رواية سند الحلقة الخامسة عشر

رواية سند
الحلقة الخامسة عشر
ـ نهى متعقلة: طيب ما تحاولي تصراحيه وتعرفي أيه اللي في دماغه بالظبط.
ـ سلمى بشك: وتفتكري هيقول لي.
ـ نهى مصرة آملة بهدم الحواجز بينهما: أهي محاولة، [بتفكير] بصي خليها الجمعة الجاية واحنا في النادي، بعد ما هدى وسامر يروحوا، أنا هاخد والولاد وأمشي أنا كمان، اقعدوا كده لوحدكم على رواقة قاعد حلوة، واتكلمي معه في كل اللي مضايقك، يمكن يكون عنده سبب مقنع غير اللي في دماغك.
ـ سلمى مقضبة الجبين وهي تتصور بوحه لها ببعث حبه القديم: أن شاء الله.
ـ نهى مستدركة بتذكر: اه وخفي شوية عن هدى مرات سامر، الست كده ممكن تقلق منك، واحنا ما صدقنا اتعرفنا عليها والولاد بقوا يلعبوا مع بعض.
ـ سلمى ثائرة وقد أصبحت لا تحتمل محاصرة الضغوطات من كل الاتجاهات: محدش حاسس بي، محدش متخيل أنا بحس بأيه وابني بيجري على حضنها ويقولها يا ماما وأنا مش من حقي اقرب منه.
ـ نهى متعاطفة لثورتها: لا يا سلمى حاسة بيكي، من أول مرة خدتيني النادي وحكيتي لي كل حاجة عشان متستغلنيش أنا وولادي، وأنا حاسة بيكي، أساسا محدش ممكن يحس بيكي زي، [غاضبة من نفسها قبل الجميع لتذكرها خنوعها المهين ] أنا كمان مكنش من حقي أقرب من عيالي وهما عايشين معي، دعاء كانت منعاهم عني، خايفة لاخدهم لصفي، فكانت بتقويهم علي، [بحكمة اكتسبتها مؤخرا] بس هدى واضح أنها أنسانة كويسة وبتحب سليم بجد، وأنت بطريقتك المتحفزة معها دي، ممكن تحرمي نفسك من قربه الكام ساعة بتوع الجمعة، لحد ما ربنا ييسر وتقدري تاخديه.
ـ سلمى منهارة وقد خارت قواها: كل حاجة هتضيع مني، سليم وأنا متأكدة أنه مخبي حاجة عني، وسولي ومش قادرة أشبع منه، ولا عارفة هاقدر أخده فعلا ولا لا.
ـ نهى بيقين فمن كان يظن أن يتبدل حالها هكذا: أرمي حملك على ربنا، هو قادر يريح بالك ويرد لك حقك.
ـ سلمى نادمة على قنوطها: ونعم بالله، استغفر الله العظيم وأتوب إليه، اللهم لا إله إلا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين.
****************************
مساءا بمنزل سليم
كانت سلمى تجلس بالفراش بجوار سليم الشارد دائما مؤخرا، ليقطع شروده نغمة الهاتف المخصصة لصديقه الوحيد.
ـ سليم براحة المحادثة صديقه مخرجا له من أحزانه لحزنها: السلام عليكم، أهلا يا دوك.
ـ سيف حائرا وقد أثار فضوله إصرار كتمان سليم لدوافعه، وتأجيل أخباره لآجل غير مسمى: أزيك يا نجم، أموت وأعرف سر جنون الشهرة اللي صابك ده.
ـ سليم متوترا محاولا تغيير مجرى الحديث: بعدين يا سيف، المهم أخبارك أنت وعروستك أيه.
ـ سيف متحمسا وبسعادة بالغة فسليم قد أصاب باختيار ما يناسبه سؤاله والدنيا بآسرها: حددنا ميعاد الخطوبة وكتب الكتاب بعد خمس أيام، وبأكلمك عشان أنت وسلمى تستعدوا، الحاجة شوق مصممة تيجوا تقضوا الكام يوم دول هنا لحد الفرح.
ـ سليم بفرحة عامرة: مبروك يا عريس، ربنا يتم لك على خير، بس اعتذر للحاجة بالنيابة عني، مش هاقدر أجي قبل الفرح خالص.
ـ سيف مصرا: لا مش هينفع الحاجة مصممة وهتزعل، وأنت مش قد زعلها.
ـ سليم حاسما بغموض وهو ينظر لانتباهها متوجسا: أنا مقدرش على زعلها، بس بجد في موضوع مهم جدا لازم اخلصه الأول، وبعدين هاجي ونقعد بعد الفرح زي ما هي عايزة.
ـ سيف مستسلما وقد اعتاد عند صاحبه وغموضه الجديدان على طباعه: خلاص، بس يكون في علمك مش هاسيبك غير ما عارف وراك أيه.
ـ سليم مرحا وقد ارتاح لإغلاق باب الحوار: بس خليك أنت في عروستك بدل ما اقنع الحاجة ترجع في كلامها.
ـ سيف بذعر مصطنع: لا يا سولي يا حبيبي براحتك، ماعاش اللي يزعلك، سلام يا كبير.
ـ سيف مرحا: سلام يا عريس.
انهى محادثته لصديقه، ليرى نظراتها اللائمة له، التفتت تستلقي بجواره وهي توليه ظهرها خوفا من أن تضعف وتنهمر دموعها المحتبسة تتوسل له ألا يتخلى عنها.
ـ سلمى بصوت مختنق: تصبح على خير.
ـ سليم حزينا لحالها الذي يمزق قلبه: وأنت من أهله يا قلبي.
****************************
بعد مرور يومان
استيقظت سلمى متأخرة، وقد أصبحت تلك عادتها بالأيام الأخيرة نتيجة لأرقها ليلا، ونفسيتها المتعبة، وكأنها تتخذ من النوم وسيلة للهروب من ملاقاة سليم، لم تستغرب عندما لم تجده بجوارها، خرجت تبحث عنه لتجده كعادته أخيرا يتحدث بصوت هامس بالهاتف، لينهي مكالمته بسرعة واضطراب بعد رؤيته لها.
ـ سليم بسعادة جالية: صباح الفل يا ساسو.
ـ سلمى حزينة متهربة من عينيه: صباح الخير، ثواني هاحضر الفطار.
ـ سليم مضطربا: لا مش عايز افطر، وبعدين أنت عارفة كنت باكلم مين.
ـ سلمى متهكمة فلا حاجة له للكذب وفرحته تنبأها بمحادثته ومجرى الحديث العاطفي حتما: مين؟
ـ سليم بحماس متجاهلا لهجتها: صاحب باخرة الأميرة، عايز يضم باخرته لبروجرمنا في القاهرة.
ـ سلمى بلامبالاة: كويس جدا، ربنا يوفقك.
ـ سليم غامضا: هيوفقنا بإذن الله، بس لما تقرري نضمه ولا لا.
ـ سلمى متعجبة: أنا.
ـ سليم متوترا يعرف أنه يضغط بقوة على مخاوفها ولكن الأمر يستحق: أصله عازمنا بكرة على رحلة الفطار في المركب، وعشان كده لازم أنت تروحي النهاردة تفطري هناك، وتقولي لي الموضوع يستاهل ولا لا.
ـ سلمى مستنكرة: أنا.
ـ سليم بحزم: أصله أكيد بكرة هيكون مجهز لنا أحسن ما عنده، والاوبن بوفيه هيبقى برفكت، فأنا عايزك تروحي تفطري النهاردة كأي زبونة، وتشوفي بقى الاكل وجودته وكميته في العادي، من غير أي استعداد.
ـ سلمى حانقة تكاد لا تصدق أنه لأول مرة لا يراعي نفسيتها وحالتها الخاصة: لا طبعا مش هينفع، شوف حد تاني يروح.
ـ سليم مصرا متهربا من نظرتها المدونة بع: هو عارف شكلي كويس، وأنا مش هاثق في رأي حد غيرك.
ـ سلمى مستاءة: بس..
ـ سليم حاسما بنفاذ صبر: مفيش بس يا سلمى، ده شغل، والمفروض أنت أكتر حد يهمه نجحنا.
ـ سلمى مستسلمة بحزن: اللي تشوفه يا سليم.
ـ سليم راضيا: ادخلي اجهزي عشان تلحقي الباخرة قبل ما تتحرك، الفطار بيكون من الساعة حداشر للساعة اتنين.
****************************
على الباخرة
جلست سلمى بصمت وهي تتابع حركة العاملين أثناء أعدادهم للمائدة دون تركيز، تتذكر لهفته على رحيلها وتطلعه لساعته بنفاذ صبر وهو يستعجل رحيلها، لتشك في نواياه من إرسالها لهنا، غير مراعيا لحداثة عهدها بالاختلاط بالبشر، أو أثر لغيرته المزعومة.
زفرت بحرقة وهي تتذكر اهتمامه المبالغ به بحلق لحيته خاصة، ومظهره بشكل عام، وقد طلب منها مساعدته في تغيير ملابسه والتأكد من هندامه، متعللا بدعوته لسيف، لمؤانسته أثناء غيابها، غير منتبه لمعرفتها بتواجد سيف ببلدته للإعداد لعرسه، ولكنها لم تشأ مواجهته باكتشافها لكذبته، فهو حر بحياته، زواجهما من البداية كان اتفاقية أتم هو التزامه بها على أكمل وجه، ساندها حتى استوت شخصيتها ووجدت مصدرا للدخل، وطريقا للتواصل مع ابنها، فأن أختار أن يعود لحياته فيجب ألا تكون أنانية تقف بطريقه، لأنها نسيت اتفاقهما وأحبته بكل ما أوتت من قوة، وبقدر ما حرمت من مشاعر طوال حياتها، ولكن هل مازال اتفاقهما ساريا، ألم يكن هو أول من ثار عليه وأرادها له بكل كيانه، فلما يتركها الأن بعدما بادلته حبا بحب وشوقا بشوق، رأت عمال الباخرة يستعدون للإبحار، فنهضت مهرولة تنوي النزول قبل تحركهم وقد عزمت الدفاع عن حبها فكفاها استسلاما ورضوخا للأمر الواقع وكأنها ريشة بمهب الريح، زفرت براحة وقد نجحت بالمغادرة قبل الإبحار بلحظات، لتطلب إحدى السيارات لتقلها، وقلبها يرتجف متوجسا مما ينتظرها لو صحت ظنونها، حاولت تمالك رابطة جأشها يتردد بإذنها صوته لائما، {شايفة أنه من حقي أني اسيبك، بس مش من حقي أخدعك، متمسكتيش بي، ولا اعتبرتيني حق يستاهل تدافعي عنه}.
****************************
أمام باب شقة سليم
وقفت تلتقط أنفاسها، وهي تدعو الله الا تصدم في من اعاد لها الثقة بالبشر، وأن تكون ظنونها هواجس لا أساس لها من الصحة، ولكن خاب أملها بعدما فتحت الباب لتجد مظاهر واستعدادات احتفالية، ففوق الطاولة كعكة ضخمة، بجوارها صندوقان مغلفان بشكل رائع، بينما تمتلئ الأرض بعدد ضخم من البالونات بجوار أداة النفخ وعدد أكبر من البالونات ينتظر نفخه، بينما تعلو ضحكاته التي حرمها منها بالأيام الماضية من غرفة نومهما، سقطت حقيبة يدها أرضا محدثة دوي خرج هو على أثره مندهشا ينظر إليها مصدوما وهو يغلق باب الغرفة وراءه وهو ينظر بداخلها بتوتر.
ـ سليم مصدوما من حضورها المفاجئ رغم خطته: سلمى أنت رجعتي أزاي دلوقتي.
ـ سلمى منفعلة وهي تبكي بقهر: معلش لو كنت قطعت عليك الانسجام اللي أنت فيه.
ـ سليم مضطربا وهو يتطلع قلقا لغرفتهما : وطي صوتك يا سلمى.
ـ سلمى بثورة عارمة وهي تحاول عبوره والدخول للغرفة: ليه خايف من الفضايح ولا على مشاعر الهانم اللي سربتني في النيل عشان تغرق معها في العسل.
ـ سليم ذاهلا وهو يتمسك بها يمنعها مما تنتويه: هانم مين يا سلمى، أهدي بس ما ينفعش تدخلي الأوضة بالحالة دي، هافهمك كل حاجة.
ـ سلمى محتدة تدفعه يده غير راغبة بملامسته لها: هاتفهمني أيه، أنها حبك الأول وأني كنت مرحلة في حياتك باتفاق، لا يا سليم ده كان زمان، في اللحظة اللي قلت لي فيها بحبك الأتفاق اتلغى، وبقيت جوزي وحبيبي ولي حق فيك زي أي زوجة، وهادافع عن حقي ده لحد ما أموت حتى لو أنت نفسك مش عايزني.
أصابته كلماتها بصدمة وتشتت تفكيره للحظة؛ مما سمح لها بالتنصل من يديه وتخطيه مهرولة لداخل الغرفة، لتنال نصيبها من الصدمة وهي ترى صغيرها منكمشا على نفسه يبكي خائفا من صوتها المرتفع.
ـ سلمى بلهفة وهي تهرول إليه: سولي!
لتتسمر مكانها بصدمة بعدما تفاجأت بصراخ صغيرها لإقترابها منه، وهروبه قافزا من الفراش ليتخذ من حضن سليم ملاذا له.
ـ سليم ناظرا لها بعتاب وهو يربت عليه مجلسا له فوق قدميه وهو يحتويه باحضانه بحب: متخافش يا حبيبي، دي مامي سلمى بتحبك وبتلعب معك، مش أنت كنت بتشوفها في النادي [متجها بحمله الثمين خارج الغرفة، تتبعه هي بلهفة] شوفت جايبة حاجات حلوة كتير عشان سولي، هاتي الحاجات اللي جايباها له يا مامي، نلعب بيها وبعدين ننادي أدم وأدهم يلعبوا معنا.
وقفت جامدة للحظات أثر صدمتها لرؤية ابنها هنا بمنزلها وتأثرا بخوفه ومنها ولجوئه لسليم، لينتزع صوت سليم من صدمتها لتتفهم إشاراته وتفتح أحد الصندوقان لتجد الكثير من العاب الأطفال.
ـ سلمى بصوت مرتعش وأيدي مرتجفة: بوص يا سولي جايبة لك أيه.
ـ سليم مرحا: الله، دي العاب جميلة، أنت بتحبي سولي قوي يا مامي .
ـ سلمى وهي تفتح الصندوق الأخر المليئ بحلوى الاطفال راضية لكف ابنها عن البكاء وتطلعه للالعاب بفضول: الحاجات الحلوة دي لمين.
هرول سليم الصغير ببراءة تجاه سلمى يختار حلوه المفضلة بسعادة، اقتربت منه ببطء وهدوء تحتويه بين احضانها بشوق، تشتم انفاسه، ملصقتا له بصدرها لعل قلبها يرتاح ويهدأ بعدما رجع لحضنه، أو أن قلبه يهديه لها ويتعرف عليها وأن نسيتها عينيه لصغر سنه وقت الفراق.
ـ سلمى منتحبة وهي تشدد من احتضانها له: وحشتني قوي يا سولي، وحشتيني قوي يا نور عيني.
ـ سليم متأثرا محاولا اخراجها من تلك الحالة حتى لا تثير ذعر الصغير منها ثانية: اتصلي بقى يا سلمى على نهى وخليهم ينزلوا عشان هنقضي اليوم كله لعب.
ـ سلمى فرحة ومازالت دموعها تنهمر بلا وعي: حالا ثواني وينزلوا.
تحركت تجلب هاتفها وهي مازالت تحمل صغيرها بينما عينيها مثبتة بأعين زوجها تتطالعه بحب وامتنان.
***************************
مساءا بغرفة سليم يغفو الصغير فوق قدمي سلمى بعدما انهك من اللعب، تغمره بقبلاتها، بينما دموعها تبلل وجهه البرئ، تتحسسه بعدم تصديق، غير منتبهة لذلك الذي دلف للغرفة يتابعهما بتأثر.
ـ سليم متعاطفا مشفقا عليها: أهدي يا سلمى هتصحيه.
ـ سلمى منتحبة وهي تقبل يدي صغيرها: مش مصدقة أنه في حضني يا سليم، خايفة اسيبه ملاقهوش تاني.
ـ سليم مطمئنا: لا يا حبيبتي ما تخافيش سولي خلاص رجع لحضنك ولا يمكن حد يفرقكم تاني، ومن بكرة هنروح للمحامي وأخوه هيتنازل لك عن حضانته رسمي.
ـ سلمى مندهشة وكأنها قد انتبهت توا للأمر: أنت جيبته أزاي، وهما أزاي وافقوا على حاجة زي كده.
ـ سليم ضاحكا: أيه سلمى بتسألي دلوقتي، أنت كنت غيبوبة من الصبح وفقتي دلوقتي.
ـ سلمى متطلعة له بفضول وندم: لا بجد يا سليم أنا فرحتي بسولي، نسيتني اسمي، بس أنا مش مصدقة أنهم رجعوه برضاهم، وكمان هيتنازلوا لي عن حضنته، أنت عملت كده أزاي.
ـ سليم معاتبا لشكوكها به: بالبرامج اللي كانت مشككاكي في يا مدام.
ـ سلمى متعجبة: البرامج.
ـ سليم مبتسما وهو يومأ إيجابا: وقت ما قابلت هدير كانت مستغربة أنا ليه مش راضي اطلع بالبرامج، وهزرت وقالت لي، {اطلع كده ونور عشان تبقى مشهور، والواحد يبقى له ضهر جامد} ، والكلمة اترددت في دماغي و حسيت أن لو عملت كده ده ممكن يساعدنا في موضوع سليم.
فلاش باك
بقصر صالح
جلست شريفة بصحبة ابنيها وزوجتهما بانتظار شخصا ما
ـ شريفة حائرة: يعني هيكون عايز ايه!
ـ شادي بعملية: أكيد بيزنس.
ـ سامر مستنكرا: واحنا ايه علاقتنا بالسياحة عشان يبقى بنا بيزنس.
ـ شادي ساخرا من سطحية تفكير أخيه: طول عمرك تفكيرك محدود [بتعالي وثقة] سياحة يعني عربيات يا أستاذ، ممكن جدا يكون محتاج عربيات من عندنا او هيعرض علينا يدخلنا ضمن حملته الاعلانية.
تنحنح سامر بحرج يتلافى نظرات زوجته اللائمة، لتغاضيه عن إهانات شقيقه المستمرة، بينما ترمقهما زوجة شادي بشماتة، وهي سعيدة بشخصية زوجها المسيطرة التي تجرح غريمتها المثالية.
ـ شريفة حانقة منهية ذلك الجدل بين ابنيها: وبدل الموضوع بيزنس، ليه صمم المقابلة تكون هنا وبحضوري، أنا وسامر، ما كان قابلك أنت في المكتب وخلصنا.
ـ شادي ببساطة معالم ببواطن الأمور: لأنه رجل ذكي واكيد عايز اتفاق متعدد يعني ممكن يطلب عربيات بنسبة تخفيض مقابل الإعلان عنده، وممكن عايز كمان يعرض خطط رحلاته على العيلة يجوز نشارك في رحلة، بس لو اتكلم في رحلات وكلام من ده فأنا مش فاضي للفسح.
ـ زوجة شادي بخبث: طبعا هو أنت هتفضى للفسح أزاي، وأنت شايل الشغل الكل على دماغك.
ـ زوجة سامر متهكمة وقد ساءها تهميشهم الدائم لزوجها: شغل مين اللي شايله يا صافي، وكل واحد فيهم مسئول عن فرع بالكامل.
ـ صافي بسخافة وكايدة: وأنت عايزة تجيبي مجهود الفرع الرئيسي زي باقي المحافظات يا هدى.
ـ شريفة متعالية منهية هذا الجدال الجديد: وانت ممكن توافق تعمل معه بيزنس.
ـ شادي بعملية: لو على بيع العربيات والإعلان أكيد؛ دي صفحته تريند، ده غير أنه كل يوم على قناة شكل، أما موضوع الرحلات ده، فأنا مليش في الكلام ده، لكن طبعا لو حد منكم حابب مفيش مشكلة، خاصة وأن الجميع بيمدح في مستوى الخدمات بمقابل الاسعار، [وهو ينظر لساعته] وعامة لو بيحترم مواعيده يبقى دقايق وهنعرف كل حاجة.
ما كاد ينهي جملته حتى أتى الخادم يخبرهم بقدوم سليم تبعا للموعد المحدد ليسمح له شادي بالدخول، بعدما دلفتا السيدتان للداخل واستقبله هو وشقيقه ووالدتهما بترحاب.
ـ شادي مجاملا: أهلا بحضرتك يا أستاذ سليم.
ـ سليم بتهذيب: أهلا بحضرتك يافندم.
ـ شريفة مجاملة: فرصة سعيدة اننا قابلنا نجم البرامج والتريند الحالي.
ـ سليم مبتسما بمجاملة: أنا أسعد يا هانم.
ـ شادي بعملية: طيب ندخل في المفيد، حضرتك شايف أيه التعاون اللي ممكن يكون بين صفحتك و شركتنا.
ـ سليم ثابتا موزعا نظراته على ثلاثتهما: بس انا مش جاي بصفتي صاحب صفحة سياحية، ولا طالب مقابلة حضرتكم بصفتكم اصحاب توكيل سيارات.
ـ شادي متعجبا: امال حضرتك طلبت تقابلنا ليه.
ـ سليم معتدا: انا هنا بصفة سليم عبد الرحمن، زوج سلمى والدة سليم أخو حضرتكم.
انتفضت شريفة وشادي بغضب، بينما يتطلع سامر بذعر للباب الذي يفصله عن زوجته.
ـ شريفة غاضبة: أخو مين يا مجنون أنت، ولادي ملهمش اخوات غير بنتين.
ـ سليم غاضبا: سليم صالح ابن سلمى اللي خطفتوه من حضنها وقهرتوا قلبها عليه.
ـ شادي متجبرا: احنا منعرفش حاجة عن اللي بتقوله ده.
ـ سليم وهو ينظر لسامر المرتعب بقوة: وأنت كمان يا سامر بيه متعرفش حاجة عن سليم، اللي بتربيه في بيتك بعد ما خطفتوه من حضن أمه، وقهرتوها عليه.
فوجئ سليم باقتحام هدى للغرفة تتبعها سيدة أخرى تحاول منعها من التدخل بحديثهم.
ـ هدى محتدة: أيه اللي بيقوله ده يا سامر، [مواجهة كلامها لسليم] ست مين اللي خطفنا ابنها، الهانم هي اللي رمته وراحت تشوف حياتها، بعد ما عرفت أن عمي الله يرحمه، كتب فلوسه باسم أخواته عشان عرف طمعها.
ـ سليم ثابتا: مش حقيقي يا مدام، الحاج صالح كتب فلوس لولاده غصب عنه بعد ما رفعوا عليه قضية حجر، وأول ما مات هددوا سلمى بأنهم هيقتلوا الولد لو حد عرف أن سليم أخوهم.
ـ شريفة بغضب هستيري متخيلة عن برودها وتعاليها: ده كداب، ده أكيد البيه اللي رمت ابنها عشانه.
ـ سامر متوترا بأعين مترجية لشريكة حياته: متصدقهوش يا هدى.
ـ سليم واثقا وقد استشعر بأن هدى قد تكون حليف جيد: لا يا مدام أنا مش كداب، هما رجعوا خطفوا الولد لما فوجئوا أن الحاج كاتب له أملاك كتير باسمه، و والدته انهارت وجالها انهيار عصبي، ودخلوها العباسية وعملوا ترتيبهم متخرجش من هناك أبدا.
ـ شادي متحديا بوقاحة: عندك اثبات على كلامك.
ـ سليم هادئا مختصا هدى بكلامه: معايا رقم قضية الحجر اللي رفعتوها على والدكم، وشهادة صاحبه اللي كان سايب له أوراق الملكية الخاصة بسليم، وصور من الأوراق دي، وأوراق حجز سلمى في المستشفى، بنفس تاريخ اليوم اللي اتخطف فيه الولد.
ـ شادي متهكما مطمئنا لضعف موقف سليم: وحضرتك جاي لنا ليه، المحاكم قدامك.
ـ سليم غامضا: ومين جاب سيرة المحاكم.
ـ شادي مبتسما وهو ينظر لكرسيه هازئا: أيه ناوي تبلطج علينا وتضربنا.
ـ سليم بقوة وهو يحاول التماسك قدر المستطاع: لا زي ما حضرتك شايف، ظروفي مش مساعداني، [غامضا] بس القوة مش السلاح الوحيد.
ـ شادي مستهينا: وأنت أيه اسلحتك بقى.
ـ سليم مبتسما: زي ما الوالدة قالت، أنا التريند الحالي، وحضرتك عارف، العيار اللي ميسيبش يدوش، ولو المحكمة عايزة أوراق، فالسوشيال ميديا مش محتاجة.
ـ شادي مهددا: خلي بالك أن أي كلام من غير اثبات هارفع عليك قضية سب وقذف وتشهير.
ـ سليم متحديا بخبث: مش لما اجيب سيرتكم، أنا هاطلع احكي عن حبي أنا ومراتي ودي مش أول مرة اعملها، وبعدين الحوار هيجيب بعضه واحكي مآساتها بالحروف الأولى، ومش ذنبي بقى أن الناس بتحب الكلمات المتقاطعة، وابقوا دوروا على اللي هيشيروا وامسكوا فيهم.
ـ شادي مهددا: مش شادي صالح اللي يتهدد يا بني أدم.
ـ سليم واثقا غير مباليا: وأنا مش بهدد، بعد بكرة أنا هاطلع على الهوا، قبلها ترجع سليم لأمه وتتنازل لها عن حضانته، واحتفظ بالوصاية؛ الفلوس متهمناش، ياما اوعدك العيلة كلها هتبقى تريند.
ـ شادي غاضبا: أعلى ما في خيلك اركبه.
ـ سليم لا مباليا وهو يتجه للخروج: براحتك بس للعلم الهشتاج هيكون دولي، افتكر أن الشركة اللي عاملة خط انتاج خاص للسيارات النسائية، من حقهم يعرفوا وكيلهم بيعامل المرأة أزاي.
أعطاهم ظهره مغادرة بتعالي متعمد، يهز به ثقتهم بانفسهم، ويعزز موقفه أمامهم، ليقف فاجأة لسماعه نداءها المترجي
ـ هدى بسرعة: أستاذ سليم، [ توقف ملتفتا بأدب] أنا شفتك مرة مع ساسو قريبة نهى ماما أدهم، هي دي سلمى؟
أومأ سليم برأسه ايجابا، و أكمل طريقه للخروج.
****************************
كانت كلمات سليم بمثابة قنبلة، انفجرت بالبهو ليتناثر الموجودين به بعيدا عن بعضهما البعض، فبمنتصف البهو كانت شريفة تتحدث بالهاتف بغضب، وبشمال البهو كان شادي يتهامس مع زوجته، بينما على مسافة منهما يقف سامر محاولا امتصاص صدمة هدى فيما سمعته.
ـ سامر متوسلا: الموضوع مش بالشكل اللي قاله ده، أنت مش فاهمة.
ـ هدى مقهورة بصدمتها بحب عمرها: فعلا مش فاهمة، لما أكون باستحلف ربنا بذنب، (ناظرة له باتهام) بتوسله يكرمنا بالذرية باكرامنا لليتيم، واحنا خاطفينه وقاهرين أمه عليه، ابقى مش فاهمة.
ـ سامر متراجيا: هي مكنتش طبيعية، كانت في العباسية زي ماهو قال بنفسه.
ـ هدى ثائرة بقلب أم حنون: مستحملتش القهرة يا قلبي، عقلها ماستوعيبش الصدمة، وبدل ما ترحموها استغلتوا الفرصة وقررتوا تدفنوها هناك بالحيا، [بمرارة وهي تتذكر نظرات سلمى العدائية لها] وأنا اللي كنت حاسها بتبوصي لي بغرابة ومش طايقاني، أنا لو مكانها كنت ولعت في الكل.
ـ سامر مستعطفا محاولا استعادة ثقتها: هدى متخلهوش يعمل اللي هو عايزه ويدمرنا قبل حتى ما ينفذ تهديده.
ـ هدى حاسمة واعية لكل كلمة سمعتها من سليم: سؤال واحد يا سامر ولو كذبت هتبقى خسرتني للأبد، (متعمقة بعينيه قارئة لكل خلاجات نفسه) في أملاك باسم سليم، وانتم خدتوا الوصاية.
ـ سامر مرتبكا موصلا لها الإجابة رغم تبريراته الواهية: الوصاية باسم شادي، أنا بس خدت الولد، عشان اسعدك.
ـ هدى مستنكرة تصرفه اللاإنساني: تسعدني، ربنا يسمحك يا سامر، [غير متصورة لاستمرار هذا الجرم] الولد يرجع لأمه ياسامر، ياما تنسى أنك عرفتني في يوم، ده غير أني أول حد هاساندها وأكد كلامها، وابقى اعملي قضية سب وقذف وتشهير، زي ما شادي قال.
ـ سامر مستجديا: هدى أنا بحبك.
ـ هدى منفجرة بقوة نتيجة لرواسب كثيرة لطالما تجاهلتها: وأنا كمان بحبك، واتقبلت اكمل حياتي من غير ولاد، واستحملت شخصيتك اللي اتغيرت واستسلامك لشادي وإهاناته المستمرة ليك، لكن لا هاقبل ولا استحمل أني اقابل ربنا بذنب زي ده.
بينما كان يسود حديثهما الحب رغم الخلاف كان حديث شادي وزوجته مفعم بالطمع والتآمر
ـ شادي محتدا: أنت اتجننتي ولد أيه اللي ارجعه لها.
ـ صافي بخبث: ده عين العقل، الراجل شكله واثق من نفسه، وزي ما قالك العيار اللي مايصيبش يدوش، والتاجر سمعة.
ـ شادي غاضبا: أنت عارفة الزفت ده مكتوب باسمه حاجات قد أيه، وأنا كسبت من الوصاية دي قد أيه.
ـ صافي مستنكرا: ومين جاب سيرة الوصاية، ماهو قالك لك بنفسه هما عايزين الحضانة وبس والفلوس ما تفرقش معهم.
ـ شادي متحفزا: وأنا عبيط عشان أصدق أن حد ممكن يتنازل عن ثروة زي دي.
ـ صافي بجشع: الورق اللي تتنازل به عن الحضانة، هو نفسه اللي هيتكتب احتفاظك بالوصاية.
ـ شادي قلقا على ضياع الثروة من يده: ما ممكن يكونوا بيتمسكنوا لحد ما يتمكنوا، ويرجعوا بعدين يقفوا لي على الواحدة.
ـ صافي بخبث: وهما لو عايزين يقفوا لك على الواحدة مين هايمنعهم، العمارات كلها متأجرة ومستخدمة كمخازن وأنت مبلغ أنها مقفولة، وهو الف مين يصدقه ويخدمه.
ـ شادي مستاءا لمحاصرتها له: أنت معي ولا معهم.
ـ صافي بنعومة: معاك طبعا يا قلبي، وعشان كده خايفة على مصلحتك، وبعدين هو احنا هنمشي وراهم مغمضين، الاتفاق يكتبوا المحامي بتاعنا، وبالشكل اللي يضمن أنهم ينفذوه، لكن الخلاف والشوشرة هيضرنا احنا.
ـ شادي مترددا وهو يعلم تمسك شقيقه بالطفل: بس سامر هيرضى يديهم الولد.
ـ صافي بابتسامة لم تستطع إخفاءها، فبحقيقة الأمر أن السبب الرئيسي لتحمسها هو معرفتها بحد العذاب الذي ستلاقيه هدى ببعد ربيبها عنها: هي المدام بتاعة المثاليات، هترضى تخلي الولد معها بعد اللي عرفته.
ـ شادي مشككا بتصورها: لا طبعا دي روحها في الولد، وممكن..
قطعت حديثه بإشاراتها لصعود هدى لغرفتها غاضبة، وهي تسحب يده لينضما لسامر الذي يقف حائرا ينظر بقلق باتجاه محبوبته الثائرة.
ـ صافي بخبث: أيه يا سامر، لو هدى خايفة ياخدوا الولد متقلقش، شادي ممكن يرجع لهم الفلوس والوصاية، لكن عمره ما يسمح لهم يخربوا حياتك.
نظر لها شادي شزرا ولكنها ردت عليه بابتسامة مستهزئة بمعني {الم أقل لك} وهي تسمع لكلمات سامر المتألمة.
ـ سامر منكسرا: لا الولد لازم يرجع لأمه.
ـ شادي مندهشا: وهدى، أنت مش عارف قد أيه متعلقة بيه.
ـ صافي متهكمة بكره دفين: وهو يعني هيقول كده من نفسه، أكيد ده رأي هدى، ما هي معلمة أجيال وحساسة وكده.
ـ شادي مترددا وهو ينظر لصافي بتساؤل: يعني أكلم المحامي واخليه يحضر اتفاق يضمن انهم ميلعبوش بينا بعدين.
ـ ارتفع صوت شريفة الساخط التي انهت مهاتفتها للتو لتفاجأ برضوخ ابناءها لغريمتها: اتفاق أيه اللي هتكتبوه يا بهوات، مفيش حاجة هتتغير، أنا لسه قافلة مع المحامي، وقالي مادام اتجوزت، حقها في الحضانة سقط.
ـ سامر محتدا: سقط ولا ما سقطش الولد لازم يرجع لأمه.
ـ شريفة منفعلة: أنت اتجننت، أنت أزاي تكلمني كده، مفيش ولاد هترجع، ولو أنت مش عايزه، هاتوا يعيش مع ولاد أخوك، هو الوصي عليه مش أنت.
احتقن وجه صافي على تلك التي تتحكم ببيتها دون استشاراتها، ولكن رد سامر كان الأسبق.
ـ سامر باصرار وهو يختلس النظر لأعلى حيث وقفت زوجته تراقب الموقف: سقطت ولا ما سقطتش، الولد هيرجعها لها حتى لو اضطريت ارفع قضية واطلب الوصاية لنفسي.
ـ شريفة مصدومة لموقف ابنها: أنت بتعلي صوتك علي أنا يا سامر، وبتتحداني.
ـ شادي منصدما: عايز ترفع علي أنا قضية.
ـ سامر ثائرا بانفجار متأخر: أنا من يوم ما عرفت أني ما بخلفش وأنا قلت في الأخر كله ليك ولولادك، وسيبت لك الدنيا تمشيها زي ما أنت عايز، وصبرت على تريقتك وتحكماتك، بس المرة ده، أنا مش هاسمح لحد يخرب حياتي.
ـ شادي لائما محاولا استعادة السيطرة: وليه الأسلوب، ده ما أنا لسه باقولك أن أهم حاجة عندي راحتك.
ـ سامر منفعلا باصرار: وأنا قلت لك مش هرتاح إلا لو الولد رجع لأمه.
ـ صافي بمهادنة: خلاص مفيش مشكلة، زي ما قال شادي يكلم المحامي ويخليه يحضر اتفاق يضمن انهم ميلعبوش بينا بعدين.
ـ شريفة زاجرة باحتقار: ما شاء الله، حتى أنت بقى لك رأي، لا يا حبيبتي، [بتعالي] رأيك ده تحتفظي به لنفسك، الكلمة هنا كلمتي، وأنا قولتها كلمة، الولد هيفضل هنا ولو حتى محدش فيكم عايزه أنا هارميه فأي ملجأ ولا أنه يرجع لخطافة الرجالة، اللي خربت حياتنا.
****************
ياترى أزاي وقفوا قدام جبروت شريفة، ورجعوا الولد لأمه، ومين ممكن يكون وصل لمناقشتهم دي لسليم.
****************
SHETOS
SHETOS
تعليقات



×