي... حانت منه نظرة إلى الليث ذلك الذي يقف مرابض أمام غرفة العمليات بينما يقف والده بجواره، صوت جلبة جذبت إنتباهه ثم خروج الطبيب من غرفة العمليات ليهرع الجميع إليه وبالطبع كان في مقدمتهم الليث الذي سأل الطبيب بلهفة وقلق واضحين: - خير يا دَكتووور طمِّنيْ... الطبيب بزفرة عميقة: - خير ان شاء الله.. الحمد لله النزيف وقف وما اضطرناش لإستئصال الرحم، هى دلوقتي في الإفاقة وهتنزل الرعاية المركزة بعد كدا ، إذا الـ 48 ساعة الجايين عدوا على خير كدا إحنا نقدر نقول إننا عدينا مرحلة الخطر إن شاء الله.. خالوا بالكم هى نزفت كتير جدا والنزيف دا أدى إنه الضغط عندها ينخفض بشكل خطير، إحنا حاولنا إننا نرفعه بالأدوية، عموما الساعات الجاية محتاجه لدعواتكم فعلا... عن إذنكم... ما إن انصرف الطبيب حتى فوجئ الجميع بليث وهو ينحني ساجدا لله في مكانه... شكرا لإنقاذه سلسبيل روحه العذبة!. دمعت عينا سلمى وهى ترى الليث.. ذلك الصرح الشامخ، الرجل ذو المهام الصعبة كما لقبته منذ أن اشترك معهم في النيْل من حامد رشوان.. كانت تراه كالطود الشامخ... قلبه قُدّ من حجر... لا تتذكر أنه قد سبق لها ولمحت إبتسامة له ولو عابرة!... كانت تتعجب حينما تتحدث عنه سلسبيل واصفة رجل غاية في الرقة مع محبوبته، وكيف أنه لا يتحمل حزنها أو غضبها... كانت تظنها تبالغ في وصفها له.. ولكنها الآن وفي هذه اللحظة تيقنت أن هذا الرجل لا تشرق شمس حياته الا من خلال واحدة فقط.... حبيبته سلسبيل!... لم يخجل أن يُظهر فرحته بنجاة حبيبته أمام الجميع... سجد لله شكرا لإنقاذه معشوقته... علمت بل وتأكد لها أنه لو كان قد مس سلسبيل أي سوء لكان أدى ذلك إلى تصدع هذا الطود الشامخ.. بل سيكون الإختبار الأقسى الذي يتعرض له الليث والذي قد ينهار بعده ليلحق بحبيبته تماما كما في حكايا عشق الأولين!.... انتبه شهاب لدموع سلمى الصامتة، ليربت على كتفها فرفعت عينيها الذابلتين إليه فقال بإبتسامة صغيرة وهو يمسح دموعها بإبهامه: - ليه الدموع دي؟.. سلسبيل هتبقى كويسة إن شاء الله... رنت منها نظرة إلى ليث الذي وقف مستندا إلى الحائط المقابل لغرفة العمليات بكتفه قبل أن تجيبه وسط شهقات بكائها الخافتة: - ليث صعب عليّا اوي هو وسلسبيل، شوف شكله عامل إزاي؟.. أنا متأكده إنه كان هيجراله حاجة لو بعد الشر سلسبيل كان حصل لها حاجة لا قدر الله... مال شهاب عليها محتويا وجهها بين راحتيه رافعا وجهها إليه وقال بصدق وهو يغوص برمادي عينيه بين غابات الزيتون خاصتها: - أكيد يا سلمى، إللي بيحب مش ممكن يتصور حياته من غير إللي بيحبه، يتمنى إنه هو إللي يجراله أي حاجة بس حبيبه يفضل بخير، والهوا ما يلمسوش، أنا... أنا عارف إنه الكلام دا مش وقته دلوقتي لكن حبيت أقولك إنه إللي مر بيه ليث وأختي دا خلّاني أعرف حاجة مهمة أوي... قطبت سلمى متسائلة بهمس: - إيه هيى؟.... مال عليها لتلفحها أنفاسه الساخنة: - إنك أهم وأغلى حاجة عندي، وأني مستعد أخسر أي حاجة وأي حد.. إلا أنتي يا سلمى... مراتي وحبيبتي والإنسانة إللي خلِّت لحياتي طعم جميل... إوعي تفكري تبعدي عني يا سلمى.. لأنك وقتها هتكوني حكمتي عليّا بالموت!!!!.. شهقة خفيفة صدرت عنها لتختفي سريعا ما أن إحتواها شهاب بين ذراعيه دافنا رأسها في صدره وهو يضغطها أقر بالى قلبه مرددا مرارا وتكرارا كلمة.... أحبّك!......... ***************************** ******************* نظر الجد إلى غيث الذي وقف أمامه يخبره برغبة الطبيب في رؤيته، قطب الجد وأجاب في قلق: - الدَّكتوور رايدني أني يا ولديْ؟... زفر غيث بعمق وقال: - إيوة يا جدِّيْ.. الدكتووور رايد يتكلم امعاك... نهض الجد بصعوبة يساعده غيث بينما يقول: - ساعدني يا ولدي أوصل له.. لمن أشوف عاوز إييه... ----------------------------------------------------- - يا حاج عبد الحميد أنا قلت لازم أقول لحضرتك الاول، إللي حصل فيه شبه جنائية، للأسف لاقينا أسبرين وبنسبة كبيرة أوي في الدم، مش قرص ولا قرصين لا يا حاج، الكمية إللي لاقيناها بياخدها يا حد عاوز ينتحر يا أما أخدها من غير علم، وأنا متأسف في الحالتين لازم بنبلغ البوليس!!! حاول الحاج الحديث ليشعر مرة واحده بهروب الكلام منه، أسرع الطبيب بالتوجه ناحيته وناوله كوبا من الماء فشرب منه، ثم نظر إليه وقال بهدوء وإن خالطه رجاء: - أرجوك يا ولدي، أنت ما يرضيكش عيلة الخولي توبجى لبانه في حنك إللي يسوى وإللي ما يسواشي، الموضوع ديه لو انعرف هتجيد نار في العيلة، بترجاك يا ولدي.. أني ما عمريش اترجيت حدا واصل!!!! ليجلس الطبيب على المقعد المقابل لعبد الحميد ويهتف بقوة فهذا الصرح الشامخ قد إنحنت هامته فجأة: - ما عاش إللي يخليك تترجى يا حاج.. إرفع راسك يا شيخ عبد الحميد، انا عن نفسي هحاول إني أكلمهم هنا.. لكن حضرتك عارف إنه دا نظام المستشفى، عموما هشوف معاهم، لكن في الأول والآخر يا حاج فيه جاني حر طليق، ولازم حضرتك تعرفه.. حياة حفيدتك في خطر.... فيه حد اتعمد إنه... وسكت الطبيب ليكمل عبد الحميد بتساؤل: - يأذيها؟....، ليجيب الطبيب بحزم: - يقتلها يا حاج!!!!!... ليعتلي الشحوب وجه عبد الحميد وهو يعتصر مقبض عصاه العاجية بين يديه ولسان حاله يقول: "هل سيفلت زمام العائلة منك يا كبير؟!!!!!!!!!!!!!!" ********************* ************************* ناولت ألفت صحنا به بعض الشطائر الخفيفة للجدة وهى ترجوها أن تأكلها فهى تخشى أن تقع من طولها فهى لم تأكل طيلة اليوم، قالت ألفت: - عشان خاطري أنا يا حاجة.. الحمد لله سلسبيل ربنا نجّاها وإن شاء الله شفاها يكمل على خير، خلي بالك بقى من صحتك عشان لما ترجع بالسلامة ما تقلقش عليكي... سلافة وهر تتناول الصحن من يد أمها وقد أمسكت بشطيرة وجلست أمام جدتها وقالت بمزح: - هاتي يا ماما أنا هأكّل ماما ستو بإيدي.. ولا هتكسفي إيدي؟... ابتسمت الجدة وقالت: - ربنا ما يرحمني منيكوم وما أشوف في حدا منكم حاجة شينة أبدأ ... ناولتها سلافة الشطيرة فقضمت فاطمة ثم أمسكت بها وشرعت بتناولها، إبتسمت ألفت ثم شردت وهى تتنهد بيأس فقالت فاطمة مقطبة: - مالك يا بتِّي ليه التنهيدة الوعرة جوي ديْ؟ ألفت بشفقة: - من ساعة إللي حصل وراوية قافلة على نفسها بابها، أنا خايفة يكون حصل لها حاجة، روحت لها من شوية خبطت عليها ما ردتيش قلت يمكن نايمة بس أنا خايفة عليها فعلا يا ماما الحاجة... أعادت فاطمة الشطيرة التي كانت تأكلها بدون أن تكملها وقالت والغموض يكسو ملامحها: - فوتيها لحالها يا بتيّ... لمّن تحس إنها رايدة تجعد امعانا هتاجي بنفسيها، ما تشغليش بالك بيها انتيْ... هبّت ألفت واقفة بغتة وهى تهتف: - لا يا ماما الحاجة مهما كانت دي أم.. أنا هاروح أعمل لها حاجة تاكلها وأوديها لها... وأطمن عليها لا يكون جرالها حاجة وهى لوحدها... أوقفها هتاف سلافة التى هرعت في إثرها لتقف بجوارها قائلة باستنكار: - هتروحي لغاية عندها يا ماما؟.. نظرت إليها ألفت بقوة وأجابت بحزم: - أيوة يا سلافة، مهما كان إحنا عيلة واحدة ودي أم واتعرضت إنها تخسر بنتها لازم نقف جنبها أنا أم يا سلافة وحاسة بيها كويس أوي... ثم انصرفت تراقبها سلافة التي وغزها قلبها قلقا على والدتها ثم لم تلبث أن قررت اللحاق بها كي لا تتركها بمفردها مع العقربة!... كانت في تلك الأثناء تجلس راوية في غرفتها، كان بصرها زائغا ووجها يعلوه اللون الأصفر، كان غيث قد هاتفها يخبرها بأن شقيقته قد تم نقلها للعناية المركزة وأنهم لم يضطروا لإستئصال الرحم، كانت إجاباتها شاردة، مما جعل غيث يقلق فأسرع بإنهاء المكالمة ليأتيها على جناح السرعة!.... جلست راوية وهى تحدق في الفراغ، عقلها يعمل كالمكوك وسؤال وحيد يتردد في ذهنها: "ما الشيء الذي طرأ على هذه العائلة جعل المصائب تأتيهم جزافاً؟"... ، ليأتيها الرد من شيطانها الملعون: "لم يتغير في حياتكم سوى أن دخلت إليكم.. ألفت وبناتها!!"....، برقت عيناها لحظتها ورفعت رأسها وهمست بشراسة: - إيوه.. هى ألفت وبناتها إللي دخلوم بيناتنا وخلوا المصايب تنزل ترف على دماغيتنا، من ساعة ما جوم إهنه وما شوفناشي راحة... يبجى لزمن أتخلص منيهم... نهضت وهى تكمل بشرّ عظيم: - لاه... منِّيها هى.. أس البلاوي كلاتها... هى السبب في البلاوي إللي حوصلت ديْ كلّاتها، حتى جوزي هملني وجيه في صفّهم.. إنتي لازمن إتموتي.. موتك الحل الوحيد يا ... ألفت الكلب!!!!.. وبرقت عيناها بشر مستطير وقد عقدت العزم على التخلص من ألفت نهائيا مرة وإلى الأبد!!!!!!!!!!!!!!!!! ************************* إتجه غيث إلى شهاب ليخبره أنه سيذهب إلى المنزل لطمأنة الجميع هناك دون أن يخبره عن حالة والدته التي أثارت قلقه عندما خابرها، قال شهاب وكان يقف بجوار سلمى: - جدي مشي من شوية.. سلمى صممت انه يروّح لانه كان شكله تعبان أوي، راجح راح يوصّله، لو عاوز أنت كمان مش لازم ترجع أنا هافضل هنا مع الليث، حاولت مع عمي رؤوف وعمي عدنان وأبوك الحاج أنهم يروّحوا لكن رفضوا... أومأ غيث وقال: - امنيح.. أني كت جلجان عليه اخصوصي بعد مجابلته مع الدكتووور، أني كت امعاه لكنه صمم يجعد امعاه لحالهم ولما خرج كان شكله مهموم بزيادة ورفض يجولي إيه إللي جالوهوله الدكتوور وخلّاه حزيين جوي إكده... سلمى بأسف: - أنا عارفة جدي قلبه طيب قد إيه، أكيد استفسر عن حالة سلسبيل ونفسيته إتأثرت، عموما أنا مش هسيبها هافضل معاها، ممكن أنتم كلكم تروحوا... شهاب باستنكار: - يا سلام!!.. أسيبك وأمشي؟!!.. أساسا لو فيه حد المفروض يروّح يبقى حضرتك ولا ناسية إنك حامل وقعدتك في المستشفى مش كويسة عليكي؟!... نظرت إليه سلمى وأجابت بإبتسامة هادئة: - خليها على ربنا، أنا كل شغلي في المستشفى مش معقولة كل دكتورة تحمل تسيب شغلها وتقعد في البيت؟!... تطلع غيث إلى ساعته وقال وهو يتعجل الذهاب: - طب أفوتكم أناه وهبجى أكلمك يا شهاب أطّمن على سلسبيل وحاول مع الليث يرتاح اشوي ... وانصرف ، دفع شهاب سلمى في ظهرها موجها لها ناحية المقاعد للجلوس حينما لفت أنظارهما صوت جلبة واضحة فنظرا إلى جهة الصوت ليفاجئا بخروج الممرضة تهرع من غرفة الرعاية المركزة والقلق مرسوم بوضوح على وجهها، حاول ليث إيقافها ليستفسر عما حدث، أجابت الممرضة وكانت سلمى وشهاب قد إقتربا منها: - المريضة ضغطها انخفض جدا ودخلت في هبوط حاد في القلب!!.. ليشحب وجه الجميع بينما هربت الدماء من وجه ليث وصرخ عاليا: - يعني إيه الكلام ديه؟.... حاولت سلمى تهدئته وقالت: - اهدى يا ليث أنا هاشوف فيه إيه... كانت الممرضة قد هرعت لمناداة الطبيب فإقتحمت سلمى الغرفة لتفاجأ بالممرضة بالداخل ترفض إدخالها فهتفت بها بقوة: - أنا دكتورة والمريضة تبقى أخت جوزي، وعلى ما نستنى الدكتور بتاعكم يشرف المريضة ممكن تروح من إيدينا.. واندفعت إلى الداخل بينما تركض الممرضة في عقبها!!!... أمسكت سلمى بذراعي جهاز الصدمات الكهربائية ووضعته على صدر المريضة وأمرت الممرضة هاتفة: - شغّلي.. لينتفض جسد سلسبيل ثم يهدأ، فصاحت سلمى بقوة آمرة إياها بزيادة تردد الجهاز، لينتفض الجسد بقوة أكثر من المرة السابقة فيما تتطلع سلمى بقلق إلى جهاز رسم القلب لتفاجأ بإنخفاض النبضات ثانية، فصرخت قائلة: - أعلى!!!!!!!!!!!!.... وما زالت تحاول إنعاش قلبها بجهاز الصدمات وعينيها مسمرتان على شاشة جهاز قياس نبضات القلب حتى هتفت الممرضة في نفس اللحظة التي اندفع فيها الطبيب إلى الداخل صائحا بخشونة: - إنتي فاكرة نفسك بتعملي إيه بالظبط؟.... ليقاطعه صوت الممرضة هاتفة: - النبض يا دكتور!!!!!!!!!!... ** في نفس التوقيت بمنزل عائلة الخولي ** طرقت ألفت باب غرفة راوية وهى تحمل صينية فوقها صحنا به بعض الشطائر الخفيفة وكوبا من الحليب المحلى بعسل النحل، سمعت الأمر بالدخول، فإبتسمت ودلفت إلى الداخل، كانت راوية تقف مولية ظهرها إلى الباب فما إن سمعت صوت دخول الطارق حتى استدارت لتقف مسمرة مكانها لثوان محدقة في ألفت بجمود تام!!.... وضعت ألفت الصينية فوق الطاولة الصغيرة واقتربت من راوية وهي تقول بحنان: - تعالي يا راوية كّلي لقمة، إنتي ما كالتيش من وقتها، الحمد لله سلسبيل ربنا نجاها، تعالي حبيبتي... وأمسكت بيدها تحثّها على السير معها حينما لاحظت أن قبضة راوية قد اشتدت على يدها لتكون هى من يمسك بيدها لا هى، طالعته بإبتسامة حائرة وقالت: - فيه حاجة يا أم غيث؟... راوية بفحيح غاضب بينما عينيها زائغتان تبرقان ببريق جنوني أثار القلق والوجل في قلب ألفت: - غيث!!.. وهو فينو غيث ولا شهاب ولا حتى عتمان جوزي.. ما إنتي خدتيهم كلاتهم إف صفّك إنتي وبناتك، من وجت ما طبيتوا حدانا إهنه وإنتي طويتي الحاج والحاجة تحت باطك وسلطت بناتك على ولادي، سحروا لهم عشان يتزوجوهم!.. ألفت بنفي قاطع: - كلام إيه دا؟.. سحر إيه وبتاع إيه؟.. استغفر الله العظيم يارب، ولادك هما إللي حبوا يتجوزوا بناتي إحنا ما غصبناش حد وما سحرناش لحد، استغفري ربك يا راوية، أنا مش هازعل منك عشان أنا مقدرة حالتك كويس أوي.. وأكيد لما تهدي كدا هتندمي على الكلام دا... راوية وهى تقترب منها وتطالعها بكراهية مخيفة: - من جهة إني هندم.. فأني هندم صوح... عارفة هندم على إيه؟.. هندم إني ما خلصتش منيكي إنتِّي وبناتك من أول يوم جيتوا فيه إهنه!.. لكن ملحوجة يا أم البنات.. إللي ماعملتهوشي البارحة.. هاعمله.. دلوك!!... لتطالعها ألفت في ريبة هاتفة بحدة وقلق: - هو إيه دا اللي هاتعمليه؟... لتباغتها راوية بالإنقضاض على عنقها هاتفة بحقد دفين: - أني أجتلك وأخلص منيكي!!... أطبقت راوية على عنق ألفت التي حاولت التخلص من قبضتها المحكمة على عنقها ولكن دون فائدة، فراوية كانت قد فقدت البقية الباقية من عقلها وشيطانها يصوّر لها أن الخلاص من ألفت يعني الخلاص من غريمتها التي سرقت منها حبيبها سابقا والآن تسرق منها بناتها ولديْها!!!.... بدأت مقاومة ألفت تفتر وقد بدأ الهواء ينحبس داخلها، شعرت ألفت بالإختناق وبدأ اللون الأزرق بالإنتشار أسفل جلدها فرفعت عينيها إلى الأعلى تتلو الشهادة في نفسها حينما هبّ إعصار على راوية ينتزع قبضتها بقوة من حول عنق ألفت التي سقطت في مكانها، هرعت سلافة والتي دفعت براوية جانبا بكل قوتها إلى والدتها تساندها، سعلت والدتها وبقوة، بينما كانت راوية تحاول الوقوف بعد سقطتها إثر دفعة سلافة القوية، انتبهت سلافة لمحاولة راوية النهوض فالتفتت لأمها تسألها إن كانت بخير فأومأت بالإيجاب لتقفز سلافة على قدميها وتتجه ناحية راوية وهى تهتف بشراسة: - بقى عاوزة تموتي أمي؟.. يعني مش مكفيكي إللي حصل لبنتك وإللي عملتيه معايا ومع أختي جاية كمان تقتلي أمي، لكن عارفة إيه... موتك أنتي إللي حلال، وأنا يا قاتل يا مقتول النهارده يا راوية الكلب!!!!!!!!.. حدقت راوية بذعر في سلافة التي كشرت عن أنيابها واندفعت توقفها على قدميها وهى.. تجذبها من شعرها المغطى بالوشاح الأسود، صرخت راوية ولكنها لم تلبث أن حاولت الدفاع عن نفسها لتحاول دفع سلافة بعيدا، اشتبك الاثنتان تمسك كلا منهما بشعر الأخرى، نجحت سلافة بإسقاط راوية أرضا ثم الجلوس فوقها تكيل لها الصفعات واللكمات، وهى تردد كلمة واحدة: - موتي.. موتي.... كانت ألفت ترتمي في شبه إغماءة فوق المقعد فلم تستطع فض الإشتباك بينهما، في حين غفل الجميع عن الصوت الجهوري الذي كان يأمرهم بالكفّ عما تقومان به!!... تحامل الجد على نفسه واتجه إلى الداخل ليصعق برؤية راوية وهى تطبق الخناق على عنق ألفت في حين تقفز سلافة فوق ظهرها لتدفعها جانبا وبقوة!، لم يتثنى له الحديث فإذ بسلافة تكمل ما بدأته من العراك فتنقض على ألفت تكيل لها اللكمات والصفعات، هتف بها كثيرا وهو يتجه إلى ألفت الملقاة فوق المقعد أن تكفّ قبل أن تتسبب في مقتل راوية، ولكنها لم تكن تردد إلا كلمة واحدة: - موتي.. موتي... كان في حيرة من أمره أن يفصل بين هاتين الإثنتين المتناحرتين أم يهرع لنجدة ألفت ليقرر أن ألفت هى الأهم حاليا فسلافة أكثر من قادرة على الإهتمام بنفسها!!!!... أسند الجد ألفت وقرب منها كوبا من الماء ساعدها في إحتسائه، ليتركها ما أن اطمئن إلى هدوء أنفاسها واتجه إلى سلافة التي كانت تقف في تلك اللحظة بعد أن دفعتها راوية من فوقها تمسك بتلابيب راوية وهى تخضّها كزجاجة الحليب تشتمها بأقذع أنواع السباب، صاح الجد وهو يقبض على ذراعها محاولا الفك بينهما: - همّليها يا بتّي عاد... هتفت سلافة بغضب شرس وهى تمد يديها لتنزع الوشاح من فوق رأسها لتظهر خصلات شعر راوية المصفف في جديلة طويلة سوداء يختلط بها خصلات بيضاء: - مش هسيبها إلا ميتة بنت التييت دي، كفاية بقى.. اتبلت على سلمى إنها مش كويسة وبتقابل كريم من ورا جوزها، وحاولت تضربني عشان شتمت أمي قدامي وأنا ما رضيتش، ولما جيت أدافع عن نفسي كدبت وقالت إني أنا إللي حاولت أضربها ودلوقتي يكون جزاء أمي لما جات تجيب لها الأكل بعد ما صعبت عليها إنها تقتلها!!!... إياكي يا شيخه إللي تاكليه ينزل لك بالسم الهاري في باطنك.. يا عقربة يا حية يا كلبة يا سماوية.. حسبي الله ونعم الوكيل فيكي... واحدة واطية ودوون صحيح... وأنهالت عليها بالشتائم والجد يحاول إزاحتها بعيدا عن راوية ولكن دون جدوى حتى فوجئت بساعدين قويين يحيطان بخصرها ويرفعانها إلى الاعلى فأخذت تركل الهواء أمامها وهى تصيح آمرة من يمسكها بأن ينزلها، بينما تمد يديها أمامها تريد الإمساك براوية التي انزوت جانبا تحاول جمع خصلات شعرها وتتطلع بريبة وخوف إلى الجد، صوت عال صاح بسلافة آمرة: - خلاص يا سلافة وبعدهالك يا مَرَه؟!!!!!!!!... لتهدأ فجأة وتستدير لترى وجه غيث الذي يقبض عليها بقوة وهو يطالعها بنظرات شديدة القسوة، أنزلها على قدميها وهو يردف بغضب ناري: - حصّلت إنك تجتلي أمي يا سلافة؟!!!!!!.... شهقت سلافة عاليا وصاحت به وهى تشير إلى راوية التي تقف بجوار الحائط تجمع يديها أمامها بينما يختض جسدها بالكامل برعشة الخوف والذعر: - وهى حلال إنها تقتل أمي؟!!!... غيث بصراخ أعلى بينما الجد تحامل على نفسه ليقف بينهما وهو يأمرهما بصوت واهن أن يكفا عن الصراخ ولكن دون جدوى: - كدبة جديدة ديْ؟.. كيف ما كانت رايدة تُضربك وإنتي كتِّي بتدافعي عن نفسك.. مش إكده؟.. أني شايفك بعينيا الجوز دولام وإنتى إللي طابجه في زمارة رجبتها ونازلة شاتيمة فيها وإنتى بتجوليلها موتي .. موتي!.. مش إكده يا بت عمي؟... صاح الجد: - يا غيث يا ولدي انت فاهمان غلط، الموضوع مش إكده!.... لتقول سلافة وقد برد غضبها فجأة: - بعد إذنك يا جدو....، ثم وجهت كلامها إلى غيث بقوة: - يعني انت صدقت فيا إني ممكن أضرب أمك؟.. ودلوقتي صدقت إني عاوزة أقتلها من الباب للطاق؟... هتف غيث بوحشية: - أني صدجت إللي نضرته بعينيا التنييين دول، إيه.. فاكراني داجج عصافير وهصدج إنها كانت رايدة تجتل أمك؟.. ولو كان إكده فينها أمك ديْ؟.. أني ما شايفشي... ليبتر عبارتها وقد لمح ألفت الملقاة فوق المقعد الجلدي المنزو في ركن الغرفة ولم يكن قد انتبه إليها لدى دخوله، رفع عينيه إلى سلافة في ذهول صاعق لتبادله سلافة النظر بأخرى شامتة.. آسفة... حزينة، وهى تقول: - يا خسارة يا ابن عمي!... عموما عشان انا مش بخاف غير من إللي خلقني فأنا هاقولك وبكل صراحه أني ايوة لو كنت قدرت أقتلها كنت قتلتها، الست دي لا يمكن تكون أم.. دي واحدة مريضة بالكره والحقد إللي ملوا قلبها، وانت ابنها يعني من ريحتها ومن الآخر بقى أنا مش طايقاها ولا طايقة حد من ناحيتها!.. غيث بجمود: - يعني إيه يا سلافة؟.. طالعته سلافة بجمود ينافي العذاب الذي ينخرها من الداخل وهى تشعر أنها بكلامها الأتي وكأنها تقتطع جزءا منها.. بل هو الجزء الأثمن ولكنه هو من إختار.. هو من جعل الأمور تصل بهما إلى طريق مسدود، أجابت سلافة ببرود صقيعي: - يعني تطلقني يا غيث، أنا لا يمكن أستنى على ذمتك دقيقة واحده كمان بعد كدا، الرجل إللي ما يصدقش مراته ويهينها ويمشي كلام أمه إللي كله كدب وتضليل من غير ما يحاول يتأكد الأول.. للأسف.. ما يلزمنيش!!... رآها الجد في عينيه، فرفع يده هاتفا بحدة بينما عيناه تتضرعان إليه ألا ينطق بما تشي به عيناه لكن غيث لم يلتفت إلى الجد بل ظلت عيناه مسمرتان على وجه جنيته الصغيرة.. تلك التي حرمته لذة المنام منذ رآها، وقد صدق حدسه فما إن وقعت عيناه عليها منذ اللحظة الأولى وهو قد علم أن الراحة قد فارقته لأمد طويل، واليوم وفي هذه اللحظة علم أنه لن يعرف للراحة طعما بعد اليوم، خاصة وهو ينفذ مطلبها الأخير.. فتنفرج شفتاه وتتحرك لينطق لسانه بما طالبته به حتى آلمت رجولته وهى تلفظه بكل عنفوان وشموخ ولم يكن هو من يستجدي امرأة ألّا تتركه.. حتى وإن كانت تلك المرأة هى أثمن وأنقى وأجمل امرأة من دون النساء.. بل إنها هى حبه الوحيد والأوحد، وانطلقت الكلمة لتصيب قلب سلافة بجرح غائر وهى تسمعه بأذنها لتشعر بها كالرصاصة مدوية: - انتي طالج يا بت عمي.. طالج.. طالج!!!.... سارت إليه ووقفت أمامه تطالعه بنظرات حزينة تختلط بالأسى وخيبة الأمل، قبل أن تتجه إلى والدتها تعاوانها على النهوض وتتجه بها إلى الخارج، ليلتفت الجد إلى حفيده ويصيح به في ذهول وغضب عنيف: - انت إيه إللي هابتته دِه؟... غيث بضيق وهو يشيح برأسه جانبا: - لو سمحت يا جدي... ثم اتجه إلى راوية المنزوية في ركن الغرفة يعاونها على النهوض ليسمع جده وهو يقول بجدية وحدة: - بت عمك ما كدبتشي يا غيث، أمك كانت رايده تجتل أمها!!!.. ليتسمر غيث في وقفته ويطالع أمه التي تقف بين يديه تطالعه بإستجداء وهى تدير رأسها من اليمين إلى اليسار عدة مرات، التفت غيث وهو لا يزال قابضا على مرفقي والدته ليطالع جده من فوق كتفه قائلا بستهجان وتساؤل: - إيه؟.. انت بتجول إيه يا جدّيْ؟... الجد بزفرة يأس عميقة وغضب بارد: - إللي سامعتَهْ.. مَرَتَك ما كدبتشي في ولا حرف من إللي جالتهولك لا في إللي حوصل جبل إكده ولا في إللي حوصل إهنه!... تطلع غيث إلى أمه وسألها بتلعثم وعدم تصديق: - صحيح الكلام إللي بيجوله جدي يا أم غيث؟.. إنتي ضربتي مرتي واتبليت على سلمى بالغلط وكتّي عاوزة تجتلي أمها؟... لم تجب راوية فهتف بها غيث بقوة: - جاوبيني يا أم غيث.. إنتي اعملتي إكده صوح؟... الجد بزفرة ضيق: - انت اتسرعت يا غيث، جولتلك ما تسمعشي كلامها يا ولدي مهما كان بت عمك لساتها اصغار وكونها تشوف أمها وأم زوجها ابتعمل فيها اكده يحج لها عجلها يطج منيها... ترك غيث راوية واندفع ليخرج وهو يقول: - اني لازمن أتكلم مع سلافة.. نهاه الجد قائلا: - معينفعشي يا غيث، همّلها دلوك!... غيث بنفي قاطع: - لاه يا جدي.. عنتكلم ولازمن تسمعني.. الجد ساخرا: - وإيه إللي عيخليها تسمع لك إن شاء الله؟.. غيث بقوة: - مَرَتيْ ولازمن.... ليسارع الجد بمقاطعته بصرامة: - كانت يا غيث!!! قطب غيث هاتفا بينما قلبه يضرب بين جنباته: - يعني إيه يا حاج؟ الجد وهو يقترب منه حتى وقف أمامه: - يعني انت رميت عليها اليَمين يا ولدي.. بجيت طليجتك!!!.. فتح غيث عيناه على وسعهما وقد هرب الدم منه بينما تعالت دقات قلبه تصرخ طالبة بعودة من منحتها الحياة!!!!!!.. وفي نفس الوقت.. بالمستشفى.. في نفس اللحظة التي كانت راوية تنقض على عنق الفت بغية قتلها كانت سلمى تنقض على جهاز الصدمات بغية إنقاذ سلسبيل، ليعود قلبها إلى العمل بمعجزة أذهلت الأطباء فيما كانت روح ألفت تنسحب منها بيدي والدة سلسبيل، ولكن لحظة عاد قلب الاخيرة إلى الحياة مرة ثانية كانت هى ذاتها التي أنقذت فيها سلافة أمها من بين براثن الموت على يد راوية... "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا".. صدق الله العظيم..... إلى اللقاء في الحلقة الخامس والثلاثون من هنا |
رواية كبير العيله الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم احكي ياشهرزاد مني لطفي
تعليقات