الفصل الرابع
زن:
..... أنا آسفة والله ... ماتقلقش دي خدعة حتى بُص دي قطرة والله مش دم ...
ثم ناولته زجاجة صغيرة وهي تقول بأسف:
...... اهي الازازة عشان تتأكد بنفسك... سائل أحمر مش دم والله
مد إيهاب يداه وأخذ منها الزجاجة الصغيرة ليتفحصها ثم رمقها بعصبية :
.....وليه تخدعيني أصلا. .. أنا كان ممكن اموت فيها
تنهدت وقالت :
...... كان لازم أعمل كدا عشان ابوّظ الجوازة دي ... أنا أصلا مش عايزة أتجوز ... نفسي أكمل تعليمي الأول بس بابا الله يسامحه هو اللي أجبرني على الجواز.. زي ما عمل مع أخواتي بالظبط ...عشان كدا بقالي سنين بمثل إني ملبوسة وآخر ما زهقت فكرت أتجوز واتطلق عشان اخليه ييأس مني تماماً
رد عليها بغضب :
......ومالقتيش غيري عشان تنفذي فيه خططك
قالت وهي منكسة الرأس :
........ آسفة
رمقها بحزن قائلا :
....خطة فاشلة بصراحة ....ما هو ممكن يجبرك تتجوزي تاني بعد ما تتطلقي
ضحكت بسخرية قائلة :
..... أنت ماتعرفش أبويا يا إيهاب .... الطلاق بالنسبة له مصيبة كبيرة... هيخاف يجوزني تاني عشان مبقاش مطلقة مرتين .....
ضحك ثم قال متعجباً:
...... بجد آخر حاجة كنت اتوقعها إنك تبقي مغصوبة على الجواز زيي
رمقته بدهشة :
....معقول أنت كمان مغصوب على الجواز طب ازاي ... ده أنت راجل و ما شاء الله عندك 30 سنة يعني مش صغير
.... أنا فعلا راجل وأكبر منك ف السن بكتير بس للأسف ماعنديش نص شجاعتك واصرارك ..... عشان كدا استسلمت لقرارات امي من زمان جدا ... حتى الإنسانة اللي قلبي اختارها ماعرفتش اعمل عشانها أي حاجة
أشفقت رغد على حاله كثيراً ... لم تكن تعلم بوجود رجال بهذه النوعية ... فالرجال في خيالها مثل أبيها وزوج أختها.... متمردين وقلوبهم قاسية ومتحجرة... اما هذا النوع الجديد من نوعه لم تعرف عنه شيئا من قبل ... لذلك قالت له برفق :
..... خلاص احنا من النهاردة لازم نساعد بعض عشان أنا اتطلق وأخلص من ظلم أبويا وأنت تتجوز حبيبتك
...................................
...... روحتِ فين يا رغد .. مقولتيش هنعمل إيه الخطوة الجاية
عادت من شرودها على كلماته الأخيرة ... تنهدت بحيرة وقالت :
....كنت بفكر ف حالنا ... ثم أكملت بحماس:
......هنستحمل الشهر ده وبعدها كل واحد يروح لحاله زي ما اتفقنا
حدجها بنظرة حزن :
.....والله أنا مش صعبان عليا غير امك الغلبانة دي
...... هي طول عمرها كدا تصعب على أي حد ... بس حقيقي أنا ممتنة جدا لمعاملتك ليها الطيبة ....بجد شكراً
..... دي أقل حاجة يا بنتي ... سبحان الله فرق كبير جداً بينها وبين امي ...بس تعرفي إن أبويا كان طيب جدا ... ربنا يرحمه ويغفر له
رددت بأسف :
.... ربنا يرحمه يارب
تحرك من مكانه تجاه باب الشقة وهو يقول :
..... أنا هروح اطمن على أكرم ورنا بصراحة ضميري مأنّبني أوي. .. اتخضوا جامد
ابتسمت لطيبة قلبه المفرطة وقالت :
... وأنا هصلي القيام وأقرأ الورد بتاعي
رمقها بإبتسامة حنونة و ذهب ف الحال ...
الوضع غير مستقر بالمرة في شقة أكرم. . فرنا متوترة للغاية ... لا تستطيع النوم نهائياً تتلفت حولها كل ثانية من شدة الأرق والخوف بينما أكرم فكان القلق ينهش قلبه بلا رحمة... فحالة زوجته غير مطمئنة وبالتالي جميعهم في خطر ....تنهد بحزن ونظر صامتاً للفراغ الذي أمامه
ثم سمع طرقات مميزة على باب شقته أخرجته على الفور من تفكيره ... هرول مسرعاً لكي يفتح فهو يعلم جيداً صاحب هذه الطرقات المميزة :
..... إيهاب. ... أنت كويس ... عملت فيك حاجة أنت كمان
أشفق إيهاب على حاله كثيراً ... لذلك قال له:
..... متقلقش يا أكرم أنا هحكيلك كل حاجة بالتفصيل بس اوعدني إن الكلام ده يفضل سر بينا
قال أكرم بنفاذ صبر:
..... سر إيه. ..
..... طب إيه هنتكلم كدا على الباب
أفسح له الطريق ودخلا الاثنان إلى غرفة الضيوف .... ليبدأ أكرم محفزا :
...... أتكلم يا إيهاب أنا خلاص مش قادر استحمل
تلعثم إيهاب قائلا :
.... بصراحة كدا كل اللي بيحصل ده تمثيل بالاتفاق بيني وبين رغد
جحظت عينا أكرم قائلا بصدمة :
.... تمثيل ...طب ازاي .. وكلام الشيخ حسن
تنهد إيهاب :
...... برضه متفق معاه...
..... معقول حسن يوافق على الهبل ده
..... هو وافق عشان يساعدنا وبعدين أنا ورغد زواجنا باطل لأنه مش بإراداتها.. وموافقتها بند أساسي لصحة الزواج
وضع أكرم كفاً على كف ... وهو يقول :
..... يعني كل ده مقلب...الدم اللي بينزل من عينيها والخيال ... طب ازاي قدرتوا تعملوا كدا
رمقه إيهاب مندهشاً :
..... الدم ده عبارة عن سائل أحمر بتحطه قبلها ب كام ثانية وبعدين العين بتبدأ تنزف لوحدها .... بس إيه الخيال ده
...... الخيال اللي رنا شافته ف المطبخ ورا رغد ... خيال كبير على هيئة وحش .. دي رنا من ساعتها نفسيتها مدمرة
استغرب إيهاب قائلا :
..... أنا ماعرفش حاجة عن الخيال ده .. وعمري ما لمحته عندي أصلا
ف بيت سعيد تجلس آمال حزينة كعادتها ... خرج سعيد من غرفته وهو يستعد للخروج قائلا:
..... أنا رايح مشوار وجاي بسرعة اعملي حسابك عشان أول لما اجي هنروح لرغد
قالت له بفرحة :
..... حاضر يا أخويا ده أنا هلبس من دلوقتي
وبالفعل نزل سعيد وبدأت آمال في الإستعداد وقلبها يرقص من فرط سعادتها ... فهي اشتاقت لابنتها كثيراً .... ولكن زيارة مفاجئة قطعت عليها فرحتها ... وهي زيارة نادية زوجة سعد ... استقبلتها آمال مُرحبة :
.... أهلاً يا نادية ...
..... أنا جاية اطمن عليكِ .. عاملة إيه دلوقتي ...
ردت آمال :
.... الحمد لله بخير
..... مش محتاجة أي حاجة اعملهالك. .. انظف لك الشقة ... اطبخ لك
تعجبت آمال من هذه الطبية المفرطة ... أيعقل أن تجيد التمثيل بهذه البراعة.. لذلك قالت لها بإندفاع :
.... عايزة ترشي لي من الماية بتاعتك ...لا يا حبيبتي شكرا
رمقتها نادية مستفسرة :
..... ماية إيه
.... ماية الأعمال اللي بترشيها ليل ونهار قدام باب شقتك. ... اللي مخلية سعد زي الخاتم ف صباعك.... ثم أكملت بحزن :
.... أنا خايفة بس لنكون أنا وبناتي اتأذينا بسببها
ضحكت نادية بطريقة هيسيترية قائلة :
..... طبعا جوزك هو اللي مفهمك الكلام ده
صمتت آمال تماماً ... فأكملت نادية :
..... طبعا لازم يفهمك كدا ما هو مايعرفش يعني إيه مودة ورحمة ... أنا أوقات كتير بحس أنه مش اخو سعد نهائي ولا كأنهم من بطن واحدة .. أنا برش ماية عشان الحر وبعدين أنا هاذيكِ أنتِ وبناتك ليه ... ده أنا دايماً بشفق عليكم وعلى حالكم .... الأذى الحقيقي قدامكم وحواليكم من زمان وهو سعيد جوزك
تنهدت آمال بحيرة .... فهي لا تعلم مدى صدقها ... وأيضا لم ترى منها إلا الخير ...هل يمكن أن تكون نادية أفعى متلونة بمائة وجه ....
فاقت على رنين هاتف نادية الذي علا صوته...نظرت نادية بتوتر على اسم المتصل ثم قامت على الفور من مكانها قائلة :
.... أنا همشي بقا يا آمال وهبقى اعدي عليكِ وقت تاني
خرجت نادية على الفور وهرولت سريعاً إلى شقتها ثم ضغطت على ز الإجابة قائلة بلهفة:
.... أيوة يا رغد... عاملة إيه
ليأتيها الرد :
..... الحمد لله يا طنط نادية ... عايزة اطمنك إني نفذت الإتفاق بالظبط
وقف سعيد ف الشمس الحارقة بضع دقائق إلى أن أتى إليه الشخص المنتظر ... سلم عليه قائلا :
....إيه التأخير ده
رد عليه وهو يلهث بشدة:
.... الطريق زحمة يا عم سعيد ...
ثم مد يده إليه وأعطاه علبة صغيرة قائلا بهمس :
.... الأمانة اهي
قال له سعيد بلهفة :
.... متأكد إن مفعولها كويس
..... عيب عليك يا عم سعيد ..بس ماتكترش عن حبيتين ف اليوم
أبتهج سعيد وكاد يموت من فرط الفرحة ... فهذه العلبة هي ملاذه الوحيد لأكتمال هذا الزواج .... فهي تحتوي على حبوب مهلوسة تذهب العقل تماماً.... ولكي تِكمل هذه الزيجة يجب الذهاب بعقل إيهاب بعيداً عن الواقع حيث يُصبح مجنوناً متزوجاً من غريبة أطوار وبهذا يتساوى البلاء بينهم ويُجبروا على تحمل بعضهم البعض دون ذرة كبر أو استعلاء من أم ايهاب الخبيثة ......
استعدت رغد جيداً لزيارة أختيها رانيا ورحاب .... فلقد أخبراها بحضورهن اليوم ....أستيقظ إيهاب قائلا :
.... صباح الخير ...
قالت له بأسف :
....صباح النور ... شكلي كدا صحيتك بدوشتي ... أصل أخواتي جايين يزوروني
قال لها نافياً:
.. . لا خالص أنا كدا كدا كنت هصحى. . طيب هنعمل ايه قدامهم ... همنثل برضه
..... لا خالص ... أنا هحكي لهم كل حاجة ...متقلقش أنا بثق فيهم جدا
أبتسم لها قائلا :
.... طب تمام ... أنا هغير هدومي واروح لأكرم اشوف حالة رنا وصلت لايه
رمقته بدهشة :
.... هي لسا تعبانة برضه ... معقول قلبها ضعيف للدرجة دي
قال لها بحزن :
.... الموضوع أكبر من المقلب بتاعنا .. أكرم قالي امبارح بليل ع حاجة غريبة ماعرفتش أقولك عليها لأنك كنتي نايمة لما رجعت
..... حاجة إيه
..... رنا وهي عندنا شافت خيال على شكل وحش .... ومن ساعتها وهي حالتها صعبة جدا
قالت له بذهول:
.... خيال.... أنا عمري ما شفت خيالات نهائي
رفع كتفيه متنهدا :
....مش عارف ... بس هي حالتها صعبة جدا... أنا داخل أغير هدومي
وبالفعل بدّل إيهاب ملابسه وخرج من غرفته ليجد فطاراً رائعاً في انتظاره ... نظر إليه منبهراً وقال:
.... الله إيه الجمال ده
قالت له بخجل:
..... أكيد مش هتنزل على لحم بطنك ...
ابتسم لها وجلس يأكل ف الحال فهو بالفعل جائع للغاية ... ألتهم لقمة ثم قال لها :
.... صح قبل ما أنسى. .. حضري أوراقك عشان أقدم لك ف الجامعة المفتوحة.... باب التقديم فتح
تتطايرت السعادة من عينيها قائلة :
..... بجد يا إيهاب
قال لها بحب :
..... أيوة طبعا هي الحاجات دي فيها هزار
قالت له بحماس:
.... ربنا يخليك يارب... وأنا كمان مستعدة اكلم حبيبتك وافهمها طبيعة العلاقة بينا وماتقلقش خالص أنا هعرف اقنعها
ابتلع ريقه بامتعاض.... لمَ شعر بغصة لمجرد ذكرها حبيبته.... ألم يكن هذا حلمه وأمله الوحيد في الحياة ...إذاً ما الجديد الذي طرأ على قلبه ... أيعقل أن تكون هذه الفتاة ذات الثمانية عشر احتلت قلبه واسحتوذت على مكان حبيبته الأولى بجدارة......
اجتمع الجميع ف شقة أكرم. .. الأم بولديها أكرم وإيهاب. .. فحالة رنا تدهورت بشكل ملحوظ للغاية .... فهي تصرخ طوال الوقت دون أسباب واضحة ...زيادة على ذلك فهي لا تشعر بوجودهم نهائياً ..... لا تتعرف عليهم كأنها نسيت ملامحهم تماماً ... وما أن رأتها أم إيهاب حتى زمجرت قائلة :
.... معقول كل ده يحصلها عشان قعدت مع رغد شوية اومال لو كانت باتت بقا كان حصلها إيه
نظرا إيهاب وأكرم لبعضهم نظرة ذات معنى ثم صمتا تماماً ...نظرت لإيهاب وأكملت حديثها قائلة :
.... البنت دي لازم تمشي من البيت ... مش بعيد كلنا نتحول زي رنا
قال لها متحدياً :
.... لا مش هتمشي غير بعد الشهر ما يخلص
صرخت بوجهه قائلة :
..... لا هتمشي. .. ما هو يا أنا يا هي يا إيهاب ولما نشوف بقا هتختار مين
قالت هذه الجملة وتركتهم ونزلت سريعاً ... فقال أكرم :
.... هتعمل إيه دلوقتي
نظر إليه إيهاب بحزن :
..... مش عارف بس صدقني رغد ملهاش دعوة خالص بحكاية رنا دي
.... أنت متأكد إن الحكاية إتفاق بس. ..مش عارف ليه حاسس ببوادر قصة حب
تلعثم إيهاب قائلا :
..... حب إيه بس ما أنت عارف إني بحب اصلا. ...
وقبل أن يرد عليه سمعا صوت ارتطام قوي قادم من غرفة رنا .... هرولا الاثنان سريعا إلي الداخل ليجدا رنا واقعة ف الأرض ومغشيا عليها ....
في هذا التوقيت كانتا كلا من رانيا ورحاب وصلتا عند اختهم الصغرى رغد ... تلاقوا بالأحضان والقبلات وبعدها بدأت رغد بروي جميع الأحداث التي حدثت معها ... استغربتا كثيرا من هول ما سمعتا. .. ثم قالت رحاب مندهشة:
..... معقول يا رغد كل ده يطلع منك أنتِ
..... اومال كنت عايزاني أعمل إيه ارضا بالأمر الواقع واضيّع مستقبلي كله
تنهدت رانيا بيأس قائلة :
... شاطرة يا رغد كملي اللي بدأتيه واوعي تعملي زيي
طبطبت رحاب عليها قائلة بحنان:
..... ما أنا قلت لك من زمان أطلقي يا رانيا وأنتِ اللي رافضة
.... ماقدرش يا رحاب ... أنتِ مش حاسة بيا لأنك الحمد لله حظك كويس وجوزك وأهله كويسين .... ماحدش بيحس بحد غير لما يجرب بنفسه
رمقتها رغد بحزن :
...... لا يا رانيا أنتِ غلط ... طول عمرك ضعيفة زي ماما ...ماينفعش تيجي على كرامتك بالشكل ده ... الطلاق مش نهاية العالم
صمتت رانيا تاركة العنان لدموعها الساخنة لكي تنساب بغزارة على خديها .... حاولت رحاب تغيير مجرى الحديث تخفيفاً على أختها فوجهت نظراتها لرغد قائلة :
..... بس ازاي عملتي كل ده لوحدك يا سوسة
ضحكت رغد قائلة :
.... بصراحة أنا مش لوحدي ... كل ده تنفيذ وتخطيط طنط نادية... ياريت امنا كانت بقوتها واصرارها ماكنش ده بقا حالنا
قالت رانيا بخوف :
.... ده لو بابا عرف الدنيا هتتقلب ...
ردت رغد عليها بلا مبالاة :
.... وهيعرف منين إذا كان ماما نفسها ماتعرفش حاجة
رنّ هاتف رانيا ليعلن عن وصول مكالمة ثقيلة على قلبها .... ردت بخوف:
.... الو. ... حاضر حاضر جاية اهو
ثم قامت ف الحال قائلة بذعر:
...... أنا لازم امشي بسرعة ... جوزي هيبهدلني .... هبقى اجيلك تاني يا رغد ... يلا سلام
هرولت مسرعة للخارج بينما لحقتها رحاب قائلة ...
...... استني يا بنتي أنا جاية معاكِ...أنا مش عارفة أنتِ بتترعبي منه كدا ليه
سبقتها رانيا سريعاً للخارج بينما وقفت رحاب تودع أختها عند باب الشقة وهي تقول :
..... صح ماما وبابا جايين كمان شوية ... ظبطي اداءك بقا عايزين تمثيل مُحترف
ضحكت رغد قائلة بحماس :
.... ماتقلقيش عليا ... أنا اصلا ممثلة محترفة
ودعا بعض ببراءة وعفوية ولم يعلما أن هناك من كان يتنصت بدقة على حديثهما. .. أغلقت أم إيهاب بابها بحرص. .. حتى لا يشعرا بها وهي تتمتم بغيظ:
..... بقا بتمثلي علينا يا بنت سعيد ... طب والله لأدفعك التمن غالي ... أنا بقا هعرف أبوكِ وافضحك قدامه
دخل إيهاب شقته حزيناً للغاية ... اقتربت رغد منه مستفسرة :
.... ايه يا إيهاب رنا عاملة إيه
قال بحزن :
..... رنا طلعت ملبوسة بجد يا رغد
شهقت رغد قائلة :
... إيه اللي بتقوله ده .... أنت بتصدق ف الحاجات دي برضه
قال لها مفسراً :
..... الشيخ حسن لسا نازل حالا من عندها وبصراحة أنا بثق فيه جدا ده حافظ لكتاب الله
...... طب ازاي حصلها كدا
..... مش عارف بس هو بيقول إن ف جن محاوطها .....
..... طب هتتصرفوا ازاي
..... هيبدأ يعالجها بالقرآن وربنا يسهل بقا
..... طيب أنا داخلة أصلي العصر وبعدها هحضر الغدا على طول
قال لها :
.... طب استني هدخل اتوضا ونصلي جماعة
ابتسمت له ف الحال وأومأت برأسها. .. كم تمنت أن تصلي خلف رجل منها ... فأبوها لا يركعها نهائياً ..... ولكن يا للحظ فأول صلاة لها خلف رجل تكون خلفه هو بالذات ... خلف زوج افتراضي ....
وبعد بضع ساعات وصلا كلا من آمال وسعيد عند ابنتهم التي تصنعت المرض أمامهم مثل كل مرة... تأثرت آمال لحالة ابنتها التي لم تتغير .... بينما سعيد لم يتحرك قلبه البتة... فهو مشغول بمكيدته السحرية ..... وفور دلوفه قال لزوجته :
.... اعملي ليا أنا وايهاب كوبايتين شاي يا آمال دماغي صدعت من الطريق
أومأت امال برأسها وذهبت سريعاً لتحضر الشاي ... بينما كان سعيد يجلس بجانب إيهاب ويتحدث معه :
..... إيه أخبار رغد معاك
صمت إيهاب قليلا ثم قال :
..... لسا زي ما هي يا عم سعيد
...... يعني مفيش أمل
تمنى إيهاب في هذه اللحظة أن يفصح له عما يعتليه قلبه من مشاعر جديدة ولكنه تراجع فهو يشعر بأنها لا تبادله نفس مشاعره فلماذا إذاً يفسد عليها راحة قلبها .... لذلك قال له نافياً:
..... لا مفيش يا عم سعيد.... وزي ما اتفقنا الطلاق هيتم خلال شهر
دخلت عليهم آمال بصينية الشاي ... ووضعتها على الطاولة أمامهم ثم همّت قائلة :
.... أنا هدخل لرغد
وفور دخولها تنحنح سعيد لإيهاب قائلا برجاء:
..... معلش يا إيهاب ممكن تجيب لي كوباية ماية
قام إيهاب على الفور وهو يقول :
..... من عنيا يا عم سعيد
وفور خروجه فتح سعيد العلبة ف الحال وبدأ بإفراغ محتوياتها على كوب الشاي الساخن ولكن لسوء الحظ يداه فلتت وداب ف الشاي أكثر من ست حبيات ....
خبأ العلبة في جيب بنطاله سريعاً بعد أن شعر بقدوم إيهاب الذي وضع كوب الماء على الطاولة قائلا :
..... اتفضل يا عم سعيد
أبتسم له بتوتر وقلق ... فالرجل قال له حبتين فقط ماذا يفعل الآن ..... ثم همس لنفسه :
... عادي بقا اعمله إيه نصيبه كدا واهو لقب أرملة برضه أحسن من مطلقة
أمسك إيهاب كوب الشاي وقربه من شفتيه بهدوء .... كل هذا وسعيد متابعاً في صمت وقبل أن يرتشف منه رنّ جرس الباب ... لذلك وضع الكوب وهمّ بفتحه .. لتظهر امه أمامه وهي تشتعل ناراً ....ابعدته من أمامها ثم اندفعت إلى سعيد ف الحال ... جلست أمامه قائلة بشماتة :
..... عندي ليك خبر يا أستاذ سعيد إنما إيه هيعجبك أوي
توتر سعيد لمجيئها المفاجئ ... فخطته كادت أن تتم بنجاح .... قال لها بصوت أجش :
..... خير يا أم إيهاب إن شاء الله
قالت له وهي تمسك بكوب الشاي الذي أمامها وترشف منه بضع رشفات متتالية :
..... خير طبعا يا أخويا. ... أشرب بس الشاي واحكيلك
..........................................