رواية سند الحلقة الرابعه



رواية سند
الحلقة الرابعة
فى مستشفى الأمراض النفسية والعصبية الحكومية
ـ سيف مرحبا: أتفضلى أقعدى يا سلمى.
ـ سلمى حياءاهى تجلس: شكرا يا دكتور.
ـ سيف: طبعا يا سلمى أنت عارفة أنا مهتم قد أيه بك وباعتبرك أختى الصغيرة.
ـ سلمى خجلة: شكرا يا دكتور، وانا كمان باعتبر حضرتك أخ لي.
ـ سيف متوترا: طيب يا سلمى بما أنى أخوكي، والفترة اللى فاتت كنت مشغول جدا بأنى ألاقى حل لمشكلتك, أقدر أقولك انى تقريبا لاقيت الحل ده و.
ـ قاطعته سلمى بلهفة: بجد يا دكتور.
ـ سيف مترددا: بجد يا سلمى [متلعثما] بس طبعا أنت عارفة أن موضوعك مش سهل، وهيحتاج مرونة وتفهم وتضحية صغيرة، عشان تقدرى تخرجى وتحققى حلمك.
ـ سلمى متوجسة وهى تنكمش بمقعدها: مرونة أزاى، وتضحية أيه يا دكتور.
ـ سيف ضاحكا: أيه يا بنتى, أنت كشيتى كده ليه، أكيد أقصد مرونة بتفكيرك، مش هشغلك رقاصة يعنى، ده أنا لسه قايلك باعتبرك أختي الصغيرة.
ـ سلمى محرجة: دكتور.
ـ سيف ضاحكا: أسف والله مش قصدى أحرجك، خصوصا أنى أعرف أنت قد أيه خجولة ومحترمة، بس شكلك يهلك من الضحك وأنت خايفة منى.
ـ سلمى بابتسامة خجولة: خلاص، بس ممكن تقولى بقى أيه الفكرة اللى ممكن تخرجنى دى.
ـ سيف جادا: حاضر بس قبل ما أقولك عايز أحكى لك مشكلة واحد صاحبى، لأن بصراحة تعتبر جزء من حل مشكلتك.
ـ سلمى باهتمام: سامعة حضرتك، أتفضل.
ـ سيف بإعزاز واضح: هو شاب ممتاز وأخلاقه عالية جدا، وحياته كانت مثالية تقريبا رغم أن أمه ماتت وهو صغير قوى, لكن أبوه عوضه وأكتفوا ببعض عن الدنيا كلها، لكن من أربع سنين عاملوا حادثة سوا، كانت نتيجتها موت والده واصابته هو بشلل أقعده على كرسى متحرك، ووقتها جاله صدمة عصبية وأهله دخلوه فى المستشفى الخاص اللى باشتغل فيها بالليل.
ـ سلمى متأثرة: لا حول ولا قوة إلا بالله.
ـ سيف مبتسما: ونعم بالله، هوالحمد الله أتحسن بسرعة وحالته أستقرت وخرج من المستشفى، لكن للأسف قابلته صدمات أكثر, أولا خطيبته اللى كان مكتوب كتابهم أتغيرت معه و حسسته أنها مش هتقدر تتكيف على وضعه الجديد وهو لما وصل له أحساسها وأنها خايفه تصرح به يعند ويرفض يطلقها أو الناس يقولوا عليها قليلة الأصل، عافاها من الحرج وطلقها هو فى هدوء، وموقفها ده جرحه جدا رغم أن ارتباطهم كان تقليدى برغبة والده، بس هى حسسته قد أيه هو هيبقى عبأ على اللى يعيش معه، وإحساسه ده زاد قوى لما أهله كلهم أبتدوا يتهربوا منه، خصوصا بعد ما عمل الوديعة.
ـ سلمى حائرة: وديعة أيه؟
ـ سيف موضحا: هو الوريث الوحيد لأبوه, وكان ميراثه عبارة شقة فى منطقة راقية ، ودى اللى هما كانوا عايشين فيها كانوا ناقلين فيها قريب ، وبيت تانى صغير وده اللي اتولد فيه سليم، وشقة مصيف، وشوية فلوس مش كتير، كان فى أكتر من حد من أهله أقترح عليه أنه يبيع كل حاجة ويتعمل بثمنهم مشروع صغير يعيش من دخله بعد ماساب شغله، وهو فعلا باع كل حاجة بس عمل بفلوسهم وديعة بعائد شهرى، لأنه كان عارف أن ظروفه تمنعه أنه يقدر يشرف على اى مشروع.
ـ سلمى مفكرة: هو أنا أعرف أن فوايد البنوك حرام، لكن لو حاططهم ببنك إسلامي، وبما أنه مضطر، فدي تعتبر فكرة عملية فعلا.
ـ سيف حانقا: هو فعلا عمل الوديعة ببنك إسلامي، لكن المشكلة أنه بمجرد ما عمل كده كل اللى كانوا بيودوه من اهله ويسألوا عليه بعدوا عنه وأتهربوا منه، الظاهر أن كل واحد فيهم كان بيقرب منه على أمل أن يمسكه هو ادارة فلوسه والمشروع اللى هيتعمل منها، وبعد موضوع الوديعة بقى مفيش فايدة ممكن تعود من وراه فبعدوا عنه.
ـ سلمى بآسى: لا حول ولا قوة الا بالله، هى الناس بقت وحشة كده ليه.
ـ سيف متعطفا: للأسف مشكلته منتهيتش على كده، هو طبعا كان جاب مرافق يخدمه أول مخرج من المستشفى، والمرافق ده كان كويس وبيسمع الكلام فى الأول، بس لما لقى أنه أهله بعدوا عنه، وأنه بيعتمد عليه فى كل حاجة، معاملته أتغيرت وبقي يسيبه ينادى وميردش أو يرد عليه بحدة، وبقى يتأخر عليه، طرده وجاب واحد تانى كان مهمل جدا، غير كذا حد وفى كل مرة مشكلة مختلفة، لغاية ما زهق وكرر يعيش فى فندق لكن مفيش عندهم رعاية خاصة لحالة زى حالته ، فقرر يرجع المستشفى لأنه كان مرتاح للخدمة فى الفترة اللى أتعالج فيها هناك وكمان كانت أتولدت صداقة بينى وبينه.
ـ سلمى متعجبة: رجع مستشفى المجانين برجليه!
ـ سيف ضاحكا: يا بنتى أسمها مصحة نفسية، اه بيبقى ساعات فيها مختلين، بس كمان فيها ناس بتواجه ضغوطات أو مشاكل نفسية، والحقيقة أننا هنا فى مصر ما بنميز وأى حد يتعرض لضغط نفسي أو يحتاج لزيارة طبيب نفسى لأى سبب الناس بنتعامل معه على أساس أنه مجنون وبدل مع الناس تتفاعل معه وتساعده على تخطى حالته بيبقوا عبء أضافى عليه، وممكن يتسببوا له فى انتكاسة أو الاصابة بالأكتئاب، [موضحا ببساطة] بس عامة هو حالته مختلفة، هو حاليا معندوش أى مشاكل نفسية لكن بيواجه ضغوطات حياتية، وده المكان الوحيد اللى وافق ظروفه، يعنى مينفعش يروح مستشفى باطنة أو عظام ويقول لهم ممكن أقعد هنا وهو معندوش أى شكوى عضوية، انما فى المصحات النفسية ممكن تقعدى لو محتاجة تفصلى أو تسترخى وتستجمى.
ـ سلمى حائرة: وبدل ده رأى حضرتك، تبقى فين المشكلة.
ـ سيف مستاءا: المشكلة أن المستشفى غالية جدا، ودخله من الوديعة ما سمحش أنه يقعد فى أوضة خاصة، فقعد فى أوضة مشتركة، هى بتبقي أوضة كبيرة فيها ثلاث سراير، بيعيش فيها ثلاث مرضى سوا، وهى دى المشكلة، هو طبيعى واحتكاكه المستمر بالمرضى، ممكن يتسبب له فى مشاكل نفسية.
ـ سلمى قلقة: ليه هو ده ممكن يحصل ازاى، ده مش مرض عضوى عشان يعدي.
ـ سيف محاولا طمأنتها وقد أستوعب مصدر قلقها : لا طبعا الأمرض النفسية مفيهاش عدوى، بس فيها تأثر واستجابة للبيئة المحيطة، [موضحا حتى يمتص مخاوفها] يعنى أنت مثلا اهو محبوسة هنا غصب عنك، لكن مفيش خطر عليكى، لأنك حاطة لنفسك هدف مصممة توصلى له، وكمان أنت مش بتختلطى بالمرضى بشكل يضرك، أنت بقيتى أقرب لممرضة مقيمة، بتساعدى الممرضات وبتحلى محلهم، وهما عارفين ظروفك وسايبينك بحريتك وبيعتمدوا عليكى وتقريبا بترجعى العنبر عل النوم علطول، [حانقا] لكن هو رغم أنه قاعد بمزاجه وممكن يخرج لو عايز، لكن حابس نفسه فى الأوضة، وهو أساسا بقى ميال للأكتئاب بسبب الصدمات اللى ورا بعض، وتقريبا مابيتكلمش مع حد غيرى أنا.
ـ سلمى: لا حول ولا قوة الا بالله، ربنا يصلح له حاله.
ـ سيف نادما: أنا كنت كل شوية بزن عليه عشان يرجع بيته، وكنت كتير بجيب له حد يراعيه وزى ما فهمتك كانت بتحصل مشكلة وبيرجع المستشفى، لكن من فترة كده أخر مرة اتغشيت فى واحد حيوان بهدله وأخد كل الفلوس اللى فى البيت وسابه ومشى، وفضل يومين من غير مرافق، أو حتى حد يساعده يدخل الحمام، لولا أنه فضل يزحف لحد ما وصل للبلكونة، وتقريبا فتحها بمعجزة عشان لسه ليه عمر، وخلى حد من الجيران يتصل بيا.
قطع كلامه صوت نحيبها الذى علا، ليفاجئ بها تبكى تأثرا بحالة شخص لم تره يوما، فأطمئن قلبه لحسن اختياره هذه المرة، وزاد أمله بموافقتها على فكرته.
ـ سيف بهدوء: أهدى يا سلمى، أنت بجد انسانة طيبة قوى، عندك احساس عالى قوى بغيرك رغم كل المشاكل اللى عندك، وانا متأكد أنك لو وافقتى على فكرتى، أنت اللى هتقدرى تساعديه وتخرجيه من اللى هو فيه.
ـ سلمى وقد هدأ نحيبها: بجد أنا لو أقدر أساعده بأى شكل عمرى ما هتأخر [حائرة] بس الصراحة أنا مش فاهمة أيه العلاقة بين صاحبك ده والفكرة اللى هتخرجنى من هنا.
شرح لها سيف فكرته بكلمات موجزة، لتنظر لو بصدمة للحظات، ثم تهب واقفة وهى تقول بانفعال: أنا أكرم لى أن ابنى يكبر يلقينى فى مستشفى المجانين وأصعب عليه ويقول ياحرام عقلها راح، ولا أنه يلقينى رامياه وضاربة عقدين عرفى بعد ما سبت أبوه بكام شهر، وساعتها هيصدق الصور اللي عندهم وعمره ما يتخيل أني مظلومة، عن أذن حضرتك أنا لولا واثقة فى حضرتك جدا، كنت تخيلت أنك عايز تحل مشكلة صاحبك على حسابي.
أتجهت لباب الغرفة وفتحته وهمت بالخروج لولا أن أستوقفها صوت سيف وهو يقول مستعطفا: سليم محتاج لك يا سلمى.
ـ سلمى بأعين ممتلئة بالدموع وصوت ملأه الحنين: سليم.
ـ سيف بآسى: أيوه هو أسمه سليم، وعلى فكرة هو كمان محتاج أم مش زوجة.
ـ سلمى متلعثمة: والله هو صعبان على واتمنى أساعده، بس مش على حساب سليم ابنى.
ـ سيف بصدق: سلمى أنا عايز مصلحتك أنت كمان وهو هيساعدك فى موضوع ابنك أكتر ما أنت هتساعديه.
سلمى وقد تركت الباب ورجعت تجلس بمواجهته متسائلة باهتمام: أزاى؟
ـ سيف بجدية: أنت ليه متخيلة أن أخوات ابنك هيقولوا له أنك هنا حتى، أكيد هيكدبوا ويقولوا أنك موتي، أو حتى هربتي مع واحد واتخليتي عنه، ماهو مش طبيعى يقولوا له فيجي يشوفك، وأنت تحكي له على اللى عملوه.
ـ سلمى بانفعال: عمتى هتروح له وتحكى له كل حاجة أول ما يقدر يفهم.
ـ سيف هادئا: عمتك عندها كام سنة يا سلمى؟ تقدرى تضمنى أنها تفضل عايشة لحد ما ابنك يكبر، طيب حتى لو ربنا طول فى عمرها، تضمنى أنها تساعدك ومتخافش من جوزها، زى ما ضيعت حقك زمان، وسيباكى هنا دلوقتى من خوفها منه، طيب لو اتشجعت تضمنى أنها تعرف توصل له، مش ممكن يكونوا سافروا أو أختفوا، أنت لازم تخرجى لابنك يا سلمى فى أقرب وقت.
ـ سلمى مشتاقة: ياريت.
ـ سيف صادقا: أنت يمكن تفتكرى أن باعمل كده عشان صاحبى، لكن أحلف لك بالله، أنى باعمل كده عشانكم أنتم الاتنين لانى لقيت لكل واحد فيكم حل لوحده لكن ظهرت مشاكل تانية ،والحل الوحيد اللى مايسببش أى مشاكل كان فى دمج حل مشكلتكم مع بعض.
ـ سلمى حائرة: مش فاهمة.
سيف واثقا: يعنى بالنسبة لك أنت مثلا، لو مش عايزة تتجوزى سليم أنت حرة ، وأنا برضه مش هتخلى عنك هدور على واحد يعمل الموضوع ده بالفلوس، وهيكون ماضي على ورقة بالطلاق قبل ما يمضى ورقة الجواز ولما يوثق الورقة ويمضى بأستلامك، هيستلم فلوسه من غير حتى ما يشوفك.
ـ سلمى شاردة: تفتكر ينفع.
ـ سيف ضامما شفتيه بضيق: بس المشكلة بعد كده هتروحى فين وتعيشى ازاى،أنا أسف بس أنت جميلة قوى وكمان صغيرة جدا تفتكرى حد ممكن يسيبك فى حالك، سليم رغم مرضه هيبقى سند لك قدام الناس يحميكى من عيونهم، وكمان أنت محتاجة تعيشى حياة مستقرة عشان يبقى عندك فرصة تفكرى فى مشكلتك الأساسية وهى أزاى ترجعى ابنك، تفتكرى وأنت بتفكرى هتعيشى فين وهتاكلى منين، هيبقى فى فرصة تفكرى فى حاجة تانية، لكن العائد بتاع الوديعة هيعيشك أنت وسليم فى مستوى كويس، وكمان شقته واسعة جدا وفى مكان راقى كمان.
ـ سلمى مضطربة: الموضوع مش سهل يا دكتور، حضرتك بتطلب منى أعيش مع أنسان غريب عنى.
سيف حازما: الأصعب أنك تسيبى أبنك تحت رحمة مجرمين زى دول، أن أخواته يسرقوا ميراثه زى ما جوز عمتك سرقك، انه يعيش مذلول وأخواته يتحكموا فيه ويضيعوا مستقبله زى مع جوز عمتك عمل معكى، أنك تسبيه يشرب من نفس الكأس اللى شربتى منه.
ـ سلمى مترددة وقد ىلمتها كلماته: بس الراجل ده أنت ضامنه.
ـ سيف وقد سعد وهو يرى ترددها بعد الرفض: سليم ده إنسان فوق الممتاز، وزى ما قلت لك أنا كنت أقدر أحل له مشكلته هو كمان بعيد عنك, بس أنا محتاج أنت بالذات اللى تدخلى حياته.
ـ سلمى حائرة: ليه؟
ـ سيف صادقا: لو على زوجة ترضى بظروفه وتشيله فوق راسها، فاللى محتاجين مأوى ودخل أكتر مما تتخيلى، اللى مرات أبوها معذبها أو جوز أمها بيتحرش بيها، أو أبوها بيجوزها لأى حد يدفع، بس بصراحة هحس أن بظلمها لأن سيف رافض تماما الجواز رغم أن حالته الصحية مش عائق بس هو نفسيا بعد صدمته فى خطيبته لاغى الفكرة من دماغه، غير كده أنا مش محتاج خدامة له بعقد جواز، أنا محتاج روح جميلة زيك، صحبة متفائلة تخرجه من حزنه، حد مثقف زيه يقدر يجادله بالحجة ويثبت أنه غلط.
ـ سلمى متسائلة: هو معندوش صحاب خالص.
ـ سيف حزينا: للأسف سليم بقى منعزل ورافض يختلط بأى حد، وأنا فعلا خايف عليه جدا، وزى ما قولت لك فى الأول هو محتاج أم، أم حنينة بس حازمة، تقدر تخليه يرجع يندمج مع الناس حتى لو غصب [ضاحكا] هو صحيح صاحبى بس بصراحة أنا عايزك تربيه.
ـ سلمى ضاحكة برقة: لا واضح أنه صاحبك قوى يا دكتور.
ـ سيف ضاحكا: قوى قوى [جادا] لا حقيقي يا سلمى أنا عندى أمل أنك هتقدرى ترجعيه للدنيا من تانى، وأنا مش هطلب منك تأجلى هدفك عشانه، أنت فى الغالب محتاجة سنة على الأقل عشان تقدرى تخدى ابنك وأفتكر أن دى فترة أكتر من كافيه أنه يعرف الفرق بين عيشة البيوت والمستشفيات.
ـ سلمى منصدمة: سنة على الأقل! ليه حضرتك بتقول كده؟
ـ سيف متعاطفا: أنا مش قاصد أضايقك، بس لو بتفكري ترفعى قضية فالمحاكم حبالها طويلة، ولو حتى بتفكري تخطفيه يبقى مش هينفع دلوقتى لأن ابنك عنده ثلاث سنين، يعنى مستحيل يروح مكان لوحده، وهتضطري تستني لما يدخل حضانة أو مدرسة، وفى الفترة دى تكوني أستقرتتي وعرفتي هتعيشي فين وازاى.
آلمها كلامه رغم إداركها لصحته، ولكنها وجدت أن حله وأن لم يمكنها من أخذ ابنها حاليا، إلا أنه يمهد الطريق لذلك، إضافة أن لخروجها من المستشفى يجعل لها أمل بريته ولو من بعيد
***************
بعد أسبوعين فى مكتب سيف بالمستشفى الخاص
ـ سيف مبتسما: أتفضل يا سولى، أهو سلمى مضيت على عقد الجواز، خلى المحامى بتاعك يبتدى بقى فى اجراءات التسجيل.
ـ سليم متوترا: بجد أنا مش عارف أنا طاوعتك أزاى، بأقولك أيه، ما ننسى الموضوع ده، ونقطع الورقة وخلاص.
ـ سيف متهكما: معنديش مانع بس روح قولها أنت بقى، عشان تديك بحاجة تجيب أجلك، دى تقريبا بقيت مش بتنام من ساعة ما عرفت أنها قربت تخرج وممكن تقدر تشوف ابنها، شوفت واحدة ممكن تمضي ورقة جوازها من غير حتى ما تشوف عريس الغفلة، وبعد كل ده عايز تكسر فرحتها.
ـ سليم بآسى: خلاص، أنا هاكمل الاجراءات وهاجى أستلمها فى أقرب وقت.
ـ سيف سعيدا: ماشى أبقى بلغنى قبلها عشان هاتفق مع المأذون أنت عارف أنها قالت مش هتمشى معا ك الا لو كتبتم رسمى
ـ سليم مستسلما: مفيش مشكلة أنا كمان مكنتش هرضى لها بده.
ابتسم سيف لنخوة وصحابه التي يبني عليها الآمال لتقريبهما لبعضهما، فهي لم تقابل بحياتها سوى أشباه الرجال، وكفة سليم سترجحها رجولته ولو كانت رهينة كرسي متحرك.
***************
بعد أيام فى مكتب سيف بالمستشفى الحكومى
يجلس سليم على كرسيه متوترا، بينما سيف ينظر له من خلف نظاراته بخبث مدا يده بظرف ثم تنحنح قائلا: أه صورها والبطاقة أهم عشان تديهم للمأذون مع صورك
تناول سليم الظرف وأخرج صوره من جيبه وفتح المظروف لوضعهم، لتسقط أحد صورها أرضا ليلتقطها، ليحدق بها بصدمة قائلا بفزع: مين دي يا سيف؟
ـ سيف بهدوء: سلمى مراتك.
ـ سليم مهتاجا: يخرب بيتك يا سيف، أنت رايح تجوزني ملكة جمال، أنت كنت بتدور لي على عروسة بجد، وبعدين ابن مين اللي عايزه، الطفلة دي مستحيل تكون متجوزة مش أم.
ـ سيف ضاحكا بخبث: في أيه يا سليم أنت مالك ومال شكلها، وبعدين ما أنا مفهمك أنها أتجوزت صغيرة.
ـ سليم ثائرا: أنت بتستهبل يا سيف، وقاصدها عشان كده محاولتش تخلينا نتقابل ولا مرة، بس أنا ولا يهمني، أنا مش هاستلمها يا سيف مش هاستلمها وهقطع الورقة دي ، واتحمل نتيجة عمايلك و..
قطع كلماته طرقات رقيقة على الباب، ليفتح وتدلف تلك الفاتنة التي عرف للتو أنها زوجته.
ـ سلمى برقة ونظرها لأسفل: السلام عليكم.
ـ سيف مبتسما: وعليكم السلام، تعالي يا سلمى [ مدا يده اليها بتلك الورقة] مبروك يا سلمى، سليم مضى على أستلامك والمأذون دقايق ويجي وتخرجي من هنا بالسلامة.
ـ سلمى بسعادة بالغة: الله يبارك فيك يا دكتور [ نظرت سليم بخجل] ربنا يكرمك يا أستاذ سليم ربنا يسعدك ويفرح قلبك زي ما فرحتني بخروجي لابني.
ـ سليم متلعثما: العفو على أيه يا مدام سلمى، أكيد أي حد مكاني كان لا يمكن يتخلى عنك في موقف زي ده.
ـ سلمى متحمسا: متشكرة جدا.
ـ سيف بخبث: طبعا، سليم ده الشهامة ذاتها، بس ياريت ننسى حكاية أستاذ ومدام، المفروض أنكم متجوزين من أكتر من سنتين، متودناش في داهية.
نظر له سليم متوعدا، لا يصدق أن تلك الفاتنة اصبحت زوجة له، وأنهما بعد سويعات قليلة سيضمهما منزل واحد، ليضاف لعذاباته عذابا جديدا
*************
بشقة سليم
شكر سيف الشباب الذين ساعدوه في حمل سليم لشقته ونظر لسليم بخبث وهو يقول: بس حمش أنت يا سولي، هي السنارة غمزت ولا أيه.
ـ سليم متعجبا: سنارة أيه يا مجنون.
ـ سيف مشاكسا: سنارة الحب يا سولي، أمال الغيرة دي كلها، واصرارك أنها تفضل في العربية، وأننا نخرج ونقف بعيد عن العربية لغاية ما نلاقي اللي يساعدنا في الطلوع وبعد ما ينزلوا تطلع هي.
ـ سليم متهكما: حب وغيرة مرة واحدة، ده أنت لسعت [بحزن] كل اللي أقدر أقوله لك، أني من ساعة ما قلت ورا المأذون {قبلت زواجها} وأنا حسيت بالورطة اللي ورطتها لنفسي لما ارتبطت بواحدة زي دي لا هاقدر أغنيها ولا أحميها، واللي أنت فاكره غيرة دي مبدأ رحم الله أمرء عرف قدر نفسه، وأنا عارف أن بظروفي محتاج اللي يشيلني، وحضرتك روحت جوزتني واحدة الشباب هيبصولها لو متجوزة واحد بتاع مصارعة حرة فما بالك وهي متجوزاني أنا، فأنا باحاول أحمي كرامتي وشرفي اللي هي شيلاهم حتى لو على الورق.
ـ سيف محاولا تغيير الموضوع: طيب بس عايز أقولك كلمتين على السريع عشان منسبهاش كتير تحت لوحديها، طبعا سلمى بقيت مراتك، وملزومة منك، وأكيد أنت فاهم أن هي مش معها أي حاجة حتى الهدوم، الطقم اللي خرجت به معك من المستشفى، وطاقمين للبيت موجودين في دولابك، دول هدية مني لأختي، بس أنا عارف أنها هتتكسف تطلب أي حاجة محتاجها، فياريت أنت تشوف ناقصها أيه، وتضغط عليها تجيبه، لانها خجولة جدا ونفسها عزيزة.
ـ سليم بوجه محتقن غضبا: أنت اللي جيبت لها هدوم للبيت! عرفت مقاسها أزاي؟
ـ سيف موضحا: أهدى كده يا سليم، هو أنا بأعرف أشتري لنفسي لما هشتري لمراتك، أنا أديت ممرضة هي مصاحبها فلوس، وطلبت منها تيجيب لها طقم خروج وده أديته لها وقولت لها أنك جيبته لها عشان تحضر بيه كتب كتابكم، كده الموضوع عادي من غير ما نحرجها، [بصدق] اما البيجامات أنا والله ما فتحت الكيس ولا أعرف شكلهم أيه، أنا أديت الكيس بقفلته للست اللي جبتها تنضف الشقة وقولت لها تحطهم في الدولاب بتاعك، وأنت أديهم لها وقولها أنهم هدية منك، وبعدين أنت تفكر في كده يا سليم، ده أنت أكتر واحد عارف اللي فيها.
ـ سليم نادما: لا والله يا صاحبي ربنا يسعدك ويقرب البعيد [بألم] المشكلة في أنا يا سيف، من ساعة ما شوفتها وكل لحظة بتأكد أني كنت صح لما كنت رافض الجواز، من أول ما خرجنا من باب مكتبك لحد العربية، وكل اللي كان بيشوفها كان بيأكلها بعنيه صحيح هي كانت باصة في الأرض بس نظرتهم ليها كانت بتجرحني وتحسسني بعجزي، ولما وصلنا هنا، أنت ناديت رجالة من الشارع عشان يطلعوني، [مقهورا] تخيل لو اضطرينا ننزل لأي سبب المفروض أنها تنزل تنادي رجالة من الشارع وتطلع معهم عشان ينزلوني، متخيل احساسي لما أعرف أنك أشتريت لها هدوم، طبعا أنا متأكد من أنك بتعتبرها أختك ، بس حط نفسك مكاني مراتي محتاجة هدوم فصاحبي هو اللي يجيب لها؛ عشان أنا زي ما أنت شايف.
ـ سيف متعاطفا: أرحم نفسك يا سليم، الصورة مش بالسوء ده، كل اللي ضايقك بيتوقف على طبيعة الست اللي معاك، سواء حد يبص عليها أو تتعامل معه لأي سبب فده كله بتتعرض له كل ست حتى لو جوزها بصحته، ورد فعل الست بيبقى راجع لأخلاقها مش لأي حاجة تانية، وبالنسبة لموضوع الهدوم، فده ظرف طارئ، ومش هيتكرر لأنها مكنش ينفع تخرج بلبس المستشفى.
ـ سليم متفهما: خلاص يا سيف، حصل خير.
ـ سيف وهو يخرج مظروف من جيبه: طيب نجي للنقطة التانية، فلوس الشهر أهم [لاحظ اضطراب سليم] كنت عارف أن ده هيبقى رد فعلك فحبيت أدهوملك وهي مش موجودة عشان لو حابب تخبيهم، بس أحب أقولك أن سلمى مش عامر يا سليم، سلمى أنا ضامنها برقبتي، ولو فتحت الظرف هتلاقي الفيزا مع الفلوس، أول مرة أديها لك؛ لأنك لو مرة تبقى في بيتك ومع مراتك مش حد غريب، سلمي فرصة عمرك اللي ربنا بعتها لك، حافظ عليها على قد متقدر، لو قدرت تحسسها أن ده بيتها، هتحوله لك جنة.
ـ سيف متهكما: جنة مرة واحدة.
ـ سيف ناظرا لعينيه بثبات: سلمى أتحرمت طول عمرها من أن يكون لها بيت، عاشت عمرها كله متعذبة في بيت عمتها، ولما كبرت عاشت غريبة في بيت جوزها، السنة الوحيدة اللي كان لها بيت وقت ما أتطلقت بس برضه كانت مهددة أن جوز عمتها يعرف بطلاقها، ولما عرف فعلا سرقه منها، أديها البيت اللي هي محتاجه، وهي هتديك اللي عمرك ما عشته، هتديك دفا يا سليم.
ـ سليم مضطربا: هتقعد ترغي كتير ونسيبها تحت كده.
ـ سيف بانتباه: يا خبر ده احنا نسيناها، هانزل هاجيبها حالا.
ـ سليم متلعثما: لا خليك، أنا قلت لها تطلع لما أفتح لها العربية، أقف بس في البلكونة وأفتح لها بالريموت.
ـ سيف ضاحكا بخبث: لا والله، دي شكلها غمزت بجد.
تجاهل تلميحاته وهو يراقب يضغط جهاز التحكم وهو ينصت لعله يستمع لذلك الصوت الذي يعلن فتح باب سيارة سيف وبنفس الوقت بدء حياتهما المشتركة.
*************
بشقة دعاء
ـ ناصر بحده: خمسين ألف جنيه كتير قوي ياما، دي بتدفع ايجار ملاليم، ده لو حسابنا اللي أبوها دفعه من يوم ما سكن الشقة، مش هيكون دفع المبلغ ده كله.
ـ دعاء بحقد: يدخلوا عليها بالخراب يارب، بس لعبتها صح بنت الكلب، أشتكتني للحج مهدي، وهو اللي حكم بكده، يا أديها الخمسين خلو، يا أسيبها في حالها وأبطل أشتكيها، يا أما هو اللي هيقف لي.
ـ ناصر بسوقية: ما خلاص سيبيها مرزوعة، وملكيش دعوة بيها.
ـ دعاء باستنكار: يا سلام وتبقى غلبتني وقعدت في ملكي غصب عني، لا تغور بالفلوس، أن شاء الله هتجيب بيهم دوا لعينيها وماتلاقي الشفا.
ـ ناصر مغتاظا: يعني الفلوس هتظهر دلوقتي.
ـ دعاء محتدة: فلوس أيه اللي هتظهر، هو أنت مخلي حيلتي فلوس، أنا هستلفهم، وكدا كدا هأجر الشقة وتسد فلوسها منه فيه.
ـ ناصر بسرعة: لا متأجرهاش أنا عاوزها.
ـ دعاء هازئة: ليه هتحصل المحل اللي جنبها ، اللي قعدت تقولي افتحيه لي وأنت تشوفي، وأخرتها قلبته غرزة أنت وصحابك، ومحدش قرب منه لحد ما خرب وأتقفل [بخبث] ولا ناوي تقابل فيه نشوى الصايعة اللي أتلميت عليها اليومين دول.
ـ ناصر بارتباك: أنت بتتجسسي علي.
ـ دعاء بسخرية: لا ياضنايا، أنت اللي خايب؛ في حد يمشي مع واحدة من نفس الشارع اللي ساكن فيه مع أهله ومراته، وخصوصا لو بجحة ومتدراش.
ـ ناصر بوقاحة: وندارى ليه، هاخاف من ست نهى اللي لزقتوها في.
ـ دعاء بهدوء: ماشي يا ناصر بس خلي بالك الضغط يولد الأنفجار، ولازم تضرب وتلاقي، وبعدين يا واد ده ضفر نهى برقابتها، ده غير أن البت دي مش ساهلة، دول بيقولوا خدت من طليقها اللي قدامه واللي وراه، ومطلعة عينه محاكم وقضايا عشان يششوف ابنه.
تجاهلها متبرما من تحكماتها وتداخلها بحياته، ألا يكفيها أنه اطلق يديها بأسرته، فماذا لا تترك له أموره الشخصية.
*************
وقفت سلمى بمنتصف شقة سليم باحراج، فمنذ انصراف سيف من أكثر من ربع ساعة وهو لم يوجه لها أي كلمة ولم تكن تدري كيف تتصرف ففضلت السكون.
تفحصها سليم بشكل خفي، وهو يشعر بمشاعر غريبة تجاهها، لقد وطن نفسه منذ اصابته على أنه لا وجود للمرأة بحياته، وكان هذا سهل بوجوده بالمستشفي بقسم الرجال ، صحيح أنه أحيانا كان يلتقي ببعض الطبيبات أو زائرات مرافقيه بالغرفة، ولكنه كان يسيطر على نفسه بتذكيرها بحرمة النظر اليهن ووجوب غض البصر، وأعتاد أن يقضي معظم وقت زيارتهن خارج غرفته، فماذا سيفعل الأن وهو وحده مع كل هذه الفتنة، وكيف يمسك بكباح نفسه وهو يعلم بأنها ملكه، ونظراته لها لا حرمة بها، واعجابه بها يزداد بكل لحظة، أعجب بطاعتها له حين لم تغادر السيارة رغم تركهما لها كل هذا الوقت، كما أعجب بأدبها وخجلها الواضحين منذ دخولها شقته، تذكر كلمات سيف عنها فزفر بضيق لمعرفة أخر بزوجته أكثر من معرفته بها، ولكنه قرر اتباع توصيته، فقال لها بابتسامة: نورتي بيتك يا سلمى.
****************

الحلقة الخامسه من هنا
SHETOS
SHETOS
تعليقات



×