رواية نوح والامانة الفصل الرابع عشر


 الفصل الرابع عشر

فى غرفة نوح
سهر : ها ...سامعاك ، ايه بقى حكاية المشروع اللى بتقول عليه ده
نوح بعدم اهتمام : ابدا ..احمد وغادة كان ليهم خال غنى جدا وماكانش عنده ولاد ، ولما مات ورثوه ، وكان من ضمن نصيبهم فى الميراث حتة ارض مساحتها كبيرة جدا فى الساحل ، وعاوزين يعملوها قرية سياحية
سهر وعينيها بريق الطمع : واشمعنى أمانة يعنى اللى عاوزينها
نوح : هم قالوا عاوزين شركة مقاولات تتبنى المشروع ويشاركوهم احمد وغادة بالارض
والشركة بالتكاليف ، فرشحتلهم شركة عبد الراضى
سهر : وليه مش شركتنا
نوح : لان شركة عبد الراضى معروفة بالمشاريع اللى زى دى ، وكمان مش طماعين اوى فى شروطهم زى عندنا
سهر بامتعاض : وعاوزين أمانة ليه
نوح : عشان هى اللى هتعرفهم طبعا على حاتم عبد الراضى
سهر بخبث : ااه طبعا ، ماهى حبيبة القلب
نوح بغضب : سهر ...ألزمى حدودك
سهر ببرود : أنهى حدود دى ، ماهى مامتك اللى قالت قدامنا أنه هيموت عليها وهى اللى مش معبراه
نوح وهو يعطيها ظهره وبعض على نواجزه : برضة مايخصكيش ، انا كل اللى عاوزه منك انك تقابليهم كويس وترحبى بيهم
……………………
فى اليوم التالى يفتح نوح الباب وهو يستقبل احمد وغادة بترحاب شديد
نوح : اهلا يا ابو حميد نورتنى ياحبيبى ، اهلا ياغادة نورتى ...الله ! اومال فين الولاد
غادة : ياعم الله يباركلك ...ولاد ايه ، انا النهاردة إجازة
احمد بضحك : ماصدقت خالتى قالتها ..ماتسيبى معايا الولاد على ماترجعوا ...راحت جارية وسيباهم لها
غادة بمرح : المصالح بتتصالح يا أخ
نوح ضاحكا : لأ واضح أن شغل المحاكم جايب نتيجة هايلة
احمد وغادة فى نفس الوقت : اومااال ...طبعا
لتأتى نعمة ضاحكة وهى تفتح ذراعيها لغادة قائلة : بقى كدة يابت ياغادة ...شهرين ماشوفكيش
لتبادلها غادة الاحضان بصدق وهى تقول : الا إذا كان انا ذات نفسى ماشفتنيش من ييجى سنة
نوح : ده اللى هو ازاى بقى
غادة : يعنى وحياتك ساعات بيعدى بالاسبوع من غير ماببص فى المراية ، حتى شعرى بسرحه غيابيا
احمد ضاحكا : ده أن سرحته اصلا
غادة : انى اعترض ، انا بسرحه كل يوم
احمد : انتى تحت القسم على فكرة
لتزوى غادة شفتيها وهى تقول بامتعاض : بسرحه بايدى مش بالفرشة….استريحت
احمد بانتصار : جداااا
لياتيهم صوت أمانة وهى تقول : هو انتو ناصبين المحكمة لبعض كده على طول
لتنهض غادة لتحتضن أمانة بحب واشتياق قائلة : وحشتينى يا أمانة ، عاملة ايه ياقمر
أمانة : الحمدلله فى نعمة ، ازيك يا استاذ احمد
احمد : الحمدلله يا أمانة ، انتى ايه اخبارك
أمانة : الحمدلله تمام



لتدخل عليهم سهر وهى فى كامل زينتها قائلة : مساء الخير
ليلتفت الجميع ناحيتها وهم يتفحصونها بأعينهم ليقوم نوح بتعريفهم إلى بعضهم البعض
سهر بابتسامة : نوح كلمنى كتير عنكم وقاللى انكم أصدقائه الوحيدين
احمد : ربنا يديم المعروف
غادة : وانتى ياسهر، مبسوطة فى مصر واللا لسه ما اتأقلمتيش
سهر ببعض التكبر : الحقيقة العيشة هناك غير ، فى فرق كبير اكيد
غادة : يعنى افهم من كده انك مش مبسوطة هنا
سهر : مش هخبى عليكى ، انا اتعودت على الرفاهية اللى هناك
احمد : بس برضة ، مصر حلوة بأهلها ، واحلوت اكتر لما نورتينا
لتنظر له سهر ببعض الدلال لتقول : ميرسى على ذوقك ..واضح انك جنتل مان بصحيح
احمد : انا راجل صريح ، ثم قال بمرح : والحلو اقوله ياحلو فى عيونه
ليتبادل الجميع الضحكات ليقول نوح : واضح أن شغل المحاكم علمك البكش
احمد : لا مااسمحلكش ، انا راجل حقانى اقول الحق ولو على رقبتى
نوح : طب ياحقانى قول لى نويت على ايه
غادة : ما انت لو تسمع الكلام يانوح ، مانتحوجش لحد ، أو على الأقل جزء مش لازم الكل
سهر : انا مش فاهمة حاجة
غادة : طب احضرينا انتى ياسهر واحكمى بيننا
سهر : قولى
غادة : الأرض بتاعتنا اتقدرت بملايين وعشان يتعمل عليها القرية السياحية اللى بنحلم بيها برضة محتاجة ملايين ،عشان لما تبتدى تشتغل برضة تجيبلنا ملايين ، بقول لنوح يدخل شريك معانا ولو بجزء صغير واحنا كلنا عارفين المشاريع دى بتكسب اد ايه وتبقى حاجة للزمن ملكه وبتاعته لانه هيبقى شريك فيها ، لكن هو بقى مش مقتنع ، حتى بقوله لو يتبنى جزء من الأرض يعمل عليها النادى الصحى اللى طول عمره كان بيحلم بيه ، وشوفى انتى بقى السياح بيحبوا الحاجات دى اد ايه
سهر وقد التمعت عيناها ببريق الطمع : وليه لا يانوح ، غادة بتتكلم كلام معقول جدا ، هو احنا هتفضل طول عمرنا بنشتغل ، اكيد هيبجى وقت هنحب أننا نستريح ونعيش وبس
ليتبادل نوح النظرات مع احمد وغادة
ولكنهم يسمعوا نداء أمانة تدعوهم لتناول العشاء فينهضوا ويتجهوا جميعا إلى مائدة الطعام فتقول غادة : أما أكلك وحشنى بشكل يا أمانة
سهر : بس ماما اللى عاملة الاكل مش أمانة
نعمة : وهو انا يابنتى بقيت اقدر اعمل حاجة ، دى أمانة ياحبيبتى اللى جهزت كل حاجة من امبارح وانا يادوب سويت الاكل النهاردة
احمد : تعبناكم والله ، تسلم ايدك ياطنط وانتى كمان يا أمانة تسلم ايديكى
أمانة : تسلموا .. والله انتو نورتونا وكنتم واحشنى جدا
احمد : انتى اللى قافشة على الدنيا وواخدة فى وشك على طول ، يابنتى بالراحة على نفسك شوية
أمانة : ليه بتقول كده
احمد : الدنيا مش كلها شغل يا أمانة ،عيشى شوية
أمانة : انا الحمدلله عايشة ومبسوطة
غادة : بقولك ايه يا احمد ماتلعبليش فى دماغ البنية الله يكرمك ، أمانة طول عمرها ملتزمة ومحترمة
نوح ضاحكا : اوبااااا ، الكلام ده كبير
غادة بسخرية : اصل صاحبك بقى من أنصار حرية المرأة
أمانة باستنكار : طب وايه دخل حرية المرأة بأنى مش عايشة من وجهة نظره
غادة : لا ياحبيبتى ، حرية المرأة بالنسبة له غير
أمانة : ازاى يعنى
لتنظر غادة لأحمد وهى تقول بامتعاض : يعنى الحرية من وجهة نظره فى المظهر والاجتماعيات والسكريات وكل الحاجات والمحتاجات
نوح ببعض الذهول : اكيد مش اللى فهمته
غادة : لا هو بالظبط اللى فهمته ، اوعى تشك فى قدراتك
احمد ببساطة : الحرية ياتبقى كاملة يا تبقى ماسمهاش حرية
أمانة : بس لو اللى فهمته مظبوط يا استاذ احمد فأحب اقوللك أن فى فرق كبير بين الحرية والانحلال
غادة بصوت عالى : قولي له
سهر : بس انا رأيى من رأى احمد ...الحرية مابتتجزأش
احمد بانتصار : اخيراااا ، اخيرا لقيت حد يشاركنى رأيى
نوح : اتلهى، دى اراء تودى جهنم
احمد : ليه يعنى ، كل واحد عارف كويس اوى الحلال من الحرام والصح من الغلط ، وهو حر يختار طريقه بمعرفته ، وماحدش شريكه
سهر وهى تنظر لأحمد بتفحص : واضح انك اوبن مايند على حق
احمد بمرح وهو يغمز بجانب عينيه لسهر: ماحدش واخد منها حاجة
سهر بخبث : وياترى القرية لما تعملوها هتبقى تمويل الشريك بالكامل واللا انتو برضة هتشاركوا بجزء
غادة : ارض الساحل عاوزين الشريك هو اللى يتكفل بيها ، لكن ارض الفيوم احنا اللى هنقوم بيها
نوح : وايه ارض الفيوم دى كمان ، ماجبتوليش سيرتها
احمد وهو ينظر لسهر وكأنه يأكلها بعينيه : دى تهبل يانوح
نوح : تهبل ازاى يعنى
احمد بانتباه : اقصد موقعها يعنى حلو جدا على البحيرة ، بس دى نأوى اعملها مجمع سكنى زى الكمبوند كده
نوح : بس دى تتكلف ملايين هى كمان
غادة : احنا مستنيين بس الفلوس اللى برة على ماتتحول وهنبتدى على طول أن شاء الله
نوح : فلوس ايه
غادة : مانت عارف خالو الله يرحمه عاش ومات فى كندا ، كان ينزل مصر يتحمس أنه هيفضل ويشترى أراضى هنا وهناك وبعد كده يرجع تانى ومايعملش ولا مشروع
بس اخر مرة كان هنا كان نأوى يبيع المزرعة بتاعته اللى هناك وييجى هنا نهائى ، بس مالحقش
نعمة : الله يرحمه يابنتى
وعندما فرغوا من الطعام اتجهت سهر لمجالسة احمد وغادة وتركت نعمة وأمانة كالعادة يلملمون المائدة وينظفون المكان و شاركتهم غادة تاركة احمد مع نوح وسهر وماهى إلا دقائق وسمع نوح صوت هاتفه فاستأذن من احمد ليرد على الهاتف فبقيت سهر وحدها مع احمد
احمد : بس انا فعلا بحسد نوح ، الواد ده طول عمره صاحبى ، بس اول مرة اعرف انه نمس وذوقه حلو بالشكل ده
سهر بدلال : انت مجامل اوى
احمد : انا بقول الحقيقة ، الصراحة لولا أن نوح صاحبى من زمان ، كنت قلت انك خسارة فيه
سهر وهى تضم شفتيها بابتسامة لعوب : ليه بتقول كده
احمد : يعنى …. واحدة فى جمالك ورقتك دى محتاجة واحد يدلعها ويهنيها ويخليها هانم ، مش تشتغلى وتتنططى من بلد للتانية ، المفروض تتنططى من بلد للتانية وانتى بتتفسحى ، وانتى بتعملى شوبنج ، وانتى بتفصلى مخك عن كل حاجة ، مش عشان تشتغلى ، الجمال ده اتخلق عشان يتخدم وبس
وقبل أن ترد سهر سمعوا صوت نوح وهو يقول : ماتآخذنيش يا احمد لو اتأخرت عليك
اوعى تكون زهقت
احمد وهو ينظر لسهر بخبث : حد يزهق وهو فى حضرة الجمال ده كله
نوح وهو يدعى الغضب : انت بتعاكس مراتى قدامى كمان
احمد : سهر دى مراة اخويا ، حد برضة يعاكس مراة اخوه
قالها وهو يتبادل نظرات صبيانية بينه وبين سهر التى كانت تتعمد النظر إليه بنظرات دلال من بين أهدافها وهو يقابل نظراتها بابتسامة من جانب شفتيه
وقتها عادت إليهم أمانة وغادة ونعمة من الداخل بالمشروبات قالت غادة : عاوزاكى يا أمانة بعد اذنك تشرحى المشروع للمهندس حاتم وتحددى لنا معاه معاد
ليندفع نوح قائلا : انا هتكلم معاه واشرحله كل حاجة ، ما انا نقلت شغلى مع أمانة من اول امبارح



سهر باستغراب : يعنى ايه نقلت معاها
نوح : حاتم طلب كل القسم التنفيذى يتنقل عنده عشان يبقى فى تنسيق من بداية التنفيذ
سهر بدهشة : يعنى انت دلوقتى فى قلب شركة عبد الراضى
نعمة باستغراب شديد : لا هو انتى يابنتى معاه فى الشغل وماتعرفيش اراضيه فين
سهر بعدم اهتمام : اصل تخصصاتنا بعيدة عن بعض ياماما وانا معظم شغلى برة
غادة : هو انتى بتبقى برة برضة حتى لو مافيش تعاقدات
سهر بلجلجة : لا ..ااه ااه ، يعنى على حسب ، بيبقى فى اجتماعيات تانية كتيرة بعيد عن الشركة من اختصاصات وظيفتى
لتنظر لها غادة بتركيز شديد وهى تقول : اممممم قولتيلى ، ربنا يقويكى
ثم تنهض قائلة : مش ياللا يا احمد عشان الولاد
احمد : ياللا بينا ، ثم التفت الى سهر وقال : نورتى مصر كلها ياسهر
سهر بابتسامة واسعة : مصر منورة بأهلها يا احمد ، فرصة سعيدة
ليتبادل الجميع السلام و انصرف احمد مع زوجته على وعد بلقاء اخر قريب
…………………………….
فى اليوم التالى بشركة عبد الراضى تجلس أمانة على منضدة الرسم الخاصة بها وهى تمارس عملها فى صمت تام ، فلم توجه اى كلمة لنوح منذ الصباح ، بل منذ زيارة احمد وغادة ، فقد ظلت صامتة تماما بعد مغادرتهم ولم تنطق الا بجملة : تصبحوا على خير ، التى قالتها وهى تتجه لشقتها حتى أنها لم تعطى فرصة لنعمة بأن تفتح معها اى حديث اخر
وفجأة يقذف نوح القلم من يديه بعنف وهو يقول : لا بقى كده كتير اوى
لتنظر له أمانة إلىه وتقول بخفوت : فى ايه
نوح ببعض الغضب: انتى اللى فى ايه ، انتى ليه ساكته كده ، انتى من امبارح مااتكلمتيش ولا كلمة ، وكل ما اكلمك تهزى دماغك من غير حتى ماتنطقى ، مالك ، فى ايه
لتطأطئ أمانة رأسها لبرهة ثم ترفعها ناظرة لنوح من خلف نقابها وهى تقول بزفرة حارة من صدرها : فى انى مصدومه
نوح وقد بدأ يهدأ بعض الشئ : من ايه
أمانة : من احمد ..ومن غادة ،ثم صمتت لثوانى وقالت وصدمتى الكبرى فيك انت
نوح بنصف ابتسامة : ليه بتقولى كده
أمانة : لو انت مش عارف ليه ..تبقى مصيبة ، ولو انت عارف …. تبقى المصيبة الاكبر
نوح بحنان : ولو طلبت منك انك تصبرى عليا شوية وانا هفهمك كل حاجة فى وقتها
أمانة وهى تقف مكانها : انا اسفة يا ابن عمى ، فى حاجات بالنسبة لى مافيهاش فصال ولا تتأجيل، ومن اولوياتى ..حدود ربنا ...لا يمكن أفرط فيها أبدا
نوح بصدمة : حدود ربنا ! انتى فاهمة غلط يا أمانة
أمانة : خلاص ...فهمنى انت الصح يا ابن عمى
ليصمت نوح لدقيقتين ثم قال : توعدينى أن اللى هقوله لك ده يفضل سر بينا لحد مانا اقوللك عكس ده
أمانة : عمرى مافتشت سر واعتقد انك ادرى الناس بده
نوح : خلاص ...انا هقولك على كل حاجة

تعليقات



×