رواية جمرية الصقر الفصل الثامن
طارق: أنا واقع في مصيبة يا صقر، ومهدد بالحبس.
صقر: مصيبة وحبس؟ إزاي ده حصل يا طارج؟
طارق: هحكيلك... من حوالي شهرين كنت في الشغل، وزي ما أنت عارف، قدمت استقالتي أكتر من مرة، وكانوا دايمًا بيرفضوا. كانوا يقولوا لي: "إحنا معتمدين عليك ومش هنقدر نستغنى عنك". حاولت أخد أجازة عشان أركز في شغل المكتب بتاعي، لكن ردهم كان دايمًا واحد.
في يوم شؤم، كنت في الشغل الصبح برتب الملفات. كنا بنحضر للمناقصات، وكان العطا بتاعنا مكتوب في الملفات مع أسرار شغل كتيرة. فجأة، التليفون بتاعي رن كتير، وكنت كل شوية أقفل على اللي بيرن. في الآخر زهقت ورديت، طلعت الدادة بتاعة الأولاد. قالت لي: "يا أستاذ طارق، الولاد واخدين أجازة من المدرسة". فقلت لها: "كل الزن ده عشان كده؟" ردت بخوف وقالت: "لا، بس ياسين وقع على دماغه واتعور جامد، وإحنا عند الدكتور، وبيقول سبع غرز".
طبعًا، اتخضيت. قلت لها: "طب كلمي مامته لحد ما أجي". قالت لي: "كلمتها، بس هي عندها عملية ومش فاضية. إحنا في العيادة". قلت لها: "ابعتي لي اللوكيشن"، ونزلت جري من غير ما أقفل الخزنة أو أرتب الملفات.
وصلت العيادة لقيت ياسين تعبان جدًا، وأخواته يزن وحور بيعيطوا عليه. بعد ما خلص الدكتور خياطة الجرح، رجعنا البيت. غيرت له هدومه، وهديت حور ويزن، وأكلت الولاد. لما نيمتهم كلهم، وقعت جنبهم من التعب ونمت.
الصبح، لما صحيت، اطمنت على ياسين وإخواته، وفجأة افتكرت اللي حصل في الشغل. جريت على الشركة بسرعة، رجعت الملفات مكانها من غير ما أتأكد من أي حاجة.
بعدها بفترة، جه معاد المناقصة وفتحوا المظاريف. اكتشفنا إن فيه تلات شيكات اتسرقوا، والمناقصة مرسيتش علينا. اتهموني بالإهمال، وقالوا إني سرقت الشيكات وسربت معلومات لشركات منافسة. الموضوع كبر، وحولوني للتحقيق. ولأن معنديش أي دليل يثبت براءتي، قررت أهرب وأدور على دليل قبل ما يتحقق معايا.
صقر: ياه يا طارج، مستحمل كل ده لوحدك ومبلغتنيش من بدري ليه؟
طارق: سألت عمي عليك، قال لي إنك مسافر إيطاليا بتدور على صاحبك. مكنتش عايز أشيلك هم فوق اللي عندك.
صقر: المهم دلوك، لازم تختفي لحد ما تظهر براءتك. لو على الفلوس، رجابتي سدادة، لكن دي قصة شرف.
طارق: مفيش حد في الشركة متعاطف معايا خالص.
صقر: وهيام عارفة؟
طارق: محبتش أشغلها.
صقر: انا لازم ابلغها حالا عشان تقف جمبك
طارق: صدقني مش هيفرق معاها
صقر: إزاي؟ دي مرتك، وأم ولادك، وحبها الأول والأخير. فوج كده، دي بنت خالتك ومتربية معاك. أنا لازم أكلمها.
(يتصل صقر بهيام...)
هيام: أيوة يا صقر، وصلتوا بالسلامة؟
صقر: أنتي لسه فاكرة تسألي؟ وصلنا من بدري. اسمعيني زين يا هيام، جوزك واقع في مشكلة كبيرة. (يحكي لها اللي حصل).
هيام ببرود: وانت عايزني اعمل ايه ده انسان مهمل ... يانهار ابيض
صقر: ايه حنيتي لجوزك يابت ابوي
هيام: لا سمعتي انت ناسي ان هو جوزي انا تعبت وشقيت على ما عملت اسمي من فضلك ياصقر خليه يطلقني بالزوق بدل ما اخلعه انا الدكتوره هيام الصايغ مينفعش اسمي يرتبط بإنسان مهمل ومين عارف ممكن يكون مرتشي فعلا
يغلق صقر الهاتف في وجهها بعصبيه
طارق: قالت لك إيه؟
صقر: مش وجته دلوك .
(هيام تتصل بطارق...)
هيام: طارق، من غير شوشره، طلقني بالزوق. وبالنسبة للولاد، خدهم. أنا كده كده مش فاضيه
طارق: هتستغني عن ولادك بسهولة كده؟
هيام: مش عايزة حاجة تربطني بيك.
"ثم تغلق هيام الهاتف في وجه طارق"
صقر: مش وقت أي حاجة دلوقتي يا طارج. لازم تختفي لحد ما نثبت براءتك. أنا هبعتك لناس تبعي في إسكندرية تجعد عندهم، وأنا هرتب أمور الكفر وأجيلك انت اتحقق مهاك.
طارق:ايوا و اتحدد جلسه الشهر الجاي.
صقر: من هنا لوقتها، ربنا يحلها. أنا معاك ومش هسيبك.
طارق: مش عارف أشكرك إزاي.
صقر: متقولش حاجة. إحنا إخوات.
___________________________
(في الصباح في منزل جمريه )
عمار: هاتي الـ50 ألف يا مرت أبوي بتوع الرجالة وهاتي 10 عشان أخرج البت.
زبيدة: طب وجرحك؟
عمار: أنا بجيت زين.
زبيدة: اعمل حسابك إن كده الفلوس اللي معايا قربت تخلص.
عمار: وأنا هتجوزلك البت وهتبقى ست الكفر كله.
تنزل جمريه وهي ترتدي الأسود.
زبيدة: هتخرجي بالأسود ده؟
عمار: عچباني. يلا يا جمريه.
ياخذ جمريه ويذهبوا إلى مطعم.
_______________________________
بعد ساعة وصلو عمار وجمريه إلى المطعم.
عمار: "تفطري إيه يا جمريه؟"
جمريه: "مليش نفس والله يا عمار."
عمار: "بجولك إيه كُلي دلُوك وازعلي بعدين."
ينده عمار للنادل ويطلب أكل كثير.
جمريه: "إيه كل الأكل اللي انت طالبه ده يا عمار؟"
عمار: "والله لو ماكلتي لجول إنك خطفاني. أنا مجنون وأعملها."
جمريه: "هاكل، بس تقولي إيه اللي دخلك أوضتي؟ وإيه اللي في دراعك ده؟ ولما انت محتاج فلوس مجولتليش ليه؟ والله كنت هديلك اللي انت عاوزه."
عمار (بأسف): "اسمعي يا جمريه، أنا هحكيلك كل حاجه، وجميلك هيفضل مطوجني العمر كله."
جمريه: "أنا معملتش جميل فيك ولا حاجه، انت كنت تعبان وكان لازم آخد بالي منك."
عمار: "طب أنا هحكيلك وتوعديني كل اللي هحكيه ميطلعش برا واصل، مهما حصل يفضل سر بينا. وأنا بوعدك قدام ربنا إني هحافظ عليكي وعلى مالك."
جمريه: "احكي يا عمار، أنا كنت حاسه إن في حاجه بس مش عارفه أفهمها."
يحكي لها عمار كل ما حدث من يوم وفاة أبيها ويحكي لها خطة أبيه وزوجته للاستيلاء على أملاكها.
عمار: "وأنا كنت معاهم في كل ده، والفلوس عامتني، بس جميلك اللي عملتيه فيا مطوجني."
جمريه: "أنا مش مستغربه يا عمار، أنا كنت حاسه بس كنت بكدب نفسي."
عمار: "إيه اللي خلاكي تجبلي إننا نعيش معاكي؟"
جمريه: "بنت وحيده، أخوها مسافر وملهاش حد. جولت أكيد أمي اتغيرت، وعاطفة الأمومة اتغيرت عندها."
ثم تبكي وتكمل: "ليه كده يا أمي؟ بتتآمري على بنتك عشان الفلوس؟ والله ما كنت هعز عنك حاجه. أنا بعد موت أبويا وبعد ما يوسف أخباره اتقطعت عني، أنا مش عايزه أعيش في الدنيا أصلاً."
يحاول عمار أن يلطّف الجو:
عمار: "بِت، أنا هحولك على سر إني عاشج وغرجان لشوشتي."
ثم يضحك: "متخافيش مش فيكي، دي هي زي القمر، مش عفشه زيك."
ثم يمسح دموع جمريه.
جمريه: "كتر خيرك أنا عفشه."
عمار: "اضحكي يا جمريه، واعتبريني مكان يوسف لحد ما ياجي بالسلامه. والله لاقف معاكي قصاد أبوي ومرته العجربة."
ثم يضحك: "لامؤاخذه نسيت إنها أمك... بس جوليلي يا جمريه، كيف زبيده دي أمك؟ دي أم 44 أحن منيها."
جمريه: "نصيبي يا عمار."
عمار: "بجى ملكيش نفس؟ وكلتي الوكل كله. تعالي أوكلك چيلاتي."
جمريه: "اسمه آيس كريم يا جاهل."
عمار: "ماشي يا ست المتعلمة. مكانش دبلون تمريض ديتي اللي هتتنطي بيه علينا."
جمريه (وهي تضحك): "على الأقل أحسن من اللي متعلمش واصل."
ذهب عمار وجمريه على الكورنيش ليأكلوا آيس كريم. بينما عمار يعطيه لها، في اللحظة دي رأتهم محاسن وصديقتها نجمه.
نجمه: "إيه ده؟ مش ده عمار؟"
محاسن: "هو فين؟"
نجمه: "هناك أهو، ومعاه سنيورة بياكل جيلاتي."
تنظر محاسن وتقول:
محاسن: "آه يا محروج يا ود المحروج يا عمار. بجى أنا جلبي واكلني عليك وانت عتتسرمح مع البنات."
نجمه: "يلا بينا نهجم عليه ونعرفه إن احنا شوفناه."
محاسن: "لأ، يلا بينا نمشوا."
نجمه: "وانتي اللي كنتي رايحه تتسلفي فلوس عشان تدهاله. بس فالح يتحكم فيكي: مترجصيش، متضحكيش مع حد، حتى النجوط محرمك تاخديه. كل ما حد من الزباين يتحدد معاكي يجلبها عركة."
محاسن: "يلا بينا يا نجمه، بلاش رط كتير."
نجمه: "خلاص، اديني سكت."
تذهب نجمه ومحاسن للمولد.
نتابع مع عمار وجمريه:
عمار: "ها، حفظتي الخطة زين يا جمريه؟"
جمريه: "تمام، متجلجش."
عمار: "أنا هوصلك وهروح مشوار عند حبيبتي."
جمريه: "روح، بس نفسي تعرفني عليها."
________________________________
في المولد ، كانت نجمه تجلس بجوار محاسن في غرفتها. محاسن كانت شاردة، وملامح الحزن واضحة عليها.
نجمه: "شوفتي الخاين ود المركوب؟ كان بيلف راسك ويضحك عليكي. مش كنا فضحناه؟"
محاسن: "مناجصينش فضايح."
نجمه (بغضب): "بجي انتي اللي زينة الشباب، والرجالة كلهم عيتلموا تحت رجليكي. كلهم عيشرحوا الجلب وانتي مسكالي عمار عمار عَحبه عَحبه! أهو ربنا كشفه وجاعد يطفح مع واحدة وانتي ولا على باله يا محاسن."
محاسن : "بكفاياكي، عاوزه أنام."
نجمه: "عتنامي من دلُوك؟ ومعترجصيش؟ النهارده عيبقى فجر من كله. شاله يحل عليك بالمرض يا عمار يا ود أمين!"
محاسن (بانفعال): "متدعيش عليه. غوري من وشي، واللي يسألك عليا، جوليله ماتت."
نجمه : "بعد الشر عليكي، شاله هو وناسه."
خرجت نجمه من الغرفة تاركة محاسن غارقة في بكائها.
وصل عمار بعد قليل إلى المولد ومعه هدية لمحاسن. قابلته نجمه خارج الغرفة، وكانت ملامحها غاضبة.
عمار: "فينها محاسن أمال يا نجمه؟"
نجمه: "عيانه."
عمار (بلهفة): "عيانه؟ مالها؟"
نجمه (بشخط): "تصدج ياض انت معندكش هبابه دم؟ فارجنا يلا وغور من هنا!"
عمار: "مالك يابت، في إيه؟"
نجمه: "مش عارف في إيه؟ ياعينك ياجبايرك، صح! ما انت عنيك غليضه يا أخي!"
عمار (بانفعال): "متنطجي يابت المركوب، في إيه؟ منجصكيش!"
نجمه: "يعني معارفش انت عملت إيه؟"
عمار: "والله ما عملت حاجه. متخلصي يابت الفجريه وجوليلي في إيه."
تحكي له نجمه ما حدث:
نجمه: "محاسن من وجتها وهي عيانه ومش طايجه نفسها، ومش راضيه تتحددت مع حد."
عمار : "يا حبيبتي يا سونه، عتغيري عليّ؟"
نجمه: "انت ساجع كده ليه؟"
عمار: "بس يابهيمه انتي. خشي صحيها."
نجمه: "جالت معوزاش تشوف حد ولا تتحددت مع حد."
عمار: "وهو يعطيها 200ج: كده تصحى ولالا؟"
نجمه (بابتسامة خبيثة): "ده أنا أصحيلك أبوها من الترب!"
عمار: "طب غوري صحيها يلا."
تذهب نجمه لتوقظ محاسن.
نجمه: "محاسن، عمار برا."
محاسن (وهي تبكي): "أنا مش جولت متصحنيش!"
نجمه: "يابت اصحي، ده بيقول إنه مظلوم وإنها جريبته."
محاسن (بسخرية): "جريبته مين ده مجطوع!"
نجمه: "يا ستي اسمعيه، ولو معجبكيش الحديت ابجي أكرشيه."
محاسن: "طب دخليه."
تذهب نجمه وتسمح لعمار بالدخول. دخل وهو يشعر بالتوتر، وقلبه يدق .
عمار: "مالك يا حبيبتي؟ اسمالله عليكي."
محاسن (بحدة): "أنا لا حبيبتك ولا أعرفك. ونويت أتجوز أي واحد من اللي بيتقدمولي."
عمار : "ده أنا اجتله زاجتلك واجتل حالي وراكي. اسمعي الحديت زين."
بدأ عمار يحكي لها كل ما حدث وخطته مع جمريه.
عمار: "أنا كنت ناوي أضحك عليها، لكن بعد اللي حصل منها لازم أقف معاها. ولازم تجفي جاري يا محاسن."
محاسن : "الحمد لله إن ربنا هداك وبعدت عن مرت أبوك الشطانه. طب وانت هتعمل إيه؟"
عمار: "لازم أكتب عليها السبوع الجاي."