الفصل السادس عشر من #زيغه_الشيطان
#أضواء_مبعثرة
بقلم فاطمة محمد & فاطمة طه سلطان.
_______
اذكروا الله.
_______
لا نحب حين نختار، ولا نختار حين نحب.
عباس محمود العقاد.
________
صدح رنين هاتفه عاليًا، لم يستجيب له، فكان في عالمه الخاص بها، يريد امتلاكها بأكملها فحتى الآن لم يحصل على ما يريد ويتوق، فـ إستسلامها يجعله يفقد عقله…
لم يتوقف رنين هاتفه، فـ ابتعدت عنه هامسة بخفوت:
-التليفون يا شهاب.
أجابها بهمس مماثل من فرط مشاعره الثائرة مطوقًا وجهها براحة يديه:
-سبيه يرن…
عاد يكمل ما يفعله، ثوانِ وكانت تبتعد عنه ثانية موقفة إياه مرة ثانية فهاتفه لا يتوقف عن الرنين، متحدثة بخجل:
-رد الاول اكيد في حاجة مهمة، التليفون مبطلش رن، رد بقى..
ازدرد ريقه ونهض معتدلًا مخرجًا الهاتف من جيب بنطاله…
توتر من هوية المتصل، فرفع عيناه يطالعها متمتم بنبرة حاول بها أخفاء توتره:
-خليكي زي ما أنتِ هرد واجيلك إياكي تتحركي.
ابتسمت له بخجل وراقبت مغادرته الحجرة….
خارج الغرفة...
وضع الهاتف على أذنيه مجيبًا عليها فقد قطعت تلك اللحظة التي كان يتوق لها:
-ازيك يا دودي.
ردت داليا على الفور، وصاحت بصوت يشوبه بعض العصبية:
-ابوك فين يا شهاب، بتصل عليه تليفونه مقفول وانا محتاجه أوصله ضروري.
قطب حاجبيه، وقال:
-مش عارف بابا فين، بس م
قاطعته قائلة:
-انا مش لسة هدور عليه، وبما انك رديت يبقى أنت اللي هتساعدني يا شهاب.
قلب عيناه مللًا نادمًا على انصياعه لـ ريما وإجابته على الهاتف، فلولا إلحاحها ذلك لكانت بين يديه الآن يبثها مشاعره تجاهها…
خرج صوته مكتومًا أثر غيظه:
-خير إيه اللي حصل ؟
هتفت على الفور موضحة له ما تنوي ابنتها الحمقاء فعله :
-بتول يا شهاب أتجننت رسمي، معرفش أمجد لاعب في دماغها ولا عامل ايه، بنتي أتجننت وبدمر مستقبلها، عايزة تسيب الشغل وفاتحت بوسي في الموضوع عشان تقدم مكانها السيزون ده.
احتلته الدهشة وصاح بتساؤل:
-ازاي يعني الكلام ده، ده برنامجها.
-مش بقولك أتجننت.
زفر زفره عنيفة ثم رفع يديه ومسح على وجهه، متمتم على مضض:
-طيب وانا المفروض اعمل إيه، انا خلاص مليش دعوة بالحوارات دي، بابا هو اللي
كاد يكمل لولا مقاطعتها له، صائحة:
-ملكش دعوة ازاي يعني يا شهاب وبعدين قولتلك فهمي مبيردش.
أغمض عيناه لوهله، فـ تابعت بنبرة شبه مترجية:
-عشان خاطري يا شهاب اتكلم معاها أقنعها متخليهاش تسيب الشغل، شغلها هو مستقبلها، وبعدين متقلقش أمجد مسافر يعني مفيش حاجة تمنع انكم تتقابلوا وتتكلموا.
قضم شفتيه وصمت لبرهة مفكرًا في ريما القابعة بالحجرة، فلو فعل ما تريده داليا سيخسرها لا محال وهذا ما لا يرغب به، إذن سيطاوعها الآن ويهدء من روعها وغدًا سيتواصل مع والده حتى يحل هذا الموضوع بدلًا منه..
تنهد وهو يجيبها بهدوء كاذبًا:
-ماشي مدام أمجد مسافر يبقى هكلم بتول بكرة عشان نتقابل..
اتسعت بسمة داليا و اردفت بأمتنان:
-يعني مش عارفة اقولك إيه بجد.
-متقوليش حاجة أنتِ عارفة بتول بالنسبالي إيه…
أغلق معها، والتفت حتى يلج الحجرة مرة أخرى… لكنه تسمر مكانه...بل تجمد وهو يراها تقف أمامه كالصنم ومن الواضح أنها تابعت حديثه واستمعت له..
تحرك خطوة...أثنان..هاتفًا بأسمها:
-ريما..
كاد يخطي الثالثة محاولًا التحدث وتبرير ذلك الموقف لها…
لكنها رمقته بنظرة جعلته يتمنى وقتها أن تنشق الأرض وتبلعه ولا تنظر له بتلك الطريقة التي كانت توحي..
بالخذلان….الانكسار...وربما ندم.
ندم على انجرافها خلف مشاعرها، معترفة له بحبها…
حتى أنها لم تنتظر أن يبادرها هو بحقيقة مشاعره، وسبقته هى كالحمقاء…
تساقطت الدموع على وجهها كحبات المطر…
فلم يتحمل رؤية دموعها، و ردد اسمها مرة أخرى متأملًا أن تنصت له وتصدقه:
-ريما والله والله العظيم ما كنت هكلمها ولا هقابلها انا بس كنت
لم تسنح له بأستكمال حديثه الكاذب في نظرها، مندفعة لداخل الغرفة متبدله من تلك الضعيفة المصدومة لآخرى باتت أكثر قوة…قوة تكاد تكون مخيفة ولا يدري أحد بعواقبها...
لحقها وهو لا يكف عن التبرير، لا يريد خسارتها..بل لا يتحملها إذا صح القول..
-ريما صدقيني والله كنت بطاوع داليا بس عشان تقفل و
التفتت له بلمح البصر صارخة بوجهه بصوت عالي و وجهه أحمر من شدة الغضب….
-أنت تخرس خالص مش عايزة اسمع صوتك، مش طايقة اشوفك قدامي، انا غلطانة أني حبيت واحد زيك..كداب...وغشاش…
انا غلطانة، وهغلط اكتر لو فضلت قاعدة معاك هنا…
هرولت تجاه خزانتها صاحبة حقيبتها كبيرة الحجم..
قذفتها على الفراش بعنفوان، وظلت تتحرك مجلبة ملابسها واضعة إياهم بعشوائية..
بينما هو كان لا يتحمل ما يراه..
يكذب ما تفعله وما تراه عيناه فهى لن تتركه بعدما تعلق بها واعتاد على وجودها في حياته، بل ومن المحتمل أنه لها عاشقًا..
لم تلملم جميع ملابسها، وضعت القليل، ثم انتشلت ما جاء بيديها و تحركت تجاه دورة المياة حتى تبدل ملابسها، صافعة الباب في وجهه…
وقف أمام الباب في الخارج، قلبه يتمزق أشلاًء متحدث بهدوء يغلفة ترجي
-طيب أنا آسف، آسف عشان جرحتك، وعشان رديت عليها، المفروض لما شوفت أنها هى مكنتش رديت، بس محبتش عشان متشكيش اني لسة حاسس بحاجة ناحية بتول، والله ما بقيت بفكر فيها حتى..
فتحت الباب رامقة إياه بنظرة حملت بين طياتها الكثير، ثم تحركت من أمامه فـ حاول إعاقة طريقها لكنها لم تسنح له دافعة إياه…
أغلقت الحقيبة وجذبتها من على الفراش، ثم حاولت جرها والتحرك صوب الباب، لكنه وقف أمامها كالسد المنيع، متحدث بنفي ورفض لرحيلها وتركه وحيدًا:
-مش هسيبك تمشي يا ريما، مش هسيبك…
توحشت عيناها وقسماتها مزمجرة فيه بشراسة:
-مش بمزاجك سامع مش بمزاجك، وهطلقني، ولو مش بمزاجك غصب عنك وهخلعك..
أنت سامع…هخلعك…
لم يبالي بحديثها فقط اقترب وانحنى قليلًا محاولًا أخذ الحقيبة من يديها، فدفعته بقبضتها وعندما حاول تكرارها مرة ثانية تركت الحقيبة واندفعت تجاه (التسريحة) الموضوعة بمنتصف الحجرة، ملتقطة قنينة العطر الخاص به، قاذفة إياها بالخزانة صارخة بجنون…
-أنا بكرهك، بكرهك، وعُمري ما هسامحك أنت سامع عُمري ما هسامحك يا شهاب.
لم تكتفي بتلك الفعلة فقط…
بل التقطت أخرى، ثم جاء دور اشياءها فلم تترد بتحطيمهم وتهشيمهم لعدة قطع…
هوى قلبه بين قدميه خوفًا عليها، فلم تكن بحالتها الطبيعية…
رفع يديه مستسلمًا امامها، محاولًا تهدئة روعها:
-طيب خلاص خلاص، هسيبك تمشي بس هوصلك…
صاحت بجنون:
-لا مش بمزاجك يا شهاب.
-افهمي الوقت متأخر مينفعش تمشي لوحدك في الوقت ده، مش أنتِ عايزة تمشي هسيبك تمشي وهوصلك مكان ما أنتِ عايزة يلا..
قالها بترجي، فردت بزمجرة قادمة من أعماق الجحيم:
-قولت لا أنت مبتفهمش…
هنا وأدرك أن تلك الطريقة لا تنفع معها، فقال بعصبية واضحة:
-طب اسمعي بقى لو عايزة تمشي من هنا انا اللي هوصلك ده لو حبة تمشي وتخلصي مني زي ما بتقولي غير كدة لا…
حل صمت مريب بالحجرة، مكتفية بتصويبة بنظرات كارهة نامقة، ثم اماءت له بموافقة وهى تجلب حقيبتها لا تستطع تحمل رؤيته اكثر، تنهد براحة واقترب محاولًا جذب الحقيبة وحملها بدلًا عنها، لكنها ابت ذلك…
وغادرت الحجرة وهى تجر الحقيبة… أما هو فلحق بها حتى يقم بأيصالها…
استقلت في المقعد الخلفي للسيارة وحقيبتها جوارها، أما هو تركها تفعل ما تشاء مدركًا أن معها كامل الحق…
صعد في مقعده المخصص بقلب متألم، فكان يظن بأن الليلة ستكن مثل الحُلم والحقيقة أنها باتت كابوسًا…
رفع يديه وقام بتوجيه المرآة تجاهها، ثم اشعل محرك السيارة حتى يصلها لمنزل اهلها فـ آتاه صوتها الذي كان كالجليد مخبرة إياه بعنوان رفيقتها مها التي ستمكث برفقتها….
بعد مرور بعض الوقت…
توقفت سيارته أسفل منزل رفيقتها الذي ما أن تناهى له العنوان حتى تحرك قاصدًا إياه..
لم تتمهل، ساحبة الحقيبة مغادرة السيارة غير ملتفتة خلفها لذلك المتألم…
ظل بالسيارة محاولًا التفكير بحل..
ثم اخرج هاتفه وجاء برقم والده، الذي أجابه بعد لحظات، فخرج صوت شهاب ضعيفًا:
-تليفونك مقفول ليه يا بابا؟
انتبه فهمي لنبرة صوته فقال بترقب وقلب قلق على ابنه الوحيد:
-مالك يا شهاب صوتك عامل كدة ليه أنت اتخانقت مع ريما ولا إيه..
أغمض شهاب عيناه تزامنًا مع عودته برأسه للخلف مريحًا إياها، ثم بدأ بقص ما حدث بينهم من شجار بسبب تلك المكالمة….
________
اليوم التالي…
يقبع أمجد بسيارته بمكان بعيدًا عن مدرستها لكنه يستطع من خلاله مراقبتها ينتظر خروجها...متلهفًا لرؤيتها..التي تشعره بأنها لاتزال على قيد الحياة...
رفع يداه ونظر بساعة معصمه فوجد أن ميعاد الانصراف قد حان وسيراها بعد ثوانِ فقط....
وبالفعل وقعت عينه عليها...وظل مثبتًا بصره عليها وكم تمنى الترجل والتحدث معها...
لكنها تظل آمال..وأحلام فقط!!!
لمعت عينه بدموع حبيسة...متألمة.. متذكرًا كلمات والدتها الراحلة..الذي سلبها منه عدوه اللدود....
-أنا مبحبكش يا أمجد...انساني بقى..انا ونجم هنجوز...انا بحبه هو....
هنا وانتفض جسده...وتشنج جسده متذكرًا رفضها له...وذهابها لأحضان الآخر....ضرب بكامل قوته على مقود السيارة من أمامه وصرخة مكتومة تخرج من فوه.....
________
- ادخل
قالها عامر بسأم وهو يجلس على الأريكة المتواجدة في غرفته، فمنذ ساعة يقبع بغرفته ويأبى الخروج منها منذ معرفته بوجود هبة ابنة عمه في المنزل كما أنه يفكر في المكوث في المزرعة حتى يتأكد من ذهابها…
دخلت هبة بمجرد سماعها موافقته، ليهتف عامر متأففًا وهو ينهض من جلسته فكان يظن أنه شقيقه ليسلمه بعد الأوراق الخاصة بالعمل الذي أجبره عليه حتى يترك الجلوس مع أصدقائه..
- يا نهارك أسود.
- لا مهوا أحمر أهو يا عامر..
قالتها بدلال بعد ضحكة ساخرة خرجت منها وهي تشير إلى عبائتها الحمراء..
نهض ممسكًا بذراعها بانفعال
- هو يا بنت **** .. هخلص منك أمتى ومن قرفك هو جوزك مش لامم خلقتك عننا ليه..
هتفت هبة بدلال وغنج وهي تحاول ملامسه عنقه بيدها الاخرى ساخره من كلماته:
- اصل قولتله سبني اروح ابارك للعريس..صحيح مين العروسة سمعت انها اخت خطيبة ايمن والله كويس جه حد فك العقدة كنا فاقدين الامل تتجوز بس غريبة معرفهاش..
- معلش الاشكال النضيفة اللي مش شبهك معدتش عليكي...
قالها بسخرية ثم هتف بغضب جامح
- بجولك ايه يا هبة قسما بالله لو ما اتلميتي هوريكي اللي عمرك ما شوفتيه ولا هيهمني الدم وأنك بنت عمي ولا اراضيكي والكلام الماسخ اللي واكله عجل ابويا بيه..
دفعها خارج الغرفة ثم أغلق الباب في وجهها فهتفت هبة بسُخط:
- هوريك يا عامر انا وانتَ والزمن طويل.
________
هبطت غرام من الأعلى وهي تحمل كتابين و(كشكول) محاضراتها..
مستغلة ذهاب رضوان وتوحيدة لزيارة أحد الأقارب وأن راضية في عملها وكذلك نجم، وياسمين تجلس في غرفتها لا تخرج منها..
فوجدت سندس التي عادت منذ قليل من المدرسة تجلس على الاريكة بعدما ابدلت ملابسها وبجانبها بعض من الكتب المدرسية الخاصة بها مبعثرة وحقيبتها ملقية على الأرض بأهمال، فأخذت غرام تلك الحقيبة الملقاة ثم وضعتها بجانب سندس فهتفت سندس بحنق بمجرد رؤيتها، وبرزت عروقها وبشدة متذكرة كلمات صديقاتها اليوم عما حدث لإحدى صديقتهم بمجرد زواج أبيها باخرى:
- سيبي حاجتي زي ما هى، انا لو عايزة اشيلها من الأرض كنت شلتها مش مشلولة أنا…
- انتِ حماقية كده ليه يا سندس، سبحان الله اللي يشوفك بتكلمي نجم او بتكلمي أي حد في البيت غيري ميشوفش طريقتك معايا..
كانت غرام تتحدث بنبرة هادئة ومرحة لتجلس بجانبها، فهتفت سندس ببرود شديد:
- يمكن لاني مش عايزة اتعامل معاكي ولا عايزة اشوفك..
- ليه طلعت الاولى على الفصل، ولا باكل السندوتشات منك في الفسحة يا سندس…
كانت تتحدث بمرح ودعابة وتحاول الا تنزعج من حديثها فهي كانت تتوقعه من الأساس، لتمد يدها وتعبث في خصلات شعرها الفحمية والناعمة الغزيرة، فاستكملت حديثها وهي ترى قسمات وجهها على وشك الفتك بها:
- على فكرة مامتك كان شعرها حلو زيك، عارفة اني لما كنت باجي وهي لسه عايشة كنت بقولها اديني سر الخلطة علشان شعري يكون زيك…
رمقتها سندس باستغراب فهل هي تمدح في والدتها حقًا أم أنها هي من تتخيل، فهتفت بجمود أجادت صنعه :
- وانتِ ليه بتقوليلي كده ويعني انتِ بتحبيها مثلا..
- وهكرها ليه يا ام لسان..حسناء الله يرحمها كانت زي القمر ومكنش فيه منها…
- لو كنتي بتحبيها مكنتيش اتجوزتي بابا..
قالت كلماتها بانزعاج شديد وتذمر لتحاول غرام تكوين أجابة منطقية يمكن لعقلها أن يستوعبها، فتلك الفتاة ليست ساذجة كما كانت تظن في الماضي، فتنحنحت ثم هتفت بتفكير:
- ما انتِ كنتي بتكرهي جدتك..
- يا سلام انا عمري ما كرهت ستو توحيدة…
- لا مهوا ستو توحيدة مش أول واحده جدو رضوان يتجوزها، كان متجوز واحدة وربنا يرحمها ماتت واتجوز ستك توحيدة اللي انتِ بتحبي تنامي في حضنها..
- مدخلنيش في حاجات مفهمهاش علشان تتوهيني عن سؤالي..
تركت الكتاب والقلم لتعقد ساعديها، فهتقت غرام:
- سندس انا بحبك وانتِ زي اختي الصغيرة، جوازي من نجم ميفرقش حاجة معاكي مش كنتي بتحبيني وبتحبي تقعدي معايا انا وياسمين، ايه اللي اتغير لما اتكتب كتابنا، الناس بتموت وتعيش ده حال الدنيا والحياة بتستمر وبعدين انا مش شيطانة وطالعلي قرون..
- مريم صاحبتي مرات أبوها بتضربها كل يوم، وبتيجي عنيها ورمة وجسمها ازرق من واحنا في ابتدائي وبسببها أبوها مبقاش يحبها..
هتفت غرام بنبرة حانية:
- وانا مش شريرة للدرجاتي، اعتبريني اخت ليكي، ممكن نذاكر سوا وممكن تحكيلي اي حاجة حابه تتكلمي فيها؛ وبلاش تحكمي من كلام حد، مش المفروض تتعاملي معايا كويس ولو لقيتي تصرف مني وحش ساعتها بقى تزعلي وتاخدي جنب مني…
صمتت ثم هتفت بمرح شديد:
- ولا اقولك روحي اشتكي ستو توحيدة لو عملتلك حاجة تزعلك وهتضربنا انا وانتِ..
لتبتسم سندس رغمًا عنها، فصاحت غرام بنبرة هادئة:
- عرفت أنك بتشتكي من الانجليزي، وانا شاطرة فيه جدا وممكن اساعدك فيه، واهو يبقي بقدم السبت، وانتِ تقدمي الحد إيه رأيك..
نظرت لها بتفكير وهي تحاول أن توزن العرض في عقلها، فهتفت وهي تزم شفتيها:
- وأنا هقدملك الحد ازاي..
- تساعديني في تحضير الغدا قبل ما الكل يجي ونجية جوا معانا تساعدنا ونقولهم اننا عملنا الأكل إيه رأيك وممكن نجيب ياسمين كمان…
- خلاص هفكر..
قالتها بغرور فهتفت غرام بمرح:
- تبًا لكي يا مغروره، ويلا ياستي طلعي كتابك وقوليلي ايه اللي عندك مشكلة فيه وانا هذاكرهولك وهذاكر محاضراتي ونعمل الاكل اتفقنا؟؟
ردت سندس والابتسامة ترتسم على ثغرها:
- اتفقنا ...
انتهوا غير مدركين بتواجد نجم الذي ابتسم متابعًا الموقف دون أن يجذب أنظارهم سعيدًا بحديث غرام واستجابة ابنته لها.….
_________
في مكان شديد العتمة عدا من تلك النجوم اللامعة التي تزين السماء الصافية….
مكان كان خالي كالصحراء...
كانت تقف في المنتصف تتلفت حولها بأعين تائهة بفستانها الأبيض محاولة إيجاده….
هتفت بأسمه بصوتها الناعم فالخوف من تلك العتمة وذلك الخلو يسيطر على كل أنش بها..
-أمجد...أمجد أنت فين؟؟؟ انا خايفة…
لم يآتيها جواب..فـ بدأت بالسير ببطء ورأسها لا تتوقف عن الالتفات حولها.
ازدادت خفقاتها وهى تشعر بـ يد وضعت على كتفيها من الخلف.
استدارت على الفور ظننًا بأنه هو، لكنها لم تجد أحد ولم تستطع رؤية شيء...
ازدردت ريقها خوفًا….وتابعت بخفوت:
-أنت فين يا أمجد انا خايفة أوي انت…
ما لبثت أن تنهي جملتها حتى وجدت ضوء ساطع يأتي من مكان بعيد لم تستطع تحديد مكانه أنار لها طريقها…
تسللتها الراحة نوعًا ما، ثم تابعت سيرها بحثًا عن زوجها....
ظلت هكذا بعض الوقت...وحيدة...ضعيفة...كل ما تتأمله هو أن يظهر أمامها ويرحلون من هذا المكان المخيف..
-بـتـول سـاعـدينـي..
توقفت عن السير مستمعة لصوته يناجيها ويطلب مساعدتها…
لم تفكر لحظة أخرى واسرعت بالخطى وهى تردد بصوت عالي وقلق وخوف على معشوقها لا يهمها بتلك اللحظة رهبتها من المكان فقط هو من شغل بالها:
-أنت فين يا أمجد...أمجد...رد عليا…
ظلت تهرول..عينيها تجوب بالمكان بأنفاس لاهثة..متسارعة..
وأخيرًا استطاعت رؤية شيء...
اقتربت من ذلك الشيء التي لم تستطع تحديده، وما أن تقدمت حتى وجدت ما يشابه بحيرة صغيرة ولكنها كانت عميقه...
شيء ما يتحرك بها...
اختلج قلبها وتباطأت حركتها..
هنا وظهرت يداه من تلك البحيرة ثم عقبها رأسه، محاولًا الخروج…
ارتعبت..لا تتذكر بأنها ذعرت من قبل لتلك الدرجة..
لم تتردد من الاقتراب منه ومحاولة إنقاذه..
ظلت تحاول وتحاول وتحاول...
لكنها فشلت فشلًا ذريعًا أعاقها ابتعاده، قذفت في المياة وظلت تسبح علها تلحق به...وما أوقفها لون البحيرة الذي تبدل وبات أحمر اللون...ليصتبغ فستانها الأبيض ويصبح أحمر اللون !!!!!
شهقت بتول بفزع مستيقظة من نومها...بل من كابوسها ذلك مضيئة أنوار الحجرة…
شاعرة بحبيبات العرق التي تزين جبينها.. ودموعها الذي تتسابق على وجهها...
رفعت يديها والتقطت هاتفها من جوارها، مقررة مهاتفة معشوقها بتلك اللحظة متناسية أي شيء قد بدر منه، مقررة مسامحته....
في الصعيد..
دخل أمجد المنزل والضيق يعتريه، مازال غاضبًا وبشدة من بتول ومن كل شيء ومن نجم أيضًا فخرج لعله يشعر بالراحة بمفرده…
صدع صوت هاتفه وهو يغلق الباب ليشعر بالقلق فمن سيتصل به الآن؟؟! هل هناك خطب ما؟؟!
أخرج هاتفه من جيبه، ليجد أن المتصل بتول ليجيب عليها فورًا في نبرة قلقة ولهفة لم يستطع أخفاءها خوفًا من أن يكن قد أصابها مكروه
- الو... بتول حصل حاجة انتِ كويسة ؟!
جاءه صوتها الضعيف وعلى ما يبدو أنها تبكي بشدة...
-انا كويسة متخافش...قولي أنت كويس؟؟
-كويسة ازاي يا بتول، انتِ بتعيطي صوتك مش طبيعي في إيه متجننيش..
قال امجد كلماته بقلق شديد فصوتها لا يعبر عن خير ابدا فألمه ذلك الضعف الذي يتواجد في نبرتها وبكاءها بعيد عنه...
فهتفت بتول بنبرة مشتاقة وقلقة والدموع تنهمر منها..
-أمجد أرجع أنا بحبك والله بحبك رغم كل حاجة، أمجد انتَ وحشتني وعايزاك تيجي حالا وأشوفك بأسرع وقت.
لا يدري هل يجب أن يقلق من صوتها أم تهلل أساريره لاعترافها بأنها تشتاق له، فعلق بنبرة خافتة
-انتِ كويسة طيب؟؟ بتعيطي ليه فهميني متقلقنيش ابوس ايدك..
-انا كويسة يا امجد..انتَ وحشتني وعايزاك جنبي مش قولت أنك هتيجي وأنك هتوحشني وانتَ مكدبتش تعال علشان خاطري..
هتف والابتسامة ترتسم على ثغره:
-جاي يا بتول، مينفعش تقولي لامجد وحشتني وميجيش، انا منمتش من امبارح وكنت صاحي ورغم كده صدقيني ما هنام وهجيلك علطول يا نور عيني، بطلي عياط بس…
أردفت بتول بنبرة خافتة وقلب مذعور:
-حاضر أنا هستناك مش هنام يا امجد الا لما أشوفك…
__يتبع__
Fatma Taha