(الفصل الثالث والعشرون)
هبطت ليان من سيارتها بعد ان شعرت بالقلق الشديد على نورا التي تأخرت كثيرا ولم تنزل من شقة رامي بعد !! وقفت للحظات امام بوابة العمارة وهي تشعر بتردد شديد حيال ما تفعله الا انها حسمت قرارها في نهاية الامر فهي لن تترك الفتاة المسكينه تواجه مصيرها لوحدها وهي لا علاقة لها بكل هذا ، ذنبها الوحيد انها ارادت مساعدتها فحسب ...
تقدمت ليان داخل العماره بسرعه من اجل إنقاذ نورا ثم ارتقت درجات السلم ذاهبه الى شقة رامي التي تقطن في الطابق الثاني وما ان وصلت هناك حتى وجدت رامي يقبض على ذراع نورا محاولا جرها وإدخالها الى داخل الشقه بينما نورا ترفض ما يريده وهي تبكي بشده ...
" رامي اتركها ..." صرخت ليان بهذه الكلمات وهي تركض اتجاه رامي الذي ما زال يقبض على ذراع نورا بيده ...
" معقول !!! انسه ليان جائت بنفسها اليَّ !!! كيف سمح لك أخوك المبجل بان تأتي الى هنا ...؟ " رددها رامي بسخريه وهو يرمقها بنظرات متحفزه للانقضاض عليها في اية لحظه وخنقها بين يديه ...
" اتركها من فضلك ... مشكلتك معي انا وليست معها ..." قالتها ليان بنبرة حاده نوعا ما زادته غضبا وسخطا منها فأجابها بحده هو الاخر " أ لهذه الدرجه تخافين عليها ...؟ لم أتوقع انها مهمة لديك هكذا ..."
زفرت ليان نفسا غاضبا ثم عضت شفتها السفلي بأسنانها القويه في محاولة فاشله لامتصاص غضبها الذي يهدد بالانفجار في اي لحظه في وجه رامي الذي لا يختلف عنها بتاتا في مقدار غضبه وتوعده ...
" اتركها ارجوك ..." رددتها ليان هذه المره برجاء حقيقي بعد ان سيطرت على غضبها قليلا وقد شعرت ان العناد والاسلوب الحاد لن يجلب نتيجه معه ...
" حسنا سأتركها ، لكن على شرط ..."
" ما هو ...؟"
" ان تأتي معي بدلا عنها ..."
لم تتفاجأ ليان بما قاله فهي توقعت طلبه هذا منها بل كانت متأكده منه فاجابته بسرعه قائله " حسنا ، موافقه ..."
مان ان قالت ليان جملتها هذه حتى فك رامي قبضته عن ذراع نورا والتي انتفضت فورا راكضه بعيدا عنه بينما تقدمت ليان منها وهتفت بها قائله " اذهبي فورا يا نورا ، اياك ان تعودي هنا ، ولا تخبري احدا بما حدث ..."
" وانت ...؟" سألتها نورا بجزع فاجابتها ليان وهي تبتلع غصة مريره في داخلها " سأذهب معه ..."
فاردفت نورا بخوف حقيقي " ولكن ..." لتقاطعها ليان بنبرة حاسمه " لا يوجد لكن ، هذا الحل الوحيد أمامنا ..."
ثم تقدمت ناحية رامي الذي يقف مقابلا لها وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة انتصار ...
" الى اين ...؟ "
ابتسامه واسعه شقت شفتي ليان وهي تستمع الى ذلك الصوت الهادر الذي شق ارجاء المكان وبدد تلك اللحظات الحرجه بينما اضطربت نورا بشده التي تقف على مسافة قريبة منها وقد تجمعت داخلها مشاعر كثيره ما بين الراحه والخوف والقلق والتردد ...
وقف معتز بجانب نورا دون ان يرمقها بنظرة واحده في الجهه المقابله لرامي بينما كانت ليان تقف في منتصف المسافه الفاصله بينهما وما زالت موليه ظهرها لمعتز ولم تستدر له ...
استدارت بعدها ناحية معتز راميه اياه بنظرات شاكره متأمله خيرا بادلها اياها معتز باخرى متوعده لم تهتم لها ليان فكل ما يهمها ان تخرج من هذا المكان سالمه وليفعل معتز ما يشاء بعدها ...
وأخيرا بعد لحظات قصيره من الصمت تحدث معتز بصوت هادئ مريب " انا لن أجادلك كثيرا لأنني لا املك الرغبه برؤيتك امامي لوقت طويل ... ولن أضربك ايضا لأني اعلم جيدا ان ما لدي وحده يسدد لك العديد من الضربات ... سأكتفي بكلمة واحده فقط وهي ..." سكت معتز للحظات لا تتعدى الثواني بدت لرامي الذي الواقف امامه يتطلع اليه بترقب وحذر ساعات ...
واخيرا اخرج معتز من من جيبة فلاش صغير ورفعه الاعلى ليراه رامي جيدا ثم استطرد في حديثه قائلا " هذا الذي تراه امامك في داخله فيديو صغير يخصك بل يخص عائلة العمري كلها ، خده وتفرج على ما في داخله وحينها لن تجرؤ على تكرار فعلتك هذه مره اخرى ..."
رمى معتز الفلاش ارضا بعد ان أنهى كلامه ثم تقدم ناحية ليان وقبض على كف يدها وسحبها خلفه ثم قبض بكف يده الاخرى على يد نورا التي تقف كالصنم لا تفهم شيء مما يدور حولها وجرها وراءه هي الاخرى ... اما رامي فتقدم ناحية الفلاش المرمي على الارض وهبط اتجاهه وحمله في كف يده وهو ينظر له بتوجس ...
بعد لحظات كان رامي جالسا في شقته يضع حاسوبه الشخصي امامي و ينظر الى الفلاش بترقب ثم حمله بعد ذلك ووضعه في المكان المخصص له داخل الحاسوب وضغط على زر التشغيل ليظهر امامه فيديو قصير من دقيقتين جعله ينتفض من مكانه غير مصدقا لما يراه امامه ...
*******************************
دفع معتز كلا من ليان ونورا الى داخل غرفة ليان باقصى قوته حتى كادتا ان يسقطا ارضا بسببه ثم أغلق الباب خلفه جيدا وخلع حزام بنطاله وتقدم منهما وهو يهتف بغضب شديد " كيف تذهبان الى ذلك الحقير بنفسكما ؟ كيف تجرئان على شيء كهذا ؟ "
ثم أردف قائلا " وانت يا ليان كيف تستخدمين نورا في حل مشكلتك ...كيف تجرئتي على شيء كهذا ... اخبريني ..." قال كلمته الاخيره بصرخه خرجت مرتفعه للغايه جعلت جسد كلتيهما يرتجف رعبا وخشية من هذا الوحش الماثل امامها ...
ثم عاد ووجه حديثه هذه المره الى نورا قائلا بسخريه " وانت يا سوبر مان زمانك ، اليس لديك ما تقولينه ...؟"
هزت نورا رأسها نفيا بحركة آليه بينما أردف معتز قائلا بتهكم " انا لا افهم لماذا تحبين ان تجلبي المشاكل لنفسك !!! لماذا تحشرين انفك بما لا يعنيكِ !!! تحاولين لعب دور المنقذه الشجاعه ويا ليتك نجحتي فيه ..." ثم اكمل وهو يكز على آسنانه بغضب " ماذا لو اذاك ذلك الحقير ، ماذا كنت ستفعلين حينها ، اخبريني ..."
اخذ معتز نفسا عميقا ثم زفره عدة مرات ، رمق كلا من ليان ونورا بنظرات متوعده بينما تقفان كلتاهما امامه تتابعانه بقلق وتوجس ...
" والآن حان وقت العقاب ..." قالها معتز بنبرة مسترخيه وهو يقترب اتجاههما فهزت نورا رأسها بعدم فهم و رددت الكلمات بتساؤل مبهم " عقاب !!!"
فأجابها معتز موضحا لها
" نعم عقابكما يا عزيزتي ..."
فسألته مره اخرى بترقب مخيف
" وما هو هذا العقاب ...؟ "
" سوف ترين الان ..." قالها وهو يشير الى ليان لتمد يدها امامه فهزت ليان رأسها بعلامة النفي وهي تعصر قبضتي يدها بقوة وقد تجمعت الدموع في مقلتيها فصرخ بها قائلا " افتحيها ..."
اضطرت ليان الى فتح يدها لينزل معتز بالحزام على باطن يديها الاثنتين ثلاث مرات ....
ذهب بعدها ناحية نورا والتي هزت رأسها هي الاخرى نفيا وصرخت بهلع شديد " كلا ، ارجوك لا تضربني ..."
" افتحيها ..." أمرها معتز بنبرة قاطعه بينما استمرت نورا تهز رأسها عدة مرات مما جعله يصرخ بها بصوت هادر " قلت افتحيها ..."
فتحت نورا يدها بعد تردد شديد ليضربها معتز على باطن يدها اليمنى ثم تبعها بضرب اليسرى ...
توقف للحظه وهو يلاحظ دموعها التي هطلت على خديها بغزاره فلم يستطع ان يتحمل منظرها الباكي امامه ليجد نفسه يصرخ بها قائلا " اخرجي يا نورا ... اخرجي حالا ..."
ما ان سمعت نورا كلماته حتى فرت من امامه بسرعه غير مصدقه انه عتقها بهذه السهوله مكتفيا بضربة واحده فقط بينما تقدم معتز من ليان وقبض على خصلات شعرها الاشقر قائلا " لا تظنين ان عقابك انتهى ، انت بحاجه لان تتربي من جديد يا ليان ، ولا احد سيربيكِ غيري ..."
********************************
كان قصي يقف امام غرفة العمليات ينتظر خروج الطبيب ليطمأنه على يارا التي دخلتها منذ لحظات ...
ما زال يتذكر صدمته وهو يراها تنحدر امامه ليتبعها خروج الدماء منها والتي احاطتها بغزاره ليهرع نحوها بعد لحظات استعاد فيها وعيه ويحملها بين يديه متجها بها الى اقرب مشفى ...
دعا ربه ان تنجو بسلامه والا يصيبها اي مكروه وتمنى في داخله الا تفقد الجنين ، في تلك اللحظه بالذات شعر بمدى حاجته لان يعيش هذا الجنين ويولد وقد بات يريده اكثر من ذي قبل ...
تنهد بصمت واستند بظهره على الحائط منتظرا ان يسمع اي خبر يبشره انها بخير وظل على هذا الحال لفترة ليست بقصيره حتى خرج الطبيب بعدها وتقدم ناحيته فسأله قصي بلهفه " كيف وضعها ؟ اخبرني ارجوك ..."
" اطمئن انها بخير نوعا ما ... "
شعر قصي بالقليل من الراحه ، فعلى الأقل يارا نجت من هذه الحادثه بسلام ، ثم عاد وسأله " والجنين ما وضعه ..."
" مبدئيا هو ما زال حيا ، لقد فعلنا المستحيل حتى استطعنا انقاذه ، كان النزيف قوي للغايه ..."
زفر معتز براحه وابتسم بخفه قائلا " اشكرك كثيرا ..."
هز الطبيب رأسه وأجابه " هذا واجبي ، المريضه سوف تبقى في المستشفى حتى يستقر وضعها ونتأكد من سلامتها هي وجنينها بشكل تام ..."
هز معتز رأسه بتفهم ثم ذهب بعينيه ناحية يارا التي اخرجها الممرضون من غرفة العمليات متجهون الى الغرفة الخاصه بها فذهب بسرعه اتجاهها وسار خلفها متبعا اياها ...
بعد لحظات تقدم قصي من يارا النائمة على سرير المستشفى بسلام غير واعية لأي شيء مما يدور حولها ... تنهيدة خفيفة خرجت منه ثم تبعها جلوسه على الكرسي الموجود بجانبها ... تأملها مليا بعينيه البنيتين ، كان وجهها شاحبا ملامحها احتلها الضعف الذي يناقض قوتها المعتاده وتبدو نحيلة اكثر من المعتاد ... مد أنامله النحيله اتجاه شعرها الطويل مزيحا خصله منه إنسابت على وجهها ثم نزل بأنامله اتجاه عنقها الجزء الوحيد الظاهر من ملابس المستشفى التي ترتديها ... لم يستطع ان يمنع نفسه من مسك كف يدها ومنحه قبلة أودع فيها كل ما يعتمل داخله من مشاعر متناقضة نحوها ... تبعها باعتذار خفيف بالكاد يسمع ، " أسف ..." خرجت منه ضعيفه ، متردده ، خائفه ... اخرجها وفِي داخله يخشى من ان تصل اليها ولو حتى في أحلامها ...
**********************************
وقف حازم بسيارته امام العمارة التي تسكن فيها تمارا ، اخرج هاتفه من جيبه ورن عليها لتجيبه وتخبره انها سوف تنزل اليه في الحال ...
هبطت تمارا اليه بعد لحظات وهي ترتدي فستان اسود قصير عاري الاكتاف يناقض بياض بشرتها الصافي وشعرها الاشقر القصير ينسدل على كتفيها بشكل جعل حازم يفرغ فاهه بدهشه من جمالها البارز للعيان ...
فتحت تمارا باب السيارة ودلفت الى داخلها وألقت التحيه على حازم الذي رد تحيتها بهدوء متأملا اياها من رأسها الى اخمص قدميها ليهتف بإعجاب واضح " انت اليوم جميله للغايه ..."
ابتسمت تمارا بخجل واكتفت بإجابة مختصره على ما قاله " اشكرك ..." ليبتسم حازم لها هو الاخر ثم يقود سيارته متجها بها الى احد المطاعم الراقيه في البلاد ...
بعد حوالي نصف ساعه كان كلاهما يجلس على احدى الطاولات التي تم حجزها مسبقا من قبل حازم بينما وقف النادل امامها يأخذ طلباتهما ، أنهى النادل تسجيل طلبتاهما وسألهم ما اذا كانا يريدان شيئا اخر ثم ذهب عائدا الى عمله تاركا كلا من تمارا وحازم يتحدثان في شتى المواضيع المختلفه ...
رن هاتف حازم مقاطعا حديثهما ليبتسم بسعاده وهو يرى اسم المتصل الذي يرن على شاشة الهاتف ويجيبه على الفور ،، تحدثا طويلا وقد فهمت تمارا ان المتصل كان سيف فزمت شفتيها بانزعاج واضح اخفته بعد لحظات قليله حتى لا يشعر بها حازم ...
اكمل حازم اتصاله واغلق هاتفه ثم عاد بانظاره ناحية تمارا وسألها بتعجب " ما بك ،، تبدين منزعجه ..."
ابتسمت تمارا بتوتر وإجابته بسرعه قائله " لا يوجد شيء ،، فقط اشعر بقليل من الصداع ..."
" هل تريدين ان نعود الى البيت ...؟ " سألها حازم بقلق واضح فهزت رأسها نفيا وهي تجيبه " كلا ، لا داعي لهذا ،، سوف اصبح بخير ..."
أكملا عشائهما ثم نهضا واتجها عائدين الى المنزل ،، توقف حازم بسيارته امام العمارة التي تسكنها تمارا ،، استدارت تمارا له وهي تبتسم بحبور ثم شكرته على العزومه وهمت بالخروج الا انها تفاجئت بيد حازم تقبض على ذراعيها مانعه اياها من الخروج ،، تطلع حازم اليها للحظات ثم فاجأها بقبلة على شفتيها استجابت لها على الفور ...
****************************
في صباح اليوم التالي
فتحت يارا عينيها ثم أغلقتها بسرعه ،، عادت وفتحتها مره اخرى بتردد ،، شعرت بالم يكتسح جسدها بالكامل ،، كان التعب مسيطر عليها كليا ،، وضعت يدها بحركه لا اراديه على بطنها وتنهدت بوجع ،، سمعت صوت الباب يفتح ويغلق فاغمضت عينيها برعب حقيقي من ان يكون قصي هو من دخل اليها وبالفعل كان هو ...
" افتحي عينيك ولا تمثلى دور النائمه ..." قالها قصي بسخريه وهو يقف مواجها لها ،، فتحت يارا عينيها بعد عدة محاولات ثم تطلعت اليه بخوف واضح له ،، تقدم قصي منها بخطوات هادئه جعلتها تبتلع ريقها بتوجس ،، فجأة انحنى اتجاهها وقبض على كلتا ذراعيها بكفي يديه محاصرا جسدها بين قبضتيه ثم بدأ يهزها بعصبيه كاسحه وهو يقول " حقيره ،، لن تتغيري ابدا ،، حتى ابنك حاولتي ان تقتليه ..." ظل يشتمها وهو مستمر بهزها والضغط على ذراعيها حتى شعرت بان ذراعيها تمزقت من شدة الضغط ...
" أكرهه ،، أكرهه لانه منك ..." ما ان سمع قصي هذه الكلمات حتى توقف عن هزها وابتعد عنها بعدها ،، ظل ينظر اليها بنظرات كارهه مشمئزة لم تؤثر بها نهائيا ...
اتجهت افكارها لما قاله منذ لحظات وهو يقول " حاولتي ان تقتليه ..." اذا الطفل لم يمت ...
عادت ووضعت كف يدها على بطنها ثم هزت رأسها بعنف وهتفت بدموع لاذعه " لم يمت ،،، يا الهي ،، لم يمت بعد ..."
فجاءها صوت قصي القوي " كلا لم يمت ،، هذا الطفل سوف يعيش ويولد ..."
ثم تقدم اتجاهها مره اخرى وانحنى عليها مقربا وجهه من وجهها ،،، حدثها بنبرة متحديه قائلا " هذا الطفل سيولد يا يارا ،، شئتي ام ابيتي ،، وانت ستتزوجيني ،، بموافقتك او بالإجبار ستتزوجيني .."
ابتعد عنها بعدها وهو يهتف بها بنبرة جاده " غدا سوف تخرجين من المشفى ،، سنذهب في الحال الى المحكمه ونعقد قراننا لتأتي بعدها الى قصري وتستقري فيه ..."
**************************
" ما زال هاتفه مغلقا ، اللعنه ، اين اختفى هذا الغبي ...؟" هتفت كريستين بهذه الكلمات بعصبيه شديده موجهه حديثها الى رغد الجالسه امامها ، تنهدت رغد بضجر ثم تحدثت اخيرا بعد تفكير " من الممكن ان يكون تعرض الى حادث او ما شابه ذلك " ثم اردفت قائله " لو لم يأخذ امواله بعد لكنت قلت انه هرب ..."
" ومن الممكن ان يكون هرب بالفعل ..." قالتها كريستين بجديه فهزت رغد رأسها نفيا قائله " مستحيل ، كان سيأخذ امواله على الأقل ..."
سمعا بعض لحظات طرقات على الباب فقالت كريستين بسرعه " لقد جاء ..." بينما هبت رغد من مكانها بسرعه لفتح الباب ظنا منها ان فادي هو الطارق ...
تصنمت رغد في مكانها بعدما فتحت الباب للشخص الذي طرقه والذي لم يكن سوى سيف !!
تراجعت الى الخلف لا إراديا بينما ولج سيف الى الداخل بعد ان أغلق الباب خلفه ، عقد حاجبيه بتعجب وهتف بها بجديه قائلا " لماذا تتراجعين الى الخلف هكذا ...؟"
توقفت رغد في مكانها ولم تجبه على سؤاله بل ظلت ترمقه بنظرات جانبيه بينما أردف هو متسائلا بتهكم " اين حبيبك المزعوم ،، لماذا لا اراه ..؟ "
"ماذا تقصد ..." سألته بتوتر فأجابها موضحا بصراحه مطلقه معتاد عليها " ما اقصده ان لعبتك باتت مكشوفه ..."
بلعت ريقها بتوتر وشعرت بسخونه غريبه تجتاح جسدها باكمله فخرج صوتها متلكئ خافت " لم افهم !! ماذا تريد مني ولماذا اتيت ...؟ "
رمقها سيف بنظرات هازئه ثم تقدم الى صالة الجلوس المرفقه بالجناح مارا من امامها وهو يضع يديه في جيوب بنطاله حائما حول المكان بنظراته في حركة استفزازية متعمده ،، ضغطت رغد على شفتيها السفلى بقساوة وعقدت ذراعيها امام صدرها ونفخت عدة مرات بصوت مسموع عله يشعر بانه غير مرحب في وجوده هنا الا ان هذه الحركة جعلته يبتسم ملئ فمه ،، استدار ناحيتها بعد لحظات وظل صامتا يرمقها بنظراته فقط دون ان يتحدث بكلمه واحده ثم عاد وقطع هذا الصمت بنفسه وهو يكرر سؤاله السابق عليها " اين السيد فادي ،، لماذا لا اراه ...؟ "
فاجابته رغد بجديه " لا اعلم ،، لقد خرج منذ البارحه ولم يعد ..."
" ولن يعد ..." قالها سيف بهدوء وهو يجلس على الكنبه المقابله لها واضعا قدمه فوق الاخر مخرجا سيجارته من جيب بنطاله واضعا اياها في فمه بعد ان أشعلها بنفسه ...
تطلعت رغد اليه بحيره مما قاله فسألته بعدم فهم " ماذا تعني بانه لن يعد ...؟ "
" لقد أرسلته الى باريس في رحلة بلا عودة ،،، بعد ان اخبرني بكل شيء بالطبع ..."
اتسعت عيناها بصدمه وشعرت بقلبها يهوي أسفل قدميها وارتجف جسدها بالكامل ثم سألته بعدم تصديق " بماذا اخبرك ...؟ "
فأجابها ببساطه " اعترف بكل شيء قمتي به انت وصديقتك ..."
كزت رغد على اسنانها بعصبيه واغمضت عينيها بقوة ،، رفعت رأسها الى الاعلى بنفاذ صبر وهي تعصر قبضتي يدها بقوة ،، ظلت على هذه الحال لعدة ثواني ثم انزلت رأسها وفتحت عينيها بتردد وهي تتمنى في داخلها ان يختفي سيف من المكان باكمله وحالا ...
رفعت خصلة من شعرها ووضعتها خلف اذنها ،، عقدت ذراعيها امام صدرها ثم رفعت ذقنها بشموخ وحدثته قائله " من الجيد انك عرفت ،، لقد مللت من هذه اللعبه السخيفه ،، لكن عليك ان تفهم شيء واحدا ،، انا بالفعل جلبت فادي الى هنا حتى اثير غيرتك ،، نعم اعترف بهذا ولا اخجل منه ،، لكن لم افعل هذا حتى تعود اليَّ ،، غايتي مما فعلته هو ان تذوق قليلا مما جعلتني أعانيه طوال فترة علاقتي بك وقد نجحت بهذا ..."
" برافو ،، التغيير واضح عليك ،، لقد اصبحت قوية للغايه ..."
" طوال عمري وانا قويه ،، وانت أكثر من يعرف هذا ،، التغيير الحقيقي حدث في فترة علاقتي بك ،، تغيير غبي صنعته انا بنفسي ،، والحمد لله انني تخلصت منه وعدت كما كنت سابقا ..."
" اذا اعترفتي ان تغييرك كان بسببي انا ،، وعودتك الى قوتك السابقه كان مِن اجلي انا ايضا ،، بكل الاحوال انا المسيطر دائما وانا المسبب الحقيقي لكل ما تمرين به ..."
لم يؤثر كلامه بها للبته فقد ظلت تعابير وجهها جامده للغايه لا توحي باي شيء ،، سألته بجديه دون ان تتحرك تعابيرها الجامده " ماذا تريد يا سيف...؟"
فجائها جوابه الصريح كالعاده " اريدك ،،، اريد ان نعود الى بعض ..."
" تحلم ..." اجابته بنبره قويه ونظرات حاده ،،
" عفوا ..."
فعادت وأكملت ما قالته " تحلم اذا فكرت بأنني سأعود لك يا سيف ،، انا سأعود الى فرنسا ،، سوف انهي كل شيء هنا وأسافر ،، "
" ومن سيسمح لك بهذا ..."
" سماحك من عدمه لم يعد يؤثر بي ،،، انا سأعود الى فرنسا ،، لقد اتخذت قراري ولن أتراجع عنه ..."
" بلى يؤثر ،، وانت اكثر من يعلم هذا ..." قالها بنظرات ذات مغزى فاجابته بتحدي قائله " اذا كنت تقصد موضوع جواز السفر الذي مزقته فسأذهب الى السفارة واستخرج اخر بدلا عنه ،،، ولا تنسى انني احمل الجنسيه الفرنسيه وهذا سيساعدني كثيرا ..."
" انا لا اقصد جواز سفرك ..."
" اذا ماذا تقصد ...؟ " سألته بتوجس فأجابها وهو ينهض من مكانه و مقربا وجهه من وجهها حتى شعرت بانفاسه تحرقها " ما اقصده انك لن تستطيعي الابتعاد عني ،، لن تستطيعي المقاومه كثيرا وسوف تعودين اليَّ خلال ايام ..."
" لن اعود ،،، اقسم لك بأنني سأذهب ولن اعود ..." قالتها بنبرة قوية وهي تضع عينيها في عينيه متحديه اياه بكل ما أمكن ...
" لنرى اذا ..." قالها وهو يحك ذقنه بأنامله ثم ما لبث ان التهم شفتيها بقبلة مفاجئه ...
تركها بعد لحظات وهو يلهث بقوة ليتفاجئ بصفعه قويه تنزل على وجهه ،، تطلع اليها بعينين غاضبتين بدتا كجمرتان من النار بينما رفعت هي رأسها للاعلى غير مباليه بنظراته الحارقه ومسحت شفتيها بابهامها ثم تطلعت اليه وهي تزم شفتيها بحركة تدل على القرف والاشمئزاز جعلتها يزداد غضبا وفجورا ،، صرخت به بعدها بصوت عالي " اخرج ..."
عصر سيف قبضتي يدها بقوة وهو يتمنى في داخله ان يقبض على رقبتها بين يديه ويخنق انفاسها الا انه لم يستطع فعل ذلك ،،، ابتعد بعدها من امامها خارجا من جناحها بعصبيه تهدد بحرق من يقترب منه وشياطين غضبه تلاحقه
تقدمت ليان داخل العماره بسرعه من اجل إنقاذ نورا ثم ارتقت درجات السلم ذاهبه الى شقة رامي التي تقطن في الطابق الثاني وما ان وصلت هناك حتى وجدت رامي يقبض على ذراع نورا محاولا جرها وإدخالها الى داخل الشقه بينما نورا ترفض ما يريده وهي تبكي بشده ...
" رامي اتركها ..." صرخت ليان بهذه الكلمات وهي تركض اتجاه رامي الذي ما زال يقبض على ذراع نورا بيده ...
" معقول !!! انسه ليان جائت بنفسها اليَّ !!! كيف سمح لك أخوك المبجل بان تأتي الى هنا ...؟ " رددها رامي بسخريه وهو يرمقها بنظرات متحفزه للانقضاض عليها في اية لحظه وخنقها بين يديه ...
" اتركها من فضلك ... مشكلتك معي انا وليست معها ..." قالتها ليان بنبرة حاده نوعا ما زادته غضبا وسخطا منها فأجابها بحده هو الاخر " أ لهذه الدرجه تخافين عليها ...؟ لم أتوقع انها مهمة لديك هكذا ..."
زفرت ليان نفسا غاضبا ثم عضت شفتها السفلي بأسنانها القويه في محاولة فاشله لامتصاص غضبها الذي يهدد بالانفجار في اي لحظه في وجه رامي الذي لا يختلف عنها بتاتا في مقدار غضبه وتوعده ...
" اتركها ارجوك ..." رددتها ليان هذه المره برجاء حقيقي بعد ان سيطرت على غضبها قليلا وقد شعرت ان العناد والاسلوب الحاد لن يجلب نتيجه معه ...
" حسنا سأتركها ، لكن على شرط ..."
" ما هو ...؟"
" ان تأتي معي بدلا عنها ..."
لم تتفاجأ ليان بما قاله فهي توقعت طلبه هذا منها بل كانت متأكده منه فاجابته بسرعه قائله " حسنا ، موافقه ..."
مان ان قالت ليان جملتها هذه حتى فك رامي قبضته عن ذراع نورا والتي انتفضت فورا راكضه بعيدا عنه بينما تقدمت ليان منها وهتفت بها قائله " اذهبي فورا يا نورا ، اياك ان تعودي هنا ، ولا تخبري احدا بما حدث ..."
" وانت ...؟" سألتها نورا بجزع فاجابتها ليان وهي تبتلع غصة مريره في داخلها " سأذهب معه ..."
فاردفت نورا بخوف حقيقي " ولكن ..." لتقاطعها ليان بنبرة حاسمه " لا يوجد لكن ، هذا الحل الوحيد أمامنا ..."
ثم تقدمت ناحية رامي الذي يقف مقابلا لها وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة انتصار ...
" الى اين ...؟ "
ابتسامه واسعه شقت شفتي ليان وهي تستمع الى ذلك الصوت الهادر الذي شق ارجاء المكان وبدد تلك اللحظات الحرجه بينما اضطربت نورا بشده التي تقف على مسافة قريبة منها وقد تجمعت داخلها مشاعر كثيره ما بين الراحه والخوف والقلق والتردد ...
وقف معتز بجانب نورا دون ان يرمقها بنظرة واحده في الجهه المقابله لرامي بينما كانت ليان تقف في منتصف المسافه الفاصله بينهما وما زالت موليه ظهرها لمعتز ولم تستدر له ...
استدارت بعدها ناحية معتز راميه اياه بنظرات شاكره متأمله خيرا بادلها اياها معتز باخرى متوعده لم تهتم لها ليان فكل ما يهمها ان تخرج من هذا المكان سالمه وليفعل معتز ما يشاء بعدها ...
وأخيرا بعد لحظات قصيره من الصمت تحدث معتز بصوت هادئ مريب " انا لن أجادلك كثيرا لأنني لا املك الرغبه برؤيتك امامي لوقت طويل ... ولن أضربك ايضا لأني اعلم جيدا ان ما لدي وحده يسدد لك العديد من الضربات ... سأكتفي بكلمة واحده فقط وهي ..." سكت معتز للحظات لا تتعدى الثواني بدت لرامي الذي الواقف امامه يتطلع اليه بترقب وحذر ساعات ...
واخيرا اخرج معتز من من جيبة فلاش صغير ورفعه الاعلى ليراه رامي جيدا ثم استطرد في حديثه قائلا " هذا الذي تراه امامك في داخله فيديو صغير يخصك بل يخص عائلة العمري كلها ، خده وتفرج على ما في داخله وحينها لن تجرؤ على تكرار فعلتك هذه مره اخرى ..."
رمى معتز الفلاش ارضا بعد ان أنهى كلامه ثم تقدم ناحية ليان وقبض على كف يدها وسحبها خلفه ثم قبض بكف يده الاخرى على يد نورا التي تقف كالصنم لا تفهم شيء مما يدور حولها وجرها وراءه هي الاخرى ... اما رامي فتقدم ناحية الفلاش المرمي على الارض وهبط اتجاهه وحمله في كف يده وهو ينظر له بتوجس ...
بعد لحظات كان رامي جالسا في شقته يضع حاسوبه الشخصي امامي و ينظر الى الفلاش بترقب ثم حمله بعد ذلك ووضعه في المكان المخصص له داخل الحاسوب وضغط على زر التشغيل ليظهر امامه فيديو قصير من دقيقتين جعله ينتفض من مكانه غير مصدقا لما يراه امامه ...
*******************************
دفع معتز كلا من ليان ونورا الى داخل غرفة ليان باقصى قوته حتى كادتا ان يسقطا ارضا بسببه ثم أغلق الباب خلفه جيدا وخلع حزام بنطاله وتقدم منهما وهو يهتف بغضب شديد " كيف تذهبان الى ذلك الحقير بنفسكما ؟ كيف تجرئان على شيء كهذا ؟ "
ثم أردف قائلا " وانت يا ليان كيف تستخدمين نورا في حل مشكلتك ...كيف تجرئتي على شيء كهذا ... اخبريني ..." قال كلمته الاخيره بصرخه خرجت مرتفعه للغايه جعلت جسد كلتيهما يرتجف رعبا وخشية من هذا الوحش الماثل امامها ...
ثم عاد ووجه حديثه هذه المره الى نورا قائلا بسخريه " وانت يا سوبر مان زمانك ، اليس لديك ما تقولينه ...؟"
هزت نورا رأسها نفيا بحركة آليه بينما أردف معتز قائلا بتهكم " انا لا افهم لماذا تحبين ان تجلبي المشاكل لنفسك !!! لماذا تحشرين انفك بما لا يعنيكِ !!! تحاولين لعب دور المنقذه الشجاعه ويا ليتك نجحتي فيه ..." ثم اكمل وهو يكز على آسنانه بغضب " ماذا لو اذاك ذلك الحقير ، ماذا كنت ستفعلين حينها ، اخبريني ..."
اخذ معتز نفسا عميقا ثم زفره عدة مرات ، رمق كلا من ليان ونورا بنظرات متوعده بينما تقفان كلتاهما امامه تتابعانه بقلق وتوجس ...
" والآن حان وقت العقاب ..." قالها معتز بنبرة مسترخيه وهو يقترب اتجاههما فهزت نورا رأسها بعدم فهم و رددت الكلمات بتساؤل مبهم " عقاب !!!"
فأجابها معتز موضحا لها
" نعم عقابكما يا عزيزتي ..."
فسألته مره اخرى بترقب مخيف
" وما هو هذا العقاب ...؟ "
" سوف ترين الان ..." قالها وهو يشير الى ليان لتمد يدها امامه فهزت ليان رأسها بعلامة النفي وهي تعصر قبضتي يدها بقوة وقد تجمعت الدموع في مقلتيها فصرخ بها قائلا " افتحيها ..."
اضطرت ليان الى فتح يدها لينزل معتز بالحزام على باطن يديها الاثنتين ثلاث مرات ....
ذهب بعدها ناحية نورا والتي هزت رأسها هي الاخرى نفيا وصرخت بهلع شديد " كلا ، ارجوك لا تضربني ..."
" افتحيها ..." أمرها معتز بنبرة قاطعه بينما استمرت نورا تهز رأسها عدة مرات مما جعله يصرخ بها بصوت هادر " قلت افتحيها ..."
فتحت نورا يدها بعد تردد شديد ليضربها معتز على باطن يدها اليمنى ثم تبعها بضرب اليسرى ...
توقف للحظه وهو يلاحظ دموعها التي هطلت على خديها بغزاره فلم يستطع ان يتحمل منظرها الباكي امامه ليجد نفسه يصرخ بها قائلا " اخرجي يا نورا ... اخرجي حالا ..."
ما ان سمعت نورا كلماته حتى فرت من امامه بسرعه غير مصدقه انه عتقها بهذه السهوله مكتفيا بضربة واحده فقط بينما تقدم معتز من ليان وقبض على خصلات شعرها الاشقر قائلا " لا تظنين ان عقابك انتهى ، انت بحاجه لان تتربي من جديد يا ليان ، ولا احد سيربيكِ غيري ..."
********************************
كان قصي يقف امام غرفة العمليات ينتظر خروج الطبيب ليطمأنه على يارا التي دخلتها منذ لحظات ...
ما زال يتذكر صدمته وهو يراها تنحدر امامه ليتبعها خروج الدماء منها والتي احاطتها بغزاره ليهرع نحوها بعد لحظات استعاد فيها وعيه ويحملها بين يديه متجها بها الى اقرب مشفى ...
دعا ربه ان تنجو بسلامه والا يصيبها اي مكروه وتمنى في داخله الا تفقد الجنين ، في تلك اللحظه بالذات شعر بمدى حاجته لان يعيش هذا الجنين ويولد وقد بات يريده اكثر من ذي قبل ...
تنهد بصمت واستند بظهره على الحائط منتظرا ان يسمع اي خبر يبشره انها بخير وظل على هذا الحال لفترة ليست بقصيره حتى خرج الطبيب بعدها وتقدم ناحيته فسأله قصي بلهفه " كيف وضعها ؟ اخبرني ارجوك ..."
" اطمئن انها بخير نوعا ما ... "
شعر قصي بالقليل من الراحه ، فعلى الأقل يارا نجت من هذه الحادثه بسلام ، ثم عاد وسأله " والجنين ما وضعه ..."
" مبدئيا هو ما زال حيا ، لقد فعلنا المستحيل حتى استطعنا انقاذه ، كان النزيف قوي للغايه ..."
زفر معتز براحه وابتسم بخفه قائلا " اشكرك كثيرا ..."
هز الطبيب رأسه وأجابه " هذا واجبي ، المريضه سوف تبقى في المستشفى حتى يستقر وضعها ونتأكد من سلامتها هي وجنينها بشكل تام ..."
هز معتز رأسه بتفهم ثم ذهب بعينيه ناحية يارا التي اخرجها الممرضون من غرفة العمليات متجهون الى الغرفة الخاصه بها فذهب بسرعه اتجاهها وسار خلفها متبعا اياها ...
بعد لحظات تقدم قصي من يارا النائمة على سرير المستشفى بسلام غير واعية لأي شيء مما يدور حولها ... تنهيدة خفيفة خرجت منه ثم تبعها جلوسه على الكرسي الموجود بجانبها ... تأملها مليا بعينيه البنيتين ، كان وجهها شاحبا ملامحها احتلها الضعف الذي يناقض قوتها المعتاده وتبدو نحيلة اكثر من المعتاد ... مد أنامله النحيله اتجاه شعرها الطويل مزيحا خصله منه إنسابت على وجهها ثم نزل بأنامله اتجاه عنقها الجزء الوحيد الظاهر من ملابس المستشفى التي ترتديها ... لم يستطع ان يمنع نفسه من مسك كف يدها ومنحه قبلة أودع فيها كل ما يعتمل داخله من مشاعر متناقضة نحوها ... تبعها باعتذار خفيف بالكاد يسمع ، " أسف ..." خرجت منه ضعيفه ، متردده ، خائفه ... اخرجها وفِي داخله يخشى من ان تصل اليها ولو حتى في أحلامها ...
**********************************
وقف حازم بسيارته امام العمارة التي تسكن فيها تمارا ، اخرج هاتفه من جيبه ورن عليها لتجيبه وتخبره انها سوف تنزل اليه في الحال ...
هبطت تمارا اليه بعد لحظات وهي ترتدي فستان اسود قصير عاري الاكتاف يناقض بياض بشرتها الصافي وشعرها الاشقر القصير ينسدل على كتفيها بشكل جعل حازم يفرغ فاهه بدهشه من جمالها البارز للعيان ...
فتحت تمارا باب السيارة ودلفت الى داخلها وألقت التحيه على حازم الذي رد تحيتها بهدوء متأملا اياها من رأسها الى اخمص قدميها ليهتف بإعجاب واضح " انت اليوم جميله للغايه ..."
ابتسمت تمارا بخجل واكتفت بإجابة مختصره على ما قاله " اشكرك ..." ليبتسم حازم لها هو الاخر ثم يقود سيارته متجها بها الى احد المطاعم الراقيه في البلاد ...
بعد حوالي نصف ساعه كان كلاهما يجلس على احدى الطاولات التي تم حجزها مسبقا من قبل حازم بينما وقف النادل امامها يأخذ طلباتهما ، أنهى النادل تسجيل طلبتاهما وسألهم ما اذا كانا يريدان شيئا اخر ثم ذهب عائدا الى عمله تاركا كلا من تمارا وحازم يتحدثان في شتى المواضيع المختلفه ...
رن هاتف حازم مقاطعا حديثهما ليبتسم بسعاده وهو يرى اسم المتصل الذي يرن على شاشة الهاتف ويجيبه على الفور ،، تحدثا طويلا وقد فهمت تمارا ان المتصل كان سيف فزمت شفتيها بانزعاج واضح اخفته بعد لحظات قليله حتى لا يشعر بها حازم ...
اكمل حازم اتصاله واغلق هاتفه ثم عاد بانظاره ناحية تمارا وسألها بتعجب " ما بك ،، تبدين منزعجه ..."
ابتسمت تمارا بتوتر وإجابته بسرعه قائله " لا يوجد شيء ،، فقط اشعر بقليل من الصداع ..."
" هل تريدين ان نعود الى البيت ...؟ " سألها حازم بقلق واضح فهزت رأسها نفيا وهي تجيبه " كلا ، لا داعي لهذا ،، سوف اصبح بخير ..."
أكملا عشائهما ثم نهضا واتجها عائدين الى المنزل ،، توقف حازم بسيارته امام العمارة التي تسكنها تمارا ،، استدارت تمارا له وهي تبتسم بحبور ثم شكرته على العزومه وهمت بالخروج الا انها تفاجئت بيد حازم تقبض على ذراعيها مانعه اياها من الخروج ،، تطلع حازم اليها للحظات ثم فاجأها بقبلة على شفتيها استجابت لها على الفور ...
****************************
في صباح اليوم التالي
فتحت يارا عينيها ثم أغلقتها بسرعه ،، عادت وفتحتها مره اخرى بتردد ،، شعرت بالم يكتسح جسدها بالكامل ،، كان التعب مسيطر عليها كليا ،، وضعت يدها بحركه لا اراديه على بطنها وتنهدت بوجع ،، سمعت صوت الباب يفتح ويغلق فاغمضت عينيها برعب حقيقي من ان يكون قصي هو من دخل اليها وبالفعل كان هو ...
" افتحي عينيك ولا تمثلى دور النائمه ..." قالها قصي بسخريه وهو يقف مواجها لها ،، فتحت يارا عينيها بعد عدة محاولات ثم تطلعت اليه بخوف واضح له ،، تقدم قصي منها بخطوات هادئه جعلتها تبتلع ريقها بتوجس ،، فجأة انحنى اتجاهها وقبض على كلتا ذراعيها بكفي يديه محاصرا جسدها بين قبضتيه ثم بدأ يهزها بعصبيه كاسحه وهو يقول " حقيره ،، لن تتغيري ابدا ،، حتى ابنك حاولتي ان تقتليه ..." ظل يشتمها وهو مستمر بهزها والضغط على ذراعيها حتى شعرت بان ذراعيها تمزقت من شدة الضغط ...
" أكرهه ،، أكرهه لانه منك ..." ما ان سمع قصي هذه الكلمات حتى توقف عن هزها وابتعد عنها بعدها ،، ظل ينظر اليها بنظرات كارهه مشمئزة لم تؤثر بها نهائيا ...
اتجهت افكارها لما قاله منذ لحظات وهو يقول " حاولتي ان تقتليه ..." اذا الطفل لم يمت ...
عادت ووضعت كف يدها على بطنها ثم هزت رأسها بعنف وهتفت بدموع لاذعه " لم يمت ،،، يا الهي ،، لم يمت بعد ..."
فجاءها صوت قصي القوي " كلا لم يمت ،، هذا الطفل سوف يعيش ويولد ..."
ثم تقدم اتجاهها مره اخرى وانحنى عليها مقربا وجهه من وجهها ،،، حدثها بنبرة متحديه قائلا " هذا الطفل سيولد يا يارا ،، شئتي ام ابيتي ،، وانت ستتزوجيني ،، بموافقتك او بالإجبار ستتزوجيني .."
ابتعد عنها بعدها وهو يهتف بها بنبرة جاده " غدا سوف تخرجين من المشفى ،، سنذهب في الحال الى المحكمه ونعقد قراننا لتأتي بعدها الى قصري وتستقري فيه ..."
**************************
" ما زال هاتفه مغلقا ، اللعنه ، اين اختفى هذا الغبي ...؟" هتفت كريستين بهذه الكلمات بعصبيه شديده موجهه حديثها الى رغد الجالسه امامها ، تنهدت رغد بضجر ثم تحدثت اخيرا بعد تفكير " من الممكن ان يكون تعرض الى حادث او ما شابه ذلك " ثم اردفت قائله " لو لم يأخذ امواله بعد لكنت قلت انه هرب ..."
" ومن الممكن ان يكون هرب بالفعل ..." قالتها كريستين بجديه فهزت رغد رأسها نفيا قائله " مستحيل ، كان سيأخذ امواله على الأقل ..."
سمعا بعض لحظات طرقات على الباب فقالت كريستين بسرعه " لقد جاء ..." بينما هبت رغد من مكانها بسرعه لفتح الباب ظنا منها ان فادي هو الطارق ...
تصنمت رغد في مكانها بعدما فتحت الباب للشخص الذي طرقه والذي لم يكن سوى سيف !!
تراجعت الى الخلف لا إراديا بينما ولج سيف الى الداخل بعد ان أغلق الباب خلفه ، عقد حاجبيه بتعجب وهتف بها بجديه قائلا " لماذا تتراجعين الى الخلف هكذا ...؟"
توقفت رغد في مكانها ولم تجبه على سؤاله بل ظلت ترمقه بنظرات جانبيه بينما أردف هو متسائلا بتهكم " اين حبيبك المزعوم ،، لماذا لا اراه ..؟ "
"ماذا تقصد ..." سألته بتوتر فأجابها موضحا بصراحه مطلقه معتاد عليها " ما اقصده ان لعبتك باتت مكشوفه ..."
بلعت ريقها بتوتر وشعرت بسخونه غريبه تجتاح جسدها باكمله فخرج صوتها متلكئ خافت " لم افهم !! ماذا تريد مني ولماذا اتيت ...؟ "
رمقها سيف بنظرات هازئه ثم تقدم الى صالة الجلوس المرفقه بالجناح مارا من امامها وهو يضع يديه في جيوب بنطاله حائما حول المكان بنظراته في حركة استفزازية متعمده ،، ضغطت رغد على شفتيها السفلى بقساوة وعقدت ذراعيها امام صدرها ونفخت عدة مرات بصوت مسموع عله يشعر بانه غير مرحب في وجوده هنا الا ان هذه الحركة جعلته يبتسم ملئ فمه ،، استدار ناحيتها بعد لحظات وظل صامتا يرمقها بنظراته فقط دون ان يتحدث بكلمه واحده ثم عاد وقطع هذا الصمت بنفسه وهو يكرر سؤاله السابق عليها " اين السيد فادي ،، لماذا لا اراه ...؟ "
فاجابته رغد بجديه " لا اعلم ،، لقد خرج منذ البارحه ولم يعد ..."
" ولن يعد ..." قالها سيف بهدوء وهو يجلس على الكنبه المقابله لها واضعا قدمه فوق الاخر مخرجا سيجارته من جيب بنطاله واضعا اياها في فمه بعد ان أشعلها بنفسه ...
تطلعت رغد اليه بحيره مما قاله فسألته بعدم فهم " ماذا تعني بانه لن يعد ...؟ "
" لقد أرسلته الى باريس في رحلة بلا عودة ،،، بعد ان اخبرني بكل شيء بالطبع ..."
اتسعت عيناها بصدمه وشعرت بقلبها يهوي أسفل قدميها وارتجف جسدها بالكامل ثم سألته بعدم تصديق " بماذا اخبرك ...؟ "
فأجابها ببساطه " اعترف بكل شيء قمتي به انت وصديقتك ..."
كزت رغد على اسنانها بعصبيه واغمضت عينيها بقوة ،، رفعت رأسها الى الاعلى بنفاذ صبر وهي تعصر قبضتي يدها بقوة ،، ظلت على هذه الحال لعدة ثواني ثم انزلت رأسها وفتحت عينيها بتردد وهي تتمنى في داخلها ان يختفي سيف من المكان باكمله وحالا ...
رفعت خصلة من شعرها ووضعتها خلف اذنها ،، عقدت ذراعيها امام صدرها ثم رفعت ذقنها بشموخ وحدثته قائله " من الجيد انك عرفت ،، لقد مللت من هذه اللعبه السخيفه ،، لكن عليك ان تفهم شيء واحدا ،، انا بالفعل جلبت فادي الى هنا حتى اثير غيرتك ،، نعم اعترف بهذا ولا اخجل منه ،، لكن لم افعل هذا حتى تعود اليَّ ،، غايتي مما فعلته هو ان تذوق قليلا مما جعلتني أعانيه طوال فترة علاقتي بك وقد نجحت بهذا ..."
" برافو ،، التغيير واضح عليك ،، لقد اصبحت قوية للغايه ..."
" طوال عمري وانا قويه ،، وانت أكثر من يعرف هذا ،، التغيير الحقيقي حدث في فترة علاقتي بك ،، تغيير غبي صنعته انا بنفسي ،، والحمد لله انني تخلصت منه وعدت كما كنت سابقا ..."
" اذا اعترفتي ان تغييرك كان بسببي انا ،، وعودتك الى قوتك السابقه كان مِن اجلي انا ايضا ،، بكل الاحوال انا المسيطر دائما وانا المسبب الحقيقي لكل ما تمرين به ..."
لم يؤثر كلامه بها للبته فقد ظلت تعابير وجهها جامده للغايه لا توحي باي شيء ،، سألته بجديه دون ان تتحرك تعابيرها الجامده " ماذا تريد يا سيف...؟"
فجائها جوابه الصريح كالعاده " اريدك ،،، اريد ان نعود الى بعض ..."
" تحلم ..." اجابته بنبره قويه ونظرات حاده ،،
" عفوا ..."
فعادت وأكملت ما قالته " تحلم اذا فكرت بأنني سأعود لك يا سيف ،، انا سأعود الى فرنسا ،، سوف انهي كل شيء هنا وأسافر ،، "
" ومن سيسمح لك بهذا ..."
" سماحك من عدمه لم يعد يؤثر بي ،،، انا سأعود الى فرنسا ،، لقد اتخذت قراري ولن أتراجع عنه ..."
" بلى يؤثر ،، وانت اكثر من يعلم هذا ..." قالها بنظرات ذات مغزى فاجابته بتحدي قائله " اذا كنت تقصد موضوع جواز السفر الذي مزقته فسأذهب الى السفارة واستخرج اخر بدلا عنه ،،، ولا تنسى انني احمل الجنسيه الفرنسيه وهذا سيساعدني كثيرا ..."
" انا لا اقصد جواز سفرك ..."
" اذا ماذا تقصد ...؟ " سألته بتوجس فأجابها وهو ينهض من مكانه و مقربا وجهه من وجهها حتى شعرت بانفاسه تحرقها " ما اقصده انك لن تستطيعي الابتعاد عني ،، لن تستطيعي المقاومه كثيرا وسوف تعودين اليَّ خلال ايام ..."
" لن اعود ،،، اقسم لك بأنني سأذهب ولن اعود ..." قالتها بنبرة قوية وهي تضع عينيها في عينيه متحديه اياه بكل ما أمكن ...
" لنرى اذا ..." قالها وهو يحك ذقنه بأنامله ثم ما لبث ان التهم شفتيها بقبلة مفاجئه ...
تركها بعد لحظات وهو يلهث بقوة ليتفاجئ بصفعه قويه تنزل على وجهه ،، تطلع اليها بعينين غاضبتين بدتا كجمرتان من النار بينما رفعت هي رأسها للاعلى غير مباليه بنظراته الحارقه ومسحت شفتيها بابهامها ثم تطلعت اليه وهي تزم شفتيها بحركة تدل على القرف والاشمئزاز جعلتها يزداد غضبا وفجورا ،، صرخت به بعدها بصوت عالي " اخرج ..."
عصر سيف قبضتي يدها بقوة وهو يتمنى في داخله ان يقبض على رقبتها بين يديه ويخنق انفاسها الا انه لم يستطع فعل ذلك ،،، ابتعد بعدها من امامها خارجا من جناحها بعصبيه تهدد بحرق من يقترب منه وشياطين غضبه تلاحقه