رواية حكاية غنوة الفصل التاسع عشر 19 بقلم سوما العربي


 رواية حكاية غنوة الفصل التاسع عشر 19 بقلم سوما العربي

رواية حكاية غنوة

الفصل التاسع عشر


سياره أسعاف مجهزه بكل الأمكانيات تسير بسرعة البرق تشق طريقها للمشفى ،صوت إنذارها يدوى منبأً السيارات كى تفسح لها الطريق.


و هو يجلس على عقبيه داخلها امام سرير أبيض امتقع بدماء حبيبته.


تدمع عيناه وتفرز انفه سائل لزج مخاطى  يحاول التحدث لكن لا يسعفه صوته وهو ينظر لها يراها بحالتها الغير مبشره إطلاقاً.


يرفع وجهه للممرضه خلفه يقول محاولا صنع أى شىء: حطى لها حاجه توقف الدم ولا شوفى حاجه تديهالها.


نظرت له الممرضه تسأل هل هو غبى أم جاهل كى يتحدث هكذا ،اى شئ هذا الذى ستضعه فيوقف نزيف دم ناتج عن عيار ناري.


لكن أمام ذلك التخبط والتيه وايضا ضيقها فما تراه يومياً من حالات اصابها بتبلد فى المشاعر رددت بهدوء : ماتقلقش احنا خلاص قربنا من المستشفى .


صمت يبلل شفتيه ثم يبتلع رمقه يقول لها بصيغه لا يظهر إن كان يتمنى أم يسأل او يقول شئ هو موقن به : هتبقى كويسه،هتبقى كويسه.


نظرت له الممرضه دون النطق بشئ ،كل يوم مشاهد كهذه حتى اعتادت ولم تعد تشعر بما يشعرون به .


بينما هو يقبض على يد غنوة بيد وبالأخرى يمسح على رأسها وهو يهمس بجوارها بأدب جديد عليه ومازال يبكى: والنبى أبقى كويسه ،ماتسبنيش بعد ما اتعودت إنك موجوده،انا عارف أنه كان المفروض الطلقه دى تيجى فيا مش فيكى .


سمح لنفسه بأن يجهش فى البكاء يهتز جسده وكتفاه مرددا: الغلطه من عندى، الى عمل كده كان قاصدنى أنا،لحاجه أنا عملتها بس مش عارف هو مين ولا إيه الحاجة دى بالظبط.


مال على رأسها يقبلها مرددا من بين دموعه ووجهه الأحمر : ماتسبنيش يا غنوة انا ماليش غيرك.


خلف سيارة الإسعاف كان ماجد بسيارته يقود سريعاً خلفها ولجواره فيروز تبكى ،متسعة العين مصدومه لا تصدق ماحدث بلمح البصر.


لما لا تكمل الحياه ابتسامتها لهم، سواء هى او غنوة لطالما عانا فى تلك الحياه بمفرهما .


لقد قضيا مده ليست بقليله من عمرهما فى الطرق للمستشفيات ،غنوة ظلت لسنوات تتبع والدها وأحيانا تسبقه وهو مريض كلى لفتره طويله استنفذت كل قوته وقوتها.


وهى مثلها تماما ،بالبدايه أمها ومن بعدها والدها...اغمضت عيناها تخرخ زفير متعب ، فهى مازالت تعتبر شعبان هو والدها الوحيد ،ذلك الأب البيلوجى لا تشعر ناحيته بأى انتماء او حنان.


شعرت بيد دافئه تتسلل إلى يدها الموضوعه على ركبيتها فى هذا البرد القارس.


كانت السيارة مغلقة النوافذ تحجب عنها برد الشتاء في الخارج.

لم يكن سبب تلك البروده التى تشعر بها هى برودة الطقس،بل من الحياه.... الحياه التى لم تبتسم لها مطولا مره.


كانت مستسلمه ليد ماجد التى التقطت كف يدها كله تدفئها،يضغط عليها كأنه يمنحها دعم عظيم يحتويها بصمت كانت محتاجه له.


مد يده على عرض ظهرها المكتنز يضم كتفها به ،بأنفاس عاليه ساخنه ضمها لصدره باحتياج.


مالت مستلسمه تضع رأسها على صدره وهى تشعر ببعض الدفئ يتسلل لها،تغمض عيناها تتمنى لو ينتهى كل هذا .


ضغط ماجد بيده على جسدها الذى بين يديه وصدره الآن، يهتز جسده كله من التحامها به وقربها منه.


تتعالى دقات قلبه صارخه بحنون جعلت نفس ساخن مثقل.


أبستم ابتسامة تحمل من التعب واللوع ما يكفى، يمرر يده على ظهرها صعودا وهبوطا يعزز من قربها منه وإحساسه بها .


الصمت هو أبلغ ما يقال، لن يكفى الحديث ابداً،بل هو الصمت وحده الكافى يعبر عن مايشعر به الأن ناحيتها وهى تضع رأسها على صدره وجسدها مرتاح عليه.


يقود بيد وبالأخرى يضمها له ،تأخذه تلك اللحظة المسكره فيميل ببطئ يطبع قبله دافئه على رأسها اسبلت عيناها على أثرها وهو كذلك يطبق جفنيه بقوه من شدة مشاعره التى تعصف داخله الآن بلا هواده .


الطريق كان أقصر مما تمنى فقد وصلت السياره سريعاً تتوقف خلف سيارة الإسعاف التى توقفت أمام المشفى التخصصى تفتح بابيها ويتقدم سريعاً ثلاثة من الرجال بزى اخضر يقومون بجر عجلات السرير .


يركضون به فى الرواق وخلفهم يركض هارون بلا عقل او تركيز هو فقط يحاول صناعة أى شىء لكن لا يعرف مالشئ الذى يمكنه صنعه ،لقد توقف عقله ،اوقفه قلبه الموجوع من شدة لوعته.


كان ماجد يتقدم هو الآخر خلفه هو وفيروز التى يقبض على يدها لتسير بجواره.


كان الطبيب ذو الزى الأزرق يسير بسرعه تتناسب مع سرعه تحريك الفراش يحاول الكشف عليها بشكل مبدئي وسريع كى يحدد حالتها 


يتوقف كل منهم مرغما أمام باب كتب عليه غرفة العمليات .


يتقدم الطبيب حتى يدلف للداخل توقفه صرخة فيروز وهى تقول: طمنا عليها يا دكتور ،كشفت عليها صح ،هى هتبقى كويسه مش كده؟


هز الطبيب رأسه وقال: خير إن شاء الله.


تحدث ماجد سريعاً: هتبقى كويسه ياحبيبتي ماتقلقيش 


صرخ بهم هارون يشعر بفقدان أعصابه: سيبوه ،سيبوه بقا يدخل لهااا.


أخيراً استوعبت فيروز و أفسحت الطريق للطبيب الذى دلف بسرعه  يعقم يديه ويبدأ فى مباشرة عمله.


وقف هارون بشكل مزرى وهيئه مريعه ينظر له ماجد بصدمه وذهول ، يراه أسوء حتى من حالته قديما وهو ينام تحت فراشه ينتفض تصطك منه أسنانه رغماً عنه من شدة الخوف والجزع الذان كانا يحياهم  بسبب فريال ،كانت هذه حالة هارون حالياً ،يشعر باليتم .


عينه مسلطة على الباب الذى دلفت منه حبيبته وجسده كله ينتفض.


يبلتع رمقه بصعوبه والهلع يقفز من عينيه ،تقدم من ماجد يردد بغضب من بين اسنانه فكه العلوى يهتز متشنجاً وهو يقول لماجد: أنا عايز مختار ،متكتف ،فاهم يا ماجد متكتف زى الكبش ،سامعنى.


هز ماجد رأسه أكثر من مرة ،يحاول تهدئة صديقه يوافق على اى شئ يقوله او يطلبه.


يقف مزهول وهو يراه يتحرك يميناً ويساراً بعشوائية ،يقبض على أعصاب يده بهيئه تعبر عن شعوره بالعجز.


أهم شخص لديه الآن على شفا الموت وهو لا يستطيع فعل أى شىء.


وقف يستند برأسه ويديه الإثنتان على الجدار يحاول التماسك والصبر .


لكن الهدوء والصبر أبعد مايكونا عنه ،اخذ يضرب برأسه الصلعاء أكثر من مرة على الجدار، تتسع أعين كل من فيروز وماجد لهيئته تلك.


ملتاعين عليها لكن حالته هو أقصى من حدود المعقول .


الأمر بالنسبه لهارون مختلف ،إنها عائلته بدفئها الذى لتوه وجده،لم ينعم بدفئها بعد،لم يسرى بجسده هو فقد استشعره وذاق طعمه ،وبلمحة عين ،بطلقه لا تساوى بضع جنيهات ستذهب منه ؟؟ هكذا؟!


يشعر بالجنون فعليا وهو يفكر بتلك الطريقه ،عينه على باب وحيد تكمن خلفه حياته التى وجدها قريباً .


اقترب منه ماجد يحاول تهدئته ولو قليلاً  ،يضع كفه على كتف صديقه الذى يوليه ظهره وقال: أهدى يا هارون،ان شاء الله هتبقى كويسه.


التف له بأعين حمراء ومنتفخ أسفلها من تأثير الدموع المحبوسه بقوه ثم ردد بغل وتهور: جبت مختار زى ما قولتلك.


قلب ماجد عينيه بتعب ،يعرف هارون جيدا وكم هو شخص متهور لا يحسن التصرف خصوصا وهو غاضب ،لا يترك حقه أبدا مهما كانت غلاوة الشخص المقابل له او حتى نفوذه.


زم شفتيه ينظر أرضاً ثم قال بهدوء وتروى: أهدى يا هارون ،بلاش تهور وقررات وقت عصبيه،انت مش رايح تجيب واحد عادى من الشارع ده وزير ومعاه حرس وموكب .


لكن هذا هو هارون،حينما يقرر شيء يصبح كطفل صغير يبكى ويدب الارض حتى ينفذ له ما يريد.


فتحدث بغضب يصرخ به: ماااجد ماتعصبنيش،مختار  ماكنش جاى بالحرس بتاعه الحفله وهو لسه هناك دلوقتي يعنى لو انت عايز تتصرف هتتصرف.


كان ماجد على علم بكل ما يقوله هارون لكنه حاول التغاضى عنه وعدم ذكره ،ماجد على النقيض من هارون، هو شخص هادئ، متأنى ، صبور ،ربما اختلاف طبيعة حياة كل منهما هى السبب فى التشكيل النهائي لشخصية كل منهما ،هارون كانت حياته سهله الى حد كبير لا يعرف معنى كلمة فرص بينما ماجد  فحياته بجملتها كانت فرصه،فرصه اعطتها له فريال وسلبته مقابلها الكثير فذاق طعم العطاء والسلب بينما هارون لم يذق سواء الأخذ فقط ،ليصبح هكذا كما هو ،لو اقترب أحد من شئ له يصبح عصبى ،متهور وعنيف لأقصى حد لا يفكر سوى برد حقه وغالباً ما يكون عن طريق العنف.


اخذ ماجد نفس هادئ ثم قال: انت فى إيه ولا فى ايه يا هارون ، أقعد اقرالها شوية قراءن ولا اتصدق بفلوس مش عايز ضرب وعنف هو ده وقته بالذمه؟!


ضرب هارون قبضه يده بالحائط الابيض الامع وتحدث بغل من بين أسنانه: الى نايمه جوا دى تبقى مراتى ،فاهم يعنى إيه؟! شايفنى عويل عشان اصهين على حقها؟! 


تقدم خطوه من ماجد يكمل بنفس الغل والغضب: لو ماكنتش مراتى ماكنش حصلها حاجه،مختار الى عمل كده عشان اكيد عرف أنى اتجوزتها وانت تقولى أهدى واتصدق ؟! أجيب حقها الأول.


اغمض عينه يتشنج فكه ثم فتح عينه يشير بسبباته لماجد كأنه يخيره وهو يقول: هتخلى رجالتك تتصرف وهو لسه فى بيتك ولا اتصرف أنا؟!


ماجد بمراوغه: وانت مين قالك انه لسه فى البيت مش يمكن الحفله خلصت.


هارون بنبره غاضبه محذره: ماااجد، هو لسه فى بيتك ،الناس الى هناك دى مش هتسيب التجمع الى ممكن يعمل مية صفقه ويمشوا عشان واحده اتضربت بالنار ،انت عارف وأنا عارف ،هتتصرف قولتك ولا اتصرف أنا.


نظر ماجد خلفه فوجد فيروز تطالعه بترقب ،ترى هل سيفعل ما يقوله، وهل لدى ماجد القدره على اختطاف تكبيل وزير لديه حرس مؤمن من أكثر من اتجاه!؟ هل هو اساسا بهذه الطباع والقوه وأيضا النفوذ ؟!


بعد عشر دقائق.... عشر دقائق فقط بمجرد مكالمه لم تتعدى الخمسون ثانيه كان لديه الرد .


تتسع عيناها بذهول وهى تراه يقف لجوار هارون يشهر الهاتف أمام عينه كأنه يطلب منه مشاهدة شئ ما.


شهقه عاليه خرجت منها برعب وهى تسمع صوت مختار يزأر كأسد حبيس، يبدو أنه مكمم الفم وهارون يسبه وتوعده.


أجفل ماجد من شهقة فيروز يرفع هاتفه بيده كى يشاهد هارون ذلك البث المباشر من أحدى السيارات  ومختار مكبل الايدى والأرجل والفم ،لكن عيناه على فتاته وهى تنظر له بأعين مصدومه ،تراه قادر على أفعال مجرمى العصابات.


بعد سيل من السب والوعيد أغلق ماجد هاتفه ثم قال: ارتحت كده؟! أنا عملت إلى انت كنت عايزه ،بس خلى بالك انت بتصرفك ده فتحت علينا نار جهنم .


استشاط هارون غضبا، دائما وفى احلك الظروف ماجد معه عقله ، لكنه لا يراه الوقت المناسب ابدا للتصرف بعقل وتروى.


زوجته مصابه ،غارقه بدمائها والسبب هو،وماجد يطلب التصرف بعقل.


مال عليه وردد من بين أسنانه: خلاص هروح اجيب مسدس واضرب على البنت اللي هناك دى نار .


أبتعد عنه وهو يشعر بأرتداد رأس ماجد للخلف بخطوه يناظره بهلع وغضب .


مجرد الحديث اغضبه فماذا عن الفعل.


رفع هارون يديه عاليا علامة الإستسلام وردد باستفزاز : وساعتها عايزك تفتكر أنك تتصرف بعقل وأن فى مصالح بينى وبينك وأنى نابى ازرق وفوق ده كله إننا صحاب.


كانت ملامح ماجد قد استحالت للإجرام كأنه مقبل على إرتكاب جريمه ، فأشار عليه هارون بسبباته يردد: شوفت مجرد التخيل عمل فيك إيه؟


ضرب الحائط من خلفه مره أخرى يردد بغضب وعجز: امال بقا لما تبقى عايش فيه ،وواقف كل الى تقدر تعمله انك تجيب إلى عمل كده؟انا واقف عاجز مش عارف اعمل حاجه ولا أقدم لها حاجه.


أغمض ماجد عينه بغضب وسأم فى نفس الوقت يردد بصوت عالى: يا أخى ياريتك ما كنت شوفتها ولا قابلتها ، كان ماله العرفى والمشى البطال .


اغمض هارون عينه بألم يردد هو الآخر: يارتنى فعلاً.


نظر ماجد على فيروز يحملق بها، يرى في عينيها نظره غريبه جديده.


بينما هارون عينه على باب غرفة العمليات يردد بخوف: هما اتأخروا كده ليه؟


__________سوما العربى__________


بنفس الوقت


كانت نغم تقف محرجه، والدة حسن تطاولت عليها وهى لا تستطيع الرد ولا حتى التعامل.


تنظر لحسن تطلب منه أن يتصرف ،بينما والدة حسن مازلت على موقفها تنظر لها بتحدى وغضب.


بادر حسن يقول لأمه بهدوء : أهدى يا أمى ، أنا إلى ناديت نغم مش هى الى جت.


كلمته انعشت وجه نغم تراه يدافع عنها ،فهى من جاءت له وليس العكس كما قال.


ليرتفع صوت والدته تمسك طرفى حجابها الموضوع فقط على كتفيها يظهر معظم شعرها تطيح بيه بيدها يمينا ويسارا مردده بصياح عالى : هالله هالله هالله ،انت لحقت ؟! لحقت يا شملول؟! لحقت يا معدل وبقيت انت الى تدافع عنها وتجيبها فيك ؟! ده أنا شايفاها بعيني الى هياكلهم الدود وهى داخله برجليها وانت بتزعق فى الواد.


ضرب كف بأخر تشيح بيدها مردده بعويل: ياريتني كنت جبت دكر بط.


اتسعت عيناه ونظر بسرعه على نغم يراها تجعد ما بين حاجبيها وتسأل باستفهام وفضول: يعنى ايه يا حسن ؟! 


حمحم بحرج وقال سريعاً : هااا.. لأ ولا حاجة..ااا دى حاجة حلوه ،أمى بقا.

قال الاخيره بفخر مصطنع كأن ما قيل من ثوانى يدعو للزهو.


اتسعت إبتسامتها تنظر لوالدته مبتسمه فقالت بغضب: اللهم طولك ياروح، بقولك ايه أنا خلقى فى مناخيرى ،وقسما بالله ياحسن ويمين اتحاسب عليه، الى فى بالك ده على جثتى ،انا مش هسيبك تبقى صالح التانى.


أجفلت نغم تنتبه وسألت ببعض الخوف والترقب: يعنى ايه يا طنط؟


كذلك حسن انتباهه الفضول والقلق يسأل: قصدك ايه يا أمى؟؟


هزت رأسها يمينا ويسارا تقول وهى تشيح بيدها: أبقى أسأل اختها وهى تقولك ،وأسألها بالمره هى غضبانه على أمها ليه ورفضت ولا مره تسافر لها ،مع إن غنوة بنت حلال وطيبه وانت عارف بتحب كل أهل الحته أزاى وطول عمرها متواضعه وصاحبة واجب ،ليه تبقى مع امها كده ؟! ماسألتش نفسك ولا سألتها عمرك؟


استرعى حسن السؤال هو بالفعل لم يفعل طوال كل هذه السنوات.


نظر خلفه ينادى والدته وهو يراها تغادر غاضبه.


التف ينظر لنغم التى باشرته بسؤالها: هى تقصد أيه؟


هز رأسه وهو غارق في التفكير يردد: مش عارف.


تذكرت نغم شقيقتها وقالت بقلق بينما تخرج هاتفها: غنوة كمان اتأخرت أوى.


كانت تتحدث وهى تتصل بها ،تستمع صوت الاتصال مره فأخرى وهى منتظره حتى أتاها الرد من صوت مهتز مرتعش يقول: ألو..مين؟


انتابها الهلع وهى تسمع صوت أخر غير صوت شقيقتها تسأل: أنت مين؟!...ده تليفون أختى.


اخذ الطرف الآخر نفسه يردد ولا كأنه يقول شئ مريع: أيوه.. أنا جوزها.


شهقت نغم  مردده: What?

الطرف الآخر بصوت عالى نتيجة لأعصابه المنفلته: زى ما سمعتى أنا جوز أختك وهى دلوقتي بين الحياه والموت مش فاضى ابررلك خالص.


سقط قلبها بين قدميها تسأل بخوف: أنت بتقول ايه .. هى فين.


كان حسن يقف لجوراها مترقب وهو يسمع ماتقول ،ليصدم بها تخبره ما حدث لغنوة .


فأخذها وتحرك سريعاً لحيث العنوان الذى قاله هذا الشخص غريب الأطوار.


_________سوما العربى________


كان يدب الأرض بقدمه ينظر لماجد بغضب مرددا : عدى ساعتين...اتأخروا ليييه؟!

كان ماجد ينظر له بصمت كأنه يخبره وماذا بيدى؟


لكنه صمت مقدرا للموقف،يرى هارون يهرول ناحية الباب فالتفت ليرى الطبيب يخرج منه .

فتقدم سريعاً هو وفيروز وهارون يسأل بلهفه وخوف: ها يا دكتور،هى كويسه صح؟ هتبقى اكيد كويسه.


اخذ الطبيب انفاسه يتحدث بأرهاق : ايوه الحمد لله، خرجنا الرصاصه ،هى بس نزفت كتير وهتبقى محتاجه رعايه ، كمان كام ساعه وتفوق من البنج.


وأخيراً التقط أنفاسه يضع وجهه بين كفيه ثم قال: طيب أشوفها.


الطبيب: لأ ممنوع دلوقتي،بكره الصبح إن شاء الله تطمنوا عليها..بعد أذنكم.


ليل طويل مرهق على الكل، انتظرت فيه نغم لجوار شقيقتها ،لكن حسن أصر على اصطحابها للبيت .


نغم تعرف بعض من عادات وتفكير المصريين ،رفضت الإفصاح عن هوية ذلك الأصلع لحسن لحتى تستفيق غنوة وتفهم منها يكفى ما يقال عن والدتهم الكريمه.


مع ساعات الصباح الأولى،كانت غنوة تبدأ فى فتح عيناها بتشوش تردد أسم واحد: بابا.. بابا.. بابا.


اقترب منها هارون بترقب ، وقد تهلل وجهه وهو يراها تفتح عيناها بتخبط،يسمع صوتها وقد اقشعر جسده يعتقدها تناديه هو (بابا) فيردد وهو يقترب أكثر بلهفه: أنا هنا يا حبيبتي.


اكتمل فتحها لعيناها تدرك من حولها ، تنظر له باستنكار وهى تسمعه يردد أنه هنا.


أبتلعت رمقها وكل ذكريات ما مر تتدفق على عقلها ثم قالت بصوت متحشرج: إيه الى حصل؟


اقترب منها وقال بعزم: ما تقلقيش ياحبيبتي،انتى بخير وأنا جبتلك حقك من الى عمل كده؟


رمشت بأهدابها،مفعول المخدر مازال له تأثير كبير  تسأل: هو مين؟ وعملت فيه ايه؟


أشاح برأسه يقول: مش مهم.. هقولك بعدين.


اقترب منها بهدوء وحذر يحافظ على تلك الإبره المغروسه بيدها ومتصله بسائل به محلول ملحى

يتمدد بحذر شديد لجوارها يأخذها بأحضانه مرددا: المهم دلوقتي إنك معايا وفى حضنى.


ابتلع رمقه يردد بوجع: انا كأن روحى كانت بتتسحب منى.


صمت لثوانى ترفع عيناها له فتصدم بعيناه الحمراء ووجهه المجهد يخبرها بتحذير شديد اللهجه:ماتسبنيش يا غنوة.. انا مش مستعد أتيتم تانى .. انتى سامعه..مش مستعد.


كان بؤبؤ عينيها الجميله يتحرك فى كل الاتجاهات تحاول الاستيعاب ،لا تصدق،هل وصل لهذه الدرجه بحبها؟! 


استمعت لصوت تنفسه المثقل الساخن ويده تقترب من غطاء الرأس البلاستيكي يحاول سحبه وهو يردد: من أول ما شوفتك وأنا نفسى اشوفك بشع....


انقطع عن الحديث وهو يرى شلالات من أنهار العسل تتدفق على كتفيها وهى تنظر لما فعله مصدومه.


وحتى الصدمه استكثرها بعدما فشل في تمالك نفسه والسيطره عليها،جمحت منه وهو يقترب منها يقتنص شفتيها بتهور.


لولا شهقة تفاجئ وألم صدرت عنها جعلته مرتعب،يتذكر أنها منذ ساعات كانت مخدره فى غرفة العمليات وقد فاقت لتوها.


أبتعد عنها سريعاً لكنه مازال محافظ عليها بين ذراعيه يردد بكم هو أسف.


وهى مرتبكه ،مصدومه،تنظر له بصمت ، علاقته بها تتطور بشكل غير عادى يصدمها هى شخصياً.. تشهق برعب وهى تشعر به يمد يده فى طريقه إلى مقدمة صدرها يبتسم بخبث ووقاحه ولم ينقذها سوى دقات عاليه على الباب جعلته ينتبه بغضب يمد يده سريعاً يلملم شعراتها البنيه الجميله بحده وغضب يبحث سريعاً عن شيء يخفيها.


لم يجد سوى نفس الغطاء الطبى فوضعه مؤقتاً على رأسها ثم أذن للطارق بالدخول.


دلفت احدى الممرضات تغير لها على جرحها تخبر هارون بضرورة ذهابه للحسابات.


______سوما العربي_______


ببيت الدهبى.


خرجت فيروز تحاول عدم التفكير فيما حدث بالأمس لتتقابل وجها لوجه مع فريال التى تقف تحمل فى يدها كأس من العصير تنظر لها بترقب وتحدى مردده بمهانه مقصوده: أهلاً أهلا ببنت الخدامة ..الى بتحمل من غير جواز.


فريال الغبيه، لقد صنعت لفيروز ما أرادت خصوصا الأن ،انها  بحاجه ملحه لشخص تنفس فيه غضبها بالفعل.


نظرت عليها فريال برعب وهى تراها تبتسم لها بأتساع ، منذ متى وفيروز تبتسم لها هكذا.


جعدت مابين حاجبيها وهى تسمع فيروز تتناول منها كأس العصير وتقول: شكراً

همت لتصرخ بها ظناً منها أنها اخذته كى تشربه بدلا عنها تخبرها هكذا أنها هى خادمتها.


لكنها ساذجة حقا، اين هى من تفكير فيروز التى رفعت الكأس عالياً تقذفه على نفسها وهى تلقى بقبله فى الهواء لفريال قبل أن تصرخ مناديه بصوت أتقن الهلع والرعب: يا باااابااااا،يا جدوووووو.


اتسعت أعين فريال تفهم الأم ما تفعله تلك الفتاه.


_______سوما العربى_______


دلف لعندها سريعاً يفتح الباب مشتاق،لكنه توقف بصدمه وهو يرى قبيله من سيدات جميعهن يرتدين عباءات سوداء بحجابها.


وكل واحدة منهن عمرها لا يقل عن خمسة وأربعين عاماً.


يجلسن بالقرب من غنوة يوسونها ينظر لهم بذهول مرددا: ده إيه سوق الجمعه ده.


أقترب خطوات وهن مشغولات بالحديث الجانبى بصوت عالى وبعض منهن يتحدث لغنوة التي تتحدث معم وتنصت بعشريه واندماج.


ينتبه على صوت احداهن تحاول اطعامها مردده بألحاح لا هوان به: لازم تاكليها دى فرخه شامورت.


كان يجعد ما بين حاجبيه وهو يردد باستنكار وذهول شديد : شامورت؟!!


انتبهن عليه ،ينظرن له بنفس اللحظه وقد بادرت تلك التي تحمل الدجاجه تسأل: أنت مين يا ضنايا؟!


نظر لها بحده يرفض طريقتها وقال: ضناكى ؟! لأ أنا مش ضنا حد أنا جو...


قاطعته غنوة التى كانت تتابع ما يحدث برعب تقول : ده زميلى ..زميلى فى الشغل.


اقترب منها ينظر لها بأعين غاضبه فهمست له من بين شفتيها تردد: أبوس أيدك ..أسكت...هتفضحنى.


زادت حدة عيناه ينظر لها بأستنكار ورفض ..هل الزواج منه يعد فضيحه كى ترغب بإخفاءه عن الجميع؟!

                     الفصل العشرون من هنا

لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا على التليجرام من هنا 

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-