رواية احببناها مريميه الحلقة العاشرة







أحببناها مـريـمـيـه { ١٠ }
بقلمـ : دنـيا آلـ شملول 💛
قُضي يوم آخر بسلام .. سلام ظاهري .. لا يشبه حرب الصدور او انفعالات القلوب .. يحيي كل منهم في عالمه .. عالمه الخاص ..
فجود ينظر لسقف غرفته وهو ممدد الي فراشه ويحاول أن يجد طريقه يتحدث بها مع مروان ليفهم منه ان كان بداخله شئ لأخت إسلام .. ربما لم يحدث شئ كبير يجعله يشك بالأمر لهذه الدرجه .. لكنه في النهايه أخيه الذي رباه بنفسه .. ويعلم متي تكون نظرته قلق ومتي تكون اهتمام ومتي تكون لا مبالاه .. لكنه يعترف بأنه لم يفهم نظرته اليوم بحق .. ان كان يشعر بشئ ما تجاهها .. لمَ لا يتحدث معه ويخبره حتي يُقرب جود بينهما ؟.. أيعقل أن مروان يرفض الفكره بسببه ؟.. ولمَ لا .. فهو منذ سنتين وهو يهتم كثيرًا لحياة جود .. ان كان مروان حقًا يرفض التفكير بها لمجرد أن أخاه ثابت في مكانه فهو لن يصمت أكثر .. سيبحث عن مريمته ليشق طريقه ويبعد أخاه عن تضييع فرصة كارتباطه بأخت إسلام التي يثق تمامًا بأنها ستكون نفس أخلاق أخيها .. تنهد باستسلام للنعاس الذي داهمه وترك كل الأمر علي ربه .
بينما يجلس مروان الي شرفته يتابع الطريق بالأسفل في شرود تام .. كيف استطاع عمر بكل سهوله أن يضحك علي فتاة بهذه الطريقه ؟.. كيف يبتزها هكذا ؟.. وكيف صادقه هو دون أن يري فيه هذا الجانب المعيب لرجولته وأخلاقه ؟.. لمَ لم يلاحظ عليه ذلك من قبل ؟.. ولم لم يقف الي جانبه ويرشده ويكون له عونًا وخير صديق ؟.. هل الحق عليه الآن أم ماذا ؟..
تحول مسار تفكيره لما حدث اليوم .. مريم والقائها لنفسها بين يدي أخاها .. تري ماذا حدث معها كي تأتي اليه بعمله ؟..
فجأه انحدر تفكيره الي جود الذي لاحظ اهتمامه وقلقه .. ماذا ان لم يصدق جود ما قاله مروان في ذلك الوقت بأنه فقط منجذب لعلاقة اسلام بأخته ؟.. ماذا لو حقًا قرأ اهتمامه وقلقه عليها ؟.. ماذا إن أصر بأن يعلم ماهية شعوره تجاهها ؟.. وماذا ان اكتشف حقًا شعوره هذا ؟.. جود لن يقبل بمريم أبدًا إن شعر بمجرد شعور فقط بأن مروان يهتم لأمرها .. فما باله ان علم بحبه لها ؟.. سيضحي جود بكل تأكيد ودون تردد .. لكنه لن يسمح بذلك .. ان أحبها جود حقًا فسوف ينتزع مروان قلبه الذي نبض لأجلها من الوهلة الأولي .. سيدفن هذا الحب الي الأبد .. لن يسمح بتضحيات أخري من جود .. يكفي ما هدره من عمره لأجله .. يكفي .
جافاه النوم فاستسلم متمنيًا بأن ينصلح الحال قريبًا .
في حين كانت مريم تراجع بعض الدروس ولكن عقلها يذهب قليلًا لما حدث معها خلال اليوم .. هي نادرًا ما تخطئ في شعورها تجاه أحد .. لمَ لم تنتبه لكون معاذ يمثل عليها ؟.. لمَ حقًا شعرت بالعطف تجاهه ؟.. لمَ شعرت بكونه يحتاج حقًا للمساعده ؟..
أغمضت عينيها بقوه فلا يجب أن تفكر في شئ الآن .. وخصوصًا ان كان هذا الشئ هو معاذ .. لا يجب أن تنسي ما فعله بها .. ولا تعلم لماذا أتي ببالها فجأه جود خالد .. الرجل الذي دق قلبها لحروفه .. لقد نسيته بالفتره الأخيره تمامًا .. عنفت نفسها وزجرتها بقوه .. بماذا تفكر الآن ؟.. انه مجرد وهم .. وهم فقط ولا شئ آخر .
تحركت بخفه توضأت وصلت ركعتي قيام ومن ثم ذهبت في سبات عميق .
اما عن معاذ فهو رغم كونه في الواحد والعشرين من عمره الا انه يشعر بكونه أصبح بالأربعين .. هو السبب ولا أحد آخر .. هو فقط من جعل أخته وتوأمه تعاني بهذا الشكل .. هو ولا أحد غيره .. كم فتاه تحدث معها بدون وجه حق ؟.. وكم فتاه طلب صورها وهددها بإنهاء علاقته بها ان لم تفعل ما يريد ؟.. كم فتاة اعترفت له بالحب ولوَّح بيده لها مودعًا اياها بقول جملة واحده ثابته تقال للجميع " انا مش بتاع حب .. انا مجرد بقضي وقت مش اكتر " .. ضحك علي نفسه .. والآن شهده توأمه روحه حياته وما بقي له من الدنيا يقال لها نفس الجمله .. تذكر مريم .. مريم بعفتها بحجابها بوقارها وهدوئها وطيبة قلبها وحسن نيتها .. مريم التي أطاحت بكرامته هو وسالي من دون أن تلفظ بلفظ أو تنحرف عن شفتيها كلمه خاطئه .. مريم التي أتت بأخيها وكان يسير بها مرفوع الرأس .. ولمَ لا .. فهو سند لها وعون .. وهذا واضح جدًا .. وكذلك يبدو عليه الوقار مثلها .. ولهذا لم يستطع بتخطيطه هو وسالي بأن يوقعا بأخته .. تألم بحق لأنه لا يستطيع أن يفعل مثلما فعل اسلام .. والآن عليه أن يبدأ بإصلاح نفسه أولاً .. نفسه أولًا .
--*-----*-----*-----*-----*-----*-----*-----*-----*--

في صباح اليوم التالي استعدت مريم للذهاب الي الجامعه .. واتصل اسلام بجود وأخبره بأنه سيتأخر قليلًا اليوم .. وصلت أروي واستقلوا جميعًا السياره في هدوء ..
مريم مقاطعه الصمت السائد : هو اي اللي هيتم ؟
اسلام بهدوء : هيعتذرولك قدام الكل .
مريم : بس يا اسلام انا ..
اسلام مقاطعًا اياها : مريم عشان خاطري .. انا ده اللي هيريحني .. انتي مش واثقه فيا ؟
مريم : مش واثقه فيك ازاي بس !.. امال جتلك ليه من الأول .
اسلام بابتسامه : يبقي سيبيني أعمل الصح يا حبيبتي .
مريم باستسلام : حاضر .
وصلوا اخيرًا الي الجامعه .. وترجلوا بهدوء وصعدوا حيث مكتب العميد ..
العميد بابتسامه : اتفضل يا اسلام .. اتفضلوا يابنات .
اسلام بهدوء : شكرًا لحضرتك .
العميد بتنهيده : شوف يا بني اللي حصل كالتالي .. بعد ما البنات مشيوا سالي ومعاذ شدوا قصاد بعض واللي فهمته من كذا طالب حكي اللي سمعه بينهم ان سالي هي اللي مسلطه معاذ .. بس بعد ما مريم مشيت معاذ بهدل سالي وقالها انه لو شافها تاني مش هيحصل كويس .. يعني باختصار .. ربنا ضرب الظالمين بالظالمين .
اسلام : يعني !
العميد : يعني هما اعترفوا علي نفسهم قدام الكل وهما بيفضحوا بعض .. والكل عرف الحيقيقه .
اسلام : برضو يعني !!
العميد : انا مش فاهم انت عايز ايه !
اسلام بنبره جاده : يعتذروا .. وميهمنيش اللي حصل بينهم حتي لو قتلوا بعض .. انا يهمني اختي يتقدملها اعتذار عن اللي حصلها .
العميد بتنهيده : خلاص تمام .. هبعت اجيبهم يعتذروا .
اسلام : لا حضرتك هما هيقابلونا قدام الكافتريا .. لانهم هيعتذروا من مريم قصاد الكل .. عشان كل واحد يعرف ان الله حق .
العميد : اللي تشوفه مفيش مشكله ده برضو حقك .
اسلام : شكرًا جدًا لحضرتك ولتعاونك معايا .
العميد : عيب يا اسلام متقولش كده .. انت برضو خريج الجامعه دي وبتقدير امتياز ماشاء الله عليك وليك كل الاحترام والتقدير عشان انت تستاهل .. ربنا يوفقك .
اسلام بابتسامه وهو يمد يده لمصافحة العميد : انا متشكر جدًا لحضرتك .. نستأذن بقا ..
العميد : اتفضل يابني .. و ولا شكر علي واجب .. وانتي يا آنسه مريم في اي وقت احتجتي حاجه مكتبي مفتوحلك يابنتي .
مريم بابتسامه هادئه : متشكره جدًا لحضرتك يا سيادة العميد .. بعد اذنك .
غادر ثلاثتهم المكتب باتجاه الكافتريا .. فوجدوا احد المعيدين والذي كان زميل لإسلام يقف ومعه سالي ومعاذ ..
اقترب اسلام وصافحه بهدوء ليتحدث المعيد : ازيك يا اسلام عامل اي ؟
اسلام بابتسامه : بخير الحمد لله .. انت عامل اي؟
المعيد : نحمد الله .. مش كنت اتعينت يابني هنا وكان زماننا سوا دلوقتي .

اسلام بابتسامه : النصيب بقا .. انت عارفني مبحبش الشرح والجو ده .
المعيد : ربنا يوفقك ياعم .. اا .. جاي هنا محتاج حاجه ؟.. اقدر اقدملك مساعده ؟
نظر اسلام تجاه معاذ الذي ينظر للأرض بتيه ثم حول نظره للواقفه بجانبه تنظر لمريم بشر : انت جايب معاك طلبه عشان تعتذر من زميله ليهم مش كده ؟
المعيد : ايوه فعلا .. دي مشكله كده حصلت امبارح وهما جايين يردوا اعتبار البنت اللي اتأذت .
اسلام : وانا اخو البنت اللي اتأذت .
المعيد : بتتكلم بجد ؟؟!!
اسلام بهدوء : طبعًا .. ودلوقتي يا آنسه سالي بعد اذنك طبعًا يا مستر .. زي ما جمعتي انتي ومعاذ الطلبه امبارح عشان تشوهوا صورة مريم .. هتجمعوا تاني الطلبه عشان تعتذروا منها .
سالي : انا لا يمكن هعمل كده .. سامع .. انا مش هعتذر من دي .
كانت تقول اخر كلامتها وهي تؤشر علي مريم بسبابتها من الأعلي للأسفل .
أغمض اسلام عينيه كي لا يتفوه بما يغضب الله وحتي لا يتهور .. فتدخل المعيد الذي نطق بحده : سالي .. احترمي نفسك والزمي حدودك .
كان صوت المعيد وحدته كافٍ لأن يجذب انتباه الطلبه الموجودين .. فتابع المعيد بنفس الحده : ودلوقتي حالا هتعتذري .. سواء انتي او معاذ بيه .. سامعين .. طالما غلطتوا هتعتذروا .. وأظن محدش فيكم دافع عن نفسه قدام العميد امبارح ولا النهارده .. وده ملوش غير معني واحد .. وانكم غلطانين .. غير الطلبه اللي شهدت علي اللي حصل .. فياريت الموضوع ميطولش عشان مضطرش اني اخلي المعيد يتدخل شخصيًا وننهي المهزله دي .
اقتربت مريم من اسلام وأمسكت بذراعه وهي تتمتم بصوت خفيض : اسلام خلاص .. مفيش داعي لكل ده .
هنا وانفجر معاذ الذي تحدث بصوت عالي جذب انتباه الجميع والدموع تتجمع في عينيه : خلاص ايه ها ؟.. خلاص ايه ومفيش داعي لـ ايه ؟؟ انتي مجنونه .. عندك أخ جاي يهد الجامعه علي اللي فيها عشان يجيبلك حقك وبتقوليله مفيش داعي ؟.. عندك مبادئك وسمعتك اللي كانت هتتدهور في لحظه وتقوليله مفيش داعي ؟!.. انتي لا يمكن تكوني عاقله ابدًا .. عشان العاقل بياخد حقه لو من عين التخين .. سامعه .. حقك تاخديه من عين التخين .. ومتسمحيش لحد ابدًا يقلل من شأنك او يهز ثقتك في نفسك ولا يقلل من كرامتك ولا ييجي عند سمعتك .. متبقيش غبيه .
انهي حديثه تحت انظار الجميع الموجهه له .. والصمت السائد في المكان .. أخذ شهيقًا طويلًا أخرجه سريعًا وهو يُلقي جملته الأخيره : أنا آسف علي اللي حصل مني امبارح .. ياريت تسامحيني .. انا كنت مغفل وبعترف بده واتردتلي في اقرب الناس ليا .. وآسف عشان زعقتلك دلوقتي .. بس انتي بني آدمه مستفزه بكلامك وطيبتك الزياده .. وفي فرق بين التنازل عن الحق وبين الطيبه .. ياريت متتنازليش عن حقك ابدًا .. وبعتذر مره تانيه .. بعد اذنكم .
تحرك معاذ خطوتين فقط ليري أمامه آخر من يود رؤيتها .. شهد أمامه تبكي في صمت ..

تحرك معاذ بهدوء وهو يتمتم : شـ شهد .
تركت شهد المكان وتحركت بسرعه فلحق بها وهو ينادي بإسمها ..
في حين تنهد اسلام وهو يحاوط مريم التي تقاوم البكاء .. ثم وجه نظره لسالي التي تقف في ذهول مما حدث ..
اسلام بهدوء : انا متشكر لحضرتك يا مستر .. وبتمني اشوف حضرتك في فرصه افضل من كده .
المعيد بهدوء : يارب ان شاء الله .. ومتزعلش نفسك .. ازمه وعدت الحمد لله .
اماء اسلام بهدوء ثم وجه حديثه لسالي : واعتذارك عمره ما هيقلل من شأنك ولا هيبين انك ضعيفه .. بل بالعكس .. الاعتذار محتاج شجاعه وقوه .. وانتي معندكيش لا ده ولا ده .. يلا يامريم انتي وأروي علي محاضراتكم .
انفض الجمع .. صعدت مريم مع اروي لقاعة المحاضره .. وذهب اسلام حيث عمله .. والجميع ذهب من المكان .. باستثناء المعيد وسالي .
نظر المعيد تجاهها بهدوء : مش عايزه تقولي حاجه يا سالي ؟
هنا وانفجرت سالي في البكاء .. فوضعت يديها علي وجهها تداري دموعها التي تسقط بغزاره .. لم يتحدث المعيد بعدها وفضل تركها حتي تهدأ وحدها .. لكنه اعطي مالًا لإحدي الشباب المارين من جانبه وطلب منه بإحترام أن يشتري له زجاجة مياه ... وقد فعل .. فوضعها المعيد بجانبها ..
هدأت تدريجيًا ثم أخرجت بعض المناديل وجففت عيونها ووجها ..
المعيد : فضفضي متفضليش كاتمه كتير في نفسك .
سالي بتنهيده : مفيش حاجه يامستر .. شكرا لاهتمامك .. بعد اذنك .
المعيد : سالي .
التفتت سالي اليه في صمت ليمد يده بزجاجة المياه : انفضلي دي ليكي .
أخذتها من يده وشكرته بهدوءد ثم غادرت .. فتنهد المعيد بهدوء قبل ان يصعد الي عمله .
--*-----*-----*-----*-----*-----*-----*-----*-----*--
ذهب خلفها حتي جلست الي احدي المقاعد .. فجلس الي جانبها بهدوء .. وبعد صمت دام لفتره طويله تحدثت شهد : سمعت باللي حصل من امبارح من واحده من صحباتي اللي متعرفش انك توأمي .. والنهارده كانت عند المدرجات وشافتكم متجمعين فكلمتني وقالت اجي اتفرج .
معاذ بتنهيده : شهد انا ..
شهد : ده مش ذنبك .. انا اللي رخصت نفسي وهنت نفسي يا معاذ .. انا اللي سمحت لواحد زي ده يعمل معايا كده .. انت ملكش ذنب .
معاذ : لا طبعًا كل الذنب عليا انا .. انا وبس .. انا لو مكنتش عملت كده في البنات اللي عرفتهم مكنش ده حصل معاكي .. ده بيتردلي .. عشان أفوق لنفسي ولتصرفاتي .. تعرفي .. من اول مره شفت فيها مريم .. وهي فيها حاجه شدتني ليها .. حسيتها بريئه .. بريئه أكتر من اللازم .. بس انا مرحمتش برائتها .. طيبتها وحسن نيتها مشفعوش ليها عندي .. يمكن أنا ندمان اني عملت فيها كده اكتر من اي واحده تانيه .. بس حسيت بالضعف لما شفت اخوها واخدها في حضنه وجاي ياخد حقها بنفسه .. حسيت اني واطي وحقير اوي عشان مش قادر اعمل زيه واخدك في حضني واجبلك حقك لان انا اصلا اللي مضيع حقك .
شهد : انت اعتذرت .. بس هل ده معناه انك هتتغير ؟
معاذ : طبعا هتغير .. لازم اتغير .
شهد : وانا معاك هتغير .
معاذ بابتسامه : طب ما تجيبي بوسه وانتي عسل كده .

شهد وهي تلكزه في كتفه : انت مهزأ ليه !
معاذ : ما دي بداية التغيير يابت .
شهد : لا يا حبيبي انت هتتغير للأحسن مش للأوقح .
معاذ : اوقح ؟.. امال لو مش توأمك كنتي عملتي فيا اي ؟
شهد : كنت ضربتك بالقلم ... ا نا بس محترمه التلت دقايق فرق اللي بينا .
معاذ بضحكه : طب قومي ياختي .. قومي خليني أأكلك واكل لحسن انا مكلتش من امبارح ومصارين بطني بتتعارك جوه .
--*-----*-----*-----*-----*-----*-----*-----*-----*--
دلف لمكتبه بهدوء وطلب قهوته الصباحيه .. ولم يكد يمر الكثير من الوقت حتي طُرق باب المكتب ليدلف مروان ..
جود بملامح ذهول وصدمه : اي ده ؟.. معقوله !!
مروان وهو يرمش بعدم فهم : اي .. في اي ؟
جود : انت .. انت ازاي .. اي اللي .. ازاي بس .. ازااي ؟
مروان بقلق : جود في ايه .. اي اللي حصل ؟
جود بضحكه : انت داخل عليا من غير بسكوت .
وقف مروان لثوان يحاول استيعاب ما قاله جود قبل أن يقترب منه وهو يمسك بعنقه وكأنه سيخنقه ولكن بمزاح : انت مش هتبطل ام حركاتك دي ؟.. ها .. مش هتبطل بقي ياخي هتقطع خلفي في يوم م الايام ياخي .
جود وهو يضحك : خلاص خلاص حرمت .
ابتعد مروان ولا يزال واقفًا بجانب جود .. جود وهو ينظر له بحاجب مرفوع : هتفضل فوق دماغي كده ؟
مروان : براحتي .
جود : براحتك في اي حته الا هنا ياحيلتها .. يلا هويني .
مروان : مش هتحرك بقي قبل ما اشوف اميلها .. لاني معنديش استعداد اسافر بعد يومين من غير ما اكون عملت حاجه مفيده .
جود : اميل مين ؟
مروان : هتكون مين يعني .. انجز يلا .
جود : طب ابعد شويه بدل ما انت لازقلي كده .
مروان : ولا خطوه .. يلا .
تنهد جود باستسلام وبدأ في تشغيل الجهاز .. في حين وقف مروان يكتم أنفاسه يستعد لأي شئ قد يقوله جود .. يستعد لآخر نبضه تخص مريم بداخله .
جود : انت يا زفت .
مروان بانتباه : اي ياعم ؟
جود : بقالي ساعه بكلمك .. سرحان في اي ؟

مروان : هسرح في اي انت كمان .. يلا وريني .
فتح جود صفحته الشخصيه ثم أتي بصفحة مريم ووقف عندها .
مروان وهو ينظر للإميل أمامه بغصه وحلق جاف : هـ هي دي ؟
جود : ايون .. تقدر بقا حضرتلك تقولي هتعرفها ازاي ؟
مروان محاولا التماسك : استني بس .. مريم الشوادفي .. انا لي حاسس ان اسم الشوادفي ده مش غريب عليا .
جود : انا قلت نفس الشئ برضو اول ما شفته .. بس مفكرتش تاني في الموضوع .
مروان : طيب .. هحاول اشوف ولو عرفت حاجه هقولك .. هعمل كام حاجه علي السريع كده واستناك في البيت .
جود : ماشي .. بس خلي بالك من نفسك .
ابتسم مروان بهدوء ثم غادر المكان بسرعه قبل ان ينهار وينكشف أمره أمام أخيه .. عليه أن يكون متماسك .. خاصة وأنه يتكفل بمهمة إخباره بكونها أخت إسلام .. عليه ان يكون مقنع ومتماسك ولا يبدو عليه الانفعال او التأثر .. لا يجب ان يشعر جود بأي شئ من ناحيته سوي الفرح .. الفرح وفقط .. ستكون مهمه صعبه .. لكنه سيفعلها لأجل أخيه .. اخيه الذي لم يتخلي عنه أبدا ولم يشعره في يوم من الأيام بكونه عبء عليه .. اخيه الذي تنازل عن ابسط حقوقه من أجله .. اخيه الذي يضعه في المقام الأول قبل أي شئ وقبل نفسه .. عليه أن يضحي بحبه لها من أجل سعادة أخيه .. سينسي .. سيعوضه ربه عنها .. يعلم ذلك ويثق بذلك تمام الثقه .. لكن عليه أن يتماسك الليله .
--*-----*-----*-----*-----*-----*-----*-----*-----*--
انتهي اليوم الدراسي واستعدت مريم واروي للذهاب .. وبينما تتحدثان وهما تسيران بهدوء فإذا بها تستمع لأحدهم ينادي عليها .. التفتت الفتاتان لتجدا فتاة تبدو من نفس عمرهما تقريبًا ببشره بيضاء وحجاب قصير وبنطال جينز أسود يعلوه تيشرت نبيتي يصل لما بعد الفخذين بقليل فقط مع حذاء رياضي نبيتي بعينان بنيتان وأنف حاده .. تذكرتها مريم علي لفور فهي نفسها الفتاه التي ركض معاذ خلفها .. لكن ملامحها تشبهه كثيرًا ان لم تكن مخطئه ..
شهد : السلام عليكم .
مريم واروي : وعليكم السلام .
شهد : انا شهد .. يشرفني اتعرف عليكم .
صافحتها اروي أولا وهي تتمتم : وانا اروي .
ثم مدت يدها لمريم وصافحتها كذلك : وانا مريم .
شهد بابتسامه : تسمحولي أتمشي معاكم شويه لحد المكان اللي هتركبوا منه ؟
مريم بهدوء : أكيد .
سارت الفتيات الثلاث تحت نظرات معاذ المبتسم في زاوية ما ينظر تجاه اخته بحب وهو يتمتم : ان شاء الله هشوفك زيها وأحسن يا شهد 

شهد بهدوء : مريم انا .. انا أخت معاذ وتوأمه .
مريم بهدوء : وفين المشكله؟
شهد : يعني لو مش عايزين او لو مش حابين تمشوا معايا ..
قاطعتها مريم : ايه الكلام ده .. لا طبعًا مش كده خالص .
شهد بابتسامه : احنا ممكن نكون أصحاب ؟
اروي بهدوء : وايه المانع ؟.. انتي كلية ايه ؟
شهد بابتسامه واسعه : تربيه انجليزي .
مريم : واحنا في تجاره عربي قسم محاسبه .
اروي وهي تكمل عنها : وتقدري تعتبرينا قسم تشريح لو حابه .
ضحكت الفتيات معًا ثم تحدثت شهد مجددًا : ممكن نقعد شويه مع بعض ؟.. يعني محتاجه اتكلم معاكم شويه ؟
نظرت مريم واروي لبعضهما .. ثم نظرت مريم للساعه وتحدثت بهدوء : مفيش مشكله بس هتصل بماما أعرفها اني هتأخر شويه ... وانتي كمان يا أروي .
شهد بسرعه : لا لا .. خلاص يبقي مره تانيه .. الايام جايه كتير .
اروي بابتسامه : تمام برضو مفيش مشكله .
شهد : ده رقم تليفوني .. وقت ما يكون عندكم وقت فاضي كلموني .. اوك ؟
اروي وهي تأخذ الورقه المكتوب بها رقم شهد : ولا يكون عندك فكره .
ابتسمت لهما شهد بصفاء ثم ذهبت بهدوء بعد ان صافحتهما مجددًا .
اروي بتنهيده : حاسه بـ إي ؟
مريم : مش عارفه .. وانتي ؟
اروي : مش عارفه برضو .
مريم : سلميها لله .. يلا بينا .
--*-----*-----*-----*-----*-----*-----*-----*-----*--

عاد جود لمنزله في المساء .. ودلف بهدوء ليجد مروان يحضر العشاء بالمطبخ ..
جود : بتعمل اي ياض في المطبخ .
مروان : بعمل اكل ياخويا هكون بعمل اي يعني !
جود : طب انجز لحسن انا واقع .
مروان : عما تصلي وتيجي هكون خلصت .
جود : هغير وانزل .. انا صليت في المسجد .
وبالفعل بدل جود ملابسه لملابس مريحه ثم دلف للمطبخ بهدوء : ها .. عامللنا اي علي العشا ؟
مروان بابتسامه : اللي بعرف اعمله .. يلا سمي الله وابدأ .. هولع علي الشاي بس وجايلك .
بدآ في تناول الطعام بصمت قطعه مروان بتحفز مزيف : الا انت معرفتش مين الشوادفي ده يا جود ياخويا ؟
جود بانتباه : لا .. انت .. انت عرفت حاجه ؟
يوسف بابتسامه مزيفه : اومااال .. دا انت هتضرب نفسك دلوقتي لما تعرف مين .
جود : ليه ؟.. حد مش كويس؟
مروان : مش كويس اي ياعم انت .. دا انت بتعشقه .
جود : هو مين ده ؟
مروان بمزاح مصطنع : حذر فزر .
جود : واد انت انطق علي طول .
مروان بغمزه : اسلام يا عم .
نظر له جود مطولًا لينظر له مروان : اي مالك ؟
جود : لا مفيش .
مروان : مفيش ازاي بس .. مالك بجد ؟
جود : مروان انت قصدك اي مش فاهم .
مروان : قصدي اي في اي يابني .. بقولك مريم الشوادفي اخت اسلام الشوادفي .. اي اللي مش مفهوم في كلامي .
جود : دي مريم اللي انت ..
قاطعه مروان بمراوغه : ايون بالظبط .. مريم اللي انا اديتها رقمي تديه لاسلام عشان يكلمني عن الندوه .. مش بقولك اسم مش غريب عليا .. متعرفش انا فرحان قد ايه بجد .. اكيد هي هتكون في اخلاق اخوها .. واكيد هتحبها اكتر واكتر لما تطلبها .. دا انت حبيتها من غير ما تشوفها ولا تعرف هي مين .
كان مروان يتحدث بحماس جعل جود مشوش التفكير ..

مروان : جود مالك ؟
جود : مفيش .. انا شبعت الحمد لله .. هصب انا الشاي .
تحرك جود فترك مروان العنان لأنفاسه التي كان يحبسها بداخله وهو يمسد تجاه صدره ويتمتم : ربنا يسعدك ياحبيب اخوك .. ربنا يسعدك .
عاد جود بالشاي وجلس هو ومروان بالبلكون ..
جود : مروان انت محبتش قبل كده ؟
الجم مروان سؤال جود المفاجئ .. لكنه استطاع تمالك نفسه سريعًا وهو يتحدث بمزاح : حب اييييه اللي انت جاي تقول عليييه .
جود بضحكه : انت مش هتعقل ابدًا .
مروان : لا ياسيدي مش ناوي اعقل .. بس هو عشان انت حبيت انا المفروض احب انا كمان ؟.. ياعم سيبني اعيش حياتي ياعم .
جود : عيشها ياخويا عيشها .
مروان : ها .. هتفاتح اسلام امته ؟
جود بتنهيده : مش عارف .
مروان : انا بقول خير البر عاجله يعني .
جود : اه يعني اعمل اي؟.. اروح اتجوزها دلوقتي مثلا !
مروان : لا مش القصد .. بس يعني ممكن تكلم اسلام في الموضوع وتمهدهوله بحيث هو يفاتح اهله واخته .. كده يعني .
جود : سيبك دلوقتي .. انت مش محتاج حاجه ؟
مروان : لا ياعم انا زي الفل الحمد لله .. وانجز كده خليك حلو عشان عايز احضر خطوبه وكبت كباك الاجازه الجايه .
جود بضحكه : كبت كباك !!.. يخربيت اللي يزعلك ياشيخ .
ضحك مروان معه .. ودلف جود بعد بعض الوقت الي غرفته .. نظر لسقف الغرفه بشرود وأخذ يتذكر حواره مع مروان وتحفز مروان للأمر وفرحته بذلك .. هل أخطأ حقًا في تفسير نظرة أخيه لها ؟؟.. هل حقًا كان منجذب فقط لعلاقة اسلام بأخته ؟.. لم لم ينتبه لاسمها وكونها اخت اسلام ؟..
ظلت الافكار تداهمه حتي غط في نوم عميق ..بينما عليي الجانب الآخر وفي غرفة مجاوره تمامًا لغرفة جود يجلس مروان الي فراشه وينظر الي الفراغ أمامه وهو يتمتم في نفسه : ربنا يسعدك يا جود .. انت تستاهل كل خير .
SHETOS
SHETOS
تعليقات



×