(الفصل العاشر)
كانت الساعه الثالثه صباحا...
فيأست من أن يحدثها فاستسلمت للنوم...
أما هو كان قد انتهي من حزم كل شئ يخص طفله وعزم علي تنفيذ قراره..
ليس أمامه حل أخر.. ان بقي طفله...
بجانب تلك المستهتره سيصير مصيره الهلاك...
لا محاله...
بعد ساعه أخري...
كان قد وصل بطفله الذي ينام بالخلف بسلام بتأثير المسكن...
لا حول له ولا قوه...
كل دقيقه يلتفت ينظر له.. ويتمتم باعتذار صامت له...
ان اختار أما له بتلك الانانيه...
غير صالحه عن الاعتناء حتي بنفسها....
فتح له العم ايوب... واقترب يحمل معه حقيبه طفله...
وحمل هو طفله ... علي يديه...
صعد حاملا طفله الي غرفته واأنامه بهدوء علي سريره...
واقترب بهدوء من الباب المشترك وفتحه وذهب باتجاه غرفتها...
كانت الاضواء مغلقه ماعدا نور خافت بجانبها..
اقترب منها وجدها تنام بعمق وبجانبها طفلها...
قبلها بخفه واقترب قبل ابن أخيه..
وذهب يتوضأ لصلاه الفجر بعدما سمع آذانه ينشد الراحه لقلبه المنهك...
......
بعد دقائق...
استيقظت علي بكاء طفل...
مهلا نظرت بجانبها وجدت ابنها ينام بعمق...
تصنتت علي الصوت وجدته بكاء طفل يصرخ بضعف...
قامت من جانب طفلها بهدوء حتي لا توقظه...
لمحت الباب الفاصل بينهما مفتوح ونور الغرفه مضاء...
ذهبت لداخل الغرفه...
وفوجئت بطفل صغير...
يبكي بصوت مختنق من أثر المرض...
اقتربت منه ونظرت في وجهه كان يشبه ابنها سليم..
عرفته علي الفور...
اقتربت منه... وحملته بهدوء..
تحدثه...بصوت منخفض..
ايه ياقلبي بتعيط ليه.. هاااا...
انت جعان هاا... وأخذت تهدهده بهدوء وتقبله قبلا متفرقه حول وجهه مثلما تفعل مع ابنها...
فهدأ الطفل تماما...
فأن تنجب طفلا.. ليس معناه ان مهمتك.... انتهت هكذا فالطفل... كالزرعه يكبر باهتمامك ورعايتك بها...
أخذته باتجاه غرفتها وجلست به علي السرير...
تهدهده وتغني له مثلما تفعل مع ابنها...
شعرت بالحب تجاه هذا الطفل وليد اللحظه لهذا الطفل... الذي لا حول له ولا قوه.
لا تعلم.. لما...
ولكنها أحبته...
فتح الطفل عينيه... فضحكت بهدوء وقالت...
ايه دا الجمال دا...
تبسم الطفل لها ببراءه...
فاحتضنته بحب وضمته اليها.....
ونام الطفل بين يديها بسلام..
مره أخري...
كان بالحمام ففزع علي صوت ابنه.يبكي....
أسرع لكي يذهب له ولا يوقظهم بصوته الباكي...
ثواني وسكت الطفل فظن انه نام مره أخري ...
انتهي من استحمامه وخرج...
ونظر علي طفله...
ولكن لم يجده...
سمع صوتها الدافئ... يتكلم بهمس...
فتقدم ليري.. فوجدها تحمل ابنه...
تغني له... وتهدهده بحب علي يديها...
.. ثواني ووجدها تحدثه كانه يسمعها...
تمتم بالحمدلله...
وجدها أزاحت ابنها بهدوء...
ووضعت ابنه بجانب ابن عمه بهدوء...
رفعت نظرها وجدته يقف ينظر اليها...
وملامحه وجهه تظهر امتنان لها ولما تفعله..
وضعت الغطاء علي الولدين...
ونهضت...
واقتربت منه بهدوء...
وأخذته من يديه.. للغرفه الاخري..
وهو فقط يطيعها بلا روح...
جلست بجانبه..
ونظرت له...
كانت قد تغيرت معالمه للحزن الشديد وينظر للحائط بشرود...
لم تستطع ان تراه بتلك الحاله...
كانت ستوبخه لجلبه الطفل في هذه الحاله من حضن أمه..
أجلت الحديث...
وجلست علي السرير وأخذت رأسه علي قدميها...
طاوعها بهدوء ينشد بعض الراحه لعقله المنهك...
مدد قدميه براحه علي السرير...
أما هي وضعت يديها بين شعره تدلكه بهدوءوحنيه..
يفتقدها هو...
ثواني ووجدته يتحدث من نفسه...
يخبرها بما حدث بالتفصيل...
وكأنه امام طبيب نفسي...
حكي لها كل شئ ولم يترك شيئا في قلبه...
انتهي من حديثه..
فاقتربت من رأسه.. وقبلته بهدوء...
وحدثته مما جعلته يفقد أخر حصونه..معها..
من انهادرا انا خلفت توأم.. وساجد ابني...
أوعدك اني هشيله في عنيا... متحملش همه أبدا
انا مستحيل أفرط في امانتك أبدا....
فجأه وجدته.. يحيط خصرها بيديه...
ويبكي بشده.. كطفل ضائع تركته أمه...
شددت علي احتضانه هي الاخري.. الي أن هدأ..
اعتدلت وأخذته بين أحضانها گطفل صغير...
وناموا بهدوء... بعد عناء ليلا طويلا...
....
مرت الايام سريعا...
كانت تسنيم دوما السؤال علي ابن أخيها وأيهم يخبرها فقط أنه بخير...
أما والده كان يبحث وراء تلك المرأه التي علم انها زوجه ابنه... ولم يصل لشئ...
اما تلك الحقيره...
لم تهتم لابنها ولا تعلم أين هو... فقط لاشئ الا ملذاتها.....
كان في وحدته... يلملم حاجياته..
فهو منذ أسبوع متغيب عن البيت بمهمه رسميه..
اقترب منه محمد قائلا...
ايه يابوب... اللي واكل عقلك..
ضحك وقال... بهيااام..
عقلي بس.. عقلي وقلبي...
جذبه محمد من يديه وقاال...
لا دا الموضوع كبير بقي...
نظر له وقال.. ولا كبير ولا حاجه..
ايه عمرك ما حبيبت قبل كدا..
نظر له محمد باستغراب... وقال...
متقولش حبيت مرات أخوك...
نظر له بوجع وتنهد وجلس ووضع يديه علي راسه بحزن...
وقال...
ماهي دي المشكله... كل ما اقربلها أحس اني بخونه...
بس غصب عني.. انا معرفتش.
الحب الا معاها...
سأله...
طب وهيا...
معرفش.. خايف تكون شايفه فيا شريف... او بتنساني بيه..
أو أكون سد خانه مش أكتر...
ربت صديقه علي كتفه...
وقال...
كل اللي انت بتقوله دا ملوش معني...
نظر له بتساؤل...
فهز رأسه له... وقال..
أيوا ملوش معني.. الحب مبيتجزأش...
ماهو يابتحب.. يا لا.....
فلو حاسس بس بواحد في الميه اني في حاجه من ناحيتها..
يبقي ارمي اللي فات ورا ضهرك...
ومضيعش عمرك ياصاحبي.. ومتديهاش الفرصه انها تبعد عنك او تشوف غيرك..
الحي أبقي من الميت...
وأظن ان أخوك الله يرحمه كان شايف حاجه انت مكنتش شايفها...
عشان كدا جمعكم بوصيه واحده...
عيش حياتك ياصاحبي انت تستاهل...
هز رأسه له.....
مؤيدا كلامه...
وقام مسرعا يقول.. له...
طب يالا.. عشان توصلني لان عربيتي... في التصليح...
هز محمد رأسه بيأس منه...
قائلا...لا دانت حالتك حاله خالص...
ضربه بكتفه قائلا...
يالا ياعم بقا...
بعد مده كان قد وصل الي الفيلا الذي يسكن بها...
سلم علي صديقه علي وعد قريب باللقاء..
كانت تمشي.. رويدا رويدا.. وتبحث علي هاتفها.. في الحقيبه..
غير واعيه لمن يضرب لها كلاكسات لتنتبه أكثر من مره..
اغتاظ منها.. وهبط مسرعا..
يحدثها..
انتي يأنسه انتي... انتي ماشيه نايمه ولا ايه...
انتفضت علي صوته..
قائله...
ياامي ياامي...
ايه ياعم انت مبراحه الله..
وفي داخلها.. كتك القرف في حلاوتك...
نظر لها وقال بحده...
انا بقالي ساعه ازمرلك وانتي ولا انتي هنا...
ايه ماشيه نايمه...
تأففت منه...
وتركته يغلي منها قائلا..
مبراحه ياعم انت ولا عشان راكب عربيه.. ولابس بدله ميري.. ... هتفتري علي خلق الله...
وتركته ورحلت ولا كأنه يحدثها...
ضرب يديه علي بعضهم قائلا...
وهو ينظر في أثرها...ببلاهه
والله مجنونه... وحك رأسه..
بس طلقه يخربيتك.. ياشيخه...
ماشي هجيبك هجيبك..
وراكي... وراكي... والزمن طويل...
وانطلق مره أخري يضحك بينه وبين نفسه علي تلك المجنونه....
...
دلف الي الداخل.. فوجدها تقف في المطبخ وسليم يجلس علي الارضيه يلعب بهدوء..
اما ساجد كانت تحمله علي يديها... وتعد رضعته... له...
اقترب من ابن أخيه وحمله بخفه وقبله.. فتعرف عليه سليم فورا...
قائلا.. بابا...
التفت ورائها فهي تعلم ان سليم يناديه بابا منذ اتي لهم هذا اليوم...
نظرت له بحب وشوق.... فهو غائب منذ أسبوع...
اقترب منها وقبلها من خدها.. وهمس لها..
حبايب بابا عاملين ايه...
وحشتوني..
خجلت وأخبرته بنفس االهمس...
انت كمان وحشتهم أوي..
غمز لها قائلا...
هما بس لا انا كدا أزعل...
ضحكت بخجل..
واقتربت من أذنه تخبره بهمس..
وحشتنا كلنا علي فكره...
قربها منه وأخذها تحت ذراعه.. والاخر يحمل ابن أخيه..
واقترب من اذنها... أيضا...
يحدثها بهمس... وانتي وحشتيني..
وحشتيني..
اوي ياتولين...
خجلت ولكنها...ردت عليه..فهي بالفعل اشتاقت له ولكثيرا...
اشتاقت علي شعور الامان..الذي..يمدها به..
في وجوده..
اقتربت أكثر منه تلتصق به..وهمست له..
وانت كمان وحشتني علي فكره...
يقسم ..أن قلبه سينفجر من كثره دقاته...
وجبينه تعرق بشده...مما تفعله به تلك المرأه...
لم يشعر بنفسه الا وهو يقتنس منها قبله عميقه..
بادلته اياها..باقتناع تام...
افاقت علي ساجد يلعب بيديه في بلوزتها...
فبعدت عنه وحمره خديها بلغت العنان...
وساجد مازال يحاول للوصول..لما اعتاده في الاونه الاخيره..
فضيق عينيه.. ونظر لها قائلا...
الواد دا بيعمل ايه...
الواد انحرف ولا ايه...
ضحكت بصوت عالي قائله...
لا دا عاوز يرضع...
تصنم مكانه ونظر لها...
فأومأت له..قائله..
كدا بقوا أخوات رسمي..وغمزت له.. ففهم..
شرد قليلا..
وحمدالله..فهو يعلم انه أحسن اختيار القرار..
حينما أتي به لها...
ذهبت وذهب ورائها..
تجلس علي الاريكه..وعلي قدميها ساجد الذي بدأ بالتمتمه ببعض الكلمات...
جلس بجانبها... يلتصق بها...
قائلا...
ايه دا هو الواد بيقول ايه...
ضحكت بمرح..و
نظرت لساجد وحدثته..
يالا قول بابا ياساجد... وأخذت تشجعه بكلماتها..
نطق الطفل ورائها بتمتمه.ولكن بكلمه تشبه ماما...
ضحكت بسعاده...قائله..
ياحبيب ماما انت...ياقمر انت...
اغتاظ قائلا...
مبسوطه انتي..وأخذ ابن أخيه بحضنه يقبله مثلما تفعل...
كفايه عليا سليم باشا..يقولي بابا...
حبيب بابا دا...
ضحك سليم مقهقها..
وضحكوا عليه جميعا...
في جو ملئ بالسعاده والمرح..
أجواء يعيشها هو معها...لاول مره...
متذكرا حديث صديقه له...
بأن يقتنص سعادته من الحياه...بضمير مرتاح...
وها هو يعمل بنصيحته...