قصة سيدنا إلياس عليه السلام


 قصة سيدنا إلياس عليه السلام 

٢٠) قصة الياس عليه السلام
بعلبك .. هو ده اسم المدينة اللي عاش فيها سيدنا إلياس .. مدينة عريقة في أرض لبنان إختصها الله بكثير من الأحداث قد يكون أهمها إرسال الرُسل لأهلها..
سيدنا إلياس [أو إيليا زي مابيسموه في كتبهم] كان نبي من أنبياء بني إسرائيل .. ربنا أرسله لإنذار قوم غيّروا الدين وعبدوا الأصنام , كان أكبر وأعظم صنم عُبد ساعتها اسمه "بعل" هو اللي إتسّمت على اسمه المدينة كلها من فرط تقديسهم ليه.
بعل في لغتهم يدل على السيادة ويُطلق على الذكور دون الإناث .. كان عبارة عن تمثال بجسم إنسان وراس عجل .. له قرنين وفوق راسه إكليل .. قاعد على كرسي مادد إيديه ..مصنوع من النحاس و مجوّف.. محطوط تحته حاجة شبه الفرن
كانوا كل ما يشعلوا النار تحتيه ويحطوا على إيديه قرابين فتتحرق نتيجة سخونة النحاس من أثر النار ؛ يفتكروا من جهلهم إن التمثال تقبّل القُربان!

لما إبتدا سيدنا إلياس يدعوهم للتوحيد كانت دعوته مبنية على التذكير بأحداث واقعية تاريخية من أيام أبونا آدم لحد عهد قريب ..
فكّرهم إن توحيد الله وإتخاذه الرب المعبود كان منهج أجدادهم السابقين وآبائهم الأولين .. حثهم على إتخاذ الوقاية عن طريق الرجوع للإله الواحد اللي كان آخر عهدهم بيه من سنين مش بعيدة في عهد سيدنا سليمان قبل ما تتفرق كلمتهم وتطغى أهوائهم
قارن لهم بين "بعل" الصنم المزعوم بتاعهم اللي بيجمع أسوء صفتين لا يمكن تتواجد في إله وهي الضعف وبشاعة الشكل..
وبين الله الواحد القوي القادر اللي خلقهم وخلق كل اللي حواليهم فأجاد خلقهم في أحسن صورة وأبدع تكوين .. { وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} .. [سورة الصافات]
وعند تعبير أحسن الخالقين نقف وقفة تأملية ونرجع بالزمن شوية عشان نتخيّل المكان والظروف المُحيطة
بعلبك كانت مدينة الأحلام زي مابيقولوا .. مناظر بديعة وطبيعة تسرق القلب قبل العين , بمجرد دخولك أراضيها بتلمس معنى النعيم .. كل تفصيلة في بعلبك كانت كفيلة تحسسك بلذة النظر إلى جنة الله على أرضه..
أهل بعلبك كانوا عايشين وشايفين ولامسين بديع خلق الرحمن في كل حاجة حواليهم.. وكانوا هما كمان بإيديهم بيصنعوا حضارة عريقة مليئة بالعمران اللي يذهل الأبصار
الخليط ده من صريح الجمال الربّاني ورقيّ الصنيع الإنساني , كان أحد تلميحات سيدنا إلياس في جُملته "أحسن الخالقين" ..بـ لسان حال بيقول إنكم شايفين كل الجهد المبذول منكم كـ صانعي حضارة غاية في الجمال .. وشايفين الكون من حولكم أجمل وأبهى من أي شي خلقتموه بأيديكم من العدم بإذن الله ,, فـ هو سبحانه أحسن الخالقين على الإطلاق مهما بلغ جهدهم أو نتيجة إبداعهم.. وده أدعى إنهم يلمسوا القُدرة الربّانية العظيمة في خلق كل التفاصيل اللي يعجز أي حد منهم مهما بلغت براعته أو علمه أو حرفته إنه يصنع شيء يحمل ولو عُشر الجمال والإبداع والإتقان ده.
_
دعوة سيدنا إلياس كان ليها صدى قوي في البداية .. لدرجة إن الملك نفسه آمن بيه وإتبّع دينه .. لكنه بعدها إرتد عن الدين وأعرض مع المُعرضين
والمُعرضين كانوا عدد كبير , كذبّوه وإتهمّوه كالمُعتاد ..
لكن العقاب المرادي إتأجل ومكنش دنيوي .. {فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} .. [آية 127 : الصافات]
المقصود بمُحضرون يعني يوم القيامة لتلقي العذاب .. ربنا أجل لهم عذابهم كله في الآخرة دون أن يرى نبيّهم فيهم عذاب الدنيا ..وده فيه دليل على إن عذاب المُشركين ومُكذبي الأنبياء مش لازم يظهر في الدنيا , فـ من هنا بيكون الرد على المشركين اللي قالوا "متى هذا الوعد إن كنتم صادقين" .. تفكيرهم الغريب كان مُعتقد إن لو العذاب ما وقعش بيهم في حياتهم الدنيا بمجرد تكذيبهم للنبي زي ما حصل في قصص أنبياء سابقين , يبقى ده معناه إن دعوة النبي مكذوبة وإن تحذيره من العذاب غير صادق
فـ بيظهر الرد عليهم في إيضاح إن مش كل قصص الأنبياء السابقين كان ليها نفس النهاية , بالعكس فيه قصص بتعرض نهاية مُختلفة زي قصة سيدنا إلياس اللي بتوضّح عدم ضرورة وقوع العذاب في الدنيا رغم صِدق الرسالة وصِدق النبي المٌرسل بها وحقيقة العذاب الواقع في نهاية الأمر..
لكن استثنى سبحانه منهم عباده المؤمنين اللي آمنوا بسيدنا إلياس وصدقوا في إيمانهم وفي مُساندتهم لنبيّهم ..  { إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} .. [ آية 128 : الصافات]
_

استمر الحال على ماهو عليه إلى أن جاء أمر الله فـ توفّى سيدنا إلياس فيهم [ وقيل إنه سابهم واتجه لجبل عاش فيه فترة قبل وفاته , الروايات كتيرة والتفاصيل المحكيّة عن الموضوع ده مُتشعبة , لكن ماحكينهاش لإنها كلها من كُتب أهل الكتاب ومفيش عليها أي دليل إسلامي , فضلاً عن إن بعضها قد يكون مُتنافي مع العقل ولازمله دليل قوي مفيهوش أي شُبهة تحريف]
سيدنا إلياس توفّى لكن ربنا أحسن سيرته وخلّد ذِكره في الأمم اللي عاشت بعده فـ قدّرت دوره كـ نبي فأصبح له ثناءاً جميلاً في الأمم من بعده. {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (129) سَلَامٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ (130) إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (131) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ}.. [الصافات]
[قيل المقصود بـ إِلْ يَاسِينَ سيدنا إلياس نفسه , وقيل المقصود هو ومن تبعه ونصره]
_
ومن بعد رحيل سيدنا إلياس إبتدت رحلة سيدنا اليسع اللي كان ممن آمن بـ دعوة نبي الله إلياس فـ أصبح فيما بعد خليفته اللي ربنا إختصه بالنبوة عشان يكمل مسيرته في دعوة بني إسرائيل في نفس البلاد.. 
وقيل إن دعوته كانت في مدينة "بانياس" في الشام 
تم ذِكره والثناء عليه في القرآن مرتين بشكل مُجمل مع بعض الرُسل الكِرام :
قال تعالى {وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ } .. 
[ الأنعام :86]
وَقَالَ تَعَالَى { وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ} .. [ص : 48]
_


تعليقات



×