رواية كبير العيله الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم احكي ياشهرزاد (مني لطفي)



رواية كبير العيله الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم احكي ياشهرزاد 







رواية كبير العيلة - منى لطفي

الحلقة الثالثة و العشرون

لا تكاد تصدق عينيها، جلست تطالعه بعد أن أمر زوجيْ الثيران بالإنتظار خارجا لتتنفس براحة جزئيا وقد رُحمت من نظرات هذا الوقح المسمى بُرعي، حلّ وثاقها وهو يحاول تهدئتها لتفرك يديها بعد ذلك وهى تطالعه بنظرات حائرة.. متسائلة... قلقة...و.... مندهشة!!..
كان هو أول من خرق الصمت السائد بينهما بقوله ساخرا فيما يجلس على كرسي خشبي آخر أمامها:
- إيه بتبصيلي أوي ليه؟... عاوزة تتأكدي أنه أنا فعلا؟!!...

أجابته بحيرة ونظراتها لا تزال غير مصدقة لما تراه أمامها:
- لا بس أنا مش مصدقة عينيا!، معقولة أنت يا.. أحمد!، طيب ليه؟.. وعشان إيه؟...

زفر عميقا قبل أن يجيبها بهدوء:
- سيبك من أسئلتك دي دلوقتي وجاوبيني على الأهم.. أنتي إيه إللي وقعك في طريق حامد رشوان؟.. إنتي عارفة الراجل دا يبقى مين ومين إللي وراه؟..

تغيرت نظراتها إليه لتنتقل إلى السخرية وهى تجيبه بإستهزاء:
- إيه هو بعتك ليّا عشان تهددني؟.. معقولة الدكتور أحمد الجراح الكبير إللي واخد الدكتوراه بتاعته من ألمانيا يشتغل صبي رئيس عصابة!..

أوشك على فقدان هدوءه وهو يهتف بها بحدة واضحة:
- سلمى.. أنا ما أسمحلكيش!..

ثم تنهد عميقا وأغمض عينيه ومسح على وجهه براحته العريضة قبل أن يعاود النظر إليها قائلا بتعب:
- سلمى وجودك هنا له معنى واحد بس.. أنك بقيتي خطر على حامد رشوان.. وأنه مش هيسيبك تفلتي منه بسهولة ومش هو لوحده لأ... إللي وراه كمان!!..

قفزت سلمى واقفة وقد تكالب عليها إرهاق الساعات السابقة ناهيك عن الإنفعال وتوتر الأعصاب والقلق الذي يكاد يفتك بأحشائها لا خوفا على نفسها بل على الباقيين، صاحت بحدة:
- إللي وراه.. إللي وراه!!.. مين دول إللي وراه وإللي رعبينكم بالشكل دا؟..

وقف أحمد بدوره وأجابها وهو يطالعها بإشفاق:
- صدقيني يا سلمى.. مش من مصلحتك إنك تعرفي، إللي أقدر أعمله عشانك إني أحاول أخرجك من هنا وفي أسرع وقت، طبعا هو مش هيرضى ومش ممكن يوافق انك تخرجي من هنا، عشان كدا أنا لازم أعرف إللي بينك وبين الراجل الخطير دا عشان أعرف أساعدك إزاي؟..

سلمى بتنهيدة ضيق واختناق:
- حاضر يا احمد.. أنا هاقولك كل حاجة، أصله خلاص ما عادش حاجة أخاف عليها لأنه زي ما وصللي أكيد هيوصلُّهم!!

أحمد بتقطيبة:
- هما مين دول يا سلمى؟..

سلمى بإستسلام يائس:
- هاحكيلك كل حاجة!...

**********************

- إهدى يا شهاب يا خويْ، ليث جال جودامك جبل النهار ما عيطلع ومَرَتكْ عتكون بيناتنا...

شهاب وهو يروح ويجيء في المكان كالليث المحبوس بينما تجلس سلافة وقد تحجرت الدموع في عينيها فيما اقترب غيث منه محاولا تهدئة البركان الذي يفور بداخل توأمه، وقف شهاب ونظر إلى شقيقه وهو يهتف بشراسة مغلّفة بقلق رهيب:
- إمتى وإزاي؟، ليث غاب من أكتر من ساعتين وإحنا داخلين أهو على 11 بالليل وسلمى مخطوفة من أكتر من 8 ساعات ولا حس ولا خبر بعد مكالمة ابن التييت حامد لينا، مش لازم أعرف إيه اللي هيحصل؟، دي مراتي يا غيث.. مراتي أنا وأنا إللي لازم أنقذها من بين ايديهم، الله اعلم هما بيعملوا فيها إيه دلوقتي بدل قعدتي كدا زي الحريم!..

نهضت سلافة تتقدم إليه وهى تهتف برعب بينما تنقل نظراتها بينه هو وغيث تحمل رجاء يائس:
- هما هيعملوا فيها إيه بالظبط يا شهاب؟، ممكن ينفذوا تهديدهم؟، يعني ممكن سلمى ما أشوفها.....

ليهدر فيها شهاب بقوة رافعا يده أمامها يمنعها من تكملة عبارتها:
- ولا كلمة يا سلافة بعد كدا، سلمى هترجع، أقسم بالله هترجع، ولو كلفني دا حياتي كلها، أختك في عصمة راااااجل يا سلافة، سامعة راااااجل، ولو ماعرفتش أنقذ مراتي يبقى أحسن لي ألبس طرحة وأروح أقعد جنب أمي!..

ليتجه بعد ذلك بخطوات غاضبة إلى الخارج والشرر يتطاير من عينيه فيما إنهارت سلافة تبكي ليتلقفها غيث بين ذراعيه وهو يشد عليها بين أحضانه مقبلا جبينها بينما يهتف بها بقسم غليظ:
- إهدي يا جلب غيث، جسماً بالله أختك عترجع وإبجي جولي غيث جاللي...

سكت قليلا ثم أبعدها عنه لينظر في عينيها مردفا بحنو:
- معيهونِش عليّ أشوف ادموعك صبابا إكده، واللي خلج الخلج لا ترجع وما عيطولوا منيها شعرة واحدة، روحي اتوضي وصلي ركعتين لله وادعيلها ربنا يحفظها ويوجف امعانا ويرجعها لنا بالسلامة...

نظرت إليه سلافة بعينين غائمتين بالدموع هاتفة بحرقة بالغة:
- ياااارب يا غيث، ياااارب...

**************** 

نظر أحمد بوجوم إلى سلمى التي صمتت بعد أن انتهت من سرد حكايتها، قال بجمود مختلط بعدم تصديق:
- مريم وسامح يبقوا صحابكم؟، أنتم إللي بتهددوا حامد رشوان وقدرتوا تخلّوه يلف حوالين نفسه ومرعوب من الناس إللي وراه لأنهم محمّلينه المسؤولية قدامهم لو اتكشف كل حاجة؟

سلمى بزفرة عميقة:
- أيوة إحنا، بس ممكن أسألك سؤال؟..

أحمد بابتسامة صغيرة:
- أنا إيه إللي حدفني على حامد رشوان صح؟..

سلمى بحيرة:
- أنا عمري ما كنت أتصور أنك تكون ضلع في عصابة خطيرة بالشكل دا، انت سافرت واخدت الدكتوراة وقدام كدا دوست على حاجات كتير في طريقك وعملت أي شيء عشان تضمن نجاحك في إللي كنت مخطط له في حياتك، معقول بعد دا كله تبقى مجرم زي المجرمين دول؟، مهما كان الإغراء قوي مش ممكن تنسى القسم إللي انت أقسمته، مش هو دا إللي انت خنت مبادئك عشانه وخلّاك تضحي بكل حاجة عشان شهادتك وترجع بلدك وإسمك بيلمع!..

أحمد بوجوم:
- مش يمكن أكون لاقيت الحاجات إللي انا ضحيت عشانها ما تستاهلش التضحية دي؟، وأكون اكتشفت متأخر أووي أن إللي انا ضحيت بيه دا أجمل شيء ممكن أقابله في حياتي واتخليت عنه بمنتهى السهولة؟!..

سلمى بغير رضا عن سير الحديث:
- لو سمحت يا أحمد، أنا مش عاوزة أتكلم في إللي فات، خصوصا وأنا مرتبطة بواحد تاني ومش أنا إللي أتصرف التصرفات دي أو أسمح لنفسي إني اقعد واسمع الكلام دا من وراه، حتى لو كان مجرد كلام لازم أحترم غيبته وأحترم إسمه إللي انا شايلاه..

ابتسم أحمد بحزن على نفسه وهو يجيبها حاسدا في داخله شهاب على هذه الدرّة النادرة:
- مش بقولك التضحية بتاعتي كانت بشيء غالي اوووي قصاد حاجة ما تستاهلش التضحية دي!..

عندما رآها وهى تهم بالمقاطعة أردف بزفرة عميقة وهو يشير بيده إليها:
- خلاص.. خلاص.. آسف معلهش، أنا هقولك..

أنصتت سلمى جيدا فيما شرد بعينيه إلى البعيد وهو يتابع:
- بعد ما رفضتي تسامحيني وترجعي لي، رجعت ألمانيا على أول طيارة وهناك قطعت كل الخيوط اللي كانت بتربطني بالبلد دي، زي ما أكون كنت بعاقب نفسي على خسارتي ليكي، ورجعت مصر، ومعي شهادة الدكتوراه بتاعتي ما كانش صعب ألاقي شغل وفي مستشفى كبيرة واشتغلت في مستشفى حامد رشوان، وشوية في شوية ابتديت أثبت نفسي، وابتدا هو يثق فيا لغاية ما خطيت الخطوة إللي كنت فاكرها هتأمن لي السعادة.. خطبت بنته سالي!..

هتفت سلمى في ذهول:
- ايه؟، سالي!..

أحمد بسخرية طفيفة:
- ايوة سالي.. إللي انتم خطفتوها زي ما حكيتيلي!، المهم.. مع مرور الوقت صارحني إنه مش هيلاقي زيي جوز لبنته يعيّنُه مدير للمستشفى بتاعته بعد ما الدكتور ممدوح الوِكيل مدير المستشفى ما استقال وقالوا السبب وقتها إنه مريض ولازم له الراحة لأنه عدّى الستين واللي أنا اكتشفته بعد كدا أنه حس بشيء مريب بيحصل فقطع الشك باليقين واستقال وما رضيش يقول غير إنه بأمر من الدكتور، لكن صارحني أنا بكدا لما زورته في بيته وقاللي إنهم حيتان وأي حد هيقرب هيتاكل، المهم.. مسكت فعلا إدارة المستشفى، وكان فيه أوراق بيطلب مني حامد أني أمضيها على إعتبار إني المدير وانه دي كلها إجراءات إدارية خاصة بإستيراد أجهزة للمستشفى وحاجات زي كدا، لغاية ما عرفت بالصدفة الجريمة إللي بتحصل عنده، وقتها هددت واتوعدت أني مش هسكت وهو في الأول قعد يحاول يغريني بالمرتب الاعلى ونسبة من أرباح المستشفى ومش بس كدا دا قاللي إنه هيكتب لي نسبة من أسهم المستشفى ولما رفضت، ظهر على حقيقته وطلع لي أوراق عليها توقيعي سليم مية في المية أنه كل حاجة بتحصل في المستشفى بعلمي وبأمري أنا، وقتها خفت.. أنا فعلا مش قدهم والدكتور ممدوح كان معاه حق، وافقت بس اشترطت عليه أني مش هامد إيدي في عملياتهم خالص، وافق طبعا بس في نفس الوقت فهمني أنه مش أنا إللي أملي شروطي وأنه لو حب يخليني أشترك معاهم ماليش إني أعترض..

سلمى بإستهزاء وهى لا تصدق ما تسمعه:
- وطبعا كان ليك نسبة من الأرباح؟.. ما هو مش معقولة هتوافق كدا من غير ولا مليم؟..

أحمد وهو يبتعد بعينيه خجلا منها:
- أيوة، نسبة من الأرباح والأسهم كمان!..

سلمى بسخرية:
- وإيه إللي خلاك تظهر في الصورة دلوقتي؟.. إيه حامد بيه رشوان قرر إنك لازم تنزل الملعب، مش هتفضل قاعد في الإحتياطي؟..

أحمد بتعب:
- مش بالظبط!، حادثة مريم وسامح فوقتني وخليتني أعرف قد إيه الناس دي مجرمة، عشان كدا وافقت إني أنزل الملعب معاهم عشان أعرف طريقة لعبهم وأقدر أكشفهم!..

سلمى بخيبة أمل واضحة:
- للأسف يا أحمد.. مش قادرة أصدقك!..

أحمد بلهفة:
- أقسم لك يا سلمى أنا اتغيرت، ولو كنت متردد ولو 1% قبل كدا إني أكشفهم دلوقتي أنا مصمم 100%!، ما تتصوريش أنا حاسيت بإيه لما جيت هنا واتفاجئت بيكي، أنا.....

ليبتر عبارته فجأة وقد جحظت عيناه رعبا فتساءلت سلمى بريبة:
- فيه إيه يا احمد؟..

نظر إليه برعب وهو يجيب هاتفا:
- أنتي عارفة أنا جيت النهارده ليه؟.. حامد قاللي إنه العملية الجديدة إللي هناخد منها الأعضاء إللي إحنا محتاجينها موجودة هنا وقاللي آجي عشان أشوفك ولما سألته ليه هي مش في المستشفى قاللي إنها مش من مرضى المستشفى وقتها استغربت وقلت لما آجي هافهم، عارفة دا معناه إيه؟..

سلمى بجمود وقد فتحت عينيها على وسعهما ذعرا:
- معناه...

ليصدح صوتا جهوريا يقول بغلظة وخشونة:
- أنك المتبرعة الجديدة يا دكتورة!.

ما أن طرق الصوت سمع أحمد حتى انتفض واقفا وهو يهتف برعب مخيف:
- مين؟؟.. حامد رشوان!..

لتقفز سلمى واقفة تطالع ذلك المدعو حامد رشوان وهو يقترب منهما بخطوات ذكرتها بالثعلب الماكر قبل أن يصل إليهما ويقف لينقل نظراته الخبيثة بينهما وهو يقول بمكر:
- شوفتوا قد إيه الدنيا صغيرة؟.. المفروض تشكرني يا دكتور أحمد أني هاخليك تشوف الحب القديم لآخر مرة، ولو أن سالي بنتي هتزعل من حاجة زي كدا لكن ولا يهمك.. بعد انهارده أنا متأكد انك مش هتفكر غير في سالي و.... زعل أبو سالي منك وبس!!.

****************

- يا ليث فهمني فيه إيه بالظبط وجابر فين؟..

زفر ليث بقلة صبر واضحة وأجاب بحنق سؤال شهاب إبن عمه وهو يطالعه بضيق:
- عجولك إيه يا وِلد عميْ؟... أنت إللي كلَّمتَنيْ وأصرِّيت أنك تاجي امعاي إهنه... جولتلك خلِّيك مع خوك في المُطرح الجديد تأمن بت عمك وبتّ ابن الفرطوس دِه بس انت الله يهديك ما رضيتِشْ..

شهاب بزفرة حانقة:
- أنا مش فاهم... إحنا غيرنا المكان إللي إحنا فيه قولت ماشي عشان اصبح معروف ليهم إنما نروح مكان في نفس المنطقة تقريبا؟.. وبعدين نستنى جابر في قلب الجبل؟.. ما تفهمني يا ليث إيه إللي بيحصل بالظبط؟.

ليث بزفرة عميقة:
- عفهمك يا وِلد عمي، المُطرح الجديد دِه يُبجى بينه وبين الجبل مسافة اصغيّرة، والمكان إللي إحنا فيه ديه ما في مخلوج يجدر يوصل له وإن وصل يبجى يجول على نفسه يا رحمن يا رحيم، انت ما عاخدتش بالك من الرجالة المترشجة في الجبل، فِكرك لو ما كنت أني إمعاك كانوا هيهمّلوك تطلع إكده؟.. لاه.. بس لأنك مع ليث الخولي إللي ريّيسهم بذات نفسيه ابيشتغل تحت أمره معيجدروشي يظهروا حتى جودامي!..

شهاب بتقطيبة:
- جابر زيدان..

ليث بإبتسامة ماكرة:
- عليك نور.. جابر زيدان، ما أنت عارف انه من المطاريد، لكن إللي أنت وكَتيير غيرك ما عيرفهوشي أنه كبير من كباراتهم وكلمته مسموعة ووراه رجالة تاكل الحديد!..

قطع حديثهما صوت صافرة بنغمة معينة تبعتها أخرى، ليضع ليث يده فوق كتف شهاب المقطب ريبة وهو يقول بجدية شديدة:
- جابر جِـِه!..

وما هي إلا ثوان حتى دخل عليهم جابر زيدان الكهف الموجود داخل الجبل حيث يتواجدان، أماط اللثام عن وجهه وقال وهو يلهث لليث بإحترام كبير:
- كل إللي أمرت بيه حوصل يا كبير!..

لتبرق عينا ليث بالظفر في حين تساءل شهاب بريبة وحيرة:
- هو إيه دا يا ليث؟..

ليث بصوت حاسم وبوحشية شديدة:
- إللي عيخليهوم يندموا إنهم جرّبوا من حريم الخولي، جهِّز نفسك يا ولد العم عشان تروح تجيب مرتك!..

همّ بالحديث مستفسرا حينما قاطعه رنينا بنغمة غريبة ليفاجأ بجابر وقد أخرج هاتفا خلويا بشكل غريب مجهز خصيصا للتحدث في المناطق الخلوية حيث شبكات الأرسال تكاد تكون معدومة مما أثار فضوله.. فكيف لجابر مثل هذا الجهاز المتطور؟.. ولكن يبدو أن المطاريد يواكبون التكنولوجيا بالفعل أكثر من غيرهم!!..

أنهى جابر محادثته ناظرا إلى ليث وشهاب وهو يقول بصرامة:
- الأمانة وصَلِتْ يا كابيير!!

أشار له ليث برأسه ليرفع جابر يده مشيرا لأحد الرجال الذي قدِم يحمل حقيبتين كبيرتين وضعهما أرضا وسط ريبة شهاب ليفتح الرجل السحاب كاشفا عن وجه لامرأة بأحدهما وفي الأخرى.. طفلا لا يتعدى العاشرة من عمره!..

لم يكد شهاب يهتف متسائلا حتى قاطعهما للمرة الثانية أحد رجال جابر يدخل ركضا ثم يميل على رأس الأخير هامسا له ببضع كلمات إنصرف بعدها على إثر هزة طفيفة من رأس جابر الذي نظر إلى ليث ليقول ببرود:
- الحاجة التانية إللي أمرت بيها جنابك حوصلت يا كابيير، المِشْتِشْفى بتاعت المحروج حامد رشوان بجيت... في خبر كان!

هنا لم يستطع شهاب الصمت أكثر من ذلك إذ صاح بذهول:
- إييييه؟!..

**************

جلس أحمد إلى كرسي خشبي مقيد المعصمين بجانب كرسي سلمى التي قُيِّد معصميها هى الأخرى، نظر إلى حامد رشوان الواقف أمامهما يمسك بسيجار كبير من النوع الفاخر بيده اليمنى بينما يضع الأخرى بداخل جيب بنطاله الرمادي لتنزاح سترة حلته الرمادية كاشفة عن بطن بارزة تكاد أزرار القميص الأبيض أن تتقطع من عليه، وكان يرتدي خاتما من الذهب الأبيض بفصّ من الياقوت محاطا بألماسات صغيرة في خنصره الأيمن، تحدث أحمد برجاء يائس:
- أرجوك يا حامد بيه، أنت عارف أني راجلك وما اقدرش أخونك، أبسط حاجة أنا أول واحد هيتأذي بالأوراق إللي معاك، أنا مستعد أرجع لك الفلوس إللي انت ادتهالي والأسهم هكتبهم بإسم سالي بس سيبني أنا وسلمى وأنا أقسم لك أننا مش هنفتح بؤنا بكلمة واحدة لأي حد!..

لتهتف به سلمى بإنفعال واضح:
- اخرس يا جبان يا حقير، أتكلم عن نفسك بس!، أنا مش ممكن أبيع نفسي للشيطان، أنا عمري ما هاسكت عن الحق لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس.. فاهم يا دكتور؟.. وللأسف أنت إتشيطنت من زمان.. من ساعة ما شوفت وعرفت وقبلت وسكتّ!..

حامد بسخرية فيما أحمد يطالع سلمى بيأس:
- شوفت يا دكتور.. أهي لغاية دلوقتي مش مقدرة حبك ليها وخوفك عليها، انا مش فاهم إيه اللي عجبك فيها أوي كدا؟.. دي ما تجيش حاجة في سالي بنتي.. خطيبتك!!..

سلمى بسخرية وهى تطالع حامد بقوة:
- كويس إنك فاكر إنه لسه فيه عندك بنت إسمها سالي..

اقترب منها حامد رشوان ومال عليها هامسا من بين فحيح أنفاسه:
- إوعي تفتكري أني ممكن أنساها؟.. بنتي هاعرف أرجعها إزاي، وهاعرف برضه إزاي أدفعكم تمن إللي عملوته.. ما اتخالقش لسه إللي يقدر يقف قدام حامد رشوان!!

سلمى بتحد وهي تثبت عينيها في عينيه:
- مش لو رضيت هى ترجع لك بعد دا كله؟..

قطب بتشكك في حين تابعت بإستهزاء:
- أحب أبشرك إنه بعد إللي سالي بنتك شافته وعرفته بقيت مش بس عاوزة تبعد عنك.. لأ!، دي لو قدرت تشيل إسمك من إسمها هتعمله!..

جحظت عينا حامد بغضب مخيف وقبض على شعرها بقوة جعلتها تطلق صيحة ألم في حين تحدث بوحشية من بين أسنانه المطبقة:
- تقصدي إيه يا دكتورة؟..

سلمى وهى تئن ولكنها لم تخاف:
- قصدي أننا ورّيناها السيديهات بتاعت مريم وسامح الله يرحمهم، وأؤكد لك أنها دلوقتي تتمنى إنها تفقد الذاكرة عشان تنسى قد إيه أبوها راجل... مجرم وسفاح وفاسد!!..

- اخررررررسي!!!!!!!!!!!!!!!!
وبظهر يده صفعها بقوة جعلت رأسها يرتج في حين تشقق فمها ليسيل خيطا من الدماء بجانب ثغرها فيما هتف أحمد بلوعة:
- سلمى!!!!!!!!!!

نظر حامد إليها وهو يقف مشرفا عليها قائلا بشراسة قوية:
- صدقيني هتدفعوا تمن إللي أنتم عملتوه دا غالي أوي...

قاطعه دخول سيّد الذي أسر له بضعة كلمات اتسعت على أثرها عيناه بقوة وهتف فيه:
- مين إللي قالك الكلام دا؟..

سيّد بوجل:
- زكي بلغني حالا، بيقولي حريقة كبيرة في المستشفى والمطافي جات والبوليس والطب الشرعي، بس للأسف المطافي ملحقتهاش والمستشفى تقريبا بقيت سوا الأرض!..

صرخ حامد كالثور الذبيح:
- خياااااااااااااااانة!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

ثم سلّط عيناه بقوة على سلمى ليشير إليها هاتفا بتشفّ:
- هاتوها!!!!..

حاول أحمد النهوض بينما معصميه مكبليْن وهو يصرخ فيما يرفع سيد سلمى بقوة من فوق الكرسي مجبرا إياها على السير معه:
- سلمى!!!!، لأ... سيبوها.. هى مالهاش ذنب!!

حامد بعنف:
- اخرررررس.. برعي!!!!!!

ليدخل المدعو برعي وهو يهتف بغلظة:
- أمرك يا ريّس...

حامد وهو يشير بيده التي تحمل السيجار إلى أحمد:
- فكُّوه وودُّوه مع السنيورة.. إطمن يا دكتور... آخر جميل هاعملهولك.. الليلة دي دُخلتك على الدكتورة!!!!

ليتمتم أحمد بذهول وقد وسعت عيناه بعدم تصديق:
- إييييه؟!!!!!!!!!

*******************

دفعوا بسلمى إلى غرفة في مبنى لا تعلم أين هو فقد عصبوا عينيها كي لا ترى الطريق وأحست بأحمد وهو يجلس بجوارها في السيارة حينما خاطبه أحدهم مناديا إسمه بغلظة، وما أدهشها أن أحد الثيران الضخمة - التي يحرص حامد رشوان على إحاطة نفسه بها - ما أن دفعها إلى الداخل حتى فك قيد معصميها وعصبة عينيها وتركها وغادر مغلقا الباب خلفه، تلفتت سلمى حولها محاولة إيجاد منفذ بالغرفة لتفاجأ بها لا تحوي أية نافذة أو حتى طاقة صغيرة على الإطلاق، وقفت تفرك معصميها اللتان تؤلمانها من أثر القيد حينما فوجئت بفتح الباب ثم رأت شخصا يدفع به ذات الثور الذي أدخلها بقوة إلى الداخل مغلقا الباب خلفه لتفاجأ بأحمد وهو يقف أمامها ولكن ما أدخل الرعب إلى قلبها حقيقة هو سماع صوت تكة في قفل الباب ثم أخرى وبعدها ساد السكون التام لتتضح أمامها حقيقة وضعها الآن.. فهى في غرفة نوم مغلقة لا منفذ فيها.. في مكان لا يعلمه إلا الله.. بمفردها تماماً مع أحمد وقد تم حبسها معه فيما يطالعها هو بنظرات غريبة جعلتها تشهق عاليا وقد وصلها ما تعنيه نظراته، فهى قد تم تسليمها على طبق من ذهب لأحد رجالهم ليقوم بالإنتقام لحامد رشوان مما فعلوه بابنته ولو عن طريق تدنيس شرف عائلة الخولي فمن الواضح أن أحمد قد قَبِل بصفقة حامد رشوان... حريته في مقابل سبْيَّها.. تماماً كالرقيق الأبيض!!

إلى اللقاء في الحلقة الرابعه والعشرون من هنا 






 

تعليقات



×