الفصل السابع والعشرون
كانت امانة تستعد للمغادرة مع نيللى ووالدتهما وسط الكثير من المرح والسعادة والغناء ليستوقفها نوح وينتحى بها جانبا وهو يقول : هترجعى امتى
امامة : مش راجعة
نوح بدهشة : يعنى ايه مش راجعة
امانة : يعنى البنات كلهم هيباتوا هناك لان الميكاب ارتيست هيجولهم هناك من بدرى
نوح ببعض الغضب : طب مش المفروض كنتى تفهمينى حاجة زى كدة
امانة بهدوء تام : معلش ، ماجاش فى بالى
نوح وهو يحاول العودة الى طبيعته : طب وانتى مش محتاجة حاجة ولا عاوزة تشترى حاجة
امامة : لا الحمدلله مش محتاجة حاجة
نوح : يعنى مش محتاجة فستان تحضرى بيه الفرح
امانة : لقيت ماما جابتلى
نوح : طب مش المفروض ان انا اللى كنت جبتلك الحاجات دى
لتصمت امانة لبرهة ثم تقول بتنهيدة : الوقت كان ضيق وهى كتر خيرها وفرت عليا الوقت والتعب واختارتهولى هى ونيللى
ليصمت نوح وهو يحاول الوصول الى عينا امانة من خلف نقابها ثم قال : ارفعى النقاب من على وشك يا امانة ….عاوز اشوفك وانا بتكلم معاكى
لترفع امانة النقاب عن وجهها الذى يبدو عليه بعض الجمود ليقول نوح : عاوز اسالك سؤال وتجاوبينى بصراحة
أمانة : من غير ماتطلب ده ، انا على طول صريحة
نوح : لما ايمن قال اننا نتجوز معاهم وانتى اعترضتى ، كان عشان الشغل بصحيح
أمانة : لا
نوح : طب ليه
أمانة: انت طلبت وقت ، وانا حبيت اديهولك ...واديه لنفسى كمان
نوح : يعنى
امانة : كلامى واضح يانوح
نوح : مش كله يا امانة ، فهمت انك بتلبيلى رغبتى ، لكن فرصة لنفسك لايه
امانة : انى اصدقك يانوح
نوح : هو انتى مش مصدقانى ...انا ماكدبتش عليكى يا امانة
امانة : انا ما قلتش انك كدبت عليا ، لكن محتاجة احس بصدقك يانوح ، فى حاجات ماينفعش فيها الكلام ، بتبقى لازم تتحس ، وانا محتاجة ده يا نوح ، وبشدة
نوح : بس لما كنا فى المستشفى …
امانة : لما كنا فى المستشفى انت كنت تعبان ، وموجوع ، وناس داخلة وناس خارجة ، لاكان وقته ولا مكانه ، وعشان كده انا سمعت وبس
نوح : ولو ماكنتش سالتك دلوقتى ، ماكنتيش هتقوليلى الكلام ده
لتنظر امانة الى الاسفل لبرهة ثم ترفع راسها وتنظر لنوح ببعض التركيز وتقول : اسمع يانوح ، انا طول عمرى مابحبش المهاترات ولا المناقشات الكتير ، لكن بحب اخد وادى مع نفسى بما فيه الكفاية انى اطلع بقرار ما اندمش عليه بعد كده مهما حصل
نوح ببعض القلق: تقصدى ايه بكلامك ده
امانة : اقصد اننا فى كل الاحوال ولاد عم ، سواء اتجوزنا او ما اتجوزناش ، وانت اصلا عمرك ماحبتنى ، يعنى لو جه وقت وسيبنا بعض مافيش حاجة هتنكسر بينا ، وهنفضل برضة ولاد عم
نوح بصدمة : انتى بتفكرى اننا ممكن ننفصل
امانة : كل شئ وارد
ليمسكها نوح من معصمها ببعض القسوة قائلا : انتى تشيلى الموضوع ده من دماغك نهائى
امانة : عشان الوصية ؟
نوح ،: وعشانى وعشانك
ليصمت نوح وهو يتجول فى معالم وجهها باستغراب ثم قال : حبك ليا راح فين
امانة ببعض التوتر : حب ايه اللى بتتكلم عنه
نوح بسخرية : حبك ليا اللى كان فى عيونك وتصرفاتك من وانتى لسه فى ثانوى ، حبك ليا اللى حتى ايمن اخوكى اللى لسه يادوب بيعرفك لاحظه واتكلم عنه ، لدرجة انه قلق عليكى لما عرف انى اتصابت ودخلت المستشفى زى ما قاللى قدامك
امانة وهى تسحب يدها من يد نوح : سبحانه مغير الاحوال
نوح باندهاش : يعنى ايه ، لحق قلبك يتغير من ناحيتى كده بكل سهولة
امانة : مش بسهولة ابدا يانوح ، ومش هنكر كل الكلام اللى انتى قلته ، لكن هفكرك بكل اللى انت عملته ، وهسيبك انت بنفسك تحكم على نفسك ، وياريت كفاية كلام لحد كده ماما ونيللى مستنيينى
لتتركه امانة وتنصرف بعد ان اسدلت نقابها على وجهها واتجهت الى السيارة لتنطلق مع هدى ونيللى الى وجهتهم
……………………..
كانت الحديقة بفيللا عبد الراضى مزينة بالورود والزينات وكان يحتلها الكثير من المدعوون ، وكانت الشمس ساطعة والجو ملئ بالبهجة وسط الاغانى والفرح والسعادة من الجميع باجواء الحفل الذى اعتبره الجميع مميزا لكونه مقام فى الصباح
وبعد عقد قران ايمن ونيرة ..بدأت مراسم الاحتفال بالزفاف الثلاثى الذى كان يقوده ايمن بجدارة ، فكان ايمن يبدو عليه السعادة الشديدة وكأنه فاز بجائزة اليانصيب ، وقد امضى معظم الحفل وهو يراقص نيرة محتضنا اياها بصدرة
اما حاتم فقد راقص نيللى الكثير من الوقت هو الاخر ولكنه لبى نداء اصدقائه للاحتفال به كما يفعل الشبان فى تلك المناسبات وترك نيللى بصحبة صديقاتها
اما اسامة فكان يجلس بجوار خديجة التى رفضت رفضا تاما القيام من مكانها بعد رقصة السلو الافتتاحية ،فبعد الانتهاء منها والعودة لاماكنهم ، عندما طلب منها اسامة الرقص مرة اخرى رفضت تماما متعللة بانها خجلة من كل هذا التجمع ، ليجلس اسامة بجانبها وهو متبرم مغتاظ
اما امانة فكانت تتنقل بين اخوتها تهنئ هنا وتشارك الفرح هنا وتسأل هذا وتساعد ذاك تحت نظرات نوح التى كانت تتابعها فى كل خطوة وحركة وهو يتذكر عندما رفضت طلبه مراقصتها بحجة انها لا تجيد الرقص ولكنه احس بان امانة تفلت من بين يديه دون ان يستطيع السيطرة على ذلك
وعندما حانت لحظة انصراف العرائس والعرسان ودعهم الجميع بسعادة ، ثم استعد المدعوون للمغادرة ليذهب نوح الى امانة طالبا منها اصطحابها للمغادرة معا ليجد هدى تقول : اصبر يانوح ، ده والد حاتم ونيرة عازمنا على العشا
نوح بحرج : معلش ياطنط ، ممكن تعذرينى انا ، انتى عارفة ان لسه الجرح بتاعى بيشد عليا من المجهود ، فمحتاج اروح استريح ، وكمان عشان السفر بكرة
هدى : هو لازم بكرة يعنى ، ماكنتو اجلتوها يومين واللا حاجة وانت كمان لسه مااستردتش صحتك
نوح : مانتى عارفة ياطنط ، الموقع حاليا يعتبر مافيهوش اشراف وعشان كده لازم نرجع انا والامانة ، على ما العرسان يرجعوا بالسلامة
هدى : طب ممكن تستريح هنا
نوح : معلش اعذرينى ، وسيبينى براحتى
هدى : خلاص ياحبيبى اللى يريحك ، روحى مع جوزك يا امانة
امانة وهى تتحرك بروتينية : هو انت جاى بعربيتك واللا مع حد
نوح : بعربيتى
امانة وهى تتجه الى الخارج : يبقى هنمشى ورا بعض
نوح : طب ماتيجى معايا ونبقى نجيب عربيتك بعدين
امانة : لا ، مابحبش اسيبها فى مكان غريب عنى
نوح : طب تحبى نروح اى مكان نتعشى سوا الاول
امانة : خلينا نروح نتعشى فى البيت ، انا كمان تعبت ومانمتش من امبارح ، وعندنا سفر بكرة ان شاء الله ، العربية اللى هتوصلنا الموقع هتعدى علينا بكرة ان شاء الله على الساعة ٨ الصبح
نوح : خلاص ، ياللا بينا ، بس سوقى على مهلك
…………………..
عند ايمن ونيرة
على طائرة متجهه الى فيينا يجلس ايمن بجوار نيرة وهو يحتضنها الى صدرة بحب وفرحة شديدة ويقول : انا مش مصدق انك بقيتى بتاعتى
نيرة : ولا انا كمان مصدقة ، حاسة انى بحلم ولما افوق هلاقينى نايمة فى اوضتى وان كل اللى فات ده حلم طويل
ايمن وهو يتغنى باغنية عبد الحليم : لو كان ده حلم ياريته يطول علشان نفضل نحلم كده على طول
لتضحك نيرة ثم تساله : اشمعنا فيينا
ايمن : كنت دايما بتخيل نفسى معاكى واحنا راكبين مركب وبنتفسح سوا ، وفيها كتير اماكن حلوة هتعجبك ، ثم تغنى قائلا ...دى ليالى الانس فى فيينا ..دى فيينا روضة من الجنة ، نغم فى الجو له رنه ...سمعها الطير شدا وغنى
نيرة بابتسامة : ده انت مستمع جيد للطرب القديم
ايمن : لان حبى ليكى على الطراز القديم
نيرة : هو الحب فى منه طراز قديم وطراز جديد
ايمن : طبعا ، انا حبى ليكى ، زى حب عنتر لعبلة ، قيس لليلى ، احمد لمنى
نيرة باستغراب : مين احمد ومنى دول
ايمن ضاحكا : معرفش ، بس كل الافلام الابيض والاسود لما كان يبقى قى قصة حب صعبة كان يبقى الابطال اسمهم احمد ومنى
نيرة بابتسامة : واحنا بقى حكايتنا كانت صعبة
ايمن : كانت مزروعة بالالغام ومحاطة بالاسلاك الشائكة
نيرة : بس عديتها
ايمن وهو يتحدث امام شفتيها: ده لانى حلفت انى لا يمكن اسيبك ابدا ليلتقط شفتيها فى قبلة طويلة ليستند برأسه بعدها على راسها وهو يهمس : بحبك يا احلى حاجة حصلت فى حياتى
……………………..
فى طائرة شرم الشيخ يجلس اسامة وهو ممسك بيد خديجة والتى تغمض عينيها فى سبات عميق وسط غيظ اسامة الشديد وعندما اتت المضيفة لتسأله ان كان يرغب بطلب شئ ما
اسامة : ياريت لو نسكافية بلاك من فضلك
المضيفة بابتسامة مرحة : طب اجيب حاجة للعروسة واللا هتسيبها نايمة
اسامة : لا هسيبها نايمة احسن عشان بتخاف من الطيران
بعد ان احتسى اسامة النسكافية سمع اسامة الطيار وهو ينبه الى انهم على وشك الهبوط ليتمم اسامة على حزام الامان الخاص به وبخديجة وبعد ان هبطت الطائرة بسلام ينادى اسامة على خديجة بحب قائلا : ديجا ..حبيبتى ..وصلنا
لتفتح خديجة عينيها وهى تتلفت حولها قائلة : انا فين
اسامة : فى الطيارة ياروحى ..وصلنا شرم خلاص ، حمدلله على السلامة
خديجة وهى تحاول الاعتدال : ايه ده هو انا نمت طول الطريق
اسامة بتنهيدة : ااه ياحبيبتى وسيبتينى لوحدى ، حتى المضيفة كانت عاوزة تحتفل بينا وانا مارضيتش اصحيكى وقلت اسيبك تنامى
خديجة بنظرة غضب : ااه واحتفلت انت بقى لوحدك مع المضيفة
اسامة وهو ينهض ضاحكا جاذبا اياها بيده : لا ياحبيبتى مااحتفلتش ، قلت استنى احتفل مع مرانى حبيبتى فى جناحنا فى الاوتيل براحتنا
خديجة بخجل : اختشى يا اسامة
اسامة بعبث : ده انا هختشى خشى مااختشاهوش مختشى قبل كده فى المختشيين
…………………
دخل حاتم فيلته الخاصة بارقى احياء القاهرة وهو يحمل نيللى بين يديه ثم انزلها فى البهو بعد ان اغلق الباب ورائهم وقام بتشغيل الاضاءة وقال : نورتى بيتك يا حبيبتى
نيللى وهى تجول بعينيها فى المكان : ميرسى ياحاتم ، البيت باين عليه يجنن ليقع بصرها على صورة معلقة فى احد الاركان ، لتكتشف انها اللوحة التى رسمتها للعائلة فى العيد عندما اجتمعت معهم امانة لاول مرة ، لتسال حاتم باستغراب : انت جبت اللوحة دى ازاى
حاتم : طلبتها من طنط هدى وهى اللى جابتهالى وانا بروزتها وعلقتها
نيللى بابتسامة : واشمعنى
ليضمها حاتم اليه وهو يقول : لانى وقعت فيكى بسبب اللوحة دى
نيللى بفضول : ازاى بقى
حاتم : كان تانى مرة اشوفك لما كبرتى ، لما بصيتلك وانتى مركزة فى اللوحة ماقدرتش اشيل عينى من عليكى واتفاجئت بمدى مهارتك وانتى بترسمى ودقتك رغم السرعة فى التوصيف ، ولفت نظرى توصيفك لنفسك فى اللوحة
نيللى : ازاى
حاتم : وصفتى نفسك بالوش اللى جوا الصنوق الازاز ، مش كده
نيللى بدهشة : تعرف انك تانى حد تفهم ده من لوحاتى
حاتم : ومين اول حد ياترى
نيللى : بابا ، بابا الوحيد اللى كان دايما فاهم ده
حاتم : وليه كنتى حاجزة نفسك بعيد عن اللى حواليكى
نيللى وهى تضع رأسها على صدر حاتم : لما بتحس بالغربة وسط الناس اللى بتحبهم بتلاقى نفسك غصب عنك عملت كده
ليرفع حاتم راسها بانامله وهو يميل عليها خاطفا شفتيها فى قبلة شغوفة ثم حملها بين يديه متجها الى الاعلى وهو يقول : مابقاش فى غربة ، بقى فيه نيللى وحاتم وبس ، ومن بكرة ان شاء الله اول محطة ...باريس ...مدينة العشاق
……………………
فى اليوم التالى يعود نوح بصحبة امانة الى الموقع لتنقضى ايامهما بين محاولات نوح المستمرة لاستمالتها اليه مرة اخرى وهى تارة يجدها غير مهتمة بالمرة وتارة مهتمة وتارة اخرى لايستطيع قراءة مايدور بذهنها او فهم مايدور بداخلها