رواية قضاء ونصيب بقلم دنيا ال شملول


قضاء و نصيب 
الجزء الثاني من " أحببناها مـريـمـيـه" ♥️
بقلمـ : دنـيا آلـ شملول ♥️
الحلقة الأولي ♥️
وليييييد .. وليد متمشيش بعيد عن عيني .
صدح صوتها تنادي طفلها الذي لم يبلغ من العمر سوي خمس سنوات .. الذكري الأجمل والنسخة المتطابقه لِجود .. كانت تجلس في تلك الحديقه التي أتي بها جود اليها ليحتفلا معًا بـ كتب كتابهما .. والتي أتت به هي ايضا اليها لتهديه هديته الأولي لكونهما اتمَّا عامًا يعرفان بعضهما .. ويجلس بجانبها إسلام الذي يلاعب صغيرته أريج البالغة من العمر ثلاثة أعوام والتي تضرب الأرض كي تركض خلف وليد .. وكذلك أروي التي تحاول الإعتناء بمالك ابن شهد ومروان .. المشاغب والذي لا يجلس بمكان الا ويفتعل المشاكل .. في حين تهتم شهد بملك توأم مالك واللذان يبلغان من العمر أربعة أعوام ..

أتي مروان مقاطعًا ذلك الضجيج من صوت الصغار وتذمر الأمهات : جيت بالأكل يا بشر .. واد يا وليد تعالي هنا .. يلا عشان ناكل .
عاد وليد يضرب كفيه معًا ينفض عنه ذلك الغبار لتتحرك مريم بزجاجة مياه صغيره وأخذته لمكان بعيد بعض الشئ ونظفت يديه وفمه وهي تتحدث بابتسامه : مبسوط يا وليد ؟
نظر لها بعينيه التي تأثر قلبها ألف مره في اليوم الواحد .. لكونها تري بعينيه الناعسه نظرة حبيب عمرها وروحها الذي رحل مبكرًا .. أبكر مما كانت تتخيل .. تنهدت بعمق حينما أتاها صوته : مبسوط يا ماما .. وانتي مش مبسوطه ؟
اماءت مريم بابتسامه ليقبِّلها وليد في وجنتها بحب قبل ان ترفعه عن الأرض وتضمه بين ذراعيها تستنشق عبيره الطفولي والذي تقسم أنه سيكون جود مصغرًا في كل شئ .. عادت به حيث يجلس الجميع وبدأوا في تناول طعامهم في جو ملئ بتذمر الأطفال وتنهيدة الأمهات وضجر من الرجال .



اسلام بهدوء : مريم ماما كلمتني تاني عشان اا ..
مريم مقاطعه : انا مش هسيب شقتي يا اسلام وبقولهالك للمره الألف .. انا مش هسيب شقتي .
مروان بهدوء : مريم اهلك خايفين عليكي .. يعني حتي لو ترجعي شقتك يا ستي خميس وجمعه مثلا وباقي الاسبوع قضيه معاهم .
مريم بضيق : وانا اتنطط من هنا لهنا ليه ؟.. انا في شقتي ومرتاحه انا وابني فيها .. مفيش داعي تشغلوا بالكم يا جماعه .
تنهد كلا من اسلام ومروان لصلابة رأسها .. فهم منذ وفاة جود من فترة تبلغ حوالي العامين وهما يتحدثان اليها بشأن العوده لمنزل والدها وترفض كل مره رفضًا قاطعًا .
شهد محاوله تغيير الأجواء : متيجوا نعمل طلعه جويه علي البت رقيه والواد معاذ ونخضهم .. وحشوني اوي ولاد اللذينه دول .
مريم بابتسامه : وماله .. لو الشباب موافقين نروح .
اسلام بسخريه : شباب ايه بقا .. هي بقا فيها شباب .
اروي وهي تحاوط ذراعه بحب : مهما تكبر هتفضل شباب يا عمري .
تحمحم مروان وهو يتمتم : اي يا عم اسلام .. مش كده يعني .. دا انتوا حتي بينكوا حتة بت مبتسبكش لامها من دلوقتي .
اسلام بضحكه جانبيه : وانت مالك .
مروان بغيظ : في جيبي يا خفه .. يلا يا جماعه قوموا نرتب الجو ده ونطب علي سي معاذ شويه عشان نروح وكدا بارك الله في يوم الجمعه وبارك الله في جمعتنا وبتمني متتكررش تاني طالما هيبقي فينا من التسبيل والنحنحه .
ضحكت شهد بخفه وهي تتحدث بمزاح : واحنا نسبل برضو يا حبيبي ولا يهمك حاجه .
اسلام بضحكه جانبيه : مبلاش انتوا عشان توأم العنب دول .
ضحك الجميع .. في حين كانت مريم تضحك وهي تحاول اخفاء الألم الذي ينبض بقلبها وهي تعود بذاكرتها لذكري زواجها منذ خمسة أعوام ..



حيث كانت تقف أمام المرآه تلقي نظره اخيره علي نفسها وتبتسم باتساع .. فاليوم ستُزف لمن دق قلبها له .. ستصبح عروسه .. وليس هذا فقط .. بل سيأخذها الليله ليسافرا الي السعوديه لقضاء مناسك العمره .. وقد اتفق مع مروان واسلام وسيذهبون جميعًا الليله .. وقد رتب جود كل شئ .. بحيث ستقام حفلة بسيطه في أحد الحدائق الواسعه وسيذهبون الي هناك من بعد الظهيره ليحتفلوا جميعًا بزواجهم ومن ثم سيعودون قُبيل المغرب ليتجهزوا للسفر ..
طرقات علي باب غرفتها جعلتها تنتبه اليه سريعًا ..
دلفت والدتها لتأخذها بين احضانها بحب متمتمه بالدعوات لها والسعاده اينما كانت .. لتبتسم لها مريم بحب قبل ان تنظر لوالدها الذي يجاهد لإخفاء دموعه .. اقتربت منه سريعًا واحتضنته بحب ليشدد علي احتضانها وهو يتمتم لها بالدعاء كذلك ..
وما هي الا ثوانٍ حتي سمعت صوت طرقات علي باب المنزل ليفتحه سفيان سريعًا فيتبين جود الذي يرتدي حلته الكحليه والتي أظهرت مدي وسامته فيها وأناقته مع تسريحته التي لا تتغير ابدًا بشعره المائل للإشقرار منه الي البني .. ولحيته الخفيفه والمنمقه .. لتخفض عينيها سريعًا وهي تراه يتفحصها بفستانها الأبيض الساده تمامًا .. مع خمارها الأبيض الذي زاد من وقارها وبهاء طلتها وتلك الطرحة الشفافه التي تعلو الخمار لتصل للأرض من خلفها وتفترش مساحه واسعه علي الأرضيه مع وجهها الخالي من مساحيق التجميل الا من كحل عينيها الذي يبرز خضراوتيها بعنايه .. ليقطع تأملاته وابتسامته تلك صوت والد مريم الذي يتحدث بابتسامه واسعه لرؤيته الحب جليًا بأعين جود لابنته : البقيه زمانهم علي وصول .. كلها ساعات وابقوا اتأملوا براحتكم .
تحمحم جود بحرج قبل ان يتقدم ويحتضن والد مريم الذي بارك له بحب وتمتم له بالدعوات .. ثم قبل يد والدة مريم واحتضنها كذلك لتتمتم بالدعوات هي الأخري قبل أن تأخذ زوجها من يده وينزلا للأسفل في انتظار البقيه ..
اقترب جود من مريم بخطوات هادئه ثم مال اليها ممسكًا بوجهها بين راحتي يده لتنظر هي بعينيه وتري حبه لها يشغي بهما فتبتسم بخجل .. قبل ان يقترب جود مقبلًا أرنبة أنفها بهدوء ويبتعد قليلًا متمتمًا : وأخيرًا .
مريم بابتسامه : اخيرًا .
جود بغمزه : طالعه زي القمر .. وحشتيني .
مريم بابتسامه خجوله : وانت كمان وحشتني اوي .. وطالع آخر شياكه في الكحلي .



جود بمزاح : انا شيك في كل حاجه .
مريم وهي تبتسم بخفه محاوطه عنقه بيديها : انت القمر الخاص بيا انا وبس .. انت كل الحلو بعيوني .. لا .. انت عيوني نفسهم .. انت الهوا وانت الحياه .
جود متحمحمًا : حبيبتي انا بقول ننزل عشان انتي كده هتبقي في خطر مني .
مريم بدلال ولاتزال تحاوط عنقه : لا .. انت الأمان وكل الأمان .
أمسك جود بيديها التي تحاوطه وانزلهما قبل ان يمسك يدها بيده ويسحبها خلفه متمتمًا بضجر : لا ما هو انا بشر يعني .. ولو منزلناش دلوقتي مش هننزل خالص .
ضحكت مريم بخفه وهي تري توتره وهو يسحبها خلفه حتي نزلا لأسفل البنايه تزامنًا مع وصول اسلام بسيارته وبجانبه يجلس والد أروي في حين تجلس أروي بفستانها الأبيض ووالدتها في الخلف .. وكذلك مروان الذي يجلس هو وشهد في الخلف بينما يقود معاذ وبجانبه رقيه .. ويليهما والد رقيه بسيارته ..
هكذا اجتمع الجميع وركبت مريم في الخلف بجانب والدتها ومعهما سفيان بينما قاد جود السياره وبجانبه والد مريم .. وانطلقوا حيث المعازيم في الحديقه الواسعه التي استأجرها كل من مروان وجود واسلام ليقضوا بها النهار بأكمله .. ولم تكن الحديقه مزينه سوي بالبلالين التي تتعلق الي أغصان الأشجار وكذلك الورود الصناعيه .. فقد اهتم جود لكون الحديقه لا تحوي أي ورود من أجل مريم .. وقد اهتم مروان بوضع مكبرات صوت في ثلاث أركان لتعلوا منه أصوات الدف الذي اتفقوا جميعًا علي أن يكون الدف ولا وجود للأغاني في فرحتهم هذه .. كانت الأطفال تمرح في الحديقه وتركض هنا وهناك في حين يجلس الأهالي والأصدقاء الي الطاولات المرصوصه بعنايه في الحديقه .. بينما يوجد ست مقاعد تراصت بجانب بعضها لتبني فاصل بعرض الحديقه من أجل العرسان ..
دلفت مريم ممسكه بيد جود وبدأوا بالترحيب بضيوفهم .. وكذلك دلف بعدهما اسلام الذي يرتدي حلته السوداء الأنيقه ويرفع شعره للأعلي وقد أزال لحيته تمامًا .. وبيده أروي التي ترتدي فستانها الأبيض الأكثر نقاءًا وتفتحًا من درجة فستان مريم ويزداد اتساع عنه كذلك ببعض الكشكشات الطوليه البسيطه .. ويشبهه كونه ساده تمامًا الا من تلك الشعيرات التي تشبه الريش الأبيض علي أساور أكمامها وتحمل بيدها باقة من نفس الشعيرات الموجوده بأكمام فستانها .. مع خمارها الأبيض الذي زاد الفستان اناقه وزادها هي وقارًا ..
ويأتي من خلفهم مروان الذي يرتدي حلته السوداء كذلك مع لحيته المنمقه والمصففه بعنايه وشعره المصفف للأعلي .. وكأنهم اتفقوا جميعًا علي أن يظهروا بنفس تسريحة الشعر .. ويمسك بيده شهد التي ترتدي فستانها الأبيض الذي تقع درجته بين درجة فستان أروي الحليبيه ودرجة فستان مريم المائله للسكري .. من عدة طبقات من التول الشفاف وليس بالواسع كثيرًا وساده تمامًا الا من الصدر الذي تتداخل فيه النقوش ببراعه لتعطيه مظهرًا أكثر جمالًا مع حجابها الأبيض البسيط وكذلك طرحتها الشفافه الطويله ..

وصلوا جميعًا حيث مقاعدهم وجلسوا اليها في وضح النهار وقد علت المكبرات بأسماء الله الحسني مع دلوفهم .. ومن بعدها بدأت أناشيد الدف .. ليقف الشباب ويكونوا حلقة رقص ويرقصون في جهه معًا وقد كان كل شاب يذهب لطاولات المعازيم ويعودون بالرجال كبارًا وشبابًا وحتي الصغار .. وبدأوا يرقصون معًا .. وكذلك اتجهت الفتيات واجتمعن نساء كبار وفتيات وبدأن يصفقن بخفه مكونين حلقه يحجبون الرؤيه عن مريم وشهد وأروي اللاتي يرقصن بداخل الحلقه بعيدًا عن الأعين .. وظلت الفرحه غامره والبهجه تغزو المكان لفتره من الوقت حتي أتي أحد الشباب العاملين بالمكان وتوقف بجانب جود وأخبره شيئًا ما بأذنه .. ليومئ جود بخفه قبل أن يفصل المكبرات ويمسك بالمايك مؤذنًا لصلاة العصر .. وقد دهش الجميع من جمال نبرته في الأذان .. وما ان انتهي حتي تدافع الرجال واحدًا تلو الآخر الي تلك الخراطيم التي أحضرها العاملون بالمكان وبدأوا في الوضوء .. في حين كانت الفتيات قد أتممن وضوءهن قبل الخروج من منازلهن .. ومن تشككت في وضوئها ذهبت لدورة المياه الملحقه بالمكان وتوضأت .. وما ان انتهوا من الوضوء حتي وجدوا عمال آخرين قد وضعوا سجاده عريضه علي العشب الأخضر كما انسدلت ستائر من خلف الرجال تصل من آخر شجرة بالحديقه من اليمين الي آخر شجرة من اليسار لتحجب الحريم عنهم ومن خلف الحريم كذلك أُسدلت ستار بنفس الحجم لتحجبهم عمن خلفهم .. وقد أصرَّ جود علي أن يكون الإمام هو والد مريم .. وبالفعل أتموا صلاة العصر .. ومن ثم رُفعت الستائر وبدأ الجميع في العوده الي اماكنهم .. ليأتي مصور الكاميرا معلنًا عن التقاط الصور للجميع .. وبالفعل بدأوا في التقاط الصور للحضور تاره وللعرسان تارة اخري ومن ثم العرسان مع الأهالي وبعدها العرسان ومن خلفهم المعازيم .. ثم بدأ العمال بعدها في الإتيان بأطباق الجاتوه ووزعوا علي الطاولات مع الصودا بأنواعها ..
بقيت البهجه تسود المكان حتي قُبيل المغرب بساعه تقريبًا .. وبدأ المعازيم في الإنصراف لعلمهم بسفر العرسان لقضاء مناسك العمره ولذلك تم العُرس في وضح النهار .. ومن بعدها تحركت السيارات كل لمنزله الجديد .. ليبدلوا ثيابهم استعدادًا للسفر .. علي وعد بالالتقاء أمام منزل والد مريم والإنطلاق من هناك .

دلفت مريم لمنزلها بعدما أفسح لها جود طريقًا .. وما كادت تنظر حولها حتي شهقت بسبب رفع جود لها عن الأرض ..
مريم بخجل : اا .. ايه ؟!
جود بغمزه : اي انتي !
مريم بابتسامه : يدوب نغير ونصلي عشان منتأخرش .
جود بغيظ : صبرني يارب .
تحرك بها تجاه غرفتهما ووضعها أرضًا وقبل جبينها بحب وهو يتمتم : يلا غيري هدومك في الحمام اللي هنا وانا هغير في الحمام اللي بره .. واتوضي عشان هنصلي المغرب سوا .
اماءت مريم بابتسامه لتطول النظره بينهما .. نظرة تحمل كل معاني الحب والعشق .. نظرة تبوح بمدي اشتياق كل منهما للآخر .. نظرة أبلغ من الحروف .. أبلغ من كل شئ قد يوحي بالحب .
تجرأت مريم وقامت برفع نفسها حتي أصبحت في مستوي رأسه وقامت بتقبيل وجنته قبله خاطفه ثم ركضت متجهه الي دورة المياه .. تاركه خلفها جود الذي يبتسم بحب .. ثم واضع أطراف أصابعه علي وجنته حيث قبلته للتو .. تنهد باستسلام وأخذ ثيابًا وغادر الغرفه .. لتتنهد مريم براحه حينما سمعت صوت باب الغرفه يُغلق .. ومن ثم وضعت يدها علي وجنتها وابتسمت باتساع لمشاعرها وضربات قلبها ..
أنهت ارتداء فستانها السماوي الهادئ والذي يعلوه خمارها السماوي كذلك لتفتح باب غرفتها بخفه تبحث عنه فوجدته يقف الي الشرفه ينظر للحديقه بالخارج .. اقتربت بهدوء وحاوطته من الخلف ليبتسم بخفه قبل ان يمد يده ويجذبها بخفه لتكون هي في المقدمه ويحاوطها هو واضعًا ذقنه علي رأسها محتضنًا إياها بتملك لتسترخي بين يديه وتستند برأسها علي صدره ..
جود ببحه خفيفه : انا اسعد انسان في الدنيا النهارده .
مريم وهي تمسك بيديه التي تحاوط خصرها : وانا من أسعد ما يكون .. طول عمري بدعي ربنا بالعوض والخير .. والنهارده اتأكدت انك كل العوض وكل الخير .. انا بحبك اوي يا جود .
حررها جود لتواجهه وهو يرفع رأسها بطرف إصبعه : وانتي عشقي والحياه .. وكل اللي فات من صبر كانت نتيجته ومكافئته إنتي .
ابتسمت بخفه ليقترب ببطء منها .. ولكن صوت الأذان الذي أعلن عن تلبية النداء جعل مريم تتحمحم بهدوء وهي تتحدث ببحه خفيفه : الـ .. المغرب .
حاوط جود كتفها بهدوء واصطحبها ليكون إمامها في أول صلاة لهما بمنزلهما .. ولن تكون الأخيره كذلك .

أفاقت مريم من شرودها علي يد إسلام الذي تحدث بهدوء : مريم انتي كويسه ؟
مريم وهي ترمش عدة مرات : اه اه يا حبيبي كويسه الحمد لله .. نمشي ؟
اماء إسلام ليستعد الجميع للذهاب حيث منزل رقيه ومعاذ ..


كانت تروي بعض مزروعات الورود الموجوده بالبلكون الخاص بغرفة الضيوف حينما رأت سيارتين تقفان أمام البوابه الفاصله بين حديقة منزلها والشارع الخارجي .. خرجت بسرعه حينما علمت هوية القادمين اليها .. لتفتح ذراعيها كي تُلقي شهد بنفسها بين أحضانها .. تعانقت الفتاتان بحب حقيقي .. لطالما كانتا كالشقيقتين .. ومن ثم عانقت مريم واروي ورحبت بالرجال .. مالت بعدها الي ملك التي تسير بهدوء ممسكه بيد مروان ورفعتها لأحضانها لتغرقها بوابل من القبلات .. ومن بعدها أخذ مالك نصيبه في ضجر ورفض تام لحملها له .. وهذه عادته .. لا يحب ان يُحمل ابدا ..
وأخيرًا أخذت أريج من يد إسلام بعدما احتضنت وليد بحب .. ودلفت لتسمح لهم جميعًا بالمرور واخذت تلاعب أريج وتقبلها كل دقيقتين .. فهي فتاه بوجه ملائكي .. جمعت في ملامحها بين والدها ذو العيون المائله للإخضرار ووالدتها صاحبة العيون الزرقاء المائله للرمادي .. فأصبحت عينا الطفله ملونه .. كلما دققت النظر بهما تري لونًا مختلفًا .. أحيانًا رماديه وأحيانًا زرقاء وأحيانًا خضراء .. بالإضافه لنقاء بشرتها وشعرها البني المسترسل .. أخذت لونه من اروي بينما نعومته من إسلام .. كما أنها مليئه بعض الشئ ومن يحملها لا يتردد في أكلها ..
شهد بتساؤل : هو معاذ في الشركه ولا اي ؟
رقيه بتأكيد : ايوه .. زمانه علي وصول .
بدأت مريم في الشعور بحرقة وتآكل في انفها ولديها رغبه شديده في العطاس .. هناك تآكل داخل أنفها .. وكل فنية وأخري ترفع المنديل اليها وتحاول جاهدة أن تُنهي هذا التآكل حتي دمعت عيناها بغزاره .. كأنها كانت تنتظر فقط أول قطرة دمعه لتتحرك الدموع بتلقائيه وتدفق الي وجهها .
اروي بخضه وهي تركض تجاه مريم : مريم مالك ؟.. حبيبتي انتي تعبانه ؟؟.. في اي ؟
نظر لها اسلام بتفحص ليعلم أنها تجاهد للتنفس بطبيعيه .. فتحدث الي رقيه بتساؤل : هو في ورد هنا ؟
ضربت رقيه جبينها براحة يدها قبل ان تضع اريج فوق قدم اسلام وهي تركض تجاه البلكون وأغلقته نهائيًا واخذت تعتذر لمريم التي رفعت يدها كعلامة " اللامشكله " .. ثم تحركت مع أروي ورقيه تجاه دورة المياه .. وبعد أن أغلقت الباب عليها جلست الي حافة البانيو ودخلت بنوبة بكاء هستيري وهي تحافظ قدر الإمكان علي ألا يخرج صوتها .. تود التوقف عن البكاء .. تود الخروج من دورة المياه .. ولكنها لا تستطيع .. لقد غادرتها الروح منذ عامين .. هي تحيا فقط من أجل وليد .. وتمسك عينيها عن الاسترسال في الدموع من أجله .. لكن كل شئ قد فاق احتمالها .. فتركت العنان لعينيها كي تأتي بكل الألم .. علها ترتاح ولو قليلًا .

وبينما هي في وصلة بكائها تلك عادت اليها ذكرياتها من حيث توقفت .. حينما صلت المغرب وجود إمامها ..
أنهي صلاته بها ومن ثم التفت اليها وأمسك بكفها وأخذ يسبح عليهما بابتسامه .. لتزداد ابتسامتها هي الأخري وتردد التسبيح معه حتي انتهيا .. ليقترب جود طابعًا قبله رقيقه فوق جبينها .. فقاطعهما صوت هاتف جود الذي أعلن عن اتصال من مروان يخبره بكونه قد تحرك لمنزل والد اسلام .. فتحرك جود ومريم كذلك .. والتقي الجميع هناك ..
وبعد السلامات والدعوات التي صاحبت كل زوجين انطلقوا تجاه المطار لتبدأ رحلة العمره التي لطالما حلمت بها مريم وأروي كذلك .. وشهد مؤخرًا .. وها هي امنيتهم تتحقق ..
أدوا جميعًا مناسك العمره .. وحان وقت العوده ..
استقبلهم الأهل في المطار .. وأصر والد رقيه علي ان يذهبوا جميعًا معه الي الفيلا لأن رقيه قد حضَّرت الغداء من أجل الجميع .. وبالفعل اتجهوا حيث الفيلا وقضوا وقتًا لا بأس به .. وبعدها عاد كل زوج الي منزله الذي لم يُسكن بعد .. في حين اخذ جود مريم الي منزل والدها تحت تساؤلها المستمر عن السبب لكنه يراوغ في الاجابه ..
وصلا أخيرًا وصعدا للأعلي لتأخذها والدتها الي غرفتها ..
شهقت مريم وهي تري فستان زفافها فوق الفراش .. وما كادت تبتسم حتي أتاها صوته الدافئ : النهارده هنعتبره فرحنا .
مريم بابتسامه ودموع تلتمع في عينيها : عـ عشان كده ..
جود مقاطعًا : عشان كده مقربتلكيش طول فترة وجودنا في السعوديه .. هنبدأ حياتنا من جديد .. الليلادي .
ركضت مريم محتضنه اياه بقوه وهي تتمتم : ربنا يخليك لقلبي .
جود وهو يمسد شعرها بحنان : طب اي رأيك نلغي الفكره ونعتبرك لبستيه ونبات هنا كمان مش لازم نروح .
مريم وهي تدفعه للخارج : لا لا .. انا نص ساعه وهطلعلك ونروح .
ضحك جود عليها ومن ثم ذهب ليجلس مع والدها .. في حين اقتربت مريم من فستان زفافها واحتضنته بقوه قبل ان تدلف لدورة المياه وتأخذ حمامًا سريعًا ومن ثم ارتدت فستانها وخرجت لهم .. لتبتسم والدتها بدموع ووالدها بحنان .. في حين اقترب جود ومد يده لها لتعلق يدها بيده ثم استأذنا للمغادره لبدء حياتهما الجديده .
وصل بها حيث المنزل .. وصعدا للاعلي في هدوء ليحملها جود بين يديه الي ان دلف غرفتهما وبعدها قبل جبينها بعمق وهو يتمتم : اتوضي يلا عشان نصلي سوا .
اماءت بابتسامه لتركض سريعًا وتوضأت وصلي بها سنه الزواج .. وبعدها التفت اليها متمتمًا بالدعاء حتي انتهي ووقف وأوقفها معه ليتحدث ببحة خفيفه : نورتي بيتك وحياتي يا نور دربي .
مريم بابتسامه : انت النور يا سيد الناس .
جذبها جود بخفه الي أحضانه يستشعر قربها منه ويستمع لضربات قلبها الثائره التي تتعارك مع ضربات قلبه هو الآخر ليأخذها بعد ذلك الي جنته لتصبح زوجته قولًا وفعلًا ..
وبعد فتره من الوقت كانت يده تعبث بخصلاتها وابتسامه حب ترتسم فوق ثغره قبل أن يقبل رأسها بهدوء ويذهب في سبات عميق مثلها ..

طُرقات علي الباب أعادت مريم للواقع من جديد لتستنشق ما بأنفها وهي تتحدث ببحه أثر البكاء : ايوه ثواني .
أتاها صوت إسلام القلق : مريم حبيبتي انتي كويسه ؟
مريم : كويسه .. هغسل بس واظبط خماري وجايه .. خلي عينك علي وليد .
اسلام : حاضر .
خرج اسلام اليهم بملامح حزينه من أجل أخته التي تذبل يومًا بعد يوم .. يراها ويري ضعفها وقلة حيلتها ويري انطفاء وجهها .. لكن ليس بيده شئ .
أروي بقلق : ها .. كويسه ؟؟
اسلام بتنهيده : مظنش يا أروي .. لازم نحاول نخرجها من اللي هي فيه ده .. مش هينفع كده ابدا .
قاطعه صوت وليد الذي يتحدث ببراءه : خالو .. ريجو عايزه تروح البحر .
نظر له اسلام مطولًا ومن ثم رفعه وأخذ يقبله بحب وهو يتمتم : يخربيت جمال امك انت واريج ..
ثم حول نظره للجميع وهو يتمتم : ايه رأيكم في طلعة مصيف ؟
نظر له مروان بسخريه : فكره ملهاش مثيل .. فكرت فيها لوحدك ولا حد قلهالك !
اسلام بهدوء : اسمع بس .. احنا لازم نغير الأجواء دي .. اهو علي ايدك .. مريم اهي بتنطفي يوم عن يوم .. غير انها لازقه في بيتها مش عايزه تتزحزح منه .. لولا اصرارنا علي الخروج الجمعه ده مكنتش طلعت .. فنغير جو يا عم مروان ونخرج العيال برضو .
مروان بتنهيده : معنديش مانع .. بس بتفكر في اي برضو ؟
اسلام بغمزه : همخمخ واقولك .


كان يجلس الي الحديقه أمام تلك الغرفه الصغيره المُلحق بها دورة مياه صغيره .. يستند بظهره الي الباب ناظرًا للسماء في هدوء تام .. قاطع هذا الهدوء صوتٌ محبب الي قلبه وهي تتمتم : سرحان في ايه يا عبد الله .
نظر لها بابتسامه وهو يسحب الوساده الموضوعه خلف ظهره ويضعها أرضًا كي تجلس اليها ..
تمتمت من جديد : لسا يابني مصمم علي اللي في دماغك ؟
تحدث بهدوء ولم تختفي ابتسامته : انتي زهقتي مني ولا اي ؟!
نظرت له بعتاب وهي تتمتم : عيب كلامك ده والله .. انا عامله عليك وعايزه راحتك .
تمتم بهدوء : متشغليش بالك ياست الكل .. هتتعدل .. مصيرها في يوم تتعدل .
نظرت له بحزن عارم فهي تشعر بحرقة قلبه رغم نقائه .. تشعر بحزنه الذي يجاهد لإخفائه بابتسامه يرسمها فوق ثغره .. تشعر بتخبطه وقلة حيلته وخوفه من اكتشاف ماضيه .. تشعر بكل شئ يدور بخلده ..
قاطع تأملها له صوته ببحته المميزه مجددًا : عمي محمود اتأخر ؟
نفت بخفه وهي تتمتم : لا يا حبيبي .. انت عارف ظروف الكافيه .. يوم ييجي بدري ويوم لا .. الناس هنا يابني اللي بيحزن ويتعب فيهم بيروحوا علي مكان يكون طالل ع البحر .. ويفضلوا بالساعات سرحانين مع الموج .. تلاقي الواحد ولا الواحده منهم قاعده من سبعه مثلا والساعه تعدي نص الليل وهو ولا هي علي نفس القعده .. البحر ساحر وصندوق اسرار امين .. بيسمع لكل اللي بيشتكي وبيطري علي قلبك .. وعمك محمود عشان كافيهه ع البحر فمُعرض كتير لحالات زي دي .

ابتسم بهدوء وهو يتمتم : انا ازاي كل الفتره دي مفكرتش ولا مره اروح معاه !
اتسعت ابتسامتها وهي تتمتم : والله هيفرح بيك اوي لو قلتله انك عاوز تروح معاه .
اماء بهدوء متمتمًا : خلاص بكره اروح معاه واساعده كمان .
ابتسمت بسعاده وحزن في نفس الوقت .. فهي تود ان يشغل وقته حتي لا يُصاب بالجنون من كثرة التفكير ومحاولة التذكر .. وفي نفس الوقت تتمني لو بإمكانه العوده لعائلته .. ربما هو يظلمهم بتخيله انهم هم من فعلوا به هذا ..
تحركت بخفه وهي تتمتم : هروح اجيبلنا كوبايتين سحلب ونقعد نستني عمك محمود سوا .
اماء لها بابتسامه لتغادر وهي تدعو بداخلها الف دعاء من أجله ..
ليغيب هو داخل أفكاره من جديد .. تُري من يكون ؟.. وما الذي حدث معه ؟.. ولمَ لا يذكر أي شئ عن حياته السابقه ؟.. كيف وصل به الحال لأن يجده العم محمود علي طريق صحراوي ويأخذه ويهتم به حتي يعود للحياه .. يعود للحياه جسد بلا قلب او روح او حتي .. او حتي ذاكره .. من فعل به هذا ؟
قطع وصلة أفكاره صوتها من جديد .. جلست بجانبه وبدأت تقص له عن حبها هي ومحمود .. وكيف يعيشان برضا تام راضين بقضاء الله الذي قضي بألا يكون لهم أبناءًا .. وكيف أن هذا القضاء جعلهما متمسكين ببعضهما أكثر وأكثر ..
ليقاطع حديثهما صوته الضاحك : يا شيخه حرام عليكي دماغ الراجل .. بقالك سنتين بتعيدي في نفس الكلام .. دا انا لو سألته هيطلع عارف حكايتنا أكتر مني انا شخصيًا .
ضحكا معًا قبل أن يجلس معهما بهدوء وهو يتمتم : عامل اي يا عبدالله يابني ؟
اماء بخفه وهو يتمتم : كويس الحمد لله يا راجل يا طيب .
ليتابع العم محمود موجهًا حديثه لزوجته : وانتي يا رحمتي ؟.. عامله ايه ؟
تحدثت رحمه بهدوء : دلوقتي بقيت كويسه .
ضحك بخفه وهو يتمتم : قوم ياعم محمود خد رحمتك وادخلوا بيتكوا .. مش عايز وصلة الرومانسيه تتم تحت ضوء القمر انا .
ضحكا بخفه علي كلماته قبل ان يتحدث العم محمود مجددًا : برضو يا بني مصمم تفضل في الاوضه دي ؟... انا مش عارف امال لو مش بتعتبرنا اهلك كنت عملت اي !
تحدث بهدوء : احنا مش اتفقنا اني هفضل علي راحتي ؟.. انا راحتي هنا .
العم محمود : زي ما تحب يا بني .
ليتابع بهدوء : بقولك يا عم محمود .. مش محتاجني معاك في الكافيه ؟
العم محمود بابتسامه : ده يوم سعدي يابني لو جيت وقفت معايا .
تحدث بابتسامه : خلاص ان شاء الله من الصبح هاجي معاك .
مسد العم محمود علي كتفه بخفه متمتمًا : ربنا يكرمك يابني وينورلك دربك ..
ثم تنهد بهدوء وهو يتابع : طب يلا نستأذن احنا عشان عاوز اريحلي شويه .
اماء بهدوء وابتسامه : تصبحوا علي خير .
العم محمود : تلاقي الخير يابني .

الحلقة الثانيه من هنا
SHETOS
SHETOS
تعليقات



×