رواية لأجل حقي الفصل الخامس
الجزء الخامس والأخير.
طوال الوقت كانت فرح فقط صامتة تماما تفكر فى عالمها الخاص ثم عادت إلى الواقع مع كلمات حماتها التى قالتها، كانوا سيخطبون لأحمد!
كيف ذلك وهما كانوا يريدون ذهبها الخاص لأجل افتتاح مشروع خاص به أولا و ذلك بطبيعة الحال سيستغرق بعض الوقت قبل أن بفكر أن يخطب!
رفعت رأسها لحماتها التى ارتبكت وابعدت نظارتها عنها.
قال الطبيب بجدية: العملية دى ضروري تتعمل فى أسرع وقت ممكن وإلا لا قدر الله نضطر نعمل بتر لرجله.
وقف الجميع عاجزا فى مواجهة المصيبة التى حلت عليهم، تطلعت فرح لوالدة علي بضياع: هو الدهب كان علشان أحمد يشتغل ولا يخطب؟
قالت والدة علي بحدة: هو وقته الكلام ده يا فرح!
أمسك والدها بيدها ولكنا افلتته وتقدمت خطوة بإصرار: لو سمحتِ ردي عليا .
قالت حماتها بتوتر: عادي كان هيعمل مشروع و لو فضل فلوس يخطب بيهم.
قال والدها بسخرية: ليه هو الدهب كان هيجيب مليون جنيه ولا حاجة ؟ ده يادوب حتى لو كان عمل مشروع كان هيبقي صغير خالص والا هيروح يخطب يقول ايه للعروسة أنا خليت مرات أخويا تبيع دهبها علشان أجيب لك دهبك!
أمسك بيد فرح التى كانت تناظرهم بنظرة مليئة بالألم ثم وجه حديثه لوالد علي: إحنا جينا نعمل الأصول غير كدة عدانا العيب لما إبنك يقوم بالسلامة أبقي قولنا علشان يطلقها رسمي.
ثم غادروا المستشفي حين عادت فرح إلى البيت دلفت إلى غرفتها وجلست بصمت تفكر، فكرت بما شعرت حين علمت بحادثة علي وحالته، شعرت بالحزن لأجله وبالشفقة لكن ليس كزوجها أو حبيبها بل فقط كأي إنسان ستشعر بالحزن لأجله، يبدو وكأن كل مشاعرها تجاهه قد مُحيت عندما تخلي عندها فى لحظة وبدون تردد.
جلست تفكر طويلا فى أمر ما حين اتخذت قرارها ونهضت تخرج علبة ذهبها وتخرج إلى الصالة، كان والديها يجلسون مع بعضهما البعض حين وقفت أمامهم وهى تنظر إلى والدها بهدوء.
حدق والدها إلى علبة الذهب التى بين يديها وقال: كنت عارف أنك هتعملي كدة أنا مليش حق امنعك لكن لازم تبقي متأكدة من قرارك.
أبتسمت فرح بهدوء:ايوا يا بابا أنا دلوقتى مش بساعد علي علشان بحبه وعايزة أرجع له لا أنا بساعده لأنه دلوقتى انسان و موجود فى محنة وده واجبي طالما فى أيدي حاجة أقدر اساعده بيها، أنا مش محتاجة الدهب ده لكن هو محتاجه ولما نطلق مش عايزة الدهب ده يفضل معايا يفكرني بيه ولا بأي حاجة حصلت وأنا اتعلمت منك لو لقيت إنسان فى أزمة حتى لو عدوى وأقدر اساعده هعملها فما بالك بجوزي ؟
نهض والدها ونظراته تنضج بالفخر الشديد بها، قبل حبيتها ثم قال بإعتزاز: أنا مبسوط بيكِ أوى يا بنتى .
أردف بجدية: وكمان أنا عندي فلوس أقدر أقدمها تساعد بيها عائلته يلا بينا.
غادروا مع نظرات والدتها القلقة تتبعهم ثم توجهوا إلى المستشفى، كانوا يقفون أمام الباب حين سمعوا أصوات مرتفعة بالداخل.
سمعت صوت والدة علي يقول بغضب: هنجيب الفلوس دي كلها منين ده يادوب أبوك كان بيفكر يخطب لاخوك بمساعدة الدهب اللي كانت مرا هتبيعه.
قال علي بصوت مبحوح: ي..يعنى كان الدهب علشان خطوبة أحمد مش شغله.
ردت والدته بغيظ: اه طبعا انت عارف أخوك مش معاه حاجة وكان نفسه يخطب وده كان هيساعدنا دلوقتى مع العملية بتاعك حتى مش مكملين حق فلوسها مش كنت تاخد بالك بدل المصيبة اللى حلت علينا دي!
سمعت علي يقول بصوت مرتعش: يمكن لو كنت موت كنت ارتحت وريحتك يا أمي.
نظرت فرح لوالدها الذى دق الباب ثم دلف لتسيطر الدهشة عليهم.
تقدمت فرح من والدة علي ببطء ثم أعطتها حقيبة صغيرة: اتفضلي يا طنط ده علشان عملية علي.
نظرت والدة علي بذهول لمحتويات الحقيبة: دى فلوس ودهب!
فرح بهدوء دون أن تنظر لعلي: ايوا ده دهبي وفلوس علشان عملية علي وعلشان يخف أن شاء الله من غير ما يضطر لبتر رجله.
تقدم والد علي من والدها يشكره بشدة بينما حدق البقية بها بتعجب وقال علي بهمس: ليه؟
نظرت له فرح بهدوء: علشان أنت جوزي حتى لو هنطلق بعدين بس مينفعش أشوفك فى موقف زي ده واقف ساكتة.
قالت حماتها بإستنكار: بس أنتِ كنتِ رافضة خالص تبيعي الدهب وكنتِ ماسكة فيه كأنه حياتك.
أبتسمت فرح ثم قالت برزانة: أنا مكنتش رافضة أبيع الدهب أنا كنت رافضة الأسلوب نفسه والتفكير، الفرق بين الواجب والتفضل، موضوع الدهب ده موضوع خاص بالست لأنه دهبها هى ملكها وحقها لو جوزها فى يوم وقع فى مشكلة مش هتتردد لحظة أنها تساعده أصلها مش هتقف تتفرج عليه وهى فى أيديها تساعده وهو جوزها وشريك حياتها أنها تقف جنب جوزها ده واجب عليها لكن مش لازم دائما تلزم الواجب بأنها تبيع الدهب ولو معملتش كدة متبقاش بنت أصول مع أنه بيع الدهب مش واجب ده تفضل منها، الدهب لو علي محتاجه مش هتردد ثانية ابيعه ولو كنت عرفت أنه فعلا أحمد محتاجه مكنتش هرفض لكن ده مش بالاجبار ومش واجب ده بيبقي بالحب والمودة بين الزوجين علشان كدة دى كانت نقطة الاختلاف، و دلوقتى لما علي أحتاجه هيتباع لأنه أصلا مش فارق ليا الدهب قد ما فرق ليا كل حاجة تانية حصلت.
التفتت لعلي الذى يحدق إليها بحزن: ربنا يشفيك يا علي وتقوم بالسلامة.
ثم استدارت لتغادر ولكنه ناداها بصوت منخفض لتعود و تحدق إليه.
قال بصوت نادم: أنا آسف يا فرح أنا بجد مكنتش فاهم كدة وكنت فاهم حاجات كتير أوي غلط سامحيني.
ابتسمت بلطف: أنا كنت بس زعلانة علي اللي حصل يا علي وأنك طلقتني فى ثانية واحدة بس الحمدلله كل ده خير واللي حصل لك ده خليك متأكد أنه خير من عند ربنا أتمني لما ربنا يشفيك تطلقني رسمي.
ثم خرجت مع والدها وهى تتنفس بعمق، سألها والدها: مبسوطة.
هزت رأسها بالنفي وقالت بنبرة ثابتة مرحة: مرتاحة وبس وأن شاء الله هقدر اتخطي وأعيش.
كانت تتحدث مع والدها حين سمعت شخصا ينادي إسمها، التفتت بإستغراب لتجد شخص يقترب منها يقول بعدم تصديق: ايه ده فرح مش معقول!
حدقت إليه فرح بتركيز حين قالت بدهشة: رؤوف!
أبتسم رؤوف لها: ايه الصدفة دى بعد السنين دي كلها!
أبتسمت فرح وهى مازالت مذهولة ثم حدقت إلى والدها الذى ينظر لرؤوف بتساؤل: بابا ده رؤوف كان زميلي فى الكلية واتخرج وسافر برة يشتغل لأنه كان متفوق وجت له فرصة عمل برة.
صافح والدها رؤوف الذى أبتسم: تشرفت بحضرتك يا فندم.
قال والدها بنبرة هادئة: وأنا كمان، رجعت هنا زيارة ولا استقرار.
قال رؤوف بإبتسامة خفيفة: للاستقرار السفر ملوش أي متعة وانت لوحدك وكل اصحابك وعيلتك فى حتة تانية بعيد عنك.
حدق بهم بإستغراب: بس بتعملوا ايه هنا لو مفيش مانع للسؤال؟
قال فرح بحذر: كنت بزور جوزي أو الأصح اللي كان جوزي هو تعبان وأحنا خاليا بنتطلق.
عبس رؤوف حين سمعها أول الأمر لكن ما لبث أن عاد وجهه لتعابيره الطبيعية: وأنا كمان كنت بزور واحد صاحبي.
قالت فرح بعفوية: كانت صدفة كويسة يا رؤوف يلا مضطرة أمشي.
أبتسم رؤوف لهما ثم قال بنبرة غامضة: أن شاء الله الصدف الجاية هتكون أحلي بكتير.
ثم غادر حين التفتت لوالدها وجدته يحدث بها بتفحص فتوترت: فى إيه يا بابا؟
أبتسم والدها إبتسامة غريبة: لا أصل عجبني رؤوف ده اوي.
حدقت إليه بإستغراب ولكن لم تعلق بينما أكملوا سيرهم لخارج المستشفى وفكرت فى تلك الصدفة الغريبة التى لا تعلم أنها ربما يتحول لقدر جميل.
عند علي كانت الصمت يسيطر على الغرفة حين دلف الطبيب وقال لهم ببشاشة: أنا لقيت لكم حل.
قال والد علي بلهفة: حل ايه ؟
قال الطبيب: بما أنكم مش معاكم فلوس العملية كاملة أنا كلمت إدارة المستشفى وعندهم استعداد يخفضوا المبلغ للنص.
هلا الجميع بينما بقي علي صامتا حين خرج الطبيب التفتت والدة علي لابنها الأكبر و زوجته، مع فلوس أبو فرح إحنا كدة فاضل لما جزء قليل ومفيش داعي نبيع الدهب روحوا هاتوا بقية الفلوس لحد ما نخلص الإجراءات.
اقتربت منها زوجة أبنها بخبث: طب يا ماما هاتي الدهب علشان نحطه فى البيت فى مكان كويس مينفعش يفضل هنا.
حدقت إليها والدة علي : معاكِ حق بس ارجعوا بسرعة.
غادروا بينما علي لا يستمع إليهم حتى فى عالمه الخاص وقد أدرك أنه خسر الكثير بخسارته لفرح ولكن ربما هذا يعمله درسا هاما لمستقبله.
حين كانت سحر تغادر المستشفى مع زوجا قال لها: هتحطي الدهب فين؟
ضحكت سحر بخبث: نحط إيه بس أنا هاخده ليا ولا أقولك أحسن هنبيعه ونقول أنه هو اتسرق.
رفع حاجبه : طب ليه؟
قالت سحر بغيظ: ليه ايه! ده فرصة كويسة لينا واهو فرح مشيت ومش هاممها وفلوسه إحنا أولي بيها.
فكر قليلا ثم قال لها: معاكِ حق يلا نبيعه.
حين خرجوا من المستشفى وتقدم زوجها أمامها حتى يوقف تاكسي، أتت دراجة نارية بسرعة عليها شخصان واختطف منها الشخص الذى يركب وراء السائق الحقيبة التى تحمل الذهب.
وقف سحر مصدومة بما حدث توا ثم بدأت تصرخ: الحقوني يا ناااس حرامي سرق الدهب حراااامي.
ركضت هى وزوجها خلف الدراجة ولكن بلا فائدة فقد اختفت بسرعة وها قد تحقق ما قالته قبل دقائق فقط والذهب الذى سبب كل تلك الحكايات فى النهاية لم يحصل عليه أحد!