الحلقة الثانية من #تهتُك_داخلي
أغلق وكيل النيابة التقرير ونظر للكاتب وقال له :أمرنا نحن وكيل النيابة بحبس المتهمة نوران سعيد أربعة أيام علي ذمة التحقيق... ليستوقفه المحامي محمد سريعا لماذا سيادتك؟ ماذا حدث؟!
وكيل النيابة :تقرير الطب الشرعي أثبت وجود بصمات المتهمة علي رقبة ولياقة قميص المجني عليه ولحسن الحظ أن بصماتها كانت ظاهرة لوقوع بودر التجميل الخاص بالنساء بيدها ماجعل البصمة تبدو ظاهرة رغم نفيها لرؤية المجني عليه قبل وفاته... مع تأكيد ان البصمة لم يمر عليها أكثر من ثلاث ساعات من الوفاة.. مايربط موكلتك بالحدث وبموقع الجريمة...
نوران :ولكني لا أستعمل حقا أي بودر للتجميل! فمن أين سأمسك به... هذه حقيبتي فلتأمر بتفتيشها رجاءا... لم أفعل شيئ ولم اره بعد صعوده الحافلة عقب إنتهاء دوام الاحد...
امر وكيل النيابة نوران ومحاميها بالإنتظار بالخارج... لحين إستكمال باقي التحقيق...
بعد خروج نوران والمحامي نظر المقدم ماجد لوكيل النيابة وقال له بأندهاش :ماذا يوجد في التقرير غير ذلك؟ ما الذي أصابك بكل ذاك التوتر عند قرأته؟!
وكيل النيابة : تم إطعام الطفل مادتين كاويتين تم خلطهما معا... ليس هذا الغريب... الغريب أن الجاني قم بوضعه داخل معدة الطفل عن طريق أنبوب قام بأدخاله من الفم للمعدة مباشرة... وبناءا عليه فقد تم تهتك جدار المعدة بالكامل... وبدأ النزيف الداخلي يحدث شيئا فشيئا... ومع تفاعل المواد الكاوية مع الماء الموجود بالدم كان كافلا لخروج حرارة شديدة نتيجة التفاعل ماتسبب بتهتك جميع الأعضاء الداخلية بشكل مرعب... هذا الطفل تعرض لكثير من الالم لدرجة تجعلني وأنا أقرأ التقرير سرت بجسدي القشعريرة والإشمئزاز ممن فعل بالطفل هذا...
المقدم ماجد:هل تشك بوالدة الطفل؟ هل أرسلت إليها للإستجواب؟
وكيل النيابة :الام بحالة صدمة شديدة... وكل ما تود معرفته من فعل ذلك بولدها... والأب قام برفع دعوة قضائية عاجلة علي المدرسة لطلب تعويضا كبيرا... وقام بإتهام المدير والوكيلة ومدرسة الفصل بأسمائهم وصفتهم.. وقضية أخري يطلب فيها إغلاق المدرسة لعدم أهلية أصحابها للحفاظ علي الأطفال مسئوليتهم..... في حركة منه لتصعيد الأمور كي يضغط علي المتهمين بوجود قضايا أخري بإنتظارهم إذا ما تم تبرأتهم من قضية القتل... بات علينا الآن العمل بكل جهدنا للوصول لمرتكب هذه الجريمة الشنيعة...
صمت وكيل النيابة قليلا ثم قال للمقدم ماجد :أطلب منك التحرك الآن لتقف مع فريق البحث الجنائي الخارج لتفتيش منزل المجني عليه ومنزل السيدة نوران سعيد... ومنزل السائق رسلان.. وسأقوم بإستعجال تقرير فحص كاميرات المراقبة... هناك أمر ما حدث بتلك المدرسة في تلك الليلة... وعلينا معرفة ماذا حدث هناك بالتفصيل... ثم قام بالنداء علي العسكري الذي دخل إليه وأمره بإدخال مدير المدرسة والوكيلة للإستجاوب... دخلوا عليه... المدير شخصية يبدو عليها القوة والحزم يملك عدة مشاريع قومية أخري... ودخل المجال التعليمي كنوع من التجربة... أما الوكيلة.. فهي سيدة أربعينية لديها خبرة طويلة بإدارة المدارس... تم أختيارها بعناية شديدة لتمسك بزمام أمور المدرسة لعدم تفرغ رجل الأعمال لها...
وكيل النيابة :ما ردك علي الأتهامات المنسوبة إليكم بالإهمال في المجني عليه ومسئولية الطفل التي تسقط علي كاهلكم لوفاته بالمدرسة؟
مدير المدرسة :ليس للمدرسة علاقة بالأمر بعد إنتهاء اليوم الدراسي... حتي أنني كنت علي علم بموضوع عدم رجوع الطفل من المدرسة يوم الاحد... وتم التواصل بين وكيلة المدرسة وولي أمر الطفل... السائق رسلان قام بشرح الأمر للوكيلة وهي أوصلته لي ولولي الأمر... رسلان أوصل الطفل أمام البناية التي يقطن بها الطفل وكعادة كل يوم الذي يستلمه من السائق إما حارس البناية أو زوجة الحارس... لكن في ذلك اليوم إستلمته زوجة الحارس... وبهذا تنتهي صلتنا بالواقعة... وحتي إن كان السائق متورط وإن كنت أشك في ذلك فسيكون الأمر فردي وليس خطأ مؤسسة بأكملها... كما أنه ليس من مصلحة مدرستي التورط في أمر كهذا سيجعل الجميع يهاب من الدخول لهذا الصرح ويصبح جزءا من منظومته التعليمية....
وكيل النيابة للوكيلة :كيف تصفين عمل المُعلمة نوران وشخصيتها؟ هل صدر منها أعمال عنف مع الطلبة قبل الحادثة؟
وكيلة المدرسة : نوران شخصية هادئة بطبعها... ليست عصبية حتي في أصعب الأوقات ضغطا في العمل... كثيرا ما كنت أقوم بالمرور علي الفصول لأتفقد المدرسين خاصة الجدد والذين لم يحضروا بخبرة كافية... كنت ألاحظ سعة صدرها مع الأطفال ومحاولاتها لتهدئتهم بدون صراخ منها عليهم... لم يظهر عليها أي سلوك عنيف يدل علي انها قاتلة.... هي أم في البداية قبل كل شيئ... لذا أستبعد أن تكون قاتلة...
وكيل النيابة :هل تم تواصلك مع الام مرة ثانية لتطمأني من وصول الطفل لمنزله أم لا بعد مكالمة الأحد مساءا؟
وكيلة المدرسة :لا للأسف... كنت سأقوم بالأتصال بها بعد معرفتي عدم قدومه في صباح الأثنين من العم رسلان... ولكن مع كثرة المشاغل لم يسعفني الوقت لفعل ذلك... خاصة أنه ليس من الطبيعي أن يتغيب أبني عن موعد رجوعه حتي المساء ويعود متأخرا وتقوم الأم بإرساله في اليوم التالي للمدرسة وكأن شيئا لم يكن... هذا ليس طبيعيا... حتي وإن كانت إمرأه عاملة فكانت ستجعله يتغيب ليوما علي الأقل وهذا ماطمأني قليلا لتأجيل الإتصال لبعض الوقت..
وكيل النيابة :هل لديكِ أي تحفظ علي سلوك السائق رسلان؟
الوكيلة :هذا السائق بالأخص تم تعينه من قِبل السيد مدير المدرسة شخصيا... فقد عمل معه لمدة تجاوزت العشرون عاما في كافة مشاريعه وأعماله السابقة... ومن شدة إطمئنانه له علي حياته وضعه في تلك الوظيفة ليكون مطمئنا علي أطفال الناس... العم رسلان رجلا في أخر الخمسين من عمره... وهو رجل طيب وملتزم بعمله...جميع الموظفون لدينا تم إختيارهم بعناية شديدة
وكيل النيابة :من المسؤل عن تغير أشرطة كاميرات المراقبة بالمدرسة... ومن الذي يري تلك الصور أثناء البث الحي من الكاميرات؟
الوكيلة :لا يوجد لدينا قسم مراقبة للكميرات... ولم نقوم بتحديث الكاميرات لعمل بث حي للمراقبة لحظة بلحظة... حيث ان الصفة المطلوبة من عمل كاميرات المراقبة عي تأكيد سلامة الأطفال وحسن سلوك العاملين مع الأطفال... فإذا تم حدوث شكوي أو حدثت مشكلة يتم إستدعاء مدرس الحاسب الألي ليقوم بإسترجاع مشاهد الحدث المراد معرفة حقيقة ما مر به... وبناءا عليه يتم عمل اللازم...
وكيل النيابة : هل لديكِ علم بأنه تم فصل كاميرات المراقبة منذ الساعة الواحدة ظهرا قبل موعد الإنصراف المدرسي ليوم الأحد حتي يوم الأثنين الساعة السابعة والنصف صباحا؟
وكيلة المدرسة : لا للأسف لم أعلم إلا من سيادتك الآن.. فكما اخبرت سيادتك... الكاميرات لا يتم الرجوع إليها إلا في حالة وجود شكوي أو مشكلة... وحين داهمت الشرطة المدرسة تم التحفظ علي جميع المدرسة ووضعت تحت مسؤلية فريق البحث الجنائي...
وكيل النيابة :من أول من رأي جثة المجني عليه ؟ومن الذي قام بإبلاغ الشرطة؟
الوكيلة :العم فاروق... أحد السائقين هو تقريبا بنفس سن العم رسلان... كان العم رسلان قد أخذ أذن من كبير حركة الحافلات بالمدرسة ليحرك الحافلة خاصته للكشف عن الزيت بها في البنزينة القريبة من المدرسة... وعند تحريكه للحافلة ظهر الطفل هادي بأسفل منها ملقي علي بطنه... كان نظيفا كما لو كان نائما وليس به شيئ... حاولنا ان نيقذه فلم يستجب...
وكيل النيابة :هل قام السائق رسلان بالمرور فوقه بعجلات الحافلة؟
الوكيلة : لا لم تكن عليه آثار إطارات او ماشابه... فقط كان أسفل الحافلة وظهر عند تحريكها... حينها صرخ العم فاروق علي العم رسلان ليتوقف وهو من أخبر مساعدتي بالأمر وحينها علمت بالأمر وقمت بالإتصال بمدير المدرسة الذي أمرني بإبلاغ الشرطة فورا وترك كل شيئ بمحله حتي قدومكم... وهو ماتم بالفعل... حيث أمرت مساعدتي بالإتصال والتبليغ عن الحادثة فورا..
محامي مدير المدرسة والوكيلة :أظن بعد الإستجاوب قد تبين لسيادتكم أنه لا نية لموكليني بإخفاء أي معلومة عن الشرطة.. وأنهم قاموا بأنفسهم بإستدعاء الشرطة رغم علمهم بسوء تأثير ذلك علي سمعة مدرستهم.... وبناءا عليه أرجو الأفراج الغير مشروط عن موكليني مع التعهد بالمثول أمامكم إذا ما تم إستدعائهم من جديد...
قام وكيل النيابة بتحريك رآسه عدة مرات في تأكيدا علي موافقته لكلام المحامي... ثم نظر للكاتب وقال أمرنا نحن وكيل النيابة بالإفراج عن كلا من مدير المدرسة والوكيلة علي الآ يقوما بمغادرة البلاد إلا بعد الإنتهاء من القضية... ثم أمرهم بالتوقيع علي أقوالهم... وتحركا للخارج....
قام وكيل النيابة بالنداء علي العسكري وطلب منه إستدعاء زوجة حارس البناية للتحقيق فورا... فقام المقدم ماجد بقرع الباب وقام بالدخول وجلس امام وكيل النيابة يلتقط أنفاسه...
وكيل النيابة: يبدو ان لديك أخبارا مهمة... فلتطمأني... ماذا ماوجدت؟
المقدم ماجد :فريق البحث الجنائي بالمدرسة قاموا برفع البصمات من فوق زر فصل كاميرات المراقبة لن تصدق البصمات لمن!
وكيل النيابة بدهشة شديدة :لمن؟!
المقدم ماجد : للطفل هادي مع بصمة مدرس الحاسب الآلي علي كافة الكاميرات
وكيل النيابة :إذا تم إستخدام الطفل لجريمة قتله!
المقدم ماجد :ليس لجريمة قتله بيده وإنما هذا يدل علي أن الجاني من المدرسة وإلا كيف إستطاع فصل زر الكاميرات قبل إنتهاء اليوم الدراسي إذا ماكان مريضا وأقرت نوران بتوصيله بيدها للحافلة في يوم الأحد... رغم ان الكاميرا أظهرتها أوصلت جميع الطلبة سواه؟!
وكيل النيابة : ولكن نوران قالت في وصف حالة الطفل أنه كان يعاني من تعب بسيط وهمدان... حتي ان درجة حرارته لم تكن مرتفعة للغاية... وبحسب تقرير الطب الشرعي فالطفل ظل بداخله المواد الكيمياوية لأكثر من إثني عشر ساعة لتقوم بهذا التهتك الداخلي بهذا الضرر... إذا كان توفي في السادسة صباحا وتم إطعامه الكيماويات قبلها بإثني عشر ساعة فنحن نتكلم علي السادسة مساءا بداية تنفيذ الجريمة... في الفترة من الساعة الواحدة أو قبلها بقليل أين كان الطفل؟ ومع من ذهب وجعله يقوم بفصل الكاميرات... ومن قام بإرجاعه ثانية للمدرسة إذا كانت الجريمة تمت بالخارج؟ القضية باتت تتعقد...
هنا قرع الباب ودخل العسكري مسرعا... وبيده تقريرا أخر من الطب الشرعي...... أبتسم وكيل النيابة للمقدم ماجد وقال له لقد حضرت لنا الآن إحدي قطع الآحجية الجديدة... سنبدأ بفهم نقطة جديدة... وما أن فتح الظرف وأخرج التقرير حتي وجد....
الجزء الثالث من هنا