ايه حكايه العفاريت دى يا عبده ؟؟؟
دا صوت إسعاف و واحده ست بتعيط فى نص الليل و عماله تقول ولادى ولادى
اااااه
اه ايه ؟؟؟ انت تعرف حاجه عن الست دى ؟
ايوه ... الست دى يا عبده عقلها على ادها بتلف طول الليل فى المقابر و سمعنا أن ولادها ماتوا محروقين
اعوذ بالله طب و صوت الاسعاف اللى بنسمعه دا يا عبدالحميد ؟
دى إسعاف عاديه ما هى المستشفى العام قريبه هنا
شفتى يا اسماء اهو عمك قالك انى دى ست عاديه مش عفريته اهى
و هى هتدخل الحوش ازاى يا أبا ... دا صوتها بيبقى قدام باب الاوضه
انتى شفتيها فى الحوش يا اسماء ؟
لا يا عمى بس صوتها قريب اوى
لا هى بس صوتها عالى و بتقف قدام البوابه من بره و انتى بتفتكريها جوه الحوش
يمكن يا عمى
ها ... عاوزين منى حاجه تانيه ؟
لا كتر خيرك
طيب استأذن انا بقا ... اه بقولك ايه يا عبده مش عاوز تشغل عيلين من عيالك و الا حاجه
اشغلهم ايه ؟؟؟
يشتغلوا معايا يخدموا عليا يجيبولى طلب ... شويه اسمنت شويه ميه كدا يعنى
معلش يا عبدالحميد انا مش عاوز ولادى يشتغلوا فى الحاجات دى
و مالها الحجات دى يا عبده منها و إليها نعود يا اخويا ...
و بعدين الناس اللى بيكون ميت لها ميت بعيد عنك بيبقوا عاوزين يطلعوا حسنه على روح المرحوم و لما يلاقوا عيال صغيره زى دى هيدولهم قرش حلو
انت عاوز ولادى يبقوا شحاتين يا عبدالحميد ؟؟؟ لا انا معودتهمش على كدا
هنا دخل سامح و سعد و هم يمسكون ذيول جلالبيبهم بأيديهم و يظهر من خلالها أنهم يحملون بها اشياء
ايه دا يا اولاد انتوا عاملين كدا ليه ؟
بص يا أبا ... الناس ادولنا ايه ؟؟؟
اطلق الولدان ذيول جلاليبهم على السرير ليظهر أمام عبدالشكور فطائر و جوافه و بلح ، خوخ ، تفاح
ايه دا ؟ انتوا جايين الحاجات دى منين ؟
دى رحمه يا أبا
رحمة ايه دى ؟
هنا ضحك عبدالحميد ... مش قلت لك يا عبده المقابر هنا خيرها كتير فكر فى اللى قلت لك عليه و ابقى رد عليا ... سلام ... انصرف عبدالحميد بينما وقف عبدالشكور مذهول فهو يريد لاطفاله عزة النفس ولا يريد أن تمتد ايدهم لأحد ... لقد اصابه كرب فوق كربه
كيف له أن يقول لا تأخذوا هذه الأشياء و لا تمدوا ايديكم و هو لا يستطيع شراء هذه الاطعمه لهم ... كيف سيشرح لطفله المحروم من تلك الأشياء أن يدير لها ظهره
قطع تفكيره صوت أبنائه سعد و سامح و هم يتشاجرون
لا انا ليا نص الفلوس
لا الفلوس الراجل ادهالى انا
بس انا كنت معاك يبقى لى النص
ايه دا فى ايه يا اولاد فلوس ايه اللى بتتكلموا عليها ؟؟؟
فلوس يا أبا الراجل أداها لسامح وقاله دى لك و لاخوك و هو عاوز ياخدها لوحده
ورينى الفلوس دى يا سامح
اخرج سامح النقود من جيب جلبابه ليضعها فى يد أبيه
نظر عبدالشكور للنقود فى اندهاش فقد رأى فى يده ورقه من فئه المائتين جنيه
انت جايب الفلوس دى منين يا سامح اوعى تكون سارقهم يا ابنى
لا يا أبا ... دا راجل شكله غنى اوى كان لابس بدله و راكب عربيه حلوة اوى ادهالى
و بتاخدها منه ليه يا سامح ؟
و ماله يا أبا اما اخدها
لا عيب يا ابنى انت مش شحات
انا بس كان نفسي اجيب ساندوتش شاورما زى اللى الواد فؤاد صاحبى كان بيحكيلى عليه
شاورما ايه دى ؟؟؟
شاورما يا أبا ... مش عارفها ؟ الواد فؤاد قالى أنهم بيجيبوا سيخ كبير ويرصوا عليه لحمه كتير اوى و بعدين السيخ دا بيفضل يلف لوحده و النار عليه فتحمر اللحمه دى
يقوم الراجل جايب سكينه طويله كدا و يقطع اللحم المتحمر ده و بعدين ياخده يحط عليه بصل و طماطم و فلفل و يحطه فى رغيف مدور كدا و بيبقى طعمه حلو اوى ...
طب و مطلبتش منى ليه يا سامح
اطلب ايه يا ابا دا السندوتش الواد فؤاد بيقولى ب ٣٠ جنيه
كنت عاوز اجيب خمس سندوتشات لينا كلنا عشان افرحك و افرح اخواتى
هنا اغرورقت عينى عبدالشكور بالدموع و اخذ سامح بحضنه ووعده أنه سيذهب ليحضر له الشاورما التى يريدها
فرح سامح كثيرا و قبّل والده ... اخذ الاب النقود ...
توجه إلى أحد محلات بيع الشاورما ...
طلب السندوتشات و تبقى معه خمسون جنيه
توجه إلى السوبر ماركت و احضر زجاجه كبيره من البيبسي واشترى شيكولاته لكل ابن من أبنائه
فرح الاطفال كثيرا و تهلل وجههم عند رؤيتهم لابيهم
الله يا أبا ... ايه الريحه الحلوه دى ؟
ما هى دى الشاورما اللى قال عليها سامح
دى ريحتها حلوه اوى يا أبا افتح بسرعه قبل ما تبرد
اختطف الاطفال الطعام و بداو يلتهموه بشراهه بينما جلس عبدالشكور ينظر لهم دون أن تمتد يده إلى طعامه
لاحظ الاب سرعة التهام أطفاله للطعام و أنهم ما يزالوا يريدون أن يستزيدوا منه
قسم طعامه إلى اربع اقسام ووزعها عليهم
و انت يا ابا مش هتاكل ؟
لا انا شبعان يا عبدالله ... كلوا انتوا يا اولاد ... انا جايب لكم كمان شيكولاته و حاجه ساقعه
ربنا يخليك لينا يا أبا
تناول الاطفال الطعام و خلدوا الى النوم
وضع عبدالشكور رأسه على الوساده و هو يفكر إلى ما آل إليه وضعه و يفكر بعرض متولى بالرجوع إلى تحيه
تحيه صعبه التعامل لكنها تظل امهم ... هناك سيكملوا تعليمهم لكن هنا سيتحولون إلى متسولين ... بدأ يحدث نفسه
هترجع لتحيه تانى يا عبده ؟ هترجع للذل و قلة الكرامه ؟ طب و اللى انت فيه دلوقتى دا يعتبر ايه ؟ ما انت كمان مديت ايدك و اخدت الفلوس و رحت جبت بيها اكل
منا كنت عاوز افرحهم و انسيهم الوضع اللى هما فيه
بس برده انت كدا معلمتهمش أنهم ميمدوش ايدهم لحد ... بالعكس انت عملت زيهم
انا غلبان والمتين جنيه دول تلت مرتبى يعنى اشتغل عشر ايام بيهم
خلاص يا عبده اللى حصل حصل بقا متقعدش تلوم نفسك
اغمض عبدالشكور عينيه و دخل فى نوم عميق فرأى سيده تقف أمامه تلبس السواد شكلها بشع ذات جلد سائح و شعر محروق تنظر له بحده
انتى مين ؟
انا انيسه ... انت ايه اللى جايبك هنا ؟؟؟
انا ... انا
انت جايب ولادك هنا ليه ؟؟؟ مش خايف عليهم ؟؟؟ انا كان عندى ولاد زيهم و اهملت فيهم زى ما انت بتعمل كدا و النتيجه كانت ايه ؟؟؟ ماتوا
ايوا انا السبب
ولادى ماتوا بسببى
انا سبتهم و نزلت البيت ولع بيهم و ماتوا الاربعه ... ليه جيت هنا ؟ ليه بتقلب عليا المواجع ؟ انا عشت بالذنب سنين و سنين لحد ما لقيت الطريقه اللى أكفر بيها عن ذنبى و اعيش اللى عاشوه ولادى ... انا السبب أنهم ماتوا محروقين يبقى العدل انى احرق نفسي زيهم عشان ادوق اللى داقوه ... افتكرونى مجنونه بس انا عاقله
السنين اللى قضتها فى المستشفى مخلتنيش انسي و لا أبطل تفكير انى لازم اموت زى ما ماتوا
كان لازم اطمن الدكاتره انى بقيت كويسه عشان يسمحولى أخرج فى الجنينه ... ايوه الجنينه ... لحد ما جت لى الفرصه و لقيت تمرجى ناسي الولاعه بتاعته اخدتها بسرعه و خبتها و استنيت لما الكل ينام عشان محدش يلحقنى زى ما ولادى ملقوش حد يلحقهم
ولعت فى ملايه السرير ... النار مسكت فيها و عليت عليت بقيت اضحك بشكل هستيري لحد ما النار مسكت فى جسمي بقيت اصرخ بشكل فظيع ... الم رهيب كنت مشفقه على ولادى أنهم حسوا بالألم ده ... الجلد و هو بيسيح و ريحته الرهيبه و الألم مش قادره اوصفه لك
لحقونى بس بعد ايه ... بعد ما كان معظم جسمى اتحرق ... نقلونى بسرعه لمستشفى الحروق و كنت سامعه الدكتور بيقول حالتها صعبه ... صعب انها تنجى
و برغم الالم اللى كنت حاسه بيه الا انى كنت فرحانه انى هروح لاولادى ... خلاص خطوات صغيره و ابقى معاهم ...
انا شفتهم ... ايوه لقيتهم بيلعبوا حواليا و بيقولولى يلا يا ماما عشان نروح سوا
اخدونى من اديا و مشينا بعيييد
اسمع يا راجل انت ... انت لازم تمشي من هنا ... انت فاهم ... انا مش عاوزه اضرك انت وولادك ... انتى بتضرنى بصوتهم دا
مش عاوزه اشوفكم هنا تانى ... انت فاهم !!!؟
استيقظ عبدالشكور من نومه مذعور فهو لا يعلم أن كان ما رآه صحيحا ام لا ؟
هل انيسه هذه موجوده بالفعل ؟
ام أن حديث عبدالحميد معه هو من أثر عليه وجعله يحلم بهذا الحلم